بملامحها السمراء، وشعرها الأسود الناعم، وابتسامتها الرقيقة، تظل صورتها محفورة في مخيلتي، لا تزال ذكرى ذلك اليوم المشؤوم حاضرة، عندما نشرت الصحف ووسائل الإعلام خبر وفاة الطالبة بدور شاكر في 14 يونيو 2007، عن عمر ناهز 12 عامًا، بعد أن قررت عائلتها «ختانها»، كعادة تقليدية متوارثة في بعض المناطق الريفية المصرية.
لم تكن «بدور» مجرد فتاة عادية أو ضحية عابرة، بل رمزا لمعركة مصر والعالم ضد ختان الإناث، وشعلة أضاءت دروبنا، فتحت أعين الدولة على خطورة هذه الممارسة البشعة، التي تُهدد حياة وصحة الفتيات، وتسلب أحلامهن، ونأمل أن تردع وزارة الصحة الجديدة والجهات المختصة كل من تسول له نفسه من «الأطباء» إجراء تلك العمليات، وأن تكثف المبادرات الرئاسية وخاصة «حياة كريمة» الندوات التوعوية في القرى والمحافظات.
في تلك الآونة، كشفت دراسة أن أكثر من 95% من النساء المصريات مررن بشيء من أشكال تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، وبناء عليه، أصدرت وزارة الصحة قرارا بمنع أي طبيب أو ممرض أو أي شخص آخر، من القيام بأي قطع أو تسطيح أو تعديل لأي جزء طبيعي من الجهاز التناسلي للإناث.
بالفعل، كنا نحن الفتيات في حاجة إلى مراجعة القوانين، وتشديد العقوبات على ممارسي هذه العادة، ورغم التحذيرات والفتاوى التي صدرت لتحريم تلك الجريمة، إلا أن وفاة «بدور» لم تكن نهاية القصة، بل بداية رحلة مصر لمواجهة هذه الظاهرة، حيث أثار موتها غضبًا شعبيا واسعا، وفجر نقاشا مجتمعيا حول «ختان الإناث»، كونه ممارسة ضارة تقليدية ظلت سائدة لقرون، وأدت هذه الواقعة إلى تكاتف الجهود لمكافحته من الحكومة، ومنظمات المجتمع المدني، والنشطاء، ووسائل الإعلام.
بدأت رحلة مصر مع مواجهة ختان الإناث تحقق نتائجها المطلوبة في عام 2021، عندما صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون رقم 10 لسنة 2021، بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، لتشديد عقوبة ختان الإناث، بجانب المبادرات التي انطلقت في القرى بالصعيد والوجه البحري، ناهيك من التصريحات القوية التي خرجت بها دار الإفتاء المصرية، إذ حرمت تلك العملية، مشيرة في فتواها إلى أنه لا يجوز الإقدام ولا الإعانة عليها بحال، لثبوت ضررها الطبي والنفسي والاجتماعي الجسيم، ومن ثم يحرم الإقدام على ممارستها من قبل الطبيب أو غيره أو الإعانة عليها، ما يؤكد أن الطفل المصري يعيش عصرا ذهبيا، في ظل القيادة السياسية الحكيمة، التي ترعى وتحافظ على حقوقه في شتى المجالات.
النتائج كانت مذهلة، والأمل انبثق من رحيل بدور، إذ أظهرت بيانات المسح الصحي للأسرة المصرية لعام 2021، الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، انخفاض نسبة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في الفئة العمرية من 0 إلى 19 سنة من 21% عام 2014، إلى 14% عام 2022.
اليوم، حققت مصر تقدما ملحوظًا، ولا تزال هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لحماية جميع الفتيات من ختان الإناث، وضمان حقهن في الصحة والسلامة والكرامة، ونحن على أعتاب تغيير الأعراف الخاطئة التي تنهش أجساد الصغار، وتنشر الوعي في عقول الآباء.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: رحاب محمود ختان الإناث وزارة الصحة العادات الخاطئة ختان الإناث
إقرأ أيضاً:
“لعنة” هاري كين تلاحقه في جولة التتويج بأول ألقابه الرسمية
الجديد برس|
تلقى النجم الإنجليزي هاري كين مهاجم بايرن ميونخ بطاقة صفراء خلال مباراة فريقه ضد ماينز في الجولة الـ31 من الدوري الألماني، وهي الخامسة له هذا الموسم، ما يعني غيابه عن المباراة القادمة للعملاق البافاري ضد لايبزيغ.
لكن البطاقة الصفراء الأخيرة لكين والتي حصل عليها في الوقت بدل الضائع من الشوط الأول لن تحرمه من المشاركة ضد لايبزيغ فحسب، بل ستغيّبه عن أهم مباراة في مسيرته الاحترافية الكروية ككل.
ففوز بايرن ميونخ على لايبزيغ في المباراة المقررة على ملعب ريد بول أرينا يوم السبت المقبل يعني تتويج الفريق البافاري رسميا بلقب الدوري هذا الموسم 2024-2025، قبل جولتين من النهاية.
ومن سوء حظ كين (31 عاما) أنه سيتغيب عن المباراة التي قد يُتوج فيها بأول لقب في تاريخه الاحترافي الطويل.
وعلّقت صحيفة “ماركا” الإسبانية على حالة كين “تواصل كرة القدم السخرية من هاري كين حتى النهاية، فعندما اقترب أخيرا من معانقة أول لقب له كلاعب محترف، يبدو أنه لن يتمكن من رفع الكأس وهو يرتدي قميص الفريق على أرض الملعب”.
ورغم كونه واحدا من أبرز نجوم كرة القدم في العالم ومن أفضل المهاجمين إلا أن كين لم يسبق له التتويج بأي لقب.
وقضى كين 10 مواسم مع توتنهام هوتسبير وبلغ معه العديد من المباريات النهائية أبرزها دوري أبطال أوروبا موسم 2018-2019 لكنه خسر أمام مواطنه ليفربول بـ0-2.
كما فشل فيها بالتتويج بالدوري الإنجليزي الممتاز رغم أنه كان قريبا من ذلك في موسم 2015-2016 قبل أن يذهب اللقب إلى ليستر سيتي.
وعلى الصعيد الدولي خسر كين نهائيين قاريين وكلاهما في كأس أوروبا، الأول أمام إيطاليا في يورو 2020 والثاني من إسبانيا في يورو 2024.
وانتقل كين إلى بايرن ميونخ صيف عام 2023 أملا في تغيير حظه، لكن الصادم أن لعنة اللاعب الإنجليزي تواصلت، إذ فقد العملاق البافاري هيمنته على لقب الدوري الذي تُوج به باير ليفركوزن، علما بأنه فشل في التتويج بلقب كأس السوبر الألماني أمام لايبزيغ بالذات مطلع الموسم الماضي.
كما تُوج ليفركوزن بكأس ألمانيا وودّع بايرن ميونخ دوري الأبطال أمام ريال مدريد من نصف النهائي، كل ذلك في الموسم الأول لكين (2023-2024).
والآن يتعين على كين متابعة مباراة فريقه ضد لايبزيغ من المدرجات، وإذا فاز البافاري وتُوج باللقب فلن يتمكن كين من الاحتفال بذلك من داخل أرضية الملعب وهو ما عدّته الصحيفة الإسبانية “فصل إضافي من مأساته مع الألقاب”.
ويتصدر بايرن ميونخ ترتيب الدوري الألماني برصيد 75 نقطة بفارق 8 نقاط عن باير ليفركوزن حامل اللقب، قبل 3 جولات من النهاية.