سواليف:
2025-03-17@17:06:47 GMT

حكاية وعاء الديمقراطية الفارغة / هبة عمران طوالبة

تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT


حكاية #وعاء_الديمقراطية_الفارغة

بقلم هبة عمران طوالبة
رحلةٌ في الظلام في قريةٍ نائيةٍ، عتيقةٍ كأنّها طُبعتْ على صفحاتِ التاريخ، عاشَ شعبٌ بسيطٌ يُحلمُ بديمقراطيةٍ حقيقيةٍ تُنيرُ دروبَهُ وتُرشدُهُ نحوَ مستقبلٍ زاهرٍ. كانَ أملُهم عظيمًا، لكنّ الواقعَ كانَ مُرًّا. فالديمقراطيةُ في قريتهم لم تكن سوى وعاءٍ فارغٍ، فاقدٍ للمحتوى، لا يُسْتَفَادُ منهُ سوى في خطاباتٍ رنانةٍ تُخفي وراءَها خُواءً عميقًا.

فوضى عارمة: سيطرَت الفوضى على القريةِ، فكلٌّ يسعى لتحقيقِ مصالحهِ الشخصيةِ على حسابِ المصلحةِ العامة. غابَ القانونُ وسيّدتْ لغةُ القوةِ، وباتَ الفسادُ مُستشريًا في جميعِ مفاصلِ الدولة نخب مُتَحَكّمة: تحكّمتْ نخبٌ مُتَسلّطةٌ في مقدراتِ الشعبِ، مُستغلّةً جهلهُ وفقرهُ لتحقيقِ رغباتها. لمْ تُكَلّفْ هذه النخبُ نفسها عناءَ ملءِ وعاءِ الديمقراطيةِ، بلْ آثرتْ تركهُ فارغًا، لِيُصبحَ أداةً في يدها تُستخدمُ لقمعِ المعارضةِ َهيمنتها على السلطة. دين مُسيّس وتحتَ ستارِ الدينِ، لعبَ بعضُ الساسةِ دورَ المُحرّكينَ، مُستغلينَ مشاعرَ الناسِ الدينيةَ لتحقيقِ أهدافٍ سياسيةٍ ضيقةٍ. زُرعتْ بذورُ التفرقةِ والكراهيةِ بينَ أبناءِ القريةِ، وفُتحتْ أبوابُ الصراعِ على مصراعيهِ. شعلةٌ خافتة: وسط هذا الظلامِ الدامسِ، بقيتْ شعلةُ الأملِ خافتةً، تُمثّلُها مجموعةٌ من الشبابِ المُثقّفينَ الذينَ آمنوا بِمبادئِ الديمقراطيةِ الحقيقيةِ. مسيرةٌ شاقة ناضلَ هؤلاءِ الشبابُ بِشجاعةٍ ودون كللٍ أو مللٍ، مُحاولينَ إيقاظَ وعيِ الشعبِ وكسرَ قيودِ الخوفِ والتبعيةِ. واجهوا مُقاومةً عنيفةً من قبلِ النخبِ المُتَسلّطةِ، لكنّهم لمْ ييأسوا، بلْ واصلوا مسيرتهم بِإصرارٍ وعزيمةٍ.بصيصُ أمل وبعدَ صراعٍ طويلٍ وشاقٍ، بدأتْ بوادرُ التغييرِ تظهرُ. اتّحدَ الشعبُ معَ الشبابِ المُثقّفينَ، ورفضَ الخضوعَ للقمعِ والاستبداد. وعاء يبدأ بالامتلاء: مع ازديادِ وعيِ الشعبِ وتضامنهِ، بدأَ وعاءُ الديمقراطيةِ الفارغُ بالامتلاءِ شيئًا فشيئًا. قيمٌ مثلُ الحريةِ والعدالةِ والمشاركةِ بدأتْ تُنيرُ دروبَ القريةِ، وتُعيدُ الأملَ إلى قلوبِ أهلها لا تزالُ رحلةُ القريةِ نحوَ الديمقراطيةِ الحقيقيةِ في بدايتها. لكنّ بصيصَ الأملِ يُشيرُ إلى أنّ المستقبلَ يحملُ معهُ إمكانيةَ التغييرِ والتحرّرِ من براثنِ الظلامِ.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

قارئ للمشاهير وزملكاوي متعصب.. محطات في حياة الشيخ محمد عمران

في ليالي رمضان المباركة، حيث تصدح المآذن بتلاوات تبعث السكينة في القلوب، تتجلى أصوات القرّاء والمبتهلين الذين خلدوا أسماءهم في ذاكرة الزمن.

ومن بين هؤلاء العباقرة، يسطع نجم الشيخ محمد عمران، صاحب الحنجرة الذهبية التي جمعت بين فن التلاوة العذبة والإنشاد الديني.

نشأة محافظة وبشرى بالجنة.

وُلد الشيخ محمد أحمد عمران في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 1944، بمدينة طهطا بمحافظة سوهاج، ونشأ في بيئة صعيدية محافظة، وفقد بصره في سن صغيرة، ورغم ذلك حفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره على يد الشيخ محمود المصري، ثم أتقن أحكام التلاوة، وحصل على الإجازة من الشيخ محمود جنوط في مركز طما.
وكان محمد عمران في صغره طفلاً محباً للحياة، يميل إلى اللعب مثل أقرانه، لكنه كان يحمل في داخله بذرة الموهبة القرآنية، وكان معلمه الأول، الشيخ عبد الرحيم المصري، يدرك ذلك جيداً، فكان يأتي إلى داره ليطمئن على حفظه للقرآن.
وفي أحد الأيام، وجد الشيخ تلميذه الصغير يميل للهروب من جلسة الحفظ لممارسة اللعب، فناداه بحنان الأب قائلاً: "أتريد أن تهرب لتلعب، وأنت الذي سأدخل بك الجنة؟".

النقشبندي.. الدليل الروحي 

كان للشيخ سيد النقشبندي، المبتهل الكبير وصاحب الصوت الذي أسر القلوب، تأثير عميق في حياة الشيخ محمد عمران.
وعلى الرغم من أن النقشبندي وُلد في الغربية، إلا أنه استقر لفترة في طهطا بسوهاج، حيث التقى بعمران هناك، الذي كان حينها قد أتمّ حفظ القرآن الكريم، وصار صوته يجذب مسامع الجميع.
أدرك النقشبندي موهبة عمران الفريدة، ونصحه بضرورة الانتقال إلى القاهرة، حيث يمكن لصوته أن يصل إلى آفاق أوسع.
لم يتردد عمران في الاستجابة لهذا التوجيه، فانطلق إلى العاصمة وهو في الثانية عشرة من عمره، ليبدأ رحلته الحقيقية في عالم التلاوة والإنشاد، وليصبح لاحقاً واحدًا من أعمدة الابتهالات الدينية في مصر.

الإذاعة وكبار الملحنين

كان التحاق الشيخ محمد عمران بالإذاعة المصرية نقطة تحول كبيرة في مسيرته، ففي أوائل السبعينيات، اعتمدته الإذاعة المصرية كمبتهل وقارئ، وبدأ بصوته المميز في تقديم الموشحات الدينية والابتهالات التي أبدع في تلحينها كبار الملحنين.
كما لفت صوته أنظار كبار الموسيقيين، مثل حلمي أمين وسيد مكاوي ومحمد عبد الوهاب، الذين أشادوا بقدرته الفريدة على مزج التلاوة بالمقامات الموسيقية، ما جعل اسمه يتردد في أرجاء العالم العربي.
ومن خلال أثير الإذاعة، ذاع صيته ووصلت تلاواته وابتهالاته إلى ملايين المستمعين، فصار صوته جزءاً لا يُمحى من ذاكرة المصريين في المناسبات الدينية، وخاصة في شهر رمضان الكريم.

علاقاته الفنية كان الشيخ محمد عمران قارئاً رسمياً في عزاءات كبار الفنانين والموسيقيين، حيث قرأ القرآن الكريم في عزاء الفنان عبدالحليم حافظ، والموسيقار بليغ حمدي، والفنان محرم فؤاد.

زملكاوي متعصب

بعيداً عن التلاوة والإنشاد، كان الشيخ محمد عمران زملكاوياً متعصباً، يحمل عضوية فخرية لنادي الزمالك، وكان شغفه بالفريق ينعكس حتى على تفاصيل حياته اليومية.
وفي إحدى المباريات الحاسمة بين الأهلي والزمالك، أخبر ابنه أن فوز الأهلي قد يساعده على التركيز في الامتحانات، لكن عندما تعادل الزمالك، لم يستطع إخفاء فرحته، مردداً: "ثانوية إيه وبتاع إيه.. دا الزمالك!".

الرحيل المؤلم أُصيب الشيخ محمد عمران بمرض في الكبد عانى منه لمدة عامين، حتى توفي يوم 6 أكتوبر (تشرين الأول) 1994 عن عمر يناهز 50 عاماً، وشهد عزاءه كبار قراء مصر، وعلى رأسهم الشيخ محمد محمود الطبلاوي والشيخ أحمد نعينع، ودُفن بجوار مسجد عمرو بن العاص.

مقالات مشابهة

  • بطل في الثالثة من عمره.. طفل أمريكي ينقذ جدته رغم إصابتها
  • قارئ للمشاهير وزملكاوي متعصب.. محطات في حياة الشيخ محمد عمران
  • بقائي يؤكد أن إيران ترفض وتدين المزاعم الفارغة لمجموعة السبع
  • بقائي: إيران ترفض وتدين المزاعم الفارغة لمجموعة السبع
  • افتتاح القرية الرمضانية في نخل
  • في ذكراها الرابعة عشرة، ثورة الشعب السوري انتصرت… حشود الأهالي تكتب حكاية الصبر في إدلب
  • من بريق الملاعب إلى ظلام تهجير الفيليين.. حكاية النجم الكروي علي حسين
  • عمرها 40 عامًا| حكاية أقدم مائدة رحمن بالقرنة غرب الأقصر.. صور
  • لجين عمران تتألق في أحدث ظهور لها
  • لغز بلا أدلة.. رصاصة فى الظلام تنهى حياة صحفى بريطانى فى القاهرة 1977