حان الوقت ليراجع العالم الإسلامي نفسه
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
هزتنا، ولا تزال، مذبحة غزة التي تحولت إلى مأساة عميقة نعيشها وتعيشها الإنسانية. نعاني كل يوم من ألم مشاهدة إخواننا وأخواتنا المسلمين يُقتلون أمام أعيننا كل يوم بلا حول ولا قوة، وإزاء ما يجري، يجب علينا أن نطرح كثيرًا من الأسئلة، لنعرف كيف وصلنا إلى هذه النقطة، وكيف نستطيع الخروج منها.
علينا مساءلة الأنظمةكيف يمكن لـ57 دولة إسلامية، مع ما يقرب من 2 مليار مسلم، أن يفشلوا في منع المجزرة التي تحدث أمام أعيننا؟ كيف يمكن لمن يديرون هذه الدول أن يكونوا عاجزين، وغير مبالين إلى هذا الحد؟
توحّدت الدول الغربية في حرب أوكرانيا وروسيا لمواجهة روسيا التي رأوا فيها تهديدًا أمنيًا، فلماذا لا ترى الدول الإسلامية العدوان الإسرائيلي كتهديد أمني وتتحد بنفس الطريقة؟ علينا الآن مساءلة الأنظمة الحاكمة، ومواقف الدول، وعلاقاتها.
يجب أن نفكّر في كيفية تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية لزيادة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على إسرائيل. ينبغي أيضًا تعزيز التعاون العسكري والدفاعي بين الدول الإسلامية كوسيلة لحماية المدنيين والممتلكات في غزة وغيرها من المناطق الفلسطينية.
علينا مساءلة مواقف الأفراد المسلمينوبينما نُسائل الأنظمة الحاكمة في الدول الإسلامية على سلوكها السلبي، يجب علينا أيضًا مساءلة أنفسنا. في جميع الدول الغربية، نزل مئات الآلاف من الناس إلى الشوارع، محتجّين من أجل فلسطين التي لا ينتمون لدينها أو عرقها، فلماذا يسود صمت قاتل في شوارع الدول الإسلامية؟ ما هو سبب خمول الأفراد المسلمين، وصمتهم، وعدم مبالاتهم؟
لقد حان الوقت لمساءلة الهوية الإسلامية، والفكر، والنظرة إلى العالم، والحياة المنفصلة عن المبادئ. يجب أن نسعى لزيادة الوعي والتثقيف حول القضية الفلسطينية في المجتمعات الإسلامية.
يمكننا تنظيم حملات توعية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي؛ لتعزيز فهم الناس للمأساة التي تحدث في غزة وتشجيعهم على المشاركة في الاحتجاجات والنشاطات الداعمة للفلسطينيين. من الضروري أيضًا أن نعمل على بناء شبكات تضامن قوية بين المسلمين في مختلف أنحاء العالم؛ لدعم القضية الفلسطينية بشكل أكثر فاعليّة.
علينا مساءلة عالم الأفكارما يحدث في غزة هو نتيجة للاختلافات الفكرية بين المسلمين. فهذه الانقسامات التي تفرقنا إلى هذا الحد، وتجعلنا نصمت حتى عن موت الأطفال، يجب أن تنتهي الآن. وإذا كانت اختلافات المذاهب، والتوجهات الفكرية، والنظرات الأيديولوجية تفصلنا بهذا الشكل، وتخلق عداءً وتهميشًا، فقد حان الوقت لوضع حد لذلك.
على علمائنا ومفكرينا مساءلة عالم الأفكار، وانتقاد الأفكار التي تفرقنا، وابتكار أفكار جديدة توحدنا.
وعلينا مساءلة علاقاتنا مع الغربلقد أثرت أحداث غزة بشكل كبير على الغرب أيضًا، فعلى الرغم من أن معظم الحكومات الغربية أعلنت رسميًا دعمها للاحتلال الإسرائيلي، ووفرت له الأسلحة والذخيرة والدعم الدبلوماسي، فإن موقف الشعوب كان على العكس تمامًا؛ حيث انتفض الشباب في الجامعات، وملأت الجماهير الشوارع.
وانتشرت فعاليات التضامن مع الشعب الفلسطيني غير المعروف لهم في جميع أنحاء العالم. علينا الآن مساءلة علاقتنا مع الدول الغربية، ومؤسساتها. ما فائدة الأمم المتحدة؟ لماذا لا يمكنها منع المجازر؟ يجب أن نبدأ بمساءلة هذا الأمر.
وأثناء إعادة تقييم علاقاتنا مع الدول الغربية، يجب أن نتواصل ونتفاعل بشكل أكبر مع شعوبها الحساسة والمثالية. يمكننا العمل على تعزيز العلاقات مع المنظمات الحقوقية والإنسانية في الغرب لدعم القضية الفلسطينية.
يجب أن نسعى لبناء تحالفات قوية مع هذه المنظمات؛ لتعزيز الضغط على الحكومات الغربية لتغيير سياساتها تجاه إسرائيل. يمكننا أيضًا تنظيم حملات إعلامية مشتركة لزيادة الوعي حول ما يحدث في غزة وتسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين.
أي عالم نريد؟لا ينبغي أن تقتصر تساؤلاتنا على عالمنا الخاص فقط، ولكن ما هو تصورنا للعالم من أجل الإنسانية؟ ما هي اقتراحاتنا تجاه جميع الأيديولوجيات التي تسبب الألم للعالم؟ وفي عالم تتغير فيه التوازنات؛ ما هو مكاننا؟
هل لدينا نظام اقتصادي عادل نقترحه للعالم، ونظام عادل لتوزيع الدخل، ونظام عدالة يطبق بالتساوي على الجميع؟ لقد حان الوقت لمناقشة هذه الأمور. إذا كنا لا نريد أن نرى غزة جديدة، وإذا كنا لا نريد أن تُحتل أراضينا ويستعبد أطفالنا، وإذا كنا نريد عالمًا نعيش فيه بحرية وسعادة، فقد حان وقت التساؤل الجدي حول أنفسنا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الدول الإسلامیة الدول الغربیة حان الوقت ا مساءلة یجب أن فی غزة عالم ا
إقرأ أيضاً:
السعودية بوصلة الاستقرار العالمي (1-3)
أصبحت المملكة بجدارة واقتدار، وجهة عالمية للتوسط في حل النزاعات بين الدول، وفي العامين الماضيين نجح قائدنا الملهم سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله -، في التوصل إلى تقريب وجهات النظر مع أطراف النزاعات ، واستضاف الرئيس الأوكراني في قمة جامعة الدول العربية، وشارك في المفاوضات بشأن الحرب في السودان، وقطاع غزة، كما حافظت المملكة على علاقات فريدة ومتميزة مع روسيا، بينما فرضت الدول الغربية عقوبات عليها، وقد أعاد هذا التأكيد على الدور الذي طالما اعتبرت المملكة نفسها تلعبه، كونها زعيمة العالم الإسلامي ، وقوة مهيمنة يعمل لها ألف حساب، وحظيت الأنباء الخاصة عن دور المملكة الرائد في المساعدة على إنهاء الحروب والنزاعات الإقليمية والدولية، وتحقيق الاستقرار العالمي، على اهتمام سكان المعمورة قاطبة، وبصفة خاصة الحرب التي أنهكت الاقتصاد العالمي، وحصدت الأخضر واليابس، وعشرات الآلاف من القتلى، ألا وهي الحرب الروسية الأوكرانية، وقد عكست استضافة المملكة مباحثات أوكرانية – أمريكية، تقدير القيادتين الأمريكية والأوكرانية لجهودها، حيث تحظى بمكانة مرموقة وتقدير كبيرين لدى جميع أطراف النزاعات، ويرسخ هذا الدور نظرة العالم للمملكة على مستوى الأحداث الكبرى، كقوة إقليمية ذات تأثير عالمي ، وأضحت مملكتنا الحبيبة، قوة دبلوماسية عظمى قادرة على صناعة السلام في عالم مضطرب، ومن هنا فالحوار هو السبيل الوحيد لحل الأزمة الأوكرانية، لذا أتت زيارة الرئيس الأوكراني للمملكة في إطار جهودها للإسهام في إيجاد حل سلمي للأزمة الأوكرانية، والوصول إلى توافق حول أطر وآليات هذا الحل، من خلال الحوار، والاستفادة من علاقات المملكة المميزة مع أطراف الأزمة، الذين أكدوا دعمهم لجميع الجهود الرامية إلى حل الأزمة من خلال الحوار والطرق الدبلوماسية، بما يضمن إعادة الأمن والاستقرار، وتجنيب المدنيين التعرض للمزيد من الآثار المدمرة لهذه الحرب، وبما يكفل تلافي تداعيات، وآثار هذه الأزمة، وتجنب انعكاساتها السلبية على جميع الأصعدة، ومن ذلك أمن الطاقة، والغذاء وسلاسل الإمداد والتوريد. كل تلك العوامل، جعلت المملكة وجهة رئيسة وهامة لقادة أمريكا وروسيا وأوكرانيا، بحثاً عن حل سلمي للأزمة، الأمر الذي يعكس مكانة المملكة، وثقلها السياسي، والدور الفاعل للقيادة الرشيدة على المستويين الإقليمي والدولي.
وفي ظل هذه المعطيات، ستظل المملكة وجهة مرغوبة ومطلوبة لصناعة السلام في العالم، ومكاناً مهيئاً بامتياز لوضع حدّ للحروب والقتال والخلافات بين الدول، هي لا غيرها بين كل دول العالم، من يتفق الخصوم على اختيارها، لإحلال السلام منها وبها بالحوار والتفاهم، بعد أن عجزت آلة الحرب عن وضع نهاية للحروب.
حفظ الله قيادتنا الفذّة، وحفظ وطننا الحبيب من كل شر ومكروه، وأدام علينا نعمه، وأن تستمر بلادنا دوما محط أنظار العالم.
هنيئا لمملكتي الحبيبة هذه المكانة العالمية المرموقة ، وسنظل نردد وبكل فخر كلمات الملهم : نحن لانحلم، نحن نفكر في واقع يتحقق ـ
وللحديث بقية .