الدكتور عبدالرحمن المختار
عندَما قرَّرت دولُ تحالُفِ الإجرامِ إعلانَ حربِها العدوانيةِ على يمنِ الحكمة والإيمَـان في 26 مارس 2015 إنَّما كانت تُدرِكُ أنَّها تملِكُ كُـلَّ مقوِّماتِ النصرِ والسيطرة، ولم يخالِجْها شَكٌّ في احتلال البلاد خلال أَيَّـام معدودات.
وبكُلِّ غرورٍ وعنجهية أعلنَ متحدِّثُها العسكرية أن عملياتِ التحالف العسكرية في اليمن لن تأخُذَ وقتًا طويلًا، وأن أسبوعَينِ أَو أسابيعَ على الأكثرِ كفيلةٌ بالقضاء على الانقلابيين -حسبَ وصفِه- وتدميرِ القدرات العسكرية التي استولوا عليها، وأن قواتِ التحالف ستكونُ بانتهاءِ المدة التي حدّدها على مشارفِ العاصمة صنعاء.
وبكل هدوء وطمأنينة ورويَّةٍ وصبر، قابَلَ عَلَـمُ الزمان عدوانَ المعتدين، ناصحًا لهم في البداية بالتعقُّل ومراعاة الأُخوَّة والجِوار، ومحذِّرًا من مغبَّة التمادي والاستمرار في العدوان، فقابَلَ المعتدون حلمَ القائد بهمجية ووحشية منقطعة النظير، ولم يقيموا اعتبارًا لأية قواعدَ أَو قِيَمٍ فدمّـروا ما لا يصحُّ في حروب الشرفاء تدميرُه، وقتلوا مَن لا تسمحُ نزاعاتُ الكرماء قتلَه؛ فكانت مساكنُ المدنيين البسطاء أهدافًا لهجماتهم، وكان الأبرياء -أطفالًا ونساء ورجالًا- أبرزَ ضحايا عدوانهم الإجرامي.
وما إن انتهت مُهْلَةُ الأربعين المضروبة ليرعويَ المعتدون، حتى بدأ البأسُ الشديدُ يفتكُ بقُطعانِ المعتدين ليحيلَ ما جلبوه من فاخرِ إنتاج آلة الحرب الغربية إلى خردة، ومَن عليها إلى شواء لا عهدَ للوحوش والنسور والكلاب الضالة والهوام بمثله، ولم تسعف تحالفَ العدوان قوتُه الغاشمة التي هشَّمها أولو القوة والبأس الشديد في الصحارى وبطون الأودية وقمم الجبال؛ ولشدة الحرجِ الذي وقع فيه تحالفُ الإجرام؛ بسَببِ سابق إعلانه عن قدرته الخارقة في القضاء على من سماهم قيادة الانقلابيين وتدمير ما استولوا عليه من قدرات عسكرية للجيش المفكَّك المنهار، حينها ذهب تحالف العار إلى استبدال تسمية عملياته العسكرية من (عاصفة الحزم) إلى (عملية إعادة الأمل) بعد أن فقد هذا التحالفُ قدرتَه -المفقودة أَسَاسًا- على الحسم والحزم خلال الزمن الذي حدّده مسبقًا.
وقد وجد تحالفُ الإجرام في التسمية الجديدة لعملياته العسكرية مخرجًا له من ورطته وفضيحته ذات الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية، وهو يريد أن يظهر للجميع أن عملياته العسكرية قد انتهت، وأنه في المرحلة الراهنة في مهمة إنسانية! فكيف لتحالف يمتلك أحدث ما أنتجته مصانع الآلة الحربية الغربية من معدات عسكرية وأسلحة حربية هجومية، أن يتقهقر أمام شعبٍ مؤسّساتُ دولته شبهُ منهارة، ولا يملك مقاتلوه لحظة إعلان العدوان من العتاد الحربي ما يساوي نسبةَ 5 % مما هو متاح ومتوفر لتحالف الشر والإجرام، الذي أطبق حصارًا خانقًا للحيلولة دون وصول قطعة سلاح إلى المحاصَرين للدفاع عن أنفسهم وعن بلدهم.
ورغم ذلك، وفي مواجهة ذلك، وبكل ثقةٍ، أعلن القائد عن خيارات استراتيجية لمواجهة تحالف الإجرام، وبشكل متدرِّج، وهذا الإعلان قابله تحالفُ العدوان وعملاؤه ومرتزِقته بالسخرية والاستهزاء، وقابله المتعاطفون والمحايدون بالدهشة والاستغراب فالبلد محاصَرٌ وإمْكَانيته شبه محدودة، وحدودُه مغلقة، فأين وأين وماذا ومتى وكيف؟ وغيرها من الاستفهامات الباحثة عن إجَابَة تُهَدِّئُ النفوسَ المتعاطفة وخواطرَها الحائرة!
ومن أعلن الخياراتِ الاستراتيجيةَ لم يكن للاعتبارات المادية لديه أي وزن أَو قيمة، بل كان وما يزال على ثقة عالية بالله -سبحانه وتعالى-، ويقين خالص بأنه ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض﴾ وإدراك تام لقدرته الله المطلقة في تدبيره لشؤون خلقه، فله -جل وعلا- كُـلّ شيء وبيده أمر كُـلّ شيء ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾ وإنه لا خيار بعد الإعذار إلا والإعداد والاستعداد أخذا بالأسباب ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
هذا هو يقين السيد القائد حين أعلن خيارات شعبنا الاستراتيجية، ومن تندَّرَ أخذ ساحتَه ومساحتَه في التندر، ومن سخر واستهزأ أخذ وِسْعَه في السخرية والاستهزاء، ومن احتار ظل مترقِّبًا لليالي والأيّام؛ لتكشفَ له مصاديقَ القول السديد، أما الواثقون في قائدهم وفي ثقته بربه، فلم يتساءلوا، وأمام حزب الإجرام لم يتزلزلوا، فمضوا في سبيل الله مجاهدين، بيقين لا يخالطه شك، وبعزيمة لا تلين، لمواجهة المعتدين في كُـلّ الساحات والميادين.
وشخصيًّا لمستُ وعايشتُ حيرةَ المتعاطفين وسخرية وتندر العملاء المنحرفين؛ فبعد أشهر معدودة من بدء عدوان المعتدين، وحين كنتُ عضوًا في وفد اللجنة الثورية العليا إلى عدد من البلدان العربية والأجنبية؛ للتعريف بمظلومية شعبنا، لاحظت أن أغلبَ تساؤلات وسائل الإعلام كانت تدور حول مدى القدرة للاستمرار في مواجهة التحالف؟ وعن القدرات التي يملكها شعبنا مقارنةً بإمْكَانيات وقدرات التحالف؟ وكان أخطر التساؤلات وأشدها حساسية، الذي كان يُطرَحُ من جانب البعض بشيءٍ من التهكم، وهو أنتم تتعرَّضون للقصف يوميًّا، وقائدُكم أعلَنَ عن خيارات استراتيجية! إلى متى تتحملون الضربات؟ ومتى ستستخدمون الخيارات الاستراتيجية؟
وأعتقدُ أن اللهَ -سبحانَه وتعالى- قد وفَّقني للردِّ على ذلك التساؤل بما يُلجِمُ المتهكِّمين، ويمنعُ من تكراره وكان نص جوابي في حينه (هناك استعجالٌ داخلي وخارجي فيما يتعلق بطول المُدة والخيارات الاستراتيجية، وأن السيدَ عبدَ الملك يدركُ تماماً أن السعوديَّةَ ليس بيدها من جديدٍ، خُصُوصاً أن ذلك انكشف وبات واضحًا بعد أربعين يوماً من انطلاق العدوان أنها لن تحقّق شيئاً. وحينها أدرك السيدُ القائدُ تماماً أن الحربَ ستطول؛ لذلك تحدث عن “خيارات استراتيجية”؛ باعتبَار أن لهذه الخيارات عمقًا في الزمن والجغرافيا، ولم يتحدث عن “خيارات تكتيكية”، ومن يشتغل في “الاستراتيجيات” يفهم ماذا يعني هذا الكلام، وهو ما قد لا يفهمه الناس العاديون).
ومرت الأيّام وبدأت خياراتُ القائد الاستراتيجية تتجسَّــدُ على أرض الواقع في شكل ضربات مؤلمة منكلة بالمعتدين، سواء تلك التي أصابت تجمعات جنودهم وعملائهم ومرتزِقتهم، أَو تلك التي طالت عُمقَ أراضيهم، واستهدفت أهمَّ منشآتهم التي تمَثِّلُ العَصَبَ المحرِّكَ لعدوانهم، وجميع مظاهر حياتهم، وتصاعد مفعول الخيارات الاستراتيجية إلى أن أجبر تحالف العدوان ومن ورائه قوى الاستكبار من الصهاينة والأمريكان على الرضوخ، فكانت الهدنة ثم الهدنة ثم التهدئة سبيلًا لإعادة ترتيب تحالف العدوان لأوراقه، والتقاط أنفاسه، ولملمةِ شتات كبريائه المبعثرة في الجو البر والبحر، وترميم سُمعته وصورته المهشَّمة على مدى ما يقرب من عقد من الزمان، والبحث عن مخرجٍ لورطته وفضيحته، لكن دون أن يترُكَ شعبَنا وشأنَه، يضمد جراحَه ويعمر أرضَه، وينهض ببلده.
فأصر تحالُفُ العدوان على العودة إلى ما سبق له أن فشل فيه قبلَ عدوانه، وهو إدخَالُ البلاد في حالة صراع بيني يقتصر دور تحالف العدوان على تمويل عملائه وإمدَادِهم بما يحتاجونه من العتاد الحربي؛ ليكونَ الصراعُ في جانبه الواقعي يمنيًّا خالصًا، ويتجنَّبُ السعوديّ والإماراتي ضرباتِ شعبنا في عمقه الجغرافي، ولتحقيق هذه الغاية أسقط تحالفُ الإجرام عميلًا ونصَّبَ آخرين تحت مسمَّى (مجلس القيادة الرئاسي) رأى أنهم أجدرُ وأقدرُ على تنفيذ مخطّطه القديم الجديد، لكن الواضح أن الخُسرانَ كان حليفَ قرن الشيطان، ففي الوقت الذي خطَّط لإعادة توطين الصراع، ويمننة القتال، إذَا بشعبِ الإيمَـان يتجاوزُ الجغرافيا والديموغرافيا المرسومة في مخيلة تحالف الإجرام.
وبعد ما يقرب من عقد واجه شعبُنا اليمني بصمود واستبسال عملاء العدوان على المستوى المحلي، وأدوات قوى الاستكبار على مستوى الإقليم، ها هو يواجهُ ومنذ ما يقرب من عام قوى الاستكبار ذاتها؛ فحين صمت الحكامُ الأعراب، الأشدُّ كُفرًا ونفاقًا، وأدعياءُ الإسلام من حكام العار، عن همجية ووحشية قوى الاستكبار ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أعلن عَلَمُ الهدى القائدُ الهُمَامُ موقفَ شعبنا اليمني مدويًّا في الآفاق، وفورًا تلقف هذا الموقف مسوخُ الأُمَّــة -كما سبق أن تلقفوا إعلان الخيارات الاستراتيجية- بالتندر والسخرية والتهكم، ولسان حالهم يقول: “ما عساه أن يفعل في مواجهة القوى العظمى التي يخر أمامها أغلبُ حكام العرب والمسلمين راكعين”! وما هي إلا أَيَّـامٌ قلائلُ حتى بدأت إجراءاتُ الإسناد الضاغطة من جانب قواتنا المسلحة بالاستيلاء على سفينة شحن صهيونية واقتيادها إلى المياه الإقليمية الوطنية، ولما استشعرت قوى الإجرام جديةَ الموقف وخطورتَه سارعت للتواجُدِ ببوارجها ومدمّـراتها وحاملات طائراتها في البحر الأحمر؛ اعتقادا منها أن هذه الخطوة كفيلةٌ بحد ذاتها في ردع الشعب اليمني وقيادته؛ للتراجع عن الموقف المساند، وحينَها لم يُعْدِمِ المسوخُ الحِيلةَ فقالوا: “تلك مسرحيةٌ تجري فصولُها في البحر الأحمر”!
وما لبثت وتيرةُ العمليات الضاغطة أن تسارعت جوًّا باتّجاه أُمِّ الرشراش، وبحرًا باستهداف السفن التجارية الصهيونية وغيرها من السفن المتجهة إلى موانئ الأرضي المحتلّة، والمراحل تعددت، ولم تفلح البوارجُ والمدمّـرات وحاملة الطائرات في تأمين مرور السفن التجارية، التي تم إغراقُ بعضها في قعر البحر بما تحمله على متنها، بل إن تلك البوارجَ والمدمّـرات وحاملة الطائرات التي عجزت عن حمايةِ غيرها من السفن، كانت أعجزَ في دفع الخطر عنها، حين تم استهدافُها، ولم يستثنِ رجالُ الله من الاستهداف دُرَّةَ تاج السلاح البحري الغربي (آيزنهاور) التي لاذت مؤخرًا بالفرار؛ خشيةً من مواجهة مصير سابقاتها، فيكونُ قعرُ البحر مستقرَّها؛ فآثَرَتِ السلامة وأعلنت الانسحاب تحت عنوان إعادة الانتشار؛ لتَحُلَّ محلَّها وَفْقًا لما هُو معلَنٌ حاملةٌ أُخرى، والتي تم تهيئةُ الأجواء لاستقبالها بما تفوقُ سرعتُه سرعةَ الصوت، وقادمُ الأيّام يحملُ الكثيرَ من المفاجأة، كما يؤكّـد ذلك باستمرار قائدُ الأحرار؛ فذلك ما عهدناه منه خلال سنوات مواجهة تحالف العار، الذي انكسر وانهار، وبإذن الله تعالى سينكسرُ تحالُفُ الإجرام ضد غزةَ قبل أن ينتهيَ العام ليقترِنَ (عقدُ الصمودِ مع عامِ الفتح الموعود)..(وللهِ عاقبةُ الأمور).
* المصدر : المسيرة نت
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: قوى الاستکبار
إقرأ أيضاً:
رهانات التحالفات الإجرامية في عدوانها الجديد على اليمن
في كل عدوان وإجرام على الآخرين، تستفيد أمريكا والكيان المحتل من الاعتماد على الأحلاف التي يتم تشكيلها، سواء باستخدام القوة والإرهاب أو بصنع المبررات التي تدفع الآخرين للمشاركة بحكم القوة والسيطرة والإمكانيات غير المحدودة التي تستحوذ عليها وتسخرها لتنفيذ سياستها وأهدافها.
فما إن تمت إزاحة نظام الأسد في سوريا بدأت الحملة واتجهت الأنظار نحو اليمن كهدف قادم، لأنه يمثل الرقم الأصعب في معادلة تدمير الشعوب العربية والسيطرة على مقدراتها بعد سفور تحالفات صهاينة العرب وإظهارها للعلن وجعلها من الثوابت والمقدسات على حساب الكرامة والدين والوطن.
في العدوان السابق كانت السعودية والإمارات في الواجهة لكن الإشراف والتوجيه والإدارة للحلف الصهيوني الصليبي الذي تمثل فيه أمريكا رأس الحربة وثعالب أوروبا بخبرتها الاستعمارية والكيان المحتل بإجرامه ووحشيته وصهاينة العرب بعد أن تم تأمين الغطاء السياسي من خلال الأمم المتحدة بتمويلات العرب ومؤامرات الحلف.
أما اليوم فقد تدخل الحلف مباشرة، فجاءت أمريكا بأساطيلها وبريطانيا وإسرائيل وفرنسا كتحالف رباعي للعدوان على اليمن تحت ذريعة تهديد الملاحة الدولية والإضرار بالاقتصاد العالمي.
القوات المسلحة اليمنية أعلنت للعالم أجمع أن ضرباتها تستهدف السفن المتجهة إلى الكيان المحتل والدول المرتبطة به حتى يتم إيقاف الإجرام ضد الأبرياء والعزل وفتح المعابر والسماح بدخول الإمدادات للمحاصرين في غزة، وهو الأمر الذي يعتبرونه إجراما يوجب شن الغارات على اليمن والاعتداء عليه وشكلوا حلفا بزعم حماية الملاحة الدولية، مع أن الإجرام الصهيوني مستمر وتم تأمين احتياجات المجرمين من قبل صهاينة العرب والغرب بالجسور البرية والبحرية والجوية- البرية من الإمارات ثم السعودية ثم الأردن وصولا إلى فلسطين المحتلة وبحريا من خلال البحر الأبيض المتوسط ومصر ثم الكيان المحتل.
لقد انتكست الفطرة لدى قادة تحالف الإجرام، فأصبحت نفوسهم ترى الحق باطلا والباطل حقا والإجرام وسفك دماء الأبرياء من باب التقرب إلى الله، وإلا فما هو السبب الذي يجمع بين صهاينة العرب والغرب لتأييد جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ضد شعب أعزل محاصر في غذائه ووجوده وعلى أرضه.
تحالفهم على ممارسة الإجرام لا يثير التساؤل، بينما وقوف اليمن لمناصرة الأشقاء المظلومين في غزة وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق وإيران يجعلونه محلا للتساؤل: كيف لا يدعم اليمن إجرامهم بل يدعم الجانب المعتدى عليه؟ كيف لا يدعم الجانب القوي ويستفيد من التحالف معه؟
اليمن يدعم محور المقاومة انطلاقا من المبادئ والقيم والأخلاق ضد الذين لا مبادئ لهم ولا قيم ولا دين ولا أخلاق لهم، بل يجتمعون على الإجرام والطغيان والاستبداد؛ يقف ضد عصابه إجرامية تدعي أنها تدافع عن الإنسانية وحقوق الإنسان زيفا وكذبا.
أحد ضباط جيش الاحتلال الصهيوني (عريشايعكوبوفيتش) أقر بنجاح الجيش اليمني في مواجهة صهاينة العرب خلال العشر السنوات الماضية ونجح أيضا في مواجهة الأسطول الأمريكي والمتحالفين معه؛ ونجح في إصابة الأهداف بالأراضي المحتلة، وبحسب رأيه، فإن مواجهة الحوثي لا تشبه مواجهة حزب الله أو حماس، وأما عن مصادر القوة لدى أنصار الله، فيرجع ذلك إلى فكر مرن وإسناد القبائل له فهي تتفق معه في الرؤية والهدف، ولديه مساحة واسعة يتحرك فيها وأنه يسعى للدخول في المرحلة السادسة من التصعيد.
ما يتحدث عنه المحللون العسكريون وخبراء الاستراتيجية الإجرامية هي بعض عوامل قوة الشعب اليمني الذي ينطلق في مواقفه من إيمانه بالله وهويته الإيمانية التي توجه بها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، لذلك فهو حاضر في دعم وإسناد قضايا أمته العربية والإسلامية لأنه شعب الأنصار لا يتنصل عن نصرة الحق والعدل حتى وأن اختار البعض الانحياز للقوى الإجرامية المعروفة بعداوتها لليمن منذ وجودها وتسليمها الحكم لخدمة الاستعمار والاستبداد على حساب المبادئ والقيم، فمنذ ظهورها على الساحة السياسية وهي تدير المؤامرات وتنفذ المشاريع الإجرامية تارة تحت العناوين القبلية؛ وأخرى طائفية ومذهبية وجهوية وحزبية، يدبرون الحرب تلو الأخرى ويزرعون الاختلافات ويؤججون الصراعات خدمة لأعداء الأمه وتنفيذا لمخططاتهم الشيطانية، حتى أنهم أعلنوا الحرب دون موافقة من يسمونهم بالشرعية وبعد العدوان جلبوهم إليهم ليبرروا إجرامهم ويستولوا على مقدرات اليمن لتمويل حربهم عليه.
في خيارات المواجهة: -حسب رأي رئيس المخابرات الصهيونية السابق عاموس يدلين- يرى ان مواجهة اليمن تتجاوز الردع التقليدي ويجب عمل خطة طويلة الأمد لإسقاط النظام في صنعاء وشن حملة واسعة ضد وسائل الإعلام اليمنية واستهداف الإعلاميين والبنى التحتية وتصنيف الإعلام اليمني ضمن قادة حرب المعلومات، مما يساعد على تجاوز أي جدل دولي في استهدافهم؛ لأن هدف تدمير إسرائيل بالنسبة لليمن ليس شعارا بل عقيدة دينية جهادية .
أما خطوات التحرك -حسب رأي (عريشا)- فيكون بالاستعانة باللجنة اليمنية الإماراتية وحزب الإصلاح المدعوم سعوديا وتنظيم الجيش الجنوبي وتأمين الحصول على شرعية الأمم المتحدة لشن الحرب على اليمن بواسطة تحالف صهاينة العرب والغرب من أجل وقف تدخل اليمن لدعم مظلومية الأشقاء والمستضعفين على أرض غزة ومحور المقاومة .
كل هذه التنظيرات لا تخرج عن الوسائل والأساليب التي استخدمها الحلف السابق في عدوانه على بلادنا المستمر منذ عشر سنوات، لكن المختلف اليوم هو دخول اللاعبين الأساسيين بأسمائهم وحقائقهم الإجرامية –أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا كواجهة، فقد سبق لهم مجتمعين تدمير العراق وأفغانستان وسوريا وليبيا وغيرها من أقطار الوطن العربي والأمة الإسلامية، ووفقا لرأي المفكر العربي القدير عبدالله النفيسي: فإن أمريكا ومجموعة الثعالب الأوروبية التي تقودها أمريكا وإسرائيل لم تكن غائبة عن إدارة الأنظمة العربية والتحكم بها أمريكا كرأس حربة وإسرائيل كقاعدة متقدمة لتنفيذ أجنداتهم في تمزيق الوطن العربي والأمتين العربية والإسلامية.
اليمن موجود على الخريطة السياسية وحضارته من أعرق وأقدم الحضارات الإنسانية الراقية التي تسامت في أهدافها ومبادئها، ومبرر تحالف الإجرام والعدوان عدم وجود معلومات كافية عنه، لقد وصل التدخل في الشؤون اليمنية إلى أن يقوم السفير الأمريكي بالاستعانة بالخونة والعملاء لشراء الأسلحة من القبائل وتدميرها تحت إشرافهم وتدمير الأسلحة اليمنية التي تشكل عاملا هاما، رغم أنها تقليدية وأمريكا وإسرائيل وصهاينة العرب يعملون معا، لكن -حسب رأي عريشا-لا بد من الحصول على المعلومات اللازمة وتسريع عملية تدريب الجيش اليمني من قبل خبراء أمريكا وفرنسا وتزويده بالقدرات اللازمة والعمل في جبهتين متوازيتين :الأولى: التسوية السلمية لإرغام “الحوثي” حسب تعبيره- على نزع السلاح كما حدث في العراق؛ وتشكيل جبهة واسعة ضده .
والثانية: تدريب العناصر الجنوبية وفرض حصار بري وبحري وجوي واقتصادي .
ما ينصح به سليل الإجرام هو ما فعله صهاينة العرب والغرب ضد اليمن على مدى عشر سنوات مضت، دمروا المطارات واقتادوا السفن للتفتيش إلى موانئهم وقننوا دخول البضائع والمواد الغذائية من أجل هزيمة اليمن .
لم يستسلم اليمن بل اعتمد على إمكانياته الذاتية وكسر الحصار والإجرام والعدوان وفرض معادلة الحرب لصالحه حتى رضخوا للسلم بعد أن خابت مساعيهم في تحقيق ولو جزء بسيط من أهداف حربهم على بلادنا.
كانت الحرب مع صهاينة العرب يكتنفها الغموض بسبب انحياز البعض من القوى السياسية لصهاينة العرب، أما اليوم وقد كشف الإجرام عن هويته ووجهه الإجرامي بأنه عدوان أمريكي صهيوني لتحالف صهاينة العرب والغرب، فقد أيقن الشعب اليمني صدق توجه قيادته السياسية وهب لنصرة قضايا أمته وحماية المبادئ والقيم من أن يدنسها الاستعمار والاستعباد والطغيان والإجرام .
إن تحالفاتهم الإجرامية ضد اليمن اليوم تدل على جهلهم حقائق التاريخ ولذلك يريدون أن يجربوا بأنفسهم حتى يحصل لهم اليقين، لأن شعباً شهد له رب العزة والجلال في محكم كتابه وشهد له الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، يستحيل على الإجرام أن يغيّر كرامة الله وشهادة نبيه ورسوله الذي لا ينطق عن الهوى ((الإيمان يمان والحكمة يمانية)) وأشار إلى اليمن وقال ((إني لأجد نفس الرحمن من ها هنا)) وأشار باصعبه السبابة إلى اليمن .