مدارس عريقة في حالة يُرثى لها؛ فأين أنتِ يا وزارة التربية والتعليم؟
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
أثير – د. رجب بن علي العويسي خبير الدراسات الاجتماعية والتربوية في مجلس الدولة
سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل الشجر، مبدأ رسمه سلطان عمان الراحل السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- بدأت فيه مرحلة جديدة في سلطنة عمان، كان التعليم هو أول ما شغل بال القائد الملهم، وهو يرى أبناء وطنه وما يحملونه من روح الكفاح والنضال والعمل والعطاء متعطشون للعلم والمعرفة، فكانت نهضة التعليم خطوط ممتدة نحو المستقبل، وفي أقل من عقدين من الزمان انتشرت المدارس في أرض سلطنة عمان في السهل والجبل والصحاري وبطون الأودية، والمدن والقرى، والمناطق البعيدة والقريبة، مشكّلة تحولا كبيرا في حياة العمانيين وانطلاقتهم لبناء عمان المستقبل، فاق الوصف، وحاز على إبهار العالم وإعجابه في ميكانيزما القيادة وحكمة الإدارة، وروح الإرادة التي صنع منها قابوس بن سعيد هذا التحول، إذ كيف يمكن في هذه الفترة الوجيزة من الزمن أن تنتشر المدارس وينعم أبناء عمان بفرص التعليم في بلد لم يزيد عدد المدارس فيه عن ثلاث مدارس، كما لم يكن للمرأة فيه أي موقع وحضور.
“التعليم حق لكل مواطن”، و “التعليم إلزامي حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي” بنص المادة (16) من النظام الأساسي للدولة، كان ذلك محطة انطلاقة على أن التعليم هو الأساس، فهو طريق الحياة الآمنة المطمئنة للمواطن في عرصات العلم والمعرفة والثقافة والفكر والعطاء والإنتاجية والوعي، ففتحت المدارس أبوابها للمواطنين، وفتحت مراكز محو الأمية وتعليم الكبار لمن لم ينالوا حظهم من التعليم أو فاتهم قطاره ممن تجاوزت أعمارهم سن الدخول للمدارس، وشيدت سكنات الإقامة للمعلمين الوافدين في مختلف الولايات في تلك الفترة من الزمن، كما شيدت السكنات الداخلية الملحقة بالمدارس في التعليم ما بعد الأساسي للطلبة والطالبات في مدارس المدن ومراكز الولايات التي ترفدها مداس المناطق البعيدة، ولخدمة طلبة المدارس في التعليم الأساسي وما بعد الأساسي في مراحل أخرى للذين لم تسعفهم فرص الحصول على التعليم في المدارس القريبة، نظرا لقلة أعدادهم أو لصعوبة تجشمهم لهذه المسافة الطويلة والشاقة من وإلى مساكنهم، حتى وفرت لهم الدولة السكن والإقامة والأمان والاستقرار والغذاء والطعام، كما وفرت لهم العلم والتعلم والثقافة والمعرفة؛ وما إن انتهت فترة الثمانينات وقليلا من فترة التسعينات إلا وبدأت مرحلة جديدة وصلت فيها مدارس التعليم ما بعد الأساسي إلى كل ولايات السلطنة بدون استثناء لتخدم أبناء المحافظات، ويتم الاستغناء عن السكنات الداخلية للطلبة.
وفي كل المراحل ظلت عملية التجديد والتطوير حاضرة في المدارس وعبر إنشاء مدارس جديدة لمختلف المراحل (الحلقة الأولى من التعليم الأساسي، والحلقة الثانية من التعليم الأساسي، والتعليم ما بعد الأساسي)، آخذة في الاعتبار التحولات الحاصلة في المبنى المدرسي تخطيطا وتنظيما وبنية هندسة وفق أفصل المواصفات والمعايير والمقاييس التي تصنع منها بيئة تعليمية آمنة وجاذبة يستطيع أن يمارس فيها الطالب حقه التعليمي بكل أريحية، كما يستطيع المعلم وأعضاء الهيئة التعليمية يمارسون أدوارهم بمزيد من المهنية والاحترافية والتطوير، فرافق البناء الهندسي والتصميم الداخلي للمدارس والتطور الحاصل فيه، البناء المعرفي والفكري والمحتوى التعليمي في تكاملية وتوازن وتناغم مع طبيعة التحول الذي عاشته عمان، والرؤية الوطنية للتعليم، بوابة عمان إلى المستقبل.
وبعد مرور ما يزيد على خمسة عقود ونيف تعيش سلطنة عمان اليوم نهضتها المتجددة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في استمرار منظومة البناء والتطوير في إنشاء المدارس، مرحلة عززها البناء التشريعي بإصدار قانون التعليم المدرسي بالمرسوم السلطاني رقم (31/ 2023) الذي تناول في مواده (34، 35، 36) جملة من الالتزامات والمسؤوليات التي تستهدف المحافظة على المبنى المدرسي الحكومي، لينال نصيبه من المتابعة والصيانة والإدارة والرعاية من قبل أعضاء الهيئة التعليمية والعاملين في المدارس والطلبة؛ لتعود بنا الذاكرة والذكرى ومشاهد الواقع ونحن نتجول في بيئات عمان ومدنها إلى هذا الرصيد الكبير في عدد المباني التعليمية المدرسية سواء كانت المدارس العريقة، وسكنات الهيئات التعليمية، وسكنات الطلبة الملحقة ببعض مدارس التعليم ما بعد الأساسي في المحافظات، بالإضافة إلى مبان آخرى تقع تحت مسؤولية وزارة التربية والتعليم.
لقد اتخذت الوزارة في السنوات الماضية نهجا تطويريا يقوم على إحلال بعض المدارس التي لم تعد قادرة على استيعاب الطلبة أو صالحة للاستعمال والاستخدام، خاصة تلك التي مر على إنشائها فترة طويلة من الزمن، أو غيرها التي تواجه خطر الاندثار، واتجهت خلالها خطط الإحلال إلى استبدالها بمدارس جديدة أو بمبان أخرى نظر لعدم كفاءتها للاستخدام أو قابليتها للصيانة، نظرا لارتفاع التكاليف التي تحتاجها صيانة أو ترميم هذه المدارس، أو عدم جدوى استخدامها نظرا لانتقال الاحياء السكنية إلى مناطق أبعد أو بسبب تعرضها للأنواء المناخية، نتيجة قربها من الشواطئ، أو موقعها في المنخفضات والأودية أو تأثرها بمخططات البنية الأساسية كالطرق وخطوط الكهرباء والمياه والصرف الصحي والإنشاءات الأخرى، وفتحت المخططات السكنية الجديدة الخيار لفرص بناء مدارس جديدة خارج حاضرة الولاية أو مركز المدينة، لتتجه المخططات الإسكانية الجديدة إلى مناطق أخرى أكثر اتساعا وأكثر فرصة لنمو الخدمات وحصول الفرص الإسكانية والخدمات الأساسية فيها، لتظل تلك المدارس في أماكنها شامخة بإطلالها تنتظر مدد الاهتمام وطريق المعالجة وتصحيح المسار؛ بإقامة مشروعات اقتصادية، إسكانية وتجارية عليها أو إعادة تأهيلها والاستثمار فيها في ظل ما تحتله من مساحات كبيرة في وسط المدن والأحياء، وما تشكله من موقع إستراتيجي في مسار الاستثمار والبناء.
ومع القناعة بأن المعطيات والظروف التي واجهتها هذه الأبنية وغيرها كانت سببا في بقاء هذه المباني أطلالا شاهدة على عراقة ما قدمته في مسيرة التعليم، إلا أن من المؤلم حقا أن تظل هذه المدارس العريقة في حالة يرثى لها، لتواجه خطر الاندثار بفعل الطبيعة، والانهيار بفعل الإهمال وغياب الاهتمام، ولتصبح خطرا يهدد البيئة وحياة الناس في بيئات موحشة أصبحت مأوى للحيوانات السائبة والأفاعي والحشرات الضارة وتراكم الأوساخ والقاذورات أو أماكن مهجورة لاستخدامها من قبل الأيدي الوافدة والسائبة غير المرخصة أو غير ذلك مما بات يعكس صورة غير حضارية لبيئات العلم والتي كانت حاضرة المعرفة، ومنارات العلوم، وشكلت رمزا للقوة والنهضة والمبادئ وإشراقة النور وميلاد الأمل وإنتاج البشر وصناعة الإنسان، لتصبح أماكن مهجورة، وبيئات مفزعة غير مريحة، وأطلال تبكي عليها الأزمان.
عليه فإن أهمية وخطورة الوضع الذي باتت تشكله هذه المباني على الصحة العامة والبيئة والسكان، يستدعي اليوم تكاتف الجهود في إيجاد معالجات حكيمة لهذا الملف، وفق سياسات وطنية تحافظ على مكانة بيئات العلم، وتعيد إنتاجها وفق طبيعة الظروف والمتغيرات، وتوجه فرص الاستثمار لها أو إعادة تأهيلها بحسب كفاءة هذه المباني، ويبقى على وزارة التربية والتعليم ووزارة المالية والجهات ذات الصلة بالعمل على تبني سياسات تشغيلية وتطويرية لهذه البيئات، آخذة في الاعتبار معطيات الموقع الإستراتيجي والآلية التي يمكن الاستفادة منها والمنشأة التي يمكن بناؤها على هذه الأراضي بعد إزالة هذه المباني المتهالكة والفرص المتحققة منها، والتوسع في الخيارات والبدائل التي تتيح الاستفادة من هذه المدارس وبشكل خاص تلك التي تحتضن موقعا اقتصاديا واستثماريا مهما، أو ما زالت المناطق حولها تعج بالسكن والحياة والنشاط والأنشطة الاقتصادية، ذلك أن بعض هذه المباني المدرسية تقع في مواقع إستراتيجية في وسط المدن، وفي بيئة إسكانية أو تجارية تعج بالحياة وفرص التطوير والتجديد وتشهد العديد من الاستثمارات في الأراضي التجارية والأنشطة الاقتصادية، بينما تعكس حال بيئات التعليم أشباحا وأطلالا تبكي عليها النفس ويدمي لها القلب، خاصة في ظل انتشارها في كل ولايات السلطنة ومحافظاتها، ولو تتبعنا الأمر لوجدنا أن في المحافظة الواحد ما يربو على مدرستين أو ثلاث أو أكثر بهذا الحال من الإهمال، يضاف إلى المدارس العريقة التي واجهت نظام الإحلال مواقع الإدارات التعليمية بالمحافظات والمخازن حتى فترات سابقة قبل أن تنتقل إلى مواقع ومناطق إسكان أخرى، والسكنات الداخلية للطلبة والطالبات الملحة ببعض المدارس في الولايات وكذلك مباني سكنات المعلمين والمعلمات المنتشرة في العديد من المدارس في مختلف ولايات سلطنة عمان ومحافظاتها، كل هذه المباني وغيرها مما لا يسع المجال لذكره، شاهد إثبات على حالة الإهمال التي تواجهها منشآت وزارة التربية والتعليم التي واجهها نظام الإحلال أو التي انتفى الغرض من استخدامها أو تم الانتقال منها إلى المباني الجديدة، وهي تتعرض بشكل يومي إلى مخاطر الاندثار حتى أصبحت بيئات موحشة بعد أن كانت تعج بالحياة ونهل العلم، كما أصبحت مصدر قلق لسكان الأحياء السكنية المحيطة بهذه الأبنية، وإن مما لا يقبله المنطق الحسن والذوق السليم والشعور الراقي والمزاج العام أن تظل هذه المباني التعليمية على حالها، ظاهرة للعيان في مظهرها غير السار للناظرين بما يحيط بها من صور الإهمال الذي تواجهه، ودون أن يكون لها نصيبا من الاهتمام والنظافة والرقابة والمتابعة وتصحيح أوضاعها وقد مضى على إحلالها سنوات طويلة، في صمت مخيف بات يفصح عن سوء إدارة أو استثمار لهذه المباني، الأمر الذي يدعو إلى الخروج من نمطية التفكير بعرضها إلى المنافسة والاستثمار، أو استخدام مواقعها في تعزيز التوجهات الوطنية الساعية إلى تطبيق التعليم التقني والمهني في التعليم المدرسي.
أخيرا يبقى التساؤل الذي يبحث عن إجابة مقنعة هو، أين دور وزارة التربية والتعليم في إعادة هندسة الاستثمار في هذه المباني عامة؟
إن الإجابة عن هذا التساؤل تدفعنا إلى الحاجة إلى فهم أعمق لما يجري في مجال الاستثمار في التعليم كأحد مستهدفات مخرجات رؤية عمان 2040 في قطاع التعليم، وكيف يمكن أن نصنع من هذه البيئات التعليمية والمباني الصالحة للاستخدام وغير المستغلة، محطة البدء في تعظيم الاستثمار في المبنى المدرسي كأحد أنواع الاستثمار التعليمي؛ تساؤلات ونقاشات ومشاهد تفصح عن حالة عدم الوضوح في مسار الاستثمار التعليمي ذاته، هل لعدم وجود آلية واضحة وسياسات حكيمة في استغلال هذه المباني والبيئات أو مواقع المدارس؟، أم هل مستوى الصلاحيات الممنوحة لوزارة التربية والتعليم في حق التصرف في الممتلكات الثابتة لديها ما زال يواجه كومة التعقيدات والعقبات؟ أم لعدم وجود الجدية الحقيقية للانتقال بمفهوم الاستثمار التعليمي إلى الواقع؟ تساؤلات ونقاشات تؤكد اليوم على أهمية معالجة هذا الملف والوقوف على هذه الأطلال، وطرح ملف المدارس العريقة أو مدارس الإحلال وغيرها من مباني وزارة التربية والتعليم غير المستغلة حاليا رغم كفاءتها وجاهزيتها للاستخدام بعد الترميم والصيانة، للاستثمار بما يتناغم مع طبيعة الموقع والظروف والفئات المستفيدة، وغيرها مما يمكن أن يعيد الصورة الإيجابية لتلك البيئات التعليمية والمباني، ويقدم لها في ظل مرحلة جديدة محطة تجديدية، خيوط اتصال يربط ماضيها العريق بمستقبلها المشرق مركز إشعاع حضاري اقتصادي مع الفارق.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: وزارة التربیة والتعلیم التعلیم الأساسی الاستثمار فی هذه المبانی سلطنة عمان المدارس فی التعلیم فی فی التعلیم
إقرأ أيضاً:
«التربية» و«التعليم العالي» تلغيان اختبار «الإمسات» لطلبة الـ12
دبي: أمير السني ومحمد الماحي
أعلنت وزارة «التربية والتعليم» و«وزارة التعليم العالي والبحث العلمي» عن إلغاء اختبار الإمارات القياسي «الإمسات» لطلبة الصف الثاني عشر بدءاً من أمس الأحد، ومنح الجامعات مرونة أكبر في تحديد معايير القبول بحيث يمكن للجامعات استقطاب الطلبة وفق تطلعاتهم الأكاديمية والمهنية، وذلك بموافقـــة مجلــس التعليـــم والتنميـــة البشريــة والمجتــمـع.
وأكدت سارة بنت يوسف الأميري وزيرة التربية والتعليم أن الوزارة تعمل بشكل مستمر على مواءمة وتطوير سياساتها بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بما يدعم الطلبة في مسيرتهم التعليمية في مختلف مراحلهم الدراسية سواءً في مرحلة التعليم العام أو العالي، وذلك عبر اتخاذ القرارات الكفيلة بمعالجة أية إجراءات بما يضمن جودة ومرونة مخرجات المنظومة التعليمية الوطنية.
لفتت سارة الأميري في هذا السياق إلى اهتمام الوزارة بتطوير ودعم مهارات الطلبة في مختلف المواد الدراسية والعمل على تنميتها وقياسها بشكل دقيق وذلك من خلال منظومة قياس أداء الطلبة التي قامت الوزارة بتحديثها مؤخراً، والتي من خلالها ستتمكن الوزارة من التعرّف إلى المستوى الحقيقي لمهارات الطلبة والارتقاء بها وفق منهجية مدروسة تتيح حيزاً كبيراً لقياس مهاراتهم وصقلها بالشكل الأمثل.
وبيّنت أنه وبموجب القرار وبالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لن يتم اشتراط الاختبار كجزء من معايير قبول طلبة الصف الثاني عشر في مرحلة التعليم العالي، والاكتفاء بتلبية متطلبات مؤسسات التعليم العالي وما تضعه من شروط في ما يخص قبول الطلبة فيها.
من ناحيته أكد الدكتور عبد الرحمن العور، وزير الموارد البشرية والتوطين، وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالإنابة على رؤية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الهادفة إلى زيادة فرص التحاق الطلبة بالتعليم العالي بحيث تتاح إمكانية الانضمام لكل طالب من خريجي الصف الثاني عشر إلى برامج البكالوريوس أو الدبلوم العالي أو الدبلوم أو برامج شهادات المهارات للمساهمة بإعدادهم لسوق العمل بطريقة مناسبة.
وأوضح أن الرؤية الجديدة ستمنح الجامعات مرونة أكبر في تحديد معايير القبول بحيث يمكن للجامعات استقطاب الطلبة الذين لم يحققوا شرط اللغة الإنجليزية من خلال تسجيلهم في مساقات تؤهلهم للوصول للكفاءة المطلوبة.
ولفت إلى أن شروط القبول في التخصصات الطبية والهندسية ستركز بشكل أكبر على درجة المواد العلمية المرتبطة بالتخصص عوضاً عن التركيز على النسبة الإجمالية للصف الثاني عشر، منوهاً إلى أن مقترحات تطوير معايير قبول الطلبة في الجامعات تهدف إلى توفير مسارات أكاديمية متنوعة تناسب مع إمكانات الطلبة وترتبط بذات الوقت باحتياجات سوق العمل.
وبيّن أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التربية والتعليم تعملان على تحقيق المرونة في مختلف سياساتهما التعليمية واشتراطاتها لاستقبال الطلبة في مساراتهم التعليمية والأكاديمية المتنوعة، إلى جانب فتح آفاق التميز والريادة أمام الطلبة بما يلبي طموحاتهم المستقبلية ومستهدفات دولة الإمارات في كوادرها البشرية المتسلحة بأفضل المعارف والمهارات.
ودعت الوزارتان الطلبة وأولياء الأمور إلى ضرورة التعرف إلى اشتراطات القبول الخاصة بكل جامعة وبحسب التخصص الدراسي الذي يرغب الطالب في دراسته، من خلال التواصل المباشر مع مؤسسات التعليم العالي المعنية، وتلبية تلك المتطلبات وفق القواعد والنظم المطبقة موضحةً أن إلغاء الاختبار لن يؤثر في متطلبات معادلة شهادات مناهج المدارس الخاصة سوى تلك التابعة للمنهاج الأمريكي، حيث يجب على الطلبة في هذا المنهاج التسجيل لتقديم الاختبارات المعيارية البديلة لاختبار الإمسات مثل اختبار السات (SAT) لمادة الرياضيات والتوفل (TOEFL) لمادة اللغة الإنجليزية، وغيرها من متطلبات ذات الصلة بالقبول.
وأكدت وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن هذه الخطوة جاءت لتلبي تطلعات القيادة والمجتمع من قطاع التعليم، وأهمية دوره في تطوير منظومة إيجابية تحول التحديات إلى فرص وتفتح المجال أمام الطلبة ليكتسبوا المهارات والقدرات التي تمكنهم من المساهمة في بناء مستقبل الوطن وازدهاره.
وعبر عدد من الطلاب عن ارتياحهم لقرار وزارة التربية والتعليم إلغاء اختبار «الإمسات» لطلبة الصف الثاني عشر وقالوا إن إلغاءه يتيح الفرصة لهم للتركيز على المواد التي يختارونها دون تقييد.
واجمعوا على أن القرار، سيخفف القيود على شروط القبول في الجامعات، ويعتبر قراراً صائباً ومهماً سيساعد الطلبة على مواصلة دراستهم الجامعية دون تعطل.
وقال الطالب ناصر محمود في الصف الثاني عشر المسار: إن اختبار «إمسات» يعتبر مصدر قلق له منذ انتقاله لمرحلة ما قبل الجامعة، وخاصة إنه يغطي مواد دراسية مهمة ويتطلب استعداداً كبيراً، وبذل جهد وسهر الليالي، كما يعتبر عاملاً نفسياً يؤثر في مزاجيته، ويمكنه من التركيز على المواد الصعبة دون أن يكون هناك سيف مسلط على رقبته.
من جانبه قال الطالب ياسر عبد الملك: إن إلغاء الاختبار يمهد له الدخول للجامعة دون خوف، حيث كان في السابق يواجه ضغوطاً نفسية في تحديد مساره، لأن دخول تخصصات محددة في الجامعات التي تتطلب مواد الرياضيات والانجليزي والعلوم، تتطلب الخضوع للاختبار وقرار الإلغاء يساعده على تحديد مستقبله التعليمي.
وعبرت الطالبة جنى طارق عن فرحتها بإلغاء الاختبار.
فيما قالت الطالبة سحر محسن: إن الاختبار كان يشكل عبئاً كبيراً عليها وعلى والديها، فقد اضطر والدها لجلب مدرس خصوصي لمساعدتها في شرح المواد المتعلقة بالاختبار.
وأوضحت الطالبة آية محمد أن الاختبار جعل التنافس داخل الفصل الدراسي محموماً، بسبب الاختبار وبات أمراً يشبه التفاخر أكثر من كونه اختباراً حقيقياً، وبسببه فقدت شهوة التحصيل العلمي وصرت أبذل جهداً ذهنياً من أجل الحصول على أعلى درجة، وخوفا من أن تتفوق عليّ زميلاتي.
وأكد الطالب حسام الحاج أن اختبار «إمسات» بات يؤثر في نومه، بسبب الضغط الذي يسببه له، فقد اضطر إلى جمع زملائه الطلاب في منزله للدراسة ليساعد بعضهم بعضاً.
ويقول الطالب سعيد الحمادي، إن خطوة إلغاء الامتحان، توضح أن الطلبة يمثلون أولوية لدى الوزارة والتي تحرص على تذليل أي صعوبات يمكن أن تعترض الطلبة الراغبين في استكمال الدراسة الجامعية، كما أن القرار خفف من القيود التي كانت تشكل عائقاً أمام الكثير من الطلبة في عملية التحاقهم بالجامعات ومؤسسات التعليم العالي، الأمر الذي يقتضي من الجامعات الاستعداد لإعادة النظر في شروط القبول.
واتفق الطالب راشد الزرعوني مع ما سبق وأضاف إليه:«أن القرار أتى في صالح الطلبة الذين تعثروا في الحصول على «الإمسات»، والذين كان يتم قبولهم في الجامعات بشرط الحصول عليه خلال فصل دراسي أو حد أقصى فصلين دراسيين وإلا لن يتمكنوا من إكمال الدراسة الجامعية».
ويرى الطالب يوسف علي، أن وجود «إمسات» في العملية التعليمية مضر بها ولا يصب في تطورها، لأنه يندرج في مفهوم اعتماد الدراسة من أجل الدرجات، وليس من أجل التحصيل العلمي، وهذا المفهوم يخرج الطلبة إلى سوق العمل وهم غير متطورين ومواكبين له.
ويقول الطالب حمد عبدالله الكعبي: من الطبيعي أن تسعى وزارة التربية والتعليم إلى وضع أفضل المعايير التي تضمن توظيف أفضل الكفاءات في مؤسسات وأجهزة الدولة، وهو أمر لا يمكن الخلاف عليه أو الاختلاف فيه، لكن في الوقت ذاته يجب ألّا تكون هذه المعايير والاشتراطات موحّدة وتتسم بالجمود، بل يجب أن تتسم بالمرونة، لتتناسب مع طبيعة ونوع التخصص على كل حدة».
تحديث متطلبات خدمة معادلة الشهادات
حدثت وزارة التربية والتعليم متطلبات خدمة معادلة شهادات طلبة المدارس الخاصة بعد إلغاء اختبار «الإمسات» لطلبة الصف الثاني عشر وفق عدة اشتراطات منها طلب الشهادة الدراسية لآخر ثلاث سنوات دراسية وإلزامية دراسة اللغة العربية للطلبة من الجنسية العربية للسنوات الدراسية الثلاث الأخيرة، وكذلك إلزامية دراسة مادة الدراسات الإسلامية آخر ثلاث سنوات للطلبة المسلمين في المدارس الخاصة وذلك انسجاماً مع توجهات الدولة في تعزيز مكانة اللغة العربية وترسيخاً للقيم الدينية السمحة، مؤكدةً على ضرورة مراجعة طلبة المدارس الخاصة متطلبات المعادلة بما يتماشى مع المناهج الدراسية الخاصة بكل منهم.