اللاجئون السودانيون في أوغندا.. “واقع بائس” وتحرك أممي جديد
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
لا يختلف الواقع الذي يعيشه اللاجئون السودانيون في أوغندا عما يعانيه لاجئون سودانيون في معسكرات في دول أخرى، فالمعاناة تكاد تتكرر بدرجة عالية من التطابق، وفق ناشطين وحقوقيين.
وتتمثل معاناة اللاجئين السودانيين في معسكر كيرياندنغو الذي يبعد حوالي 400 كيلومتر عن العاصمة الأوغندية كمبالا، في المشكلات المتعلقة بالحصول على الأكل والشرب والعلاج، بجانب إجراءات اللجوء، بحسب مراصد صحفية وحقوقية.
ويشير أحمد فاروق، وهو ناشط حقوقي سوداني، يقيم في معسكر كيرياندنغو الذي يقع في شمال أوغندا، إلى أن "اللاجئين السودانيين يعانون من واقع بائس ومشكلات كبيرة متعلقة بإكمال إجراءت التسجيل، أهمها البطء وطول مدة الانتظار".
وقال فاروق لموقع "الحرة" إن "اللاجئين يتم استقبالهم في نقاط تجميع مؤقتة تمهيدا لنقلهم إلى المعسكر، لكن الوصول إلى تلك المرحلة، يتطلب في كثير من الأحيان أن يقوم اللاجئ باتباع طرق غير قانونية لتسريع إجراءاته".
وأشار فاروق إلى أن معظم اللاجئين في المعسكر أجبرتهم الحرب على الفرار من منازلهم في الخرطوم إلى ولاية الجزيرة، وعندما دخلت قوات الدعم السريع إليها، لم يعد أمامهم خيار سوى اللجوء، "لأن النزوح الداخلي لا يعني أنك في مأمن من الخطر، خاصة مع تمدد الحرب لولايات جديدة".
ولفت فاروف إلى أن معسكر كيرياندنغو يتسم بشيء آخر، كونه يضم عشرات الناشطين الذين فروا من السودان، بسبب التضييق والاعتقالات التي تنفذها الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش السوداني على الناشطين، وخاصة الذين يعلنون موقفا رافضا للحرب".
وأضاف "شخصيا، كنت أعمل في رصد الانتهاكات التي تطال المدنيين من طرفي الحرب، لكن ذلك لم يعجب الاستخبارات العسكرية في سنجة، التي استدعتني وطلبت مني عدم الكتابة عن الجيش، مما دفعني لاتخاذ قرار اللجوء، حفاظا على سلامتي".
وأعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، الثلاثاء، أن ما لا يقل عن 39 ألف لاجئ سوداني وصلوا إلى أوغندا منذ بدء الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023.
وقالت المفوضية، إنها قررت توسيع خطتها لمساعدة السودان لتشمل دولتين أخريين هما ليبيا وأوغندا، مع ارتفاع أعداد اللاجئين الفارين إليهما من الحرب.
وقال إيوان واتسون من المفوضية، للصحفيين في جنيف، إن "خطة الأمم المتحدة ممولة بنسبة تقل عن 20 بالمئة".
وأضاف "يضطر اللاجئون والعائلات إلى النوم في العراء، ولا تستطيع المنشآت الطبية مواكبة الاحتياجات المتزايدة التي نواجهها".
وسرد أمين عبد الحفيظ، وهو لاجئ سوداني في معسكر كيرياندنغو، جانبا من معاناة اللاجئين السودانيين في المعسكر، مشيرا إلى مشكلات تتعلق بالعلاج، "إذ لا توجد خدمات صحية للحالات الطارئة".
وقال عبد الحفيظ لموقع "الحرة"، إن "المعسكر يفتقر إلى الخيام الكافية، كما أن الخيام الموجود نفسها ليست بدرجة عالية من الأمان، وكثيرا ما تنهار بفعل الرياح والأمطار".
ولفت إلى أن كثيرا من اللاجئيين وصلوا إلى أوغندا بعد رحلة طويلة من السودان، مرورا إلى دولة جنوب السودان، ومنها إلى الأراضي الأوغندية، "مما يتطلب العمل لتسريع الإجراءات، لتقليل تلك المعاناة".
ويشهد السودان أسوأ أزمة نزوح في العالم بعد أن اضطر نحو 12 مليون شخص إلى النزوح بسبب الحرب، في حين فر ما يزيد على مليونين منهم عبر الحدود، وفق منظمة الهجرة الدولية.
ومع التوسع الذي أعلنته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، الثلاثاء، ضمن خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية للسودان، يرتفع العدد الإجمالي للدول الأفريقية التي تستقبل أعدادا كبيرة من اللاجئين السودانيين إلى 7 دول.
وتوقعت المفوضية وصول 149 ألف لاجئ سوداني إلى ليبيا قبل نهاية العام الحالي، كما توقعت وصول 55 ألفا إلى أوغندا التي ليس لها حدود مشتركة مباشرة مع السودان.
والاستجابة الأممية بالمساعدات للسودان ليست كافية، وهناك نقص في الموارد، وخاصة مع تخفيض بعض الجهات المانحة الإنفاق بسبب قيود الميزانيات المحلية، وفق رويترز.
ويشير الصحفي السوداني، بدر الدين خلف الله، إلى أن معظم اللاجئين السودانيين في أوغندا وصلوا عبر معابر حدودية من دولة جنوب السودان، بجانب أعداد أخرى وصلت عبر الرحلات الجوية.
وقال خلف الله، المقيم في أوغندا منذ سنوات، لموقع الحرة، إن "اللاجئين السودانيين الذي وصلوا عبر المنافذ البرية، خاضوا رحلات طويلة وشاقة، تعرض بعضهم خلالها إلى السلب والنهب والابتزاز، من بعض العصابات، في الحدود بين دولة جنوب السودان وأوغندا".
وأشار إلى أن العصابات حينما لا تجد عند اللاجئ ما يمكن سلبه، "تقوم باحتجازه وتطلب فدية من أقاربه"، لافتا إلى أن المعاناة تلاحق اللاجئيين أيضا خلال عمليات التسجيل في كشوفات اللاجئين".
ونوّه الصحفي السوداني إلى أنه أجرى تحقيقا ميدانيا عن أوضاع اللاجئيين السودانيين، ورصد جانبا من معاناتهم في معسكر كيرياندنغو، مشيرا إلى أنهم يفتقرون إلى الغذاء، كما أنهم يواجهون طقسا متقلبا بين الأمطار الغزيرة في الخريف، ودرجات الحرارة العالية في الصيف.
وأشار إلى أن اللاجئيين يعانون من صعوبات بسبب انخفاض الدعم الإنساني العالمي، لافتا إلى أن اللاجئين السودانيين تلقوا مؤخرا بعض الدعم من السعودية والإمارات والكويت مما خفف جزءا من معاناتهم.
وأضاف "ما يعين اللاجئين أن أوغندا التي تنتهج سياسة الباب المفتوح تمنح اللاجئ حق التنقل والعمل، ولا تلزمه بالبقاء حصرا في المسعكرات".
وتمددت المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع لتشمل ولايات جديدة، إذ أعلنت قوات الدعم السريع، السبت، سيطرتها على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار.
وتدور مواجهات متصلة بين الطرفين في الخرطوم، وكذلك في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، المدينة الرئيسية الوحيدة، غير الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع في دارفور.
الحرة / خاص - واشنطن
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: اللاجئین السودانیین الدعم السریع فی أوغندا إلى أن
إقرأ أيضاً:
من انتقام الدفتردار (1822) إلى حملة “الدعم السريع”: تاريخ مستعاد
ملخص
(تقرأ أن اجتياح "الدعم السريع" قتلاً ونهباً وحصاراً لشمال وشرق الجزيرة هو حملة انتقامية. ولا أذكر من استدعى مماثلاً لها من تاريخنا حتى لو كان في شهرة "حملة الدفتردار الانتقامية)".
لم يكُن من مهرب للحرب الأهلية القائمة في السودان من استدعاء فصول من تاريخه في محاولة لفهمها على ضوئه. وكانت فترة الثورة والدولة المهدية (1881-1898) هي مربط فرس هذه الاستدعاءات. وبلغ تواتر هذه الإحالات لتاريخ المهدية مبلغاً حدا بنشرة "سودان وور مونيتر"، التي صدرت لتبلغ عن الحرب، لتخصص عدداً لنقض رواية عن شعب الرزيقات الذي يُزعم له أنه حاضنة قوات "الدعم السريع" في حربها ضد القوات المسلحة، عن دوره في المهدية ثورةً ودولة. وبدا من هذه الاستدعاءات وكأن التاريخ يعيد نفسه. وعقيدة إعادة التاريخ لنفسه من مكروهات علم التاريخ والمجتمع حتى سخر منها كارل ماركس قائلاً "يعيد التاريخ نفسه حقاً، في المرة الأولى كمأساة وفي الثانية كمسخرة". ولكن لا مهرب أمام الناس مع ذلك من إحالة حاضرهم إلى ماضيهم بالطبع. وربما كانت العبارة الأمثل عن استدعاء الماضي في زحام الحاضر هي ما جاء على لسان الكاتب الأميركي مارك توين الذي قال إن التاريخ لا يعيد نفسه، فكل ما في الأمر أنه يأتي للحاضر "على قافية" (rhyme)، في قول المصريين.
يخضع شمال ولاية الجزيرة وشرقها منذ الـ20 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لانتهاكات فظة على يد قوات "الدعم السريع" ثأراً لانسلاخ قائده في الولاية أبو عاقلة كيكل (52 سنة) عنهم وانضمامه إلى الجيش السوداني. فاقتحمت "الدعم السريع" المنطقتين لانتماء كيكل إليهما، خصوصاً بلدتي تمبول والهلالية اللتين احتلت وقائع استباحتهما الخطوط الرئيسة للوسائط الإعلامية. وكيكل من جنس مغامري "دولة الإنقاذ" (1989-2019) ممن أدوا خدمات مشبوهة أو أخرى لها، وانتهى مهرباً رباطاً. وكان أول ظهوره قائداً لقوات "درع السودان" بين ضباط معاشيين من القوات المسلحة قبيل الحرب بقليل، رأوا سخاء الدولة مع مسلحي دارفور في اتفاق جوبا (عام 2020) وأرادوا مثلها لقومهم في الشمال والوسط والشرق.
وما قامت الحرب حتى انضم إلى "الدعم السريع"، وكانت معركته الأولى قبل احتلال ولاية الجزيرة، هي الهجوم على ضاحية العيلفون بالخرطوم وتهجيره القسري لأهلها منها. ثم عيّنه محمد حمدان دقلو، قائد "الدعم السريع"، قائداً لمنطقة الجزيرة التي يقال إنه هو من احتلها لـ"الدعم" ربما بغير أمر من أعلى. وارتكب مع غيره من قادة "الدعم السريع" في الجزيرة انتهاكات واسعة بحق المدنيين من بينها القتل والنهب والحرق. وسلمت تمبول والهلالية إلى حين لما ذاع أنهما قبلتا بالتعايش مع "الدعم السريع" تحت مظلة كيكل
حتى زكّى ياسر عرمان، القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية والتقدمية "تقدم" ذلك التعاقد بين البلدتين و"الدعم السريع" لتأمين المدنيين، وقال إنه نموذج يسمح للمواطنين بإدارة أمورهم ووصى باستمراره وتعميمه في كل مناطق النزاع.
وأزعج انسلاخ كيكل، "الدعم السريع" بأنه جاء كمثل نصر مؤكد للقوات المسلحة عليه في سلسلة انتصارات أخيرة دفعت "حميدتي" إلى إلقاء خطابه الأخير الغاضب الذي حمّل فيه مصر مسؤولية انتكاساته. ولم يلطف الأمر على "الدعم" خروج أهل تمبول وغيرها بعد انشقاق كيكل في احتفالات بتحررهم من "الدعم السريع" غشتها أطواف من القوات المسلحة، ولكنها لم تبقَ وغادرت المكان مما جعل أهل البلد صيداً سهلاً لحملتهم التأديبية.
تقرأ أن اجتياح "الدعم السريع" قتلاً ونهباً وحصاراً لشمال الجزيرة وشرقها هو حملة انتقامية. ولا أذكر من استدعى مماثلاً لها من تاريخنا حتى لو كان في شهرة "حملة الدفتردار الانتقامية". وهذا اسمها في لسان العامة وفي المناهج. وصدر عنها من قريب كتاب مستقل بقلم حاتم الصديق محمد أحمد وعنوانه "فظائع الدفتردار في السودان". واشتهرت قصة للروائي بشرى الفاضل عنوانها "حملة عبد القيوم الانتقامية" جزئياً لصدى عنوانها التاريخي.
والدفتردار هو محمد خسرو الدفتردار (ت 1824) الموظف بإدارة محمد علي باشا في مصر وزوج ابنته نازلي. وكان بعثه في جيش على رأسه ابنه إسماعيل باشا لغزو السودان عام 1821. وكانت مهمة الدفتردار أن يستولي على منطقة كردفان التي كانت تحت حكم سلطنة دارفور. ونجح، ولكن ما عتم أن جاءته أخبار مقتل إسماعيل باشا على يد "المك نمر" زعيم شعب الجعليين في مدينة شندي على النيل. ووقع مقتل الباشا في سياق ثورات أهل مدينة الحلفاية شمال الخرطوم وغيرها في وجه السلطة المصرية من فرط مساوئ الجند التركية عليهم. وفي هذه الظروف كان إسماعيل قرر العودة إلى مصر. ووصل شندي في أكتوبر عام 1822. وكان يتهم "المك نمر" بأنه يقف وراء الثورة. فقرّعه وأمره بدفع جزية جرى تقديرها بـ30 ألف دولار و6 آلاف رأس من الرقيق خلال يومين. ولما قال المك للباشا أن ذلك فوق استطاعته، وبّخه ولطمه على وجهه بغليونه. فأسرّها في نفسه ليدعو إسماعيل وقادته إلى وليمة بقصره. وطوال ما كانوا يتناولون مطايب الأكل والشرب كان قوم "المك نمر "يطوقون المكان بالحطب والقش. وأشعلوها حريقاً قضى على إسماعيل وصحبه. ثم أحاطوا بالجنود الذين كانوا في موضع آخر فقتلوهم عن بكرة أبيهم. وانتظمت بين شعوب الحسانية والجموعية والجميعاب والقريات على النيل والنيل الأبيض ثورة بعد الحريق في وجه الحاميات المصرية في الدامر وسنار وكرري والحلفاية.
وما سمع الدفتردار بمقتل إسماعيل حتى قاد قوة ضاربة من كردفان إلى النيل ليعينه محمد علي باشا لاحقاً ساري عسكر السودان. وقتل عامله على بربر 7 آلاف من الجعليين في الدامر ممن أحدقوا بمدينة بربر، وحرق مسجد السادة المجاذيب "كأنه دار أصنام". ولم ينتظر "المك نمر" حملة الدفتردار، ففر بجماعته شرقاً مطارداً من موضع إلى آخر في اتجاه جنوب شرقي الحبشة. ثم توجه الدفتردار جنوباً مروعاً القرى في طريقه، فقاومه أهل العيلفون فهزمهم، وقتل فيهم وأهان من وقع في يده، ولاحق "المك نمر"، قاطعاً النيل الأزرق عند بلدة أبو حراز إلى الدندر والرهد. وبلغ نهر العطبرة، وحارب شعب الهدندوة والشكرية، يقتل وينهب ويخرب. وعلى رغم ذلك الخراب والتنكيل لم يعثر على "المك نمر" الذي لاذ بالحبشة وأقام ملكه هناك. وكان محمد علي باشا واقفاً على حيثيات الحملة الانتقامية تلك. فيأمرهم بالتوجه مثلاً لشعب الشكرية والبشاريين لينزلوا عليهم العقاب ويوبخهم للتقاعس. ومن سخرية القدر، أو مأساته، أن الجمعية الجغرافية في باريس قبلت الدفتردار عضواً في مجمعها للخرائط التي كان يرسمها بالدم في حملاته الانتقامية وأعجبتهم.
اختلفت حملة "الدعم السريع" الانتقامية عن حملة الدفتردار في أنها لم تجعل كيكل صيدها الملاحق تخوض له بحور الدم كما فعل الدفتردار. فاكتفى "الدعم السريع" بخوض بحور الدم في قبيلة كيكل دونه. فأرادوا إفراغ انشقاقه عليهم من معناه بشهادة من أهله في محاكمات نصبوها لهم في الجزيرة. فرأينا منادي منهم في بلدة السريحة التي خلت عن بكرة أبيها، ينادي لا أحد في طرقاتها المهجورة، "يا كيكل، يا كيكل، يا كيكل، يا كيكل، يا كيكل، يا كيكل، يا كيكل، ناس السريحة بسلمو عليك". ينعى عليهم تباعة قائد خذول لم ينجدهم ساعة الحارة.
وفي فيديوهات أخرى، ينتزع منسوب "الدعم السريع" (الدعامي) إدانة كيكل بأفواه من سعدوا بانشقاقه أول مرة. فعلى فيديو ثانٍ تجد الدعامي يتحدث إلى رجل فوق الـ60 من العمر:
-كيكل ركبكم زوط (مقلب، وقاموسياً هي تناول لقمة كبيرة تثقل على الفم فيضطر إلى ازدرادها) واللا ما ركبكم؟
-والله ركبنا خمسة أزواط.
-رسالتك ليهو شنو؟ (ما هي رسالتك له؟)
-المقلب العملتو فينا ربنا يرده عليك
وظهر على فيديو آخر دعامي أمامه جماعة من الشباب جلوساً على الأرض يلقنهم عار هيكل فيهم وسطوة "الدعم":
-كيكل مالو؟
-عرد (هرب).
-السبب شنو؟
-عرد عرد
-ما سامع ما سامع عرد مالو؟ كلكم!
-الجاهزية (بسبب الدعم السريع).
وتحدث دعامي وصف نفسه بأنه من "أبناء البيشي"، والبيشي قائد في "الدعم السريع" كان الجيش قتله، إلى أحد أقرباء كيكل في الهلالية. واستحصل منه إدانة له غالية:
-علاقتك بكيكل شنو. دا عم كيكل
-ود عمتي في الحسبة.
-كان كيكل بجيك في بيتك لشنو؟
-يجينا ويشرب قهوة ويسلم ويمشي.
-بتقول لكيكل شنو؟
-انت خائن. خنت ناسك.
ليست من خصائص بعينها تأذن لنا بالقول إن حملتي "الدعم السريع" والدفتردار مما يستعيد أحدهما الآخر سوى في وقوعهما في نطاق جغرافي واحد حتى في السودان، النيل والجزيرة. ولا تحتاج حملات "الدعم السريع" التأديبية إلى التاريخ لتواقع حملة من جنسها عليه. فتأديب "المتمرد" هو في الوصف الوظيفي الأصل في نشأة الدعم في دولة الإنقاذ الآفلة. فسجله في إخضاع "العصاة" مما سود الصفحات في دارفور في منتصف العقد الأول من القرن معروضاً أمام المجتمع الدولي ومؤسساته ومحاكمه. فليس ما اقترفه "الدعم السريع" في دارفور في 2004، ولا يزال، تاريخاً بعد. ولربما صدق هنا مارك توين في أن التاريخ "يقافي" (إذا صح التعبير) الحاضر لا يعيده كما تذهب العبارة. وهي "مقافاة" نطمئن بها على أن زمام الأمر مهما يكُن بيدنا لا يزال.
ibrahima@missouri.edu