يخفي بريق مشروع مدينة نيوم المستقبلية شمال غربي السعودية إشكاليات أبرزها طبيعة الحلم المعماري لولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان، وحقوق سكان المنطقة من قبيلة الحويطات، وسلامة العمال الآسيويين، بحسب تقرير في مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية (Foreign Affairs).

المجلة أضافت، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أنه عندما أصدرت قناة "ديسكفري" فيلما وثائقيا مدته 45 دقيقة حول "نيوم" بعنوان "الخط" ( The Line)، حث المشاهدين على "الانطلاق في رحلة رائعة في تجربة الحياة الحضرية غير المسبوقة"، معتبرا أن مشروع التطوير الطموح لولي العهد هو "بابل القرن الحادي والعشرين في طور التكوين".

ولفتت إلى أن المشروع، وهو على مساحة 26500 كيلومتر مربع، بدأ بميزانية أولية 500 مليار دولار، منها 200 مليار دولار تم تخصيصها حتى الآن لـ"الخط"، وهي "مدينة خطية" مستقبلية (تمتد بشكل مستقيم في الصحراء بطول 170 كيلومتر)، وتأتي الأموال من صندوق الثروة السيادي للمملكة، الذي يديره بن سلمان.

وبحسب رئيس التخطيط الحضري في "نيوم" أنطوني فيفي، "سيبدأ أول عدد كبير من السكان السكن على الخط في 2030"، فيما يدعي الرئيس التنفيذي للمشروع غايلز بندلتون أن "20٪ من البنية التحتية لنيوم قد اكتملت بالفعل".

ومنتقدا سرد الفيلم الوثائقي، كتب الدبلوماسي البريطاني السابق آرثر سنيل، في مقال: "يبقى الخط، لحسن الحظ، خياليا، ليس أكثر من حلم حمى معماري."

واستفاد سنيل من خدمة "جوجل إيرث" (Google Earth) والصور التي تم التقاطها بين 27 و30 أبريل/ نيسان الماضي لدعم حجته قائلا: "قم بتكبير الصورة بالقرب من الأرض وستجد أن مشروع نيوم الفعلي ضئيل للغاية.. عدد قليل من المنتجعات المعزولة وملعب للجولف. لا يوجد دليل على سكن بشري أو نشاط اقتصادي. بالتأكيد لا يمكن أن نطلق عليها اسم مدينة".

ومشيرا إلى صورة التُقطت في يناير/ كانون الثاني الماضي، تابع سنيل أنها "تُظهر محطة تعبئة (وقود) منعزلة ومطعمين للوجبات السريعة بالقرب من معسكر لحاويات الشحن، وهو مشهد مألوف لأي شخص زار الخليج، وكان يستضيف في الغالب عمال مهاجرين من جنوبي آسيا".

وسبق وأن قال الأمير محمد بن سلمان إن المدينة المستقبلية ستساهم في استيعاب الزيادة في عدد سكان المملكة من 33 مليونا اليوم إلى ما بين 50 و55 مليونا في 2030.

اقرأ أيضاً

السعودية عن نيوم: لا إخلاء قسريا وأحكام الإعدام بتهم إرهاب

حقوق الإنسان

واستنكر سنيل مال قال إنها "لامبالاة الحكومات والشركات الغربية بالانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان التي يرتكبها نظام بن سلمان"، منتقدا ما يسميه "سخرية المهندسين المعماريين النجوم"، وفقا للمجلة.

ولفت إلى جثث القتلى والمجاعات الجماعية في اليمن جار السعودية الجنوبي، حيث تقود المملكة منذ عام 2015 تحالفا عربيا عسكريا يدعم القوات الموالية للحكومة الشرعية، في مواجهة قوات جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات ومدن منها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 2014.

سنيل اعتبر أن المهندسين المعمارين في المشروع "يمكنهم كسب رسوم فلكية من أحلامهم بمدن غير محتملة، غير مبالين بما إذا كان فريق من العمال المهاجرين الآسيويين الذين تعرضوا لسوء المعاملة قد يسلقى مصرعه في مرحلة ما أثناء العمل".

وعادة ما تشدد المملكة على التزامها بحقوق العمال في مشاريعها، التي تأتي ضمن رؤية المملكة 2030 الهادفة بالأساس إلى تنويع الاقتصاد وعدم الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات.

اقرأ أيضاً

لتمويل نيوم.. السعودية تسعى لقرض بقيمة 2.7 مليار دولار

أرض المشروع 

و"هناك حقيقة مزعجة أخرى اختار القائمون على مشروع نيوم تجاهلها، فعلى عكس تأكيد بن سلمان أن المساحة التي يُبنى عليها المشروع فارغة، فإن بعضا منها في الواقع يشغلها أفراد من قبيلة الحويطات، التي عندما حاولت مقاومة المصادرة التعسفية للأرض، كان رد السلطات سريعا ووحشيا"، كما أضافت المجلة.

وأردفت أنه "بحسب منظمة القسط السعودية لحقوق الإنسان ومقرها لندن، أطلقت قوات الأمن النار في أبريل/ نيسان 2020 على عبد الرحيم الحويطي فأردته قتيلا في منزله، بعد استخدامه وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجا على إخلاء السكان المحليين".

و"كما أُدين ثلاثة أفراد آخرين من القبيلة بالإرهاب وحكم عليهم بالإعدام، وتم رفض استئنافهم في يناير/ كانون الثاني الماضي، فيما أُدين آخرون من القبيلة وحكم عليهم بالسجن لمدد طويلة"، بحسب المجلة.

وفي يوليو/ تموز الماضي، نفت السلطات السعودية حدوث عمليات إخلاء قسري في موقع مشروع "نيوم"، وإنما عملية إعادة توطين تضمنت دفع تعويضات عن المنازل والأصول غير المنقولة، مشددة على أن الأحكام بإعدام أفراد من الحويطات صدرت على خلفية اتهامهم بالإرهاب، وليس لانتقادهم إجلاء القبيلة من المنطقة.

اقرأ أيضاً

محمد بن سلمان عن مشروع نيوم: هدفنا إنشاء حضارة جديدة للغد

المصدر | فورين أفيرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية مشروع نيوم الخط العمال حقوق بن سلمان

إقرأ أيضاً:

السعودية تستنفر ضد خطط ترامب وتذيع كلمة للملك سلمان: فلسطين قضيتنا الأولى

أعادت قناة “الإخبارية” التابعة للمملكة العربية السعودية كلمة للملك سلمان بن عبدالعزيز يؤكد فيها أن فلسطين هي قضية البلاد الأولى مهما حلت من قضايا طارئة.

وقال الملك سلمان في الفيديو الذي نشرت بأنه كان قبل 37 عاما إنه “لا يحتاج إلى تكرار موقف المملكة العربية السعودية، ملكًا وحكومةً وشعبًا، فأنتم جميعًا على دراية تامة بذلك، أيها الإخوة”.

"دخان ومرايا" تصريحات ترامب حول غزة تخفي كارثة يدبرها مع ماسك.. فيديو عماد أديب يكشف سبب إصرار ترامب على امتلاك غزة وتهجير سكانها.. فيديو

 ونوه إلى أن هذه البلاد، بقيادة ملكها وولي عهدها الأمين، قد قدمت للشعب الفلسطيني كل ما يحتاجه، سواء من الناحية المالية أو السياسية أو الأدبية، إضافة إلى غيرها من الأمور التي يعرفها قادة الشعب الفلسطيني. 

وتابع: “لا نرغب في الحديث عن ذلك أو التفاخر به، لأن هذا هو واجبنا، وهذه قضيتنا الأساسية، يجب أن يكون واضحًا أن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى للمملكة العربية السعودية، وهي أيضًا القضية الإسلامية والعربية الأهم”.

السعودية ترد على ترامب: لا تطبيع مع "إسرائيل" دون دولة فلسطينية

أكدت المملكة العربية السعودية، أمس الأربعاء، أن موقفها من القضية الفلسطينية ثابت ولن تقيم علاقات مع "إسرائيل" قبل إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية السعودية أن موقف المملكة من إنشاء الدولة الفلسطينية راسخ ولا يتزعزع، حيث أكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، هذا الموقف بشكل واضح وصريح.

وأضاف البيان أن المملكة ترفض بشكل قاطع أي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، سواء من خلال سياسات الاستيطان الإسرائيلي أو ضم الأراضي الفلسطينية أو محاولات تهجير الفلسطينيين من أرضهم. وأكدت أن هذا الموقف ثابت وغير قابل للتفاوض أو المساومة.

وجاء الموقف السعودي ردًا على تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، حيث أعلن أن الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة وتمتلكه، معبرًا عن نيته زيارة القطاع المحاصر إلى جانب "إسرائيل" والسعودية.

وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو، قال ترامب إن الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة وستقوم بأعمال هناك، مشيرًا إلى أن بلاده ستكون مسؤولة عن تفكيك القنابل غير المنفجرة والأسلحة الخطيرة في القطاع، وستعمل على إعادة إعمار المنطقة وتوفير تنمية اقتصادية. وأوضح أنه يتطلع إلى ملكية طويلة الأمد لغزة، معتبرًا أن ذلك سيوفر آلاف الوظائف.

وأضاف ترامب أن هذا الأمر سيجلب استقرارًا كبيرًا للمنطقة، مشيرًا إلى أن قراره لم يُتخذ باستخفاف، وأن العديد من القادة الذين تحدث معهم يرحبون بفكرة امتلاك الولايات المتحدة لهذه الأرض. وتوقع أن يعيش الناس من جميع أنحاء العالم في غزة بعد تنفيذ خطته، متخيلًا أنها ستتحول إلى ريفييرا الشرق الأوسط.

وفيما يتعلق بخطة التهجير، ذكر ترامب أنه تحدث مع زعماء آخرين في الشرق الأوسط وأبدوا إعجابهم بمقترح نقل الفلسطينيين من غزة، مشيرًا إلى أن زعيمي مصر والأردن سيقدمان الأرض اللازمة لإعادة توطين الفلسطينيين. وأوضح أنه لم يحسم موقفه بشأن سيادة "إسرائيل" على الضفة الغربية، وأنه سيعلن قراره في الأسابيع المقبلة.

أما عن مساعي التطبيع، فقد أعرب ترامب عن اعتقاده بأن العديد من الدول ستنضم قريبًا إلى اتفاقيات أبراهام للتطبيع مع "إسرائيل"، فيما أكد نتنياهو ثقته في إمكانية التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع السعودية، مشيرًا إلى التزامه بتحقيق ذلك.

ووفقًا لصحيفة هآرتس، فإن إدارة ترامب تركز على تسريع وتيرة التطبيع مع السعودية، التي تعتبرها الولايات المتحدة مفتاحًا للتغير الإقليمي، بما في ذلك إقصاء حماس وإنهاء المشروع النووي الإيراني.

وأشارت الصحيفة إلى أن تصريحات ترامب بشأن تهجير جزء من سكان غزة قد تكون مجرد مناورة تفاوضية، تتيح للسعودية إعلان إفشال هذا المخطط كجزء من التفاهمات مع واشنطن بشأن التطبيع.

وتشير التقارير إلى أن غالبية تفاصيل الاتفاق المستقبلي بين السعودية و"إسرائيل" قد تم الاتفاق عليها مسبقًا خلال المفاوضات التي جرت في إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، حيث يتضمن الاتفاق شراكات وتعاونًا اقتصاديًا بين البلدين.

وتقود الولايات المتحدة منذ عدة أشهر جهودًا دبلوماسية لإقناع السعودية، باعتبارها واحدة من أقوى الدول العربية وأكثرها نفوذًا، بتطبيع العلاقات مع "إسرائيل". إلا أن العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023 زاد من تعقيد هذه الجهود.

تركي الفيصل يُكذب ترامب: موقف السعودية واضح

فيما أكد السفير السعودي الأسبق لدى الولايات المتحدة وبريطانيا، الأمير تركي الفيصل، موقف المملكة الثابت بشأن التطبيع مع إسرائيل، خاصةً في ظل خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير سكان غزة والسيطرة على القطاع.

وخلال مقابلة مع المذيعة كريستيان أمانبور على شبكة CNN، نفى الأمير تركي، بشكل قاطع إمكانية حدوث التطبيع، قائلًا: "لا على الإطلاق. لقد أصدرت وزارة خارجيتنا هذا الصباح بيانًا واضحًا يرفض التصريحات الصادرة عن واشنطن في الأيام الأخيرة، وهذا الموقف كان ثابتًا للمملكة منذ البداية".

وأضاف الأمير تركي، أن المملكة كانت واضحة منذ ما قبل 7 أكتوبر، لافتا إلى تصريحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي أكد فيها أن الطريق إلى دولة فلسطينية واضح، هو الأساس لأي محادثات تجريها المملكة مع الولايات المتحدة.

مقالات مشابهة

  • مركز الملك سلمان للإغاثة يسلّم 50 طنًا من التمور هدية المملكة لجمهورية مالي
  • السعودية تستنفر ضد خطط ترامب وتذيع كلمة للملك سلمان: فلسطين قضيتنا الأولى
  • السعودية.. إطلاق «مجمع الملك سلمان» لصناعة السيارات
  • شركة نيوم توفر أكثر من 100 وظيفة شاغرة
  • الأمير الوليد بن طلال: خادم الحرمين وولي العهد أعادوا المملكة إلى المسار الصحيح
  • ضبط مواطن ارتكب مخالفة التخييم في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية
  • اختتام مشروع نور السعودية المجاني لطب العيون في عدن
  • اتصال هاتفي عاجل بين ولي عهد السعودية وملك الأردن | تفاصيل
  • رغم اعتراض النقابات.. مجلس النواب يصادق على قانون تنظيم الإضراب في قراءة ثانية
  • الأمير عبدالعزيز بن سعود يستقبل سفير جمهورية إيطاليا لدى المملكة