يمانيون:
2025-03-19@23:35:41 GMT

عَـقدُ الصمود وعامُ الفتح الموعود

تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT

عَـقدُ الصمود وعامُ الفتح الموعود

الدكتور عبدالرحمن المختار

عندَما قرَّرت دولُ تحالُفِ الإجرامِ إعلانَ حربِها العدوانيةِ على يمنِ الحكمة والإيمَـان في 26 مارس 2015 إنَّما كانت تُدرِكُ أنَّها تملِكُ كُـلَّ مقوِّماتِ النصرِ والسيطرة، ولم يخالِجْها شَكٌّ في احتلال البلاد خلال أَيَّـام معدودات.

وبكُلِّ غرورٍ وعنجهية أعلنَ متحدِّثُها العسكرية أن عملياتِ التحالف العسكرية في اليمن لن تأخُذَ وقتًا طويلًا، وأن أسبوعَينِ أَو أسابيعَ على الأكثرِ كفيلةٌ بالقضاء على الانقلابيين -حسبَ وصفِه- وتدميرِ القدرات العسكرية التي استولوا عليها، وأن قواتِ التحالف ستكونُ بانتهاءِ المدة التي حدّدها على مشارفِ العاصمة صنعاء.

وبكل هدوء وطمأنينة ورويَّةٍ وصبر، قابَلَ عَلَـمُ الزمان عدوانَ المعتدين، ناصحًا لهم في البداية بالتعقُّل ومراعاة الأُخوَّة والجِوار، ومحذِّرًا من مغبَّة التمادي والاستمرار في العدوان، فقابَلَ المعتدون حلمَ القائد بهمجية ووحشية منقطعة النظير، ولم يقيموا اعتبارًا لأية قواعدَ أَو قِيَمٍ فدمّـروا ما لا يصحُّ في حروب الشرفاء تدميرُه، وقتلوا مَن لا تسمحُ نزاعاتُ الكرماء قتلَه؛ فكانت مساكنُ المدنيين البسطاء أهدافًا لهجماتهم، وكان الأبرياء -أطفالًا ونساء ورجالًا- أبرزَ ضحايا عدوانهم الإجرامي.

وما إن انتهت مُهْلَةُ الأربعين المضروبة ليرعويَ المعتدون، حتى بدأ البأسُ الشديدُ يفتكُ بقُطعانِ المعتدين ليحيلَ ما جلبوه من فاخرِ إنتاج آلة الحرب الغربية إلى خردة، ومَن عليها إلى شواء لا عهدَ للوحوش والنسور والكلاب الضالة والهوام بمثله، ولم تسعف تحالفَ العدوان قوتُه الغاشمة التي هشَّمها أولو القوة والبأس الشديد في الصحارى وبطون الأودية وقمم الجبال؛ ولشدة الحرجِ الذي وقع فيه تحالفُ الإجرام؛ بسَببِ سابق إعلانه عن قدرته الخارقة في القضاء على من سماهم قيادة الانقلابيين وتدمير ما استولوا عليه من قدرات عسكرية للجيش المفكَّك المنهار، حينها ذهب تحالف العار إلى استبدال تسمية عملياته العسكرية من (عاصفة الحزم) إلى (عملية إعادة الأمل) بعد أن فقد هذا التحالفُ قدرتَه -المفقودة أَسَاسًا- على الحسم والحزم خلال الزمن الذي حدّده مسبقًا.

وقد وجد تحالفُ الإجرام في التسمية الجديدة لعملياته العسكرية مخرجًا له من ورطته وفضيحته ذات الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية، وهو يريد أن يظهر للجميع أن عملياته العسكرية قد انتهت، وأنه في المرحلة الراهنة في مهمة إنسانية! فكيف لتحالف يمتلك أحدث ما أنتجته مصانع الآلة الحربية الغربية من معدات عسكرية وأسلحة حربية هجومية، أن يتقهقر أمام شعبٍ مؤسّساتُ دولته شبهُ منهارة، ولا يملك مقاتلوه لحظة إعلان العدوان من العتاد الحربي ما يساوي نسبةَ 5 % مما هو متاح ومتوفر لتحالف الشر والإجرام، الذي أطبق حصارًا خانقًا للحيلولة دون وصول قطعة سلاح إلى المحاصَرين للدفاع عن أنفسهم وعن بلدهم.

ورغم ذلك، وفي مواجهة ذلك، وبكل ثقةٍ، أعلن القائد عن خيارات استراتيجية لمواجهة تحالف الإجرام، وبشكل متدرِّج، وهذا الإعلان قابله تحالفُ العدوان وعملاؤه ومرتزِقته بالسخرية والاستهزاء، وقابله المتعاطفون والمحايدون بالدهشة والاستغراب فالبلد محاصَرٌ وإمْكَانيته شبه محدودة، وحدودُه مغلقة، فأين وأين وماذا ومتى وكيف؟ وغيرها من الاستفهامات الباحثة عن إجَابَة تُهَدِّئُ النفوسَ المتعاطفة وخواطرَها الحائرة!

ومن أعلن الخياراتِ الاستراتيجيةَ لم يكن للاعتبارات المادية لديه أي وزن أَو قيمة، بل كان وما يزال على ثقة عالية بالله -سبحانه وتعالى-، ويقين خالص بأنه ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض﴾ وإدراك تام لقدرته الله المطلقة في تدبيره لشؤون خلقه، فله -جل وعلا- كُـلّ شيء وبيده أمر كُـلّ شيء ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾ وإنه لا خيار بعد الإعذار إلا والإعداد والاستعداد أخذا بالأسباب ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.

هذا هو يقين السيد القائد حين أعلن خيارات شعبنا الاستراتيجية، ومن تندَّرَ أخذ ساحتَه ومساحتَه في التندر، ومن سخر واستهزأ أخذ وِسْعَه في السخرية والاستهزاء، ومن احتار ظل مترقِّبًا لليالي والأيّام؛ لتكشفَ له مصاديقَ القول السديد، أما الواثقون في قائدهم وفي ثقته بربه، فلم يتساءلوا، وأمام حزب الإجرام لم يتزلزلوا، فمضوا في سبيل الله مجاهدين، بيقين لا يخالطه شك، وبعزيمة لا تلين، لمواجهة المعتدين في كُـلّ الساحات والميادين.

وشخصيًّا لمستُ وعايشتُ حيرةَ المتعاطفين وسخرية وتندر العملاء المنحرفين؛ فبعد أشهر معدودة من بدء عدوان المعتدين، وحين كنتُ عضوًا في وفد اللجنة الثورية العليا إلى عدد من البلدان العربية والأجنبية؛ للتعريف بمظلومية شعبنا، لاحظت أن أغلبَ تساؤلات وسائل الإعلام كانت تدور حول مدى القدرة للاستمرار في مواجهة التحالف؟ وعن القدرات التي يملكها شعبنا مقارنةً بإمْكَانيات وقدرات التحالف؟ وكان أخطر التساؤلات وأشدها حساسية، الذي كان يُطرَحُ من جانب البعض بشيءٍ من التهكم، وهو أنتم تتعرَّضون للقصف يوميًّا، وقائدُكم أعلَنَ عن خيارات استراتيجية! إلى متى تتحملون الضربات؟ ومتى ستستخدمون الخيارات الاستراتيجية؟

وأعتقدُ أن اللهَ -سبحانَه وتعالى- قد وفَّقني للردِّ على ذلك التساؤل بما يُلجِمُ المتهكِّمين، ويمنعُ من تكراره وكان نص جوابي في حينه (هناك استعجالٌ داخلي وخارجي فيما يتعلق بطول المُدة والخيارات الاستراتيجية، وأن السيدَ عبدَ الملك يدركُ تماماً أن السعوديَّةَ ليس بيدها من جديدٍ، خُصُوصاً أن ذلك انكشف وبات واضحًا بعد أربعين يوماً من انطلاق العدوان أنها لن تحقّق شيئاً. وحينها أدرك السيدُ القائدُ تماماً أن الحربَ ستطول؛ لذلك تحدث عن “خيارات استراتيجية”؛ باعتبَار أن لهذه الخيارات عمقًا في الزمن والجغرافيا، ولم يتحدث عن “خيارات تكتيكية”، ومن يشتغل في “الاستراتيجيات” يفهم ماذا يعني هذا الكلام، وهو ما قد لا يفهمه الناس العاديون).

ومرت الأيّام وبدأت خياراتُ القائد الاستراتيجية تتجسَّــدُ على أرض الواقع في شكل ضربات مؤلمة منكلة بالمعتدين، سواء تلك التي أصابت تجمعات جنودهم وعملائهم ومرتزِقتهم، أَو تلك التي طالت عُمقَ أراضيهم، واستهدفت أهمَّ منشآتهم التي تمَثِّلُ العَصَبَ المحرِّكَ لعدوانهم، وجميع مظاهر حياتهم، وتصاعد مفعول الخيارات الاستراتيجية إلى أن أجبر تحالف العدوان ومن ورائه قوى الاستكبار من الصهاينة والأمريكان على الرضوخ، فكانت الهدنة ثم الهدنة ثم التهدئة سبيلًا لإعادة ترتيب تحالف العدوان لأوراقه، والتقاط أنفاسه، ولملمةِ شتات كبريائه المبعثرة في الجو البر والبحر، وترميم سُمعته وصورته المهشَّمة على مدى ما يقرب من عقد من الزمان، والبحث عن مخرجٍ لورطته وفضيحته، لكن دون أن يترُكَ شعبَنا وشأنَه، يضمد جراحَه ويعمر أرضَه، وينهض ببلده.

فأصر تحالُفُ العدوان على العودة إلى ما سبق له أن فشل فيه قبلَ عدوانه، وهو إدخَالُ البلاد في حالة صراع بيني يقتصر دور تحالف العدوان على تمويل عملائه وإمدَادِهم بما يحتاجونه من العتاد الحربي؛ ليكونَ الصراعُ في جانبه الواقعي يمنيًّا خالصًا، ويتجنَّبُ السعوديّ والإماراتي ضرباتِ شعبنا في عمقه الجغرافي، ولتحقيق هذه الغاية أسقط تحالفُ الإجرام عميلًا ونصَّبَ آخرين تحت مسمَّى (مجلس القيادة الرئاسي) رأى أنهم أجدرُ وأقدرُ على تنفيذ مخطّطه القديم الجديد، لكن الواضح أن الخُسرانَ كان حليفَ قرن الشيطان، ففي الوقت الذي خطَّط لإعادة توطين الصراع، ويمننة القتال، إذَا بشعبِ الإيمَـان يتجاوزُ الجغرافيا والديموغرافيا المرسومة في مخيلة تحالف الإجرام.

وبعد ما يقرب من عقد واجه شعبُنا اليمني بصمود واستبسال عملاء العدوان على المستوى المحلي، وأدوات قوى الاستكبار على مستوى الإقليم، ها هو يواجهُ ومنذ ما يقرب من عام قوى الاستكبار ذاتها؛ فحين صمت الحكامُ الأعراب، الأشدُّ كُفرًا ونفاقًا، وأدعياءُ الإسلام من حكام العار، عن همجية ووحشية قوى الاستكبار ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أعلن عَلَمُ الهدى القائدُ الهُمَامُ موقفَ شعبنا اليمني مدويًّا في الآفاق، وفورًا تلقف هذا الموقف مسوخُ الأُمَّــة -كما سبق أن تلقفوا إعلان الخيارات الاستراتيجية- بالتندر والسخرية والتهكم، ولسان حالهم يقول: “ما عساه أن يفعل في مواجهة القوى العظمى التي يخر أمامها أغلبُ حكام العرب والمسلمين راكعين”! وما هي إلا أَيَّـامٌ قلائلُ حتى بدأت إجراءاتُ الإسناد الضاغطة من جانب قواتنا المسلحة بالاستيلاء على سفينة شحن صهيونية واقتيادها إلى المياه الإقليمية الوطنية، ولما استشعرت قوى الإجرام جديةَ الموقف وخطورتَه سارعت للتواجُدِ ببوارجها ومدمّـراتها وحاملات طائراتها في البحر الأحمر؛ اعتقادا منها أن هذه الخطوة كفيلةٌ بحد ذاتها في ردع الشعب اليمني وقيادته؛ للتراجع عن الموقف المساند، وحينَها لم يُعْدِمِ المسوخُ الحِيلةَ فقالوا: “تلك مسرحيةٌ تجري فصولُها في البحر الأحمر”!

وما لبثت وتيرةُ العمليات الضاغطة أن تسارعت جوًّا باتّجاه أُمِّ الرشراش، وبحرًا باستهداف السفن التجارية الصهيونية وغيرها من السفن المتجهة إلى موانئ الأرضي المحتلّة، والمراحل تعددت، ولم تفلح البوارجُ والمدمّـرات وحاملة الطائرات في تأمين مرور السفن التجارية، التي تم إغراقُ بعضها في قعر البحر بما تحمله على متنها، بل إن تلك البوارجَ والمدمّـرات وحاملة الطائرات التي عجزت عن حمايةِ غيرها من السفن، كانت أعجزَ في دفع الخطر عنها، حين تم استهدافُها، ولم يستثنِ رجالُ الله من الاستهداف دُرَّةَ تاج السلاح البحري الغربي (آيزنهاور) التي لاذت مؤخرًا بالفرار؛ خشيةً من مواجهة مصير سابقاتها، فيكونُ قعرُ البحر مستقرَّها؛ فآثَرَتِ السلامة وأعلنت الانسحاب تحت عنوان إعادة الانتشار؛ لتَحُلَّ محلَّها وَفْقًا لما هُو معلَنٌ حاملةٌ أُخرى، والتي تم تهيئةُ الأجواء لاستقبالها بما تفوقُ سرعتُه سرعةَ الصوت، وقادمُ الأيّام يحملُ الكثيرَ من المفاجأة، كما يؤكّـد ذلك باستمرار قائدُ الأحرار؛ فذلك ما عهدناه منه خلال سنوات مواجهة تحالف العار، الذي انكسر وانهار، وبإذن الله تعالى سينكسرُ تحالُفُ الإجرام ضد غزةَ قبل أن ينتهيَ العام ليقترِنَ (عقدُ الصمودِ مع عامِ الفتح الموعود)..(وللهِ عاقبةُ الأمور).

* المصدر : المسيرة نت

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: قوى الاستکبار

إقرأ أيضاً:

إسناد غزة بعيداً عن الظواهر الصوتية

 

القرار الذي اتخذه اليمن ممثلا بقائد الثورة السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- وأيدته القيادة السياسية والجماهير اليمنية بمواصلة الإسناد للأشقاء في أرض غزة وفلسطين بعد أن توالى النكث والخرق من قبل الكيان المحتل لقرار وقف الهدنة؛ واستمراره في جرائمه بدعم صهاينة العرب والغرب؛ هذا القرار يمثل الإسناد الفعلي والحقيقي لمظلومية الأشقاء هناك، لأن الإجرام الصهيوني الصليبي لا يفهم سوى لغة واحدة وهي لغة القوة ولغة القول والفعل معا.

المهرجانات الخطابية التي تنظمها القمم الإسلامية والعربية من يتحكم بميزانها ونوعيتها هو العدو الصهيوني سواء كانت طارئة أو عادية ويغلب عليها الاستعراض المنمّق من اجل تخدير الشعوب وإلهائها عن القيام بواجبها في إسناد مظلومية الأشقاء هناك وتنتهي آثارها بانتهاء فعاليتها؛ لا فرق بين مكان انعقادها ولا نوعيتها.

يكمن الفرق بينها أن كل قمة أو اجتماع يستوعب القرارات ويضيف إليها المستجدات، بينما كيان الاحتلال يتحرك على أرض الواقع وكأنها غير موجودة، بل أحيانا يتعمد إهانتها حتى ولو كانت صادرة عن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

القادة والزعماء العرب أدانوا حرب الحصار والتجويع وانتهاك قرار الهدنة وسطّروا القرارت لصالح نصرة الأشقاء، والكيان المحتل استغل سقوط النظام السوري واستولى علي بقية هضبة الجولان .

كانت القمم السابقة تطالبه بالانسحاب من هضبة الجولان ولبنان وفلسطين، واليوم في قراراتها تطالبه بالانسحاب من الهضبة والمنطقة العازلة وفلسطين ولبنان؛ تغيرت الأسماء والصور للزعماء والرؤساء ولم تتغير القرارات للقمم العربية والإسلامية.

الشعوب ليست عاجزة، لكن العجز كامن في قياداتها ولا أدل على ذلك من أن بعضها أصبح ممثلا للكيان المحتل بشكل رسمي، لكن بلكنة عربية، كما هو حال الإمارات والسعودية والمغرب ومصر وغيرها؛ لذلك لا غرابة أن تتناسق القرارات مع تحركات الكيان على أرض الواقع وأن تتم التضحية بالقضايا العربية والإسلامية وخاصة فلسطين بسبب تلك القرارات.

قرارات القمم خلال العدوان الإجرامي على غزة كان أقواها-التنسيق لإجراء اتصالات وزيارات للعواصم لشرح الخطة العربية …وحشد الضغوط الدولية لفرض انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية بما فيها سوريا ولبنان وهي قرارات مكررة منذ اغتصاب فلسطين .

العرب يؤكدون دوما أن خيارهم الاستراتيجي هو تحقيق السلام العادل والشامل والأراضي العربية تسقط واحدة تلو أخرى وهم يعولون على الإجرام والداعمين له في أن يوقفوا عدوانهم وإجرامهم.

المقاومة أصبحت هي الخيار لتجاوز المستنقع الإجرامي، لكن الأنظمة تحولت أولوياتها إلى محاربتها، لإنها أن لم تقم بذلك فسيتم إسقاطها واستبدالها بغيرها وبعد أن كانت الأنظمة في فسحة ممارسة الشجب والتنديد للإجرام الصهيوني علنا ودعمه سرا، أصبحت اليوم سرها كعلانيتها في دعم الإجرام وأصبح الجميع في حظيرة التطبيع يساعدون الإجرام بكل احتياجاته ماديا ومعنويا وسياسيا .

اليمن ومحور المقاومة غيروا المعادلة في المواجهة وتحولت كلمات الشجب إلى صواريخ ومُسيّرات تصل إلى عقر الكيان المحتل، بعد أن وصل الاستهداف لليمن والأمة العربية والإسلامية إلى أقصى مدى.

لقد اتخذ اليمن ومحور المقاومة خطوات عملية بعيدا عن الظاهرة الصوتية وهي اللغة التي يفهمها الإجرام، مما جعله يتحرك ضد اليمن تارة بتحريك أساطيله وسفنه وتارة بقراراته الإجرامية وتارة بأدواته ووكلائه في المنطقة.

دخول اليمن في المواجهة المباشرة مع الحلف الصهيوني والصليبي، أدى إلى تحقيق الكثير من المكاسب لصالح الأمتين العربية والإسلامية والمقاومة، ويكفي أن نشير إلى بعضها في المجالات السياسية والعسكرية والاستراتيجية:

سياسيا: دخول اليمن في مواجهة مباشرة مع العدو الأساسي للأمتين العربية والإسلامية بعد أن كان يدير إجرامه من خلال وكلاء المنطقة حيث كان يكتفي بالدعم الاستخباراتي وتقديم الأسلحة خلال السنوات الماضية، وكان يكتفي بالتدخل في الأوقات التي يحقق الجيش اليمني التقدم، فيمنع الهزيمة ويعمل على إسنادهم في الحصار والتجويع والقصف البري والبحري والجوي؛ وذلك لمعرفته المسبقة أن اليمن هو السند والداعم الأساسي للأمتين العربية والإسلامية في القضايا المصيرية في فلسطين ولبنان والعراق وإيران والسودان، بما يمثله هذا الدعم من دلالات إيمانية وعربية وإسلامية؛ فاليمن أرض المدد- كما جاء في الحديث النبوي الشريف؛ وأبناء اليمن هم أنصار الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وهم جيشه الذي نشر الرسالة وواجه قوى الكفر والشرك والإجرام والطغيان.

عسكريا: شكلت مفاجأة غير متوقعة للعدو خاصة وقد أرسل جنرالاته وخبراءه لتدمير الجيش اليمني وتدمير أسلحته وأوكل بقية المهمة لتحالف الإجرام لكن اليمن خرج بعد الحرب الإجرامية عليه كطائر العنقاء من بين الرماد، حيث صار يمتلك قدرات عسكرية يستطيع بها الصمود والمواجهة، من صواريخ ومُسيرات؛ ورجال من المؤمنين الصادقين لا يخافون إلا الله، ويخزيهم يعلنون البراءة والتحدي للإجرام الصهيوني الصليبي ويحققون في المواجهة رضوان الله إيمانا بوعده والتزاما بالقرآن الكريم لمسيرة قرآنية تواجه من تطاول على رب العزة والجلال قال تعالى ((أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (13) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ))التوبة 13_14 .

وكما أكد على ذلك الشهيد القائد -رحمه الله- أن المؤمن مملوء قلبه برهبة الله والخوف منه فلا يرهب سواه من الظلمة والمجرمين، وخير مثال على ذلك القائد الشهيد سماحة السيد حسن نصر الله الذي واجه الكيان المحتل على مدى أكثر من عشرين عاما مع علمه أنه يواجه قوة تمتلك الأسلحة والقنابل الذرية لكنه لم يخشاها، أما الزعماء العرب فمن تحدث بكلمتين ضدها حسبوه بطلا.

مضى الشهيد القائد حسين بدر الدين، ولحقه في موكب الشهادة الشهيد القائد حسن نصر الله ثابتا على مواقفه ومبادئه من اجل القدس وفلسطين معلنا رأيه “لو اعترف العالم كله بإسرائيل؛ لا سمح الله فإننا لن نعترف بها”؛ وفعلا اعترفت كثير من الدول العربية والإسلامية ولم يعترف حزب الله؛ بل إن بعض القادة العرب كافأوه على إجرامه بالتطبيع وبموجب قرارات القمم العربية والإسلامية لكنه لم يعترف بها.

وكما في المثل المعروف “اللي اختشوا ماتوا” شنعوا عليه في دعمه لسوريا ودعمه لفلسطين، لكنه قالها بصراحة “من تسمونهم بجماعات جهادية هي جماعات إرهابية تنشر القتل والدمار قتلت من السُنة أكثر مما قتلت من الشيعة؛ وقتلت من السنة أكثر مما قتلت من النصارى”؛ هي في حقيقة الأمر جماعات إرهابية ممولة من الأنظمة المتصهينة والمطبعة عملت على إسقاط النظام لصالح ضم سوريا لمعسكر التطبيع .

استراتيجيا: أسقط اليمن الدعاية الأمريكية قولا وفعلا، انه لا أحد يمكنه الوقوف أمام شرطي العالم الذي تجوب بوارجه وسفنه بحار العالم فتدمر كل من لا يستجيب للأوامر الأمريكية الإجرامية سواء بالتدخل المباشر أو غير المباشر، لكن اليمن واجه الأساطيل والبوارج في البحار؛ وأسقط التحالفات الأمريكية التي راهنت على لعبة التدخلات بواسطة وكلاء المنطقة؛ والتدخلات من خلال العملاء والخونة الذين أوكل إليهم تدمير اليمن في كل المجالات.

وفي المحصلة الاستراتيجية أسقط اليمن مؤامرة تدمير الجيش ولعبة التدخلات؛ وتدمير الاقتصاد؛ ونشر الفتنة والاحتراب الداخلي من خلال الأحزاب والجماعات والطوائف، وغير ذلك من المخططات الإجرامية، وانحاز لدعم مظلومية الأشقاء على أرض غزة وفلسطين، واجه السفن المتجهة لدعم الإجرام الصهيوني الصليبي، مما اضطر أمريكا لتشكيل تحالف ضد اليمن تحت ذريعة حماية الملاحة الدولية، أرسلت البوارج والسفن لكن اليمن لم يتراجع عن مواقفه البداية ولكن تصدع التحالف بعد أن علم العالم أن اليمن يقف في الموقف الصحيح حماية للإنسانية والشرعية الدولية ويواجه جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي يرتكبها الإجرام الصهيوني مدعوما من التحالف الصليبي ومن صهاينة العرب والغرب؛ وبفضل الله تمكنت المقاومة ومحور المقاومة من هزيمة وإسقاط أسطورة الجيش الذي لا يقهر وإسقاط أسطورة شرطي العالم .

 

مقالات مشابهة

  • الحوثيون يعلنون مقتل 16 من مقاتليهم في معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس"
  • (نص) كلمة السيد القائد حول تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة والمستجدات الإقليمية والدولية
  • صور من جريمة العدوان الأمريكي الذي استهدف مبنى المجمع الحكومي بمديرية الحزم في الجوف
  • تحالف الأحزاب المصرية يدين بأشد العبارات استئناف إسرائيل الحرب على غزة
  • الأطباء المصرية: العدوان على غزة لن يمحو الحق ولن يكسر الصمود
  • تعرف على القيادات الحكومية التي اغتالتها إسرائيل بعد استئناف العدوان على غزة
  • رداً على العدوان الأمريكي على اليمن.. عشرات المسيرات الجماهيرية الحاشدة تلبي دعوة السيد القائد بأمانة العاصمة والمحافظات
  • طوفان بشري وحشود مليونية تأكيداً على الثبات في إسناد غزة ومواجهة العدوان الأمريكي (تفاصيل + صور)
  • “احمد الشرع” مجرد حصان طرواده …وعام ٢٠٢٥ عام الانهيارات بتركيا وايران !
  • إسناد غزة بعيداً عن الظواهر الصوتية