الغاز الصخري الأميركي.. هل يساعد في حل أزمة مصر؟
تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT
يسعى تحالف شركات خاصة في مصر إلى استيراد الغاز الصخري الأميركي من أجل المساهمة في معالجة أزمة نقص إمدادات الغاز الطبيعي التي تواجهها البلاد.
وقال المحلل الاقتصادي المصري، علاء عبد الحليم، لموقع الحرة إن الخطوة تهدف إلى تجنب خسائر وقف عمل هذه الشركات لعدم توفر الغاز نتيجة شح الدولار.
والتحالف، الذي يضم 5 شركات مصرية، أعلن، الاثنين، عزمه تأسيس شركة جديدة بهدف استيراد الغاز الصخري من الولايات المتحدة، مع نقص إمدادات الغاز الطبيعي التي تؤثر على قطاعي الكهرباء والصناعة.
وقالت شركة "سيدي كرير" للبتروكيماويات "سيدبك" في بيان للبورصة المصرية، إنها تخطط من خلال تحالف يضم أطراف عدة لاستيراد غاز الإيثان السائل "الغاز الصخري الأميركي"، بعد الحصول على موافقة أطراف التحالف.
وأضافت الشركة أنه بعد موافقة أطراف التحالف "سيتم البدء في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء شركة خاصة بالمشروع، خلال العام الجاري".
وتعاني مصر منذ الصيف الماضي من أزمة في إنتاج الكهرباء، دفعت وزارة البترول والثروة المعدنية إلى اتخاذ قرار بوقف صادرات الغاز الطبيعي المسال اعتبارا من مايو 2024.
وتقوم الحكومة المصرية بقطع الكهرباء بانتظام منذ نحو عام بسبب أزمة الطاقة المصحوبة بشح في العملات الأجنبية، مما أدى إلى عدم توافر الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء.
وكانت فترات الانقطاع في البداية تصل إلى ساعة واحدة وأحيانا أقل، لكن مع زيادة الفترة في ظل موجات متتالية من الحر الشديد، ارتفعت وتيرة الانتقادات الموجهة للحكومة المصرية، خاصة أن الإجراءات الهادفة إلى خفض استهلاك الوقود، ليست على المستوى نفسه في كل أنحاء البلاد.
وألقى مسؤولون، وفق وكالة رويترز، باللوم في انقطاع التيار الكهربائي على ارتفاع الطلب مع تزايد عدد السكان البالغ 106 ملايين نسمة والتوسع في مشروعات التنمية.
وأكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن مصر ستحتاج إلى استيراد ما قيمته نحو 1.18 مليار دولار من زيت الوقود والغاز الطبيعي من أجل التخفيف من انقطاع التيار الكهربائي، وأنها تهدف إلى وقف قطع الكهرباء خلال أشهر الصيف المتبقية.
وتأتي خطوة التحالف بعد أن أبلغت عدة شركات مصرية، من بينها "سيدبك" التي تشارك في التحالف، عن توقف العمل بمصانعها خلال الأسابيع الماضية، إثر انقطاع التيار الكهربائي وتراجع إمدادات الغاز الطبيعي.
وكانت مصر أعلنت في عام 2018 تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، خصوصا مع بدء الإنتاج من حقل "ظهر"، حيث صدرت بعد ذلك بثلاث سنوات، وفق وسائل إعلام محلية، أول شحنة غاز مسال إلى أوروبا بعد توقف دام 8 أعوام.
لكن خلال السنوات القليلة الماضية، تراجع إنتاج مصر اليومي من الغاز الطبيعي.
ويقول عبد الحليم لموقع الحرة إن التحالف "يضم شركات مصرية وعالمية هامة للغاية وجميعها تعمل في مجال التصدير وعندها حصيلة دولارات جيدة".
ويعتقد أن هذه الخطوة تهدف إلى تجنب وقف التشغيل نتيجة شح الغز بسبب نقص الدولار، وهو ما يجنب الشركات خسارة كبيرة يومية نتيجة عدم توفير متطلبات عملائها، وكذلك يجنبها تراجع أسعار أسهمها في البورصة.
والغاز الصخري جعل الولايات المتحدة أكبر منتج للغاز في العالم، وهو غاز طبيعي يتم استخراجه بطرق غير تقليدية من الطبقات الصخرية، وفق خبير شؤون الطاقة الأردني، عامر الشوبكي الذي تحدث لموقع الحرة.
ويشير الشوبكي إلى حدوث اختراق علمي في الولايات المتحدة في نهاية سبعينيات القرن الماضي، عن طريق الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي، سمح باستخراج كميات من الغاز كان من غير الممكن استخراجها بهذه الكميات.
وانتشرت هذه التكنولوجيا في العديد من الدول العالم بعد ذلك.
ويتم تسييل الغاز عبر تبريده إلى درجات حرارة منخفضة جدا تصل إلى سالب 160 درجة، ويتم نقله عبر سفن مخصصة لهذه الغاية.
وما يميز الغاز الصخري الأميركي أن أسعاره أقل بكثير من مثيلاتها في السوق الأوروبية، والأسيوية ممثلة في كوريا الجنوبية واليابان، وفق الشوبكي.
وتقاس كمية الغاز الطبيعي بوحدة حرارية تسمى "أم أم بي تي يو"، ويتراوح سعر الوحدة بين الدولارين ودولارين ونصف الدولار في الولايات المتحدة. وفي أوروبا 10 دولارات، وفي آسيا يصل إلى 11 دولارا.
ومصر بحاجة إلى الغاز نتيجة ظرفين مهمين مرتبطين ببعضهما، هما الطلب المتزايد على الغاز، ونقص موارد الغاز سواء من الناتج المحلي أو المستورد من إسرائيل.
ومصر تستهلك قرابة 6.1 مليار قدم مكعب من الغاز يوميا، منها 5 مليار مكعب تنتج محليا و1.1 مليار مستوردة من إسرائيل. والكميات المستوردة من إسرائيل شهت تذبذبا وانخفضت إلى ما بين 700 إلى 900 مليون متر مكعب، من أكثر مليار و100 مكعب، وفق الشوبكي.
ويتناقص الإنتاج المحلي بسبب مشكلات فنية في حقل "ظهر" ومصادر أخرى، بالإضافة إلى زيادة الاستهلاك المحلي.
ويعود تراجع الكميات المستورة من إسرائيل إلى أسباب من بينها زيادة الطب المحلي وتعطيلات منصات الغاز في إسرائيل خاصة في حقل تمار الذي توقف لأسابيع بعد السابع من أكتوبر.
ويشير الشوبكي إلى ضعف استثمارت وإدارة الحقول في مصر نتيجة نقص السيولة، مشيرا إلى مستحقات بمبالغ كبيرة على الحكومة المصرية للشركات المستثمرة، في حين تدفع الحكومة مستحقاتها مرة واحدة بل في أقساط .
ويؤثر ضعف السيولة على الشركات وعلى عدم قدرتها على تنمية استثماراتها وحفر حقول جديدة.
وتحتاج مصر حوالي 300 مليون دولارا شهريا لتعويض النقص سواء في الناتج المحلي أو المستورد لذلك لجأت إلى القطع المبرمج للكهرباء، وفق الشوبكي.
وهذا يضاعف الأعباء على مصر ويعمق أزمتها الاقتصادية لأنه يؤثر على مصانع تستخدم الغاز بكثافة، مثل مصانع الإسمنت وصهر الحديد والأسمدة.
وبعض هذه المصانع توقفت مما يؤثر على الإنتاج الصناعي واحتياطات مصر من العملات الأجنبية إذا كانت هذه المصانع مصدرة، وفق الشوبكي.
وحاجة مصر للاستيراد من الخارج تضغط على احتيطاتها من العملات الأجنبية، خاصة أن استراد الغاز الطبيعي المسال يحتاج إلى تكاليف، ويشر الشوبكي إلى استخدام سفينة عائمة في العين السخنة في مصر المطلة على البحر الأحمر لتخزين الغاز وتسييله. وهناك مشاركة مصرية أيضا مع الحكومة الأردنية في سفينة عائمة في ميناء العقبة.
ويلفت عبد الحليم أيضا إلى مسألة التكاليف قائلا إن الغاز أيا كان نوعه يحتاج إلى تبريد عال لتحويله إلى سائل، ثم بعد وصوله للموانئ يتم إعادة تحويله من سائل لغاز لضخه في الأنابيب.
ويقول الشوبكي إنه لا يوجد بديل أمام مصر سوى استيراد الغاز، ومنه الأميركي، والأخير تكلفته أقل مقارنة بمصادر الغاز الأخرى.
ويضيف أن الخيارات بات محدودة أمام الشركات والحكومة المصرية من أجل استمرار العمل وتجنب حدوث مصاعب وارتدادات عكسية لهذه المصاعب.
ويستطيع الغاز الأميركي تأمين كامل حاجة مصر فعليا، فضلا عن توفير التكاليف بسبب التنافسية السعرية، حتى بالنسبة للمناطق الأقرب لمصر التي تنتج الغاز مثل قطر.
والغاز الاميركي سيكون منافسا حتى لو كان هناك تكاليف نقل وشحن أكبر، بالإضافة أن الجانب الأميركي يمكن أن يتيح الدفع بالأجل، حسب الخبير الأردني.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: انقطاع التیار الکهربائی الولایات المتحدة الغاز الطبیعی من إسرائیل من الغاز فی مصر
إقرأ أيضاً:
أزمة الغاز في عدن تدخل أسبوعها الثالث.. من المسؤول؟
تدخل أزمة الغاز المنزلي الخانقة في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن والمحافظات المجاورة أسبوعها الثالث على التوالي، وسط استمرار احتجاز ناقلات الغاز من قبل جماعات مسلحة في أبين ومأرب، وغياب تام لدور الجهات الحكومية، بالإضافة إلى احتكار التجار للكميات المتوفرة من المادة.
يأتي ذلك في ظل تأكيدات الشركة اليمنية للغاز بشأن زيادة الحصة المخصصة للمحافظات خلال شهر رمضان، وسط مطالبات متزايدة للأجهزة الأمنية والعسكرية بتحمل مسؤولياتها إزاء تفاقم الأزمة وضبط المخالفين.
وأكدت مصادر محلية، يوم الأحد 9 مارس/ شباط، أن الأزمة بلغت ذروتها، حيث ارتفع سعر الأسطوانة سعة 20 لتراً في بعض المحطات التجارية إلى 14 ألف ريال، بينما تُباع في أماكن أخرى بسعر 11,500 ريال.
وأوضحت المصادر لوكالة خبر، أن هذه الأسعار جاءت بدلاً من التسعيرة السابقة المحددة بـ7,500 ريال، في ظل غياب واضح لدور الأجهزة الأمنية والرقابية في ضبط المخالفين، خاصة مع استمرار العديد من المحطات التجارية في ممارسة الاحتكار وإغلاق أبوابها أمام المواطنين.
وأشارت إلى أن المحطات التي تواصل البيع أصبحت نادرة ومتغيرة يومياً، مما أدى إلى اصطفاف عشرات المواطنين في طوابير طويلة أمامها، إضافة إلى ازدحام المركبات التي تستخدم الغاز كوقود.
ويؤكد المواطنون أن انعدام الغاز أدى إلى ارتفاع أسعاره بشكل غير مسبوق، ما زاد من معاناة السكان، في حين يبرر سائقو المركبات ارتفاع تعرفة المواصلات بأنه أمر خارج عن إرادتهم، مؤكدين أن ارتفاع أسعار الغاز والبنزين يفرض عليهم ذلك.
السوق السوداء واحتجاز الناقلات
من جانبه، أرجع المدير العام التنفيذي لشركة الغاز، المهندس محسن بن وهيط، اضطراب السوق المحلية وانتشار السوق السوداء إلى "استمرار احتجاز مقطورات الغاز".
ودعا "بن وهيط" السلطات المحلية في محافظة أبين، ووزارتي الدفاع والداخلية، إلى التدخل العاجل والفوري للإفراج عن مقطورات الغاز المحتجزة في مديرية مودية بمحافظة أبين، من قبل جماعات مسلحة وصفها بأنها "خارجة عن إطار القانون"، وفق ما أكدته العمليات المشتركة في المحافظة.
وكانت الشركة قد أوضحت في بيان سابق أن أحد أبرز أسباب الأزمة هو تعثر وصول ناقلات الغاز بسبب الأوضاع الأمنية في محافظتي شبوة وأبين.
كما أفادت مصادر محلية أخرى بوجود قطاع قبلي مسلح في مديرية الوادي بمحافظة مأرب، يعترض ناقلات الغاز.
وفي الوقت ذاته، تحدثت مصادر محلية عن قيام مسلحين تابعين لأحد المكونات العسكرية باحتجاز أكثر من 10 ناقلات غاز في نقطة أمنية بمدخل مدينة مودية، أثناء توجهها إلى عدن.
ووفقاً للمصادر، اشترط المسلحون استعادة طقم عسكري احتجزته قوة تابعة لوزارة الداخلية مقابل الإفراج عن الناقلات.
غياب الرقابة وتصاعد الأزمة
وأعلنت شركة الغاز، يوم الخميس الماضي، تزويد محافظتي عدن وتعز خلال الأسبوع الأول من شهر مارس الجاري بعدد 140 ناقلة غاز.
وأوضحت أنها رفعت الحصة الأسبوعية لعدن من 32 مقطورة إلى 65 مقطورة، بزيادة بلغت 33 مقطورة، فيما ارتفعت حصة تعز إلى 75 مقطورة، بزيادة 39 مقطورة، في محاولة لتلبية احتياجات المواطنين.
ودعا "بن وهيط" الأجهزة الأمنية والعسكرية والسلطات المحلية إلى تفعيل دورها الرقابي على توزيع الغاز المنزلي، وضمان وصوله إلى المواطنين المستحقين، ومحاسبة المتلاعبين.
ورغم تفاقم الأزمة وتصاعد حدة الاحتجازات المسلحة والاحتكار من قبل المحطات الخاصة، وبيعها للكميات الواردة بأسعار مضاعفة، فإن الأجهزة الأمنية والرقابية لم تحرك ساكناً.
وأمام تعدد الأزمات، يجد المواطنون أنفسهم الضحية الأولى، مما يدفعهم إلى توجيه اتهامات مباشرة للحكومة بالتسبب في هذه الأوضاع أو التواطؤ في استمرارها.