قال الدكتور حجازي فارس إمام وخطيب مسجد سيدي عبد الرحيم القنائي، لقد ابْتُلِيَت الأمة بنَكبات كثيرة على مَرِّ الدهور والأزمان حتى يومنا هذا، وأشد أنواع النكبات التي قد تُبتلى بها الأمة أن يتسرَّب اليأس إلى القلوب، وتتفرغ القلوب من الأمل واليقين، فيتخلص المرء من حياته عن طريق الانتحار، ولقد ظهر في الآونة الأخيرة في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية جريمة تُعَد من أبشع الجرائم على الإطلاق، وهي جريمة الانتحار

التبرم من الحياة 

وأضاف فارس، لقد  أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن التبرم من الحياة وتمني الخلاص من الدنيا سيكثر في آخر هذا الزمان، فقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان: “لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه” وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم، فها هي معدلات عمليات الانتحار في زيادة مطردة.

وأوضح أن الانتحار قرار بالاستقالة من الحياة كلها، وانسحاب من الدنيا على اتساعها، وضيق بالدنيا  وأهلها، ولئن حرم الإسلام الانتحار فإنه مع ذلك حرم الأسباب المفضية إليه، فقد كره النبي صلى الله عليه وسلم للمرء مجرد أن يتمنى الخلاص من الحياة، ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لابد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي” متفق عليه.

على الرغم من ثبوت الصلة بين الانتحار والاضطرابات النفسية (خاصة الاكتئاب والاضطرابات الناجمة عن تعاطي الكحول) في البلدان المرتفعة الدخل، فإن كثيرا حالات الانتحار تحدث باندفاع في لحظات الأزمة عندما تنهار قدرة المرء على التعامل مع ضغوط الحياة، مثل المشاكل المالية، أو الانفصال أو الطلاق أو الآلام والأمراض المزمنة.

دعاء الامتحان| أشهر الأدعية للتوفيق والسداد لطلاب الثانوية

صلة قوية بين النزاعات

وبالإضافة إلى ذلك، ثمة صلة قوية بين النزاعات والكوارث والعنف وسوء المعاملة أو فقد الأحبة والشعور بالعزلة بالسلوك الانتحاري. وترتفع معدلات الانتحار كذلك بين الفئات الضعيفة

وقال إن حوالي 35% من حالات الانتحار ترجع إلى أمراض نفسية وعقلية؛ كالاكتئاب، والفصام، والإدمان، و65% يرجع إلى عوامل متعددة؛ مثل: التربية، وثقافة المجتمع، والمشاكل الأُسرية أو العاطفية، والفشل الدراسي، والآلام والأمراض الجسمية، أو تجنُّب العار، أو الإيمان بفكرة أو مبدأ مثل القيام بالانتحار.

وقديما قال المنفلوطي: ” الانتحار منتهى ما تصل إليه النفس من الجبن والخور، وما يصل إليه العقل من الاضطراب والخبل، وأحسب أن الإنسان لا يقدم على الانتحار، وفي رأسه ذرة من العقل والشعور”

لقد نهى القرآن عن الانتحار، فجاء فيه: ” وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء/29] وقد استشهد أحد الصحابة بالآية على تحريم قتل النفس بمحضر النبي صلى الله عليه وسلم فأقره ، ففي سنن أبي داود أن عمرو بن العاص رضي الله عنه تيمم في يوم شديد البرد ولم يغتسل، وذلك في غزوة ذات السلاسل وصلى بالناس، وبلغ ذلك رسول الله، فسأله وقال: يا رسول الله إن الله يقول: ولا تقتلوا أنفسكم”

حديث شاهد

وأردف فارس، أنه ورد حديث يفيد أن المنتحر ربما غفر الله له، وذلك ما رواه مسلم روى مسلم من حديث جابر قال {لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو وهاجر معه رجل من قومه فاجتووا المدينة فمرض فجزع، فأخذ مشاقص فقطع بها براجمه فشخبت يداه حتى مات، فرآه الطفيل بن عمرو في منامه وهيئته حسنة،  ورآه مغطيا يديه، فقال له: ما صنع بك ربك، قال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: ما لي أراك مغطيا يديك ؟ قال: قيل لي لن نصلح منك ما أفسدت، فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وليديه فاغفر }.

والحديث يحول دون قطع الأمل في عفو الله ومغفرته للمنتحر، ولعل ذلك يختلف باختلاف الأشخاص من حيث قوة الدافع أو شدة ذهول النفس وغمرة الغضب التي يستغلق معها العقل فيكون مثل حالة المستغلق الذي رفع الشرع عنه وقوع الطلاق، أو تحكم الاكتئاب النفسي الذي يستولي على النفس فيمنعها من المقاومة، أو يكون بحسب تاريخ الشخص من الصلاح والتقوى، أو يكون بحسب تأوله، فلعل بعضهم يكون له تأول يغفره الله له، وإن كان الفقهاء قد ذكروا أن من أقدم على الانتحار معتقدا جوازه فقد كفر؛ لأنه أنكر معلوما من الدين بالضرورة إلا أن هذه القاعدة ثبت أنها غير مضطردة، وقال، فقد رأينا من الفقهاء من يجيز الانتحار للأسيرة درءا للاغتصاب عن نفسها تقديما للعرض على النفس في الحفظ، ومنهم من أجاز للأسير قتل نفسه إن خشي أن يحصل أعداؤه على معلومات تضر بالمسلمين.

دعاء يوم التروية مستجاب.. ردد باستمرار

الغفلة عن المنتحر

وتابع:" لا يمكننا هنا أن نتغافل عن الشخص الذي يلجيء المنتحر إلى هذا القرار فإن عليه من الإثم بقدر ما على المنتحر، ورحم الله عمر بن الخطاب الذي كان يخشى أن يسأله الله عن بغلة عثرت، وهذه ليست بغلة عثرت بل نفس انتحرت!

إن العودة إلى الدين أو التدين هي أفضل وسيلة للحماية من كل الأمراض النفسية التي تعاني منها البشرية جمعاء، كما أن العودة للدين الإسلامي الحنيف هي العلاج الأفضل للحماية من هذه الأخطار التي تتهدد مجتمعاتنا وقِيَمنا".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مسجد عبد الرحيم القنائي عبد الرحيم القنائي الانتحار النبی صلى الله علیه وسلم من الحیاة رسول الله

إقرأ أيضاً:

الأوقاف تصدر بيانا بشأن وفاة إمام مسجد بمنطقة الشيخ زايد

أكدت وزارة الأوقاف أنه بالإشارة إلى ما تداولته ببعض صفحات التواصل الاجتماعي بشأن وفاة إمام مسجد باسم "مسجد حراء" أو "مسجد بدر" بمنطقة الشيخ زايد إثر سكتة قلبية حادة بعد تعرضه للإساءة من أحد الأشخاص، أنه لا يوجد مسجد بهذا الاسم من الأصل في منطقة الشيخ زايد.

كما تفيد مديرية أوقاف الجيزة بعدم تسجيل أية واقعة مشابهة بين أئمة المساجد أو خطباء المكافأة المعتمدين لديها.

وتهيب الوزارة بالسادة المواطنين تحري الدقة وعدم الانسياق وراء الأخبار المختلقة التي تهدف إلى إثارة العواطف أو البلبلة لما ينطوي عليه ذلك من تضليل المعلوماتي - سواءً أكان مقصودًا أو عن طريق التعاطف؛ كما تهيب بالجميع التحلي بالصدق الذي هو أمر شرعي وفضيلة أخلاقية.

حفظ الله جميع منسوبي الوزارة، وحفظ بلادنا من كل مكروه وسوء، ووفقنا جميعًا إلى تحري الصدق والتثبّت.

مقالات مشابهة

  • حكم قتل القطط والكلاب الضالة المؤذية
  • متحدث الأوقاف: مسألة افتتاح المساجد الجديدة أصبحت سُنة أسبوعية
  • وزارة الأوقاف تنشر بيانا حول وفاة إمام مسجد بالشيخ زايد
  • الأوقاف تصدر بيانا بشأن وفاة إمام مسجد بمنطقة الشيخ زايد
  • بسبب الإساءة إليه .. الأوقاف تنفي وفاة إمام مسجد بالشيخ زايد
  • الإفتاء: من المستحب زيارة الأقارب والأرحام والأصدقاء
  • الإفتاء تكشف عن سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
  • حقوق الطفل في الإسلام.. الإفتاء توضح
  • أوقاف الفيوم تختتم فعاليات الأسبوع الثقافي في 17 مسجدًا
  • من أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلّم