في مثل هذا اليوم تحديدا في 1 يوليو 1895م تم تحويل حقوق إدارة الأراضي في شرق أفريقيا من الشركة الإمبريالية البريطانية لشرق أفريقيا من الشركة إلى الحكومة البريطانية ومن ثم تم إعلان كينيا محمية بريطانية.
لنعد إلى الخلف عدة سنوات.

ففي عام 1887م قام السير ويليام مكونون Sir WILLIAM MACKINNON بتأسيس الشركة الإمبريالية البريطانية لشرق أفريقيا the Imperial British East Africa Company (IBEAC) وذلك بهدف فتح عمق القارة من جهة شرق أفريقيا أمام التجارة البريطانية ولتحقيق ذلك الهدف كان لزاما عليه الحصول على الإمتياز من السلطان برغش بن سعيد سلطان زنجبار باعتبار أن سيادة سلطنة زنجبار كانت تمتد إلى الميعة الكبيرة التي أطلقوا عليها في خرائطهم بحيرة فكتوريا ومناطق شرق الكونغو كينشاسا وهي دولة حديثة التأسيس مثلها مثل كينيا لم تكون موجودة حينها.

عانت الشركة الإمبريالية من مصاعب مالية في 1891م ويعود جزء من أسباب تلك المصاعب إلى أن مستعمرة بلجيكا في منطقة البحيرات والتي أطلق عليها وقتها دولة الكونغو الحرة Congo Free State كانت قد سيطرت فعليا على مساحات شاسعة من اراضي سلطنة زنجبار في شرق الكونغو وهو ما أدى إلى حرمان الشركة البريطانية من عائدات ضخمة تمثلت في الرسوم الجمركية.

وبناءا على إنتقال المسئولية للحكومة البريطانية فقد شرعت فورا في تنفيذ مشروع خط سكة حديد مومباسا MOMBASA كيزومو KISUMU والذي إنتهى بناؤه عام 1901م وكان الوجود المكثف للعمالة الهندية في ذلك المشروع بدايات قدوم واستيطان الهنود بأعداد ضخمة في شرق أفريقيا وخصوصا يوغندا.

إن بريطانيا هي التي قامت بترسيم حدود كينيا ( ويوغندا أيضا) مع الدول المجاورة (الحبشة والسودان) وتم في ديسمبر 1907م توقيع معاهدة الحدود الجنوبية للحبشة بين الحبشة وبريطانيا وهي الحدود مع كينيا وقد منحت تلك المعاهدة مكاسب شاسعة وأدخلت في الحبشة أراض وقبائل أفريقية لم تكن يوما عرقيا ولا ثقافيا ذات علاقة مع حبشة منليك ولا تزال كذلك إلى اليوم ولكن كينيا لا تطالب بها ولا تحن إليها كحنين السودانيين إلى بني شنقول لأن كينيا كانت لا تزال في طور التأسيس ولم يكن وعيهم الوطني قد ولد بعد.

وفي 1902م وصل أول المستوطنين البريطانيين إلى كينيا في إطار مشروع لتوطين البريطانيين في كينيا ووصل عدد أولئك المستوطنين إلى 10 ألف مستوطن في عشرينات القرن العشرين وهؤلاء تحصلوا إلى عقودات للتملك بالمنفعة لمدد تصل إلى 999 سنة لما يعادل 25% من أفضل وأخصب الأراضي الزراعية في كينيا وكان تملك البريطانيين للأرض وإستيطانهم من أسباب ثورة الماوماو وبعض القبائل المتحالفة معهم لأنهم كانوا السكان الأصليين أصحاب الأرض (أهل الحواكير).

وفي 1903م تمت دراسة مشروع لم يكتمل لتوطين ال.ي.ه.و.د في كينيا ويوغندا وتم نقاش هذه الخطة يوم 23 أغسطس 1903م في المؤتمر الصهيوني السادس في بازل ولو تم تنفيذها لصارت إس.ر.ائ.ي.ل جارتنا الجنوبية.

ولم تتوقف خسائر سلطنة زنجبار على تلك الأراضي الشاسعة التي خسرتها لصالح دولة الكونغو الحرة كما ذكرنا آنفا ، ففي 13 سبتمبر 1916م وافق سلطان زنجبار على ضم محمية العشرة كيلومترات الساحلية إلى مستعمرة كينيا مع استمرار السيادة لسلطنة زنجبار وأستمرت السيادة الزنجبارية على الشريط الساحلي الكيني لدرجة أنه في مفاوضات إستقلال كينيا في لندن سنة 1962م أرسل ذلك الشريط الساحلي وفدا منفصلا عن الوفد الذي كان يمثل كينيا الداخل برئاسة جومو كينياتا ، وتمت خلال مفاوضات الاستقلال إتفاقية الوحدة بين الساحل والداخل

دارت المفاوضات ثلاثية للوصول إلى إتفاقية إستقلال كينيا وكانت بين وفد الداخل برئاسة جومو كينياتا ووفد الساحل برعاية وتسهيل بريطاني حتى تم يوم 5 أكتوبر 1962م توقيع اتفاق بين جومو كنياتا وسلطان زنجبار يضمن حقوق سكان الساحل بشروط وضمانات محددة منها أن تكون لغة الدراسة في الساحل اللغة العربية ولكن حكومة جومو كينياتا تنكرت لاحقا وتملصت من تلك الشروط.

وفي يوم 8 أكتوبر 1962م تم التوقيع على الإتفاق النهائي بضم الساحل إلى الداخل وكان ذلك إيذانا بتشكيل الجغرافيا السياسية لكينيا الحاضر ، ولم نتطرق في هذه العجالة لقصة الجزء الصومالي من كينيا ويعادل 25% تقريبا من مساحة كينيا وتم ضمه لكينيا بالرغم من أن سكانه صوماليون مسلمون بنسبة 100% وقد صوتوا بنسبة تكاد تصل إلى 99% في استفتاء قرروا فيه رغبتهم بالإنضمام للصومال.
ماذا نستفيد من هذه الإضاءات ؟

نستفيد أن كينيا دولة حديثة التكوين وتدين بالفضل لمن قاموا بتاسيسها ، وأن زنجبار التي ترسخت في أذهان الكثيرين بسبب تلك المذبحة الشهيرة سنة 1964م لم تكن أبدا هذه الجزيرة الصغيرة المساحة والتي تم ضمها بعد المذبحة في إتحاد مع تنجانيقا ظهرت بعده دولة تنزانيا.

أما أولئك المستوطنين البريطانيين فلا يزال أحفادهم حتى اليوم يعيشون في كينيا ويقدر عددهم بإثنين وأربعين ألفا ويتمتعون بكامل حقوق المواطنة والتميز الإقتصادي.

ربما يمكنك أن تفهم لماذا تحشر كينيا أنفها في كل مشاريع حفظ السلام هنا وهناك ، في الصومال ، في هاييتي ، وتسعى لحشر أنفها في السودان فهل تستطيع ؟!

#كمال_حامد ????

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: شرق أفریقیا فی کینیا

إقرأ أيضاً:

عادل حمودة: جماعة الإخوان في سوريا من تأسيس مصطفى السباعي

قال الإعلامي عادل حمودة، إن جماعة الإخوان في سوريا أسسها الشيخ مصطفى السباعي الذي تعرف على حسن البنا خلال دراسته في الأزهر.

تاريخ جماعة الإخوان في سوريا

وأضاف «حمودة» خلال برنامجه «واجه الحقيقية» المذاع على قناة القاهرة الإخبارية، أن  مصطفى السباعي جمع الفصائل الإسلامية في تنظيم واحد بعد عودته إلى سوريا في عام 1945، وتركزت الجماعة في حلب وحمص وحماة ودمشق.

وتابع: «فيما بعد أصبح مصطفى السباعي مسؤول المكتب التنفيذي للجماعة في المنطقة العربية وحدث ذلك بعد مواجهة جمال عبد الناصر للجماعة في مصر».

وأشار إلى أن  الخلافات السياسية أدت إلى صدامات عسكرية تصاعدت بعد رحيل حافظ الأسد في 10 يونيو عام 2000.

مقالات مشابهة

  • زي النهارده.. تأسيس مدينة بوكارامانغا في كولومبيا
  • الشركة العامة للسيارات تحتفل بمرور 50 عاما من الشراكة مع "ميتسوبيشي"
  • شاهد | كليب الحلم العبري … لــ مصطفى المومري
  • عادل حمودة: جماعة الإخوان في سوريا من تأسيس مصطفى السباعي
  • الولايات المتحدة تعقد صفقة مع الشركة المصنعة للطائرة التي رصدت السنوار
  • من كهوف التاريخ إلى تأسيس دولة المواطنة.. هموم المفكرين السوريين في مشاريع التجديد والنهضة
  • سوني أكبر مساهم في الشركة الأم لـ FromSoftware
  • وزير الأوقاف: مؤسسة حياة كريمة معبرة عن جوهر وحقيقة الإنسان المصري
  • أول تعليق من صلاح عبدالله عن حالته الصحية وحقيقة وصيته.. ماذا قال؟
  • أدهم بارزاني ينأى بنفسه عن مساعي اعادة  تأسيس حزب الله الثوري الكوردستاني