مشروع عسكري أميركي لحماية الأقمار الاصطناعية من الهجمات السيبرانية
تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT
في عصرٍ يمتد فيه ميدان القتال إلى ما وراء الغلاف الجوي للأرض، تسعى الولايات المتحدة إلى تنفيذ مشروع عسكري جديد يهدف إلى حماية أقمارها الاصطناعية من الهجمات السيبرانية.
وإدراكا منها لحجم التهديدات الحالية، أطلقت وزارة الدفاع الأميركية مبادرة جديدة أطلقت عليها اسم "الاحتياطي الفضائي التجاري الموسع" (Commercial Augmentation Space Reserve)، بهدف تعزيز عمليات الفضاء العسكرية عبر التعاون مع القطاع الخاص لدمج المعدات والأجهزة والتقنيات التجارية في أنظمة الأقمار الاصطناعية، مما يعكس أهمية الفضاء المتزايدة واعتبارها ضمن البنية التحتية الحيوية للعالم حاليا، كما أشار تقرير في موقع "ذا كونفرسيشن".
مع تصاعد أهمية الفضاء في العمليات العسكرية، تزداد خطورة الهجمات السيبرانية على الأقمار الاصطناعية حاليا، فقد تتمكن بعض الدول من تعطيل أو التشويش على الأقمار الاصطناعية التي يستفيد منها الجيش الأميركي في عمليات التجسس أو أقمار الاتصالات العسكرية، أو حتى التأثير على المركبات الفضائية التجارية، مما يعني تهديدا مباشرا للأمن القومي الأميركي.
تأتي خطورة التهديدات السيبرانية في الفضاء من إمكانية تنفيذها عن بُعد وبسرية تامة، على عكس الهجمات التقليدية التي قد تترك وراءها أدلة واضحة؛ يمكن تصميم الهجمات السيبرانية لتجنب الكشف الفوري عن منفذيها، مما يسهل على أعداء الولايات المتحدة إلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية الحيوية للبلاد.
على سبيل المثال، قد يؤدي هجوم سيبراني ناجح على أحد الأقمار الاصطناعية العسكرية إلى اختراق الاتصالات الحساسة والسرية للجيش، أو النجاح في التشويش على إشارات أنظمة "جي بي إس"، أو تعطيل أنظمة الإنذار الصاروخي، مما قد يؤدي إلى عواقب كارثية، كما يوضح التقرير.
وفي عام 2022، مع بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، استهدفت واحدة من أوائل الهجمات السيبرانية وأكبرها شركة "فياسات" (Viasat)، وهي شركة أميركية للاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، كان يستخدمها الجيش الأوكراني والمدنيون، وعُرف الهجوم حينها باسم "أسيد رين" (AcidRain)، واستهدف أجهزة المودم الخاصة بالشركة، وتسبب في خسائر ضخمة في الاتصالات في بداية الحرب، لكن الأضرار لم تتوقف عند أوكرانيا، بل إن الهجوم تسبب في قطع الاتصالات عن المواطنين الذين يستخدمون اتصالات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية في معظم أرجاء القارة الأوروبية.
لذا كانت تلك الهجمة تحذيرا واضحا بالحاجة الملحة لمواجهة مثل هذه الثغرات. إذ أبرز هذا الهجوم السيبراني على شركة "فياسات" سهولة وانخفاض تكلفة الهجمات السيبرانية مقارنة بالأسلحة المعتادة التي يمكن استخدامها لضرب الأقمار الاصطناعية.
وتؤكد مثل تلك الهجمات على الحاجة الملحة لاتباع تدابير صارمة للأمن السيبراني في مجال الفضاء، لأنه تاريخيا لم يكن الأمن السيبراني أولوية قصوى في هذه الصناعة الضخمة، مما أدى إلى خلق فجوات واختلافات واضحة في المتطلبات السيبرانية بين الدول المختلفة، كما يذكر التقرير.
تسعى المبادرة الجديدة إلى معالجة تلك الفجوات عبر تعزيز التوافق بين المعايير العسكرية والتجارية. وتؤكد على أهمية وضع إطار موحد للأمن السيبراني يتماشى مع المعايير العسكرية والتجارية، وهو ما يشمل وضع إرشادات مشتركة، وتحديد أفضل الممارسات اللازمة، وتنفيذ برامج تدريب مشتركة لضمان تجهيز الأطراف المعنية للتعامل مع تلك التحديات الخاصة بالأمن السيبراني في الفضاء.
مع بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، استهدفت واحدة من أوائل الهجمات السيبرانية وأكبرها شركة "فياسات" (الجزيرة) محاولة لسد الثغراتتمثل المبادرة الجديدة شراكة إستراتيجية بين الجيش الأميركي وصناعة الفضاء التجارية، وتهدف إلى تعزيز الأمن السيبراني للأقمار الاصطناعية العسكرية من خلال دمج التقنيات التجارية المتطورة مع أنظمة الجيش الأميركي. تتجاوز هذه الشراكة العلاقة المعتادة بين الحكومة والمقاولين التقليديين ممن تتعامل معهم وزارة الدفاع في هذا المجال.
لذا يتمثل أحد الأهداف الرئيسية للمبادرة في تحول الجيش الأميركي من الاعتماد على مجموعة محدودة من الموردين إلى طيف أوسع من الشركاء التجاريين.
كما يشير التقرير إلى أن دمج تلك الأجهزة التجارية داخل الأنظمة العسكرية قد يأتي ببعض التحديات، فرغم أن التكنولوجيا التجارية تتفوق على الإمكانات الحكومية، فإنها تأتي بثغرات جديدة. لذا يجب على وزارة الدفاع تقييم تلك المخاطر بعناية والتأكد من عدم الاعتماد المفرط على أي شركة بعينها بهدف تقليل التهديدات المحتملة. وربما يواجه بعض الموردين التجاريين صعوبة في تلبية متطلبات العقود العسكرية الضخمة أو يواجهون عدم استقرار مالي، مما قد يؤثر على عمليات توريد المكونات الحيوية لتلك الأجهزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الهجمات السیبرانیة الأقمار الاصطناعیة الجیش الأمیرکی
إقرأ أيضاً:
من الدفاع إلى الهجوم: تحوّل استراتيجية صنعاء العسكرية وتأثيرها على توازن القوى
يمانيون – متابعات
تشهد الساحة الإقليمية تصعيدًا ملحوظًا في الصراع المسلح، مع تزايد وتيرة الهجمات التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية ضد أهداف عسكرية واقتصادية حيوية تابعة للقوات الأمريكية والبريطانية وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقد أظهرت الأحداث الأخيرة، ولا سيما الهجمات التي استهدفت سفنًا حربية أمريكية في مضيق باب المندب يوم أمس، تطوراً ملحوظاً في قدرات صنعاء العسكرية، مما يطرح تساؤلات حول الأسباب وراء هذا التطور.
تطور قدرات صنعاء العسكرية:
– التسليح المتطور: تشير الهجمات الأخيرة إلى تطوير أسلحة متطورة، مثل الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، التي تمكنها من تهديد أهداف بعيدة المدى، بما في ذلك السفن الحربية والبوارج وحاملات الطائرات.
– الدقة المتزايدة: أظهرت الهجمات دقة متزايدة في الاستهداف، مما يشير إلى تطور قدرات الاستخبارات والمراقبة لدى صنعاء، بالإضافة إلى تدريب عالي المستوى للقوات المسلحة اليمنية .
– التنوع التكتيكي: تنوعت أساليب الهجوم التي لجأت إليها صنعاء، حيث شملت استهداف السفن الحربية، والقواعد العسكرية، والمنشآت النفطية، مما يدل على تخطيط عسكري متقن ودقيق.
– القدرة على الصمود: استطاعت صنعاء الصمود في وجه الحملة العسكرية التي تقودها السعودية والإمارات سابقًا، رغم الحصار المفروض عليها، مما يدل على قوة إرادتها وقدرتها على التكيف مع الظروف الصعبة، كما استطاعت الصمود في وجه الحملة الأمريكية ـ البريطانية الجديدة.
ما هي أسباب ودوافع تطور قدرات قوات صنعاء:
– الحصار المفروض: أدى الحصار المفروض على اليمن إلى دفع صنعاء إلى تطوير قدراتها الذاتية في مجال الصناعات العسكرية وتصنيع الأسلحة البدائية.
– الرغبة في فرض واقع جديد: فرضت صنعاء واقعاً جديداً على الأرض، من خلال إظهار قوتها العسكرية وإجبار الأطراف الدولية والإقليمية المعادية لليمن على التفاوض معهم من موقع قوة.
ثار تطور قدرات القوات المسلحة اليمنية:
– تصعيد الهجمات: من المتوقع أن يؤدي تطور قدرات صنعاء إلى زيادة وتيرة الهجمات على الأهداف العسكرية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية في البحار.
– منع السفن المرتبطة بإسرائيل: تشكل الهجمات على السفن الحربية تطوراً نوعياً في البحر الأحمر وباب المندب، مما أدى إلى منع السفن الإسرائيلية من المرور.
– تغيير موازين القوى في المنطقة: قد يؤدي تطور قدرات صنعاء إلى تغيير موازين القوى في المنطقة، وزيادة نفوذ اليمن وهيمنته على الممرات البحرية.
—————————————–
– عرب جورنال – عبدالرازق علي