حلب – أصدر المجلس المحلي في مدينة الباب بريف حلب الشمالي قرارا بفتح معبر رسمي بين مناطق سيطرة المعارضة والنظام السوري في نقطة "أبو الزندين" شمالي شرقي مدينة الباب. وذكر أنه سيتم اعتماده معبرا تجاريا، وأن هذا القرار جاء لتحسين الظروف المعيشية لأهالي المنطقة، ولتعزيز النشاط الاقتصادي وإعادة تأهيل البنية التحتية للمدينة.

وأُغلق معبر أبو الزندين يوم 17 مارس/آذار 2020 بسبب جائحة كورونا، بالإضافة لمعبري "عون الدادات" و"الحمران"، بقرار من الحكومة السورية المؤقتة، ليعود للعمل بعد ذلك مع باقي المعابر، ولكن ليس بقرار رسمي، إنما بصفة التهريب مع نقاط أخرى.

لكن الإعلان عن فتحه مجددا أثار جدلاً واسعا بحكم أن إدارة الشؤون الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في منطقة الشمال خارجة عن سيطرة النظام السوري. ولذلك، خرج العشرات في مظاهرة أمام المعبر رفضا لفتحه، ووصفوا هذه الخطوة بـ"التطبيع مع النظام".

تطبيع ومخاطر

وفي حديث خاص للجزيرة نت، قال الناشط السياسي محمد راسم قنطار إن فتح أي معبر مع النظام السوري يأخذ مسارا بثلاثة أبعاد، اقتصادي وسياسي وعاطفي. وفي قراءة البعد السياسي لفتح المعبر في هذه الفترة، قال "إنه خطوة أولى في ترسيخ اتفاقية أستانا في هذه المنطقة، وخاصة بعد تصريحات المسؤولين الأتراك".

وأضاف "نحن أبناء الثورة السورية التي خرج فيها الشعب السوري، علاقتنا مع نظام الأسد هي القطعية، ولا يمكن القبول بأي مسار سياسي تصالحي مع نظام مجرم أو أي نوع من أنواع التطبيع معه حتى على مستوى العلاقات الاقتصادية".

وبدوره قال قائد "جيش العزة" الرائد جميل الصالح للجزيرة نت إن "فتح المعبر مع النظام المجرم في الوقت الذي نقوم نحن السوريين في المناطق المحررة وكافة أنحاء العالم بمطالبة المجتمع الدولي بمقاطعته، جريمة بحق أهلنا وثورتنا وشهدائنا وأيتامنا وأراملنا".

كما حذر الصالح من أن "النظام سيعمل على إغراق المعبر بالمخدرات والكبتاغون"، وسيجعل من مناطق سيطرة المعارضة "بابا جديدا لتصدير هذا السم القاتل الذي يقتات عليه، وهو مصدر المال الأكبر لدى النظام، حيث أغرق به الدول المجاورة".

ومن الناحية العسكرية، اعتبر الصالح هذه الخطوة عاملا مساهما في "تخريب القوى الثورية" من خلال الانشغال بالتجارة والحياة الاقتصادية، التي ستسيطر عليها مجموعة من التجار والمنتفعين والمتنفذين، وسيعملون بدورهم على منع أي عمل عسكري كونه سيعطل مشارعيهم الاقتصادية، على حد تقديره.

المعارضون لفتح المعبر اعتبروا أن هذه الخطوة تهديد لمسار الثورة شمالي سوريا (الجزيرة) فائدة اقتصادية واجتماعية

من جهة أخرى، يرى الخبير الاقتصادي حيان حبابة آثارا إيجابية اقتصادية لفتح المعبر، ستعزز فرص العمل وتشجع الاستثمار، وتفتح المزيد من المشاريع الإنتاجية من خلال الحركة التجارية التي ستعود على المنطقة بكثير من الفوائد المادية، في ظل انحصار شمالي سوريا ببقعة جغرافية ضيقة تشهد شحا في الأراضي الزراعية أو الثروات الباطنية، كما ستعود الفائدة أيضا على مناطق سيطرة النظام.

أما الباحث الاجتماعي في مركز "جسور للدراسات" بسام سليمان، فيرى أن إعلان افتتاح المعبر يأتي في ظل تسارع التصريحات من قبل مسؤولين أتراك حول التقارب مع النظام السوري.

وشدد سليمان على أن المعبر سيكون له مكاسب اجتماعية من خلال تعزيز التواصل بين العائلات التي مزقتها الحرب على طرفي خطوط الصراع بسبب انخفاض تكلفة التنقل بين المنطقتين عبر طريق رسمي، لأن تكلفتها كبيرة عبر طرق التهريب.

وأشار إلى أن هذا الإجراء سيفتح الباب أيضا أمام القادمين من خارج الأراضي السورية، مثل تركيا أو أي دولة أوروبية، لزيارات الأعياد أو غيرها ويريدون العبور إلى مناطق تخضع لسيطرة نظام بشار الأسد.

"مستعدون للعمل معًا على تطوير هذه العلاقات بنفس الطريقة التي عملنا بها في الماضي".. الرئيس التركي رجب طيب #أردوغان يبدي استعداده للقاء #بشار_الأسد وإعادة العلاقات مع #سوريا#رقمي pic.twitter.com/VqIxemHGOv

— الجزيرة سوريا (@AJA_Syria) June 30, 2024

التفاف على الأكراد

ومن وجهة نظر الباحث سليمان، فإن فتح المعبر في هذا الوقت أيضا يمكن أن يكون ضمن جهود تركية روسية بهدف إفشال الانتخابات البلدية التي ستجريها الإدارة الذاتية (الجناح المدني لقوات سوريا الديمقراطية)، والتي ترى تركيا أنها يمكن أن تعطي لوجودها نوعا من الشرعية، وتمثّل ذلك في اختيار فتح المعبر في منطقة الباب بالقرب من الراعي، كونه الطريق الوحيد الذي لا يمر بمناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

أما السياسي قنطار فاعتبر أن التصريحات التركية التي صدر آخرها عن الرئيس رجب طيب أردوغان تعزز مسار التصالح مع النظام السوري، ورأى أنه من الممكن أن يكون هدف تركيا خلق هدوء مستدام مع دمشق، وتوجيه الفصائل الثورية لقتال الأكراد.

وأضاف "لم نقدم ملايين الشهداء والمعتقلين والمهجرين، وحصار السوريين المطالبين بالحرية والكرامة في منطقة إدلب وريف حلب الشمالي، حتى تكون النهاية هي الذهاب في مسار تطبيع مع نظام بشار الأسد، لأن هذا كان ممكنا منذ عام 2012، ولكن خيارنا كان ولا يزال إسقاط النظام ونيل الحرية والكرامة".

مطالب مدينة الباب

وأوضح الناشط المدني في مدينة الباب بدر الطالب أنه لا توجد مشكلة لدى الفعاليات المدنية والنشطاء في المدينة بفتح المعبر، لكنهم يرفضون أن تكون إدارته بيد الفصائل العسكرية، ويطالبون بالمقابل بأن تكون الإدارة مدنيةً، وذلك لتحقيق الفائدة للبنية التحتية في المدينة المدمرة منذ عام 2014 بسبب حملات النظام وتنظيم الدولة الإسلامية بعده.

ودعا الطالب إلى أن يكون هناك مخصصات من واردات المعبر لنهضة المدينة وإعادة بناء ما تم تدميره، وأن تخضع الأموال الواردة للمراقبة من قبل الإدارة المدنية بهدف تحقيق الفائدة للمدنيين وضبط الصادرات والواردات بما يتناسب مع مصلحة المدينة والمنطقة.

وعن الوضع الحالي، عدّد مصدر -فضّل عدم ذكر اسمه- نقاط التهريب والمعابر مع النظام السوري، وهي أبو الزندين و"تادف" و"السكرية الكبيرة" و"السكرية الصغيرة" و"التفريعة" و"العمية" بالقرب من مدينة الباب.

كما ذكر المصدر نفسه نقاط التهريب والمعابر مع قوات سوريا الديمقراطية في مناطق ريف حلب الشمالي، الممتدة من عفرين إلى جرابلس، وهي:

معبر عون الدادات بالقرب من جرابلس. معبرا الحمران والجطل قرب الغندورة. نقاط ومعابر التائهة وأم الجلود وعبلة والعريمة قرب الباب. نقطة براد بالقرب من عفرين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مع النظام السوری مدینة الباب فتح المعبر بالقرب من مع نظام

إقرأ أيضاً:

اعتقالات في ألمانيا والسويد طالت متهمين بارتكاب جرائم في سوريا

أوقف محققون في ألمانيا والسويد الأربعاء ثمانية أشخاص للاشتباه بضلوعهم في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سوريا، بعد ثورة 2011 ضد النظام.

وأوضحت النيابة العامة الألمانية في بيان أن ثمة "شبهات كبيرة بارتكاب المعتقلين أعمال قتل أو محاولة قتل بحق مدنيين، ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب" إبان الثورة التي اندلعت في سوريا في العام 2011.

وقالت إنه من المشتبه بأن الموقوفين شاركوا "في قمع عنيف لتظاهرة سلمية مناهضة للحكومة" في منطقة اليرموك في دمشق في 13 تموز/ يوليو 2012.

وأضافت أن الموقوفين الذين عرفت عنهم بأسمائهم الأولى هم أربعة فلسطينيين-سوريين ومواطن سوري يعتقد انه عمل لحساب جهاز المخابرات العسكرية السورية.

من جهتها، أعلنت النيابة العامة السويدية الأربعاء أنه تم توقيف ثلاثة أشخاص يشتبه بارتكابهم جرائم ضد الإنسانية في سوريا عام 2012.

وقالت أولريكا بنتليوس إيغلرود المدعية المكلفة التحقيق "بفضل تعاون جيد مع ألمانيا ويوروجاست ويوروبول، تمكنا من اعتقال المشتبه بهم".


محاكمة الأسد
وكانت محكمة فرنسية صادقت نهاية الشهر الماضي على مذكرة اعتقال بحق رئيس النظام السوري بشار الأسد بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية على خلفية الهجمات الكيميائية على غوطة دمشق الشرقية وقعت في آب/ أغسطس عام 2013، وراح ضحيتها أعداد كبيرة من القتلى في صفوف المدنيين.

ورفضت محكمة الاستئناف في باريس، طلب مكتب المدعي العام الوطني الفرنسي لمكافحة الإرهاب إلغاء مذكرة الاعتقال الصادرة بحق الأسد بسبب "حصانته من الملاحقة القضائية"، معلنة موافقتها على المذكرة.

ووُصف القرار الذي أعلنت عنه المحكمة الفرنسية في بيان، بـ"التاريخي"، فهذه أول مذكرة اعتقال تصدرها محكمة أجنبية بحق رئيس دولة في منصة، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.

ولفت البيان إلى أن "حظر استخدام الأسلحة الكيميائية هو جزء من القانون الدولي باعتباره قاعدة إلزامية ولا يمكن اعتبار هذه الجرائم من بين الواجبات الرسمية لقائد النظام".


وكانت مذكرة اعتقال الأسد صدرت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، بناء على شكوى جنائية رفعها ضحايا يحملون الجنسيتين السورية والفرنسية، والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بجانب كل من منظمة المدافعين عن الحقوق المدنية والأرشيف السوري ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح، بحسب موقع "تلفزيون سوريا" المعارض.

وفي أعقاب صدورها، قدم  مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا طلبا يتعلق بإلغاء هذه المذكرة باسم "الحصانة الشخصية" التي يتمتع بها رؤساء الدول في مناصبهم أمام المحاكم الأجنبية، دون التشكيك في تورط الأسد في الهجمات الكيميائية.

مقالات مشابهة

  • التطبيع بين أنقرة ودمشق.. مسار محفوف بالألغام والأثمان
  • اعتقالات في ألمانيا والسويد طالت متهمين بارتكاب جرائم في سوريا
  • رُفض نقلها إلى بيروت.. ما جديد الحالة الصحيّة للونا الشبل بعد تعرضها لحادث سير؟
  • السيدة الثانية.. كيف شقت لونا الشبل طريقها من الشاشة إلى قصر الأسد؟
  • الخارجية الأمريكية: لا تطبيع مع النظام السوري دون حل سياسي للصراع الأساسي
  • مقتل 429 مدنيا في سوريا تحت التعذيب منذ مطلع 2024.. بينهم عشرات الأطفال
  • بوادر جديدة للتقارب.. هل تعيد أنقرة علاقاتها مع دمشق؟
  • إغلاق الشريان الوحيد لشمال غرب سوريا بعد موجة العنف في تركيا
  • هآرتس: هل الأسد جزء من وحدة الساحات مع إيران؟