إضاءات على تأسيس دولة كينيا … وحقيقة زنجبار !!
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
في مثل هذا اليوم تحديدا في 1 يوليو 1895م تم تحويل حقوق إدارة الأراضي في شرق أفريقيا من الشركة الإمبريالية البريطانية لشرق أفريقيا من الشركة إلى الحكومة البريطانية ومن ثم تم إعلان كينيا محمية بريطانية.
لنعد إلى الخلف عدة سنوات.
ففي عام 1887م قام السير ويليام مكونون Sir WILLIAM MACKINNON بتأسيس الشركة الإمبريالية البريطانية لشرق أفريقيا the Imperial British East Africa Company (IBEAC) وذلك بهدف فتح عمق القارة من جهة شرق أفريقيا أمام التجارة البريطانية ولتحقيق ذلك الهدف كان لزاما عليه الحصول على الإمتياز من السلطان برغش بن سعيد سلطان زنجبار باعتبار أن سيادة سلطنة زنجبار كانت تمتد إلى الميعة الكبيرة التي أطلقوا عليها في خرائطهم بحيرة فكتوريا ومناطق شرق الكونغو كينشاسا وهي دولة حديثة التأسيس مثلها مثل كينيا لم تكون موجودة حينها.
عانت الشركة الإمبريالية من مصاعب مالية في 1891م ويعود جزء من أسباب تلك المصاعب إلى أن مستعمرة بلجيكا في منطقة البحيرات والتي أطلق عليها وقتها دولة الكونغو الحرة Congo Free State كانت قد سيطرت فعليا على مساحات شاسعة من اراضي سلطنة زنجبار في شرق الكونغو وهو ما أدى إلى حرمان الشركة البريطانية من عائدات ضخمة تمثلت في الرسوم الجمركية.
وبناءا على إنتقال المسئولية للحكومة البريطانية فقد شرعت فورا في تنفيذ مشروع خط سكة حديد مومباسا MOMBASA كيزومو KISUMU والذي إنتهى بناؤه عام 1901م وكان الوجود المكثف للعمالة الهندية في ذلك المشروع بدايات قدوم واستيطان الهنود بأعداد ضخمة في شرق أفريقيا وخصوصا يوغندا.
إن بريطانيا هي التي قامت بترسيم حدود كينيا ( ويوغندا أيضا) مع الدول المجاورة (الحبشة والسودان) وتم في ديسمبر 1907م توقيع معاهدة الحدود الجنوبية للحبشة بين الحبشة وبريطانيا وهي الحدود مع كينيا وقد منحت تلك المعاهدة مكاسب شاسعة وأدخلت في الحبشة أراض وقبائل أفريقية لم تكن يوما عرقيا ولا ثقافيا ذات علاقة مع حبشة منليك ولا تزال كذلك إلى اليوم ولكن كينيا لا تطالب بها ولا تحن إليها كحنين السودانيين إلى بني شنقول لأن كينيا كانت لا تزال في طور التأسيس ولم يكن وعيهم الوطني قد ولد بعد.
وفي 1902م وصل أول المستوطنين البريطانيين إلى كينيا في إطار مشروع لتوطين البريطانيين في كينيا ووصل عدد أولئك المستوطنين إلى 10 ألف مستوطن في عشرينات القرن العشرين وهؤلاء تحصلوا إلى عقودات للتملك بالمنفعة لمدد تصل إلى 999 سنة لما يعادل 25% من أفضل وأخصب الأراضي الزراعية في كينيا وكان تملك البريطانيين للأرض وإستيطانهم من أسباب ثورة الماوماو وبعض القبائل المتحالفة معهم لأنهم كانوا السكان الأصليين أصحاب الأرض (أهل الحواكير).
وفي 1903م تمت دراسة مشروع لم يكتمل لتوطين ال.ي.ه.و.د في كينيا ويوغندا وتم نقاش هذه الخطة يوم 23 أغسطس 1903م في المؤتمر الصهيوني السادس في بازل ولو تم تنفيذها لصارت إس.ر.ائ.ي.ل جارتنا الجنوبية.
ولم تتوقف خسائر سلطنة زنجبار على تلك الأراضي الشاسعة التي خسرتها لصالح دولة الكونغو الحرة كما ذكرنا آنفا ، ففي 13 سبتمبر 1916م وافق سلطان زنجبار على ضم محمية العشرة كيلومترات الساحلية إلى مستعمرة كينيا مع استمرار السيادة لسلطنة زنجبار وأستمرت السيادة الزنجبارية على الشريط الساحلي الكيني لدرجة أنه في مفاوضات إستقلال كينيا في لندن سنة 1962م أرسل ذلك الشريط الساحلي وفدا منفصلا عن الوفد الذي كان يمثل كينيا الداخل برئاسة جومو كينياتا ، وتمت خلال مفاوضات الاستقلال إتفاقية الوحدة بين الساحل والداخل
دارت المفاوضات ثلاثية للوصول إلى إتفاقية إستقلال كينيا وكانت بين وفد الداخل برئاسة جومو كينياتا ووفد الساحل برعاية وتسهيل بريطاني حتى تم يوم 5 أكتوبر 1962م توقيع اتفاق بين جومو كنياتا وسلطان زنجبار يضمن حقوق سكان الساحل بشروط وضمانات محددة منها أن تكون لغة الدراسة في الساحل اللغة العربية ولكن حكومة جومو كينياتا تنكرت لاحقا وتملصت من تلك الشروط.
وفي يوم 8 أكتوبر 1962م تم التوقيع على الإتفاق النهائي بضم الساحل إلى الداخل وكان ذلك إيذانا بتشكيل الجغرافيا السياسية لكينيا الحاضر ، ولم نتطرق في هذه العجالة لقصة الجزء الصومالي من كينيا ويعادل 25% تقريبا من مساحة كينيا وتم ضمه لكينيا بالرغم من أن سكانه صوماليون مسلمون بنسبة 100% وقد صوتوا بنسبة تكاد تصل إلى 99% في استفتاء قرروا فيه رغبتهم بالإنضمام للصومال.
ماذا نستفيد من هذه الإضاءات ؟
نستفيد أن كينيا دولة حديثة التكوين وتدين بالفضل لمن قاموا بتاسيسها ، وأن زنجبار التي ترسخت في أذهان الكثيرين بسبب تلك المذبحة الشهيرة سنة 1964م لم تكن أبدا هذه الجزيرة الصغيرة المساحة والتي تم ضمها بعد المذبحة في إتحاد مع تنجانيقا ظهرت بعده دولة تنزانيا.
أما أولئك المستوطنين البريطانيين فلا يزال أحفادهم حتى اليوم يعيشون في كينيا ويقدر عددهم بإثنين وأربعين ألفا ويتمتعون بكامل حقوق المواطنة والتميز الإقتصادي.
ربما يمكنك أن تفهم لماذا تحشر كينيا أنفها في كل مشاريع حفظ السلام هنا وهناك ، في الصومال ، في هاييتي ، وتسعى لحشر أنفها في السودان فهل تستطيع ؟!
#كمال_حامد ????
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: شرق أفریقیا فی کینیا
إقرأ أيضاً:
أنا … وقحت وصمود !
مناظير السبت 15 فبراير، 2025
زهير السراج
* تربطني بغالبية اعضاء قوى الحرية والتغيير و(تقدم) سابقا والتي تغير إسمها الى (صمود) مؤخرا بعد انقسامها الى مجموعتين، علاقة وثيقة على المستوى الشخصي والعام وعلى رأسهم الأساتذة الدكتور (حمدوك) والمهندس (عمر الدقير) والاستاذ (ابراهيم الشيخ) والمهندس (جعفر حسن) والمهندس (خالد عمر) وغيرهم، ولكن لم يحدث أن جمعني معهم أى تنظيم أو تحالف سياسي واحد وإن كنتُ قد اقتربت في فترة من االفترات من الانضمام الى بعض التنظيمات السياسية إلا أن ذلك لم يحدث أبدا، ومن بينها (الحزب الشيوعي السوداني) الذي ظللت أُتهم على الدوام بانتمائي له بسبب فكري اليساري وكانت تربطني بعضويته وعلى رأسهم المناضل الكبير (محمد إبراهيم نقد) رحمه الله، علاقة محبة وصداقة متينة، وهو الذي نصحني بعدم الانضمام للحزب ولذلك قصة ارجو ان اجد الوقت لاحكيها فيما بعد ويشهد عليها شقيقه الاستاذ والصديق (عبدالله نقد) أطال الله عمره، كما اقتربت من الإنضمام الى (حزب المؤتمر السوداني) ولكن لم يحدث ذلك ربما لحسن حظ الحزب او سوء حظي ولا ادري ايهما (الأصح). غير ان بقائي مستقلا لم يمنعني من الاتفاق مع الحزبين في كثير من المواقف والآراء، رغم أنني كثيرا ما انتقدت أداءهما في فترات مختلفة واختفلت معهما في الرأى حول الكثير من القضايا (خاصة خلال فترة مشاركة المؤتمر السوداني في السلطة بعد سقوط نظام القمع والفساد والمتاجرة بالدين في ابريل 2019، وانسحاب الحزب الشيوعي من قوى الحرية والتغيير في فترة حرجة جدا من المشهد السياسي السوداني كانت تتطلب وجوده في التحالف لما له من خبرة وتاريخ نضالي طويل كان سيكون لهما اثر نافذ في تصحيح الاخطاء وتوجيه العمل بشكل صحيح، ولكنه آثر الحزب الخروج وهو في رأيي خطأ تاريخي كبير ترتبت عنه آثار وخيمة، وقد كتبتُ عن خروجه الخاطئ وسأعود إليه لاحقا إن شاء الله).
* رغم علاقاتي الشخصية وصداقتي لقادة واعضاء التحالفين (قوى الحرية والتغيير وتقدم) لم اتردد ابدا في نقدهما، غير انني لم أتجاوز حدود النقد المهني وإن شابته في كثير من الأحيان حدة العبارات وهو أمر مقبول وإن لم يكن مطلوبا في الكتابة الصحفية، وعلى كل حال فلكل كاتب اسلوبه في الكتابة والذي لا يستطيع أحد أن يفرض عليه تغييره (وكما يقال، فإن الكاتب هو الأسلوب)، ولقد جُبلت منذ صغري على إستخدام الاسلوب الذي إعتاده مني القراء الكرام منذ إنضمامي لبلاط صاحبة الجلالة في عام 1980 (أى قبل حوالى 45 عاما) ككاتب في الصفحة الأخيرة بصحيفة (الأيام) الغراء، ويعود الفضل في ذلك الى الاستاذ المرحوم (حسن ساتي نائب رئيس التحرير حينذاك) والذي أعجب بكتاباتي وضمنى الى فريق الصفحة الأخيرة بالصحيفة التي كانت تضم العديد من الفطاحلة مثل الأساتذة (الطيب محمد الطيب) الباحث المرموق في الادب الشعبي و(عبدالله الحسن المحامي)، و(أحمد سليمان المحامي) لهم الرحمة والمغفرة وغيرهم، وكنت حينذاك طالبا بجامعة الخرطوم، ومنها إنطلقتُ الى عالم الصحافة الواسع لذي اعطاني واخذ مني الكثير ايضا، وليس هذا مجال الحديث عن ذلك!
* بعد اندلاع الحرب المشؤومة في 15 ابريل، 2023 ( وكنت أحد الذين حذروا منها في مقالات منشورة على صحيفة "الجريدة" الغرَّاء والتي ما زلت اتشرف بالعمل بها (رغم توقف صدور النسخة الورقية بسبب الحرب)، وعلى الكثير من المواقع السودانية الإلكترونية والوسائط الإجتماعية)، وجدت نفسي تلقائيا وبدون التنسيق مع أحد، في معسكر الرافضين لها والمطالبين بإيقافها ودعم التفاوض بين الخصوم كأيِّ إنسان سوي، لسبب في غاية البساطة لا يخفي على أحد وهو أن السودان لن يجني منها شيئا سوى الخراب والدمار وهو ما حدث بالفعل كما شهد الجميع، ولقد وقفتُ ذلك الموقف رغم انني كنت وما زلت من اول المطالبين (تشهد على ذلك كتاباتي المنشورة) بحل وتسريح قوات الدعم السريع (منذ ظهورها على سطح الاحداث بإسمها القديم (الجنجويد) في مطلع الالفية الثانية (2003 و2004 خلال مجازر دارفور) وحتى اليوم، ومعاقبتها ومعاقبة الذين اسسوها ووقفوا وراءها ودعموها وتجاوزوا عن الجرائم الفظيعة والاهوال التي ارتكبتها، ولقد جرت علىَّ انتقاداتي لها وطالبتي بحلها الكثير من المعاناة، ولن أكف عن ذلك، كما أنني لن أكف عن المطالبة بمعاقبة كل الذين ارتكبوا الجرائم ضد السودان والشعب السوداني سواء الجيش السوداني والمتحالفين معه او غيرهم، على الأقل معاقبتهم على الجرائم التي لا يمكن العفو عنها حسب القوانين الدولية والوطنية مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي اُرتكبت ضد المدنيين في مناطق عديدة في البلاد باستخدام اساليب وحشية لا يقرها دين ولا انسانية ولا قانون ولا ضمير ولا اخلاق !
* اتسق موقفي مع الاخوة والاخوات في قوى الحرية والتغيير وفي تقدم، وكل الجهات والتنظيمات الرافضة للحرب والداعية الى التفاوض والقطاعات الواسعة من الجماهيرالتي تتجاوز نسبتها في يقيني أكثر من (70 % ) من الشعب ولكنها للاسف لم تجد مَن يعبر عنها او يوصل صوتها نتيجة اخطاء استراتيجية ارتكبتها ولا تزال تمارس ارتكابها القوى السياسية الرافضة للحرب، وإفساحها المجال لمشعلي الحرب والداعمين لها لاحتلال الميديا وتوجيهها حسبما يريدون، ولقد نجحوا في ذلك نجاحا كبيرا وأثروا بشكل كبير على مفاهيم وآراء الكثيرين!
* أذكر أنني تحدثتُ قبل اكثر من عام ونصف عن ضعف الاداء الاعلامي لقوى الحرية والتغيير في جلسة خاصة مع المهندس (عمر الدقير ) استمرت اكثر من ساعتين، وقدمتُ بعض المقترحات نالت قبوله ورضاه، دعاني بعدها لحضور اجتماع او مؤتمر لقوى الحرية والتغيير لعرض وجهة نظري على مسمع ومرأى الكثيرين، وحدث ذلك بالفعل، وكان لما قلته تأثير كبير على كل الحاضرين، فالتقي بي بعد نهاية الاجتماع المهندس (جعفر حسن) الذي كان يرأس الجلسة واثنى على مقترحاتي وموافقته على ما قلت، واخذ رقم هاتفي واعداً انهم سيوجهون لى الدعوة لحضور اجتماع خاص بالقطاع الاعلامي ووضع ما ذكرته موضع التنفيذ ورحبت بذلك، إلا أنني لم اسمع منهم شيئا منذ ذلك الوقت وظلوا في تخبطهم وضعفهم الاعلامي الذي انتقل معهم الى (تقدم) تاركين الساحة للمرتزقة وتجار الدين والارهابيين ليفعلوا ما يحلوا لهم، وكان ما كان من عزلتهم عن الراى العام ثم خلافاتهم وانقسامهم مؤخرا الى مجموعتين بدون ان يكون لهم اى تاثير يذكر على المشهد السياسي.
بعد سقوط النظام البائد في ابريل 2019 تأسس بمبادرة مني ومن بعض كبار الزملاء الصحفيين والكتاب والفاعلين في المجتمع مثل الصحفية القديرة آمال عباس والدكتورة بخيتة أمين والمرحوم الشاعر الكبير محمد طه القدال (رحمه الله) والاستاذ وخبير التكنولوجيا معتصم الحارث الضوي والصحفي الكبير د. عصام محجوب الماحي واستاذة الاعلام د. آمال عوض الحسن، والخبير الاعلامي في المنظمات الدولية خالد دهب، والاذاعية القديرة لمياء متوكل والصحفية والكثيرون من قامات المجتمع السامقة والمواهب الشابة التي زاد عددها عن مائتين وخمسين (نادي الصحافة السودانية) لاستضافة المنتديات الفكرية والسياسية والثقافية وضيوف السودان في مختلف المجالات للحديث حول القضايا المهمة التي تشغل الراى العام ومحاورتهم، كما يحدث في كل أندية الصحافة في العالم!
* في حقيقة الأمر فإن فكرة قيام نادٍ للصحافة في السودان ظهرت الى الوجود قبل سقوط النظام البائد (وكان ذلك في عام 2001 ) وتبنيتها مع زميليَّ في صحيفة الرأى العام (د. عبد اللطيف البوني والمهندس عثمان ميرغني وآخرون) وأسسنا نادي الخرطوم للصحافة واستضفنا في جلسته الافتتاحية عبر الاقمار الصناعية الصحفي المصري (بكري مصطفي)، ولقد اختلفتُ بسببه مع الاستاذ (إدريس حسن) رئيس تحرير الرأى العام آنذاك الذي كان يعتقد وقتها انه الاب الروحي للصحفيين السودانيين وانه يجب ان يكون على راس كل عمل صحفي، وكان سبب اختلافي معه انني كنت من اشد المؤيدين لاقتراح الزميل (عثمان ميرغني) الذي لم يصفح عنه باستبعاد رؤساء تحرير الصحف من النادي حتى لا ينقلوا خلافاتهم إليه، ما عدا الأستاذ الكبير وعميد الصحافة السودانية (محجوب محمد صالح) الذي إخترناه رئيسا شرفيا للنادي ووافق مشكورا على ذلك، وكان ذلك سببا لتصاعد الخلاف بيني وبين الاستاذ ادريس فاتخذ قرارا بابعادي من صحيفة الرأى العام، وأدَّعى في خطاب الاقالة (الذي لا زلت أحتفظ به حتى الآن) أن سبب الإبعاد أنه "اتفق معي على كتابة ثلاث مقالات يومية بالصفحة الأخيرة، بالإضافة الى عمودي الصحفي اليومي (مناظير) وإشرافي على قسم المنوعات والفنون بالصحيفة، إلا أنني خرقتُ الاتفاق ــ كما زعم ــ بكتابة مقال اسبوعي واحد فقط بدلا عن ثلاثة، ولم يكن ذلك هو السبب بالطبع فكيف لكاتب أن يكتب ثلاث مقالات للصفحة الاخيرة في اسبوع واحد وهى من اهم الصفحات بالجريدة وعمودا يوميا ويشرف على اصدار صفحة ادبية ثقافية فنية اسبوعية إلا إذا كان( سيوبر صحفي)، وفضلا عن ذلك كنت اساعد الاستاذ ادريس في كثير من الاحيان في كتابة عموده اليومي فهو يطرح الافكار وانا اعيد ترتيبها وصياغتها، ولقد كان يتولى هذه المهمة بشكل دائم رئيس قسم الاخبار الخارجية بالصحيفة الاستاذ الصحفي الكبير احمد باشري (رحمه الله)، ومن الغريب أن الاستاذ إدريس ندم على قراره بعد أقل من يومين من استبعادي وطلب مني العودة للصحيفة إلا أنني كنت قد تعاقدت في ذلك الوقت القصير مع صحيفة (الأيام) لكتابة عمود يومي باالصفحة الاخيرة، فاعتذرتُ له، ولاحقا طلب مني الأستاذ محجوب أن اعمل نائبا لرئيس التحرير على أن يسلمني رئاسة التحرير بعد ستة أشهر، إلا أن ظروف دراستي للحصول على شهادة الدكتوراة حالت دون ذلك، وتفهم الأستاذ الكبير محجوب الموقف واعفاني رغم أنه ظل يكرر الطلب من وقت لآخر، ولقد ندمتُ فيما بعد اشد الندم على عدم قبوله فمن يرفض العمل نائبا لرئيس تحرير الايام تحت اشراف هرم الصحافة السودانية، غير ان ما يخفف عني انني تشرفت بالعمل معه وكنت أجالسه بشكل يومي لمدة تزيد عن العامين كانت من اجمل فترات حياتي العملية في مجال الصحافة، وليتني استطيع مع المشاغل الكثيرة التي تُمسك بخناقي تسجيل تجربتي مع استاذنا الكبير الذي يكفي أنه لم يطلب مني طيلة عملي في (الايام) سوى مرة واحدة فقط ان اجري تعديلا على عمودي اليومي رغم قسوة الظروف السياسية التي كنا نعمل فيها، بل انه رفض رفضا قاطعا طلبا من جهاز الامن لايقاف سلسلة من أعمدتي كانت تحت عنوان (اسرار جهاز الامن ) إمتدت لخمس حلقات تناولت فيها خفايا واسرار جهاز الامن في ذلك الوقت تحت ادارة (صلاح قوش)، وكثيرا ما ارهقتُ استاذنا الجليل الذي لم يكن يتذمر أو يحتج رغم كبر سنه بجرجرته المستمرة التي زادت عن عشرين مرة خلال عملي في الصحيفة الى المحاكم والمعتقلات ومكاتب الامن، كان يرافقنا فيها عدد من المحامين المتطوعين على رأسهم اساتذتنا المحامون الكبار عمر شمينا، ونبيل اديب وعلى قيلوب وساطع الحاج وبعض تلاميذ استاذنا الجليل أبيل ألير وغيرهم.
* للاسف لم تسعفنا الظروف لابتدار أنشطة النادي بسبب الاحوال السياسية المتقلبة في البلاد خاصة مع وجود عدد مقدر من الاعضاء الخارج، ثم حدوث الإنقلاب الغاشم والتظاهرات المستمرة واغلاق الشوارع والقتل اليومي للشهداء، ولكننا ظللنا نتبادل الافكار وندير النقاشات على منصات التواصل الاجتماعي خاصة عبر منصة (الواتساب)، الى ان اندلعت الحرب في ابريل وتضرر الكثيرون فقررنا إضافة مهام أخرى للنادي وتوسيع أهدافه لتشمل تقديم العون للمتضررين والدفاع عن حقوق المواطن السوداني ووقف الحرب والدعوة للسلام ودعم المسار الديمقراطي، واضفنا لاسم النادي عبارة (صحفيون من اجل السلام وحقوق الانسان والديمقراطية) ليصبح الاسم هو (نادي الصحافة السودانية وصحفيون من أجل السلام وحقوق الانسان والديمقراطية) واخترنا (كلمة (صمود) للتعبير عن الاضافة الجديدة (الصاد من (صحفيون)، والميم مِن (من) والواو من (و حقوق) والدال من (الديمقراطية)، ونسبة للظروف التي يعيشها السودان وغياب المؤسسات لم نستطع تسجيل الاسم، ولكننا اعلنا عنه في العديد من المنابر، ونحمد الله الذي ساعدنا على تقديم بعض العون للمحتاجين اليه بلا اعلان أو مَن أو أذى، بالإضافة الى إستمرارنا في المطالبة بوقف الحرب وادانة الجرائم وحماية حقوق الانسان السوداني والعودة الى المسار الديمقراطي بكل الوسائل السلمية المتاحة.
* غير اننا فوجئنا قبل بضعة ايام وبعد انشقاق (تقدم) الى مجموعتين، أن المجموعة التي يرأسها صديقنا الدكتور (حمدوك) اختارت كلمة (صمود) إختصارا لاسمها الجديد (التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة)، بدون إعتبار الى انه مستخدم كاختصار(ACRONYM ) لاحدى المجموعات الموجودة على الساحة السياسية والحقوقية السودانية، أو على الاقل اخذ الإذن من أصحابه، مما يعد إعتداءا صارخا على حقوقهم، فضلا عن انه يمكن أن يتسبب في حدوث خلط وارتباك بين المجموعتين مما يضر بمصلحة الطرفين، والغريب ان الكلمة االتي إختاروها كاختصار لاسم تنظيمهم الجديد لا تمت بصلة من ناحية لغوية للاسم، كما جرى الحال في اختيار الكلمات القصيرة بأن تكون الكلمة مكونة من بعض احرف الاسم أو شيئا من هذا القبيل.
* احتج بعض اعضاء مجموعتنا (نادي الصحافة السودانية وصحفيون من اجل السلام وحقوق الانسان والديمقراطية ــ صمود) على الاعتداء الذي وقع علينا، وطالبوا باصدار بيان احتجاج ووافقتهم على ذلك، فاصدرنا بيانا مهرتُه باسمي نستنكر فيه ذلك الاعتداء ونحذر بمقاضاة اصدقائنا في (التحالف المدني الديمقراطي)، ولكننا راجعنا أنفسنا بعد تدخل بعض الجهات والاصدقاء باعتبار اننا نعمل من اجل تحقيق اهداف واحدة، وان الظرف لا يسمح بوجود هذه الخلافات الجانبية، فوافقناهم الراى خاصة مع العلاقة المتينة التي تربطنا بالاخوة في التحالف، وبما انهم يسعون ونسعى من اجل مصلحة وطنية مشتركة فلقد وافقنا بان تكون (صمود) شعارا مرفوعا بيننا وبينهم، من اجل وقف الحرب واستعادة السلام والحرية والديمقراطية، وهزيمة الظلم والبغى والعدوان.
drzoheirali@yahoo.com