إلى متى ندور فى هذه الدائرة المغلقة ولا نتعظ بمن سبقونا، إلى متى يأخذنا الشيطان إلى عالمه البغيض ونحن ننساق خلفه دون إراده أو تردد أو خوف من أن نلقى مصائر من اتبعوه، إلى متى نصر على الظلم، والكبر، والاضطهاد، والأنانية، وننسى يومًا نفقد فيه كل شىء، نفقد الكراسى والمناصب بل ونفقد أعمارنا ذاتها، ولم نسدد ما علينا من ديون لمن ظلمناهم، والديون ليست مادية فقط، ولكنها تشمل كل شىء، حتى النظرة التى تنظرها إلى خصمك وهى ممزوجة بالكبر والازدراء والتسفيه لن تمر مرور الكرام أمام رب حكيم عادل وعزيز ذي انتقام.
هناك من يكتفون بترديد قول الله عز وجل (حسبنا الله ونعم الوكيل) جهرًا وهناك من يكتمونها بين أضلعهم ويزرفون الدمع، وهناك من يثقون تمام الثقة بوعد الله ووعيده بعودة حقوقهم إليهم دون قلق أو شك فى وعد الله ووعيده.
كلما أتذكر من يهيمون على وجههم عميًا وصمًا، ويشككون فى الحساب والبعث وفى ذات الله وصفاته، أتذكر قول الله عز وجل وهو يصفهم بالأنعام بل هم أضل سبيلاً، وأسجد لله شكرًا أن رزقنا الإيمان به وحسن الظن بلقائه وعفوه.
كلما قرأت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذى رواه عنه أبى هريرة رضى الله عنه ورواه مسلم فى صحيحه {أتدرون من المفلِسُ؟ قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ. فقال: إنَّ المفلسَ من أمَّتى، يأتى يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتى قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا. فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه. فإن فَنِيَتْ حسناتُه قبل أن يقضيَ ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه ثمَّ طُرِح فى النَّارِ}.
ورغم أن الغالبية العظمى من المسلمين يحفظون هذا الحديث عن ظهر قلب، ويعلمون عاقبة هذا المفلس، إلا انهم لا يتورعون عن الاتيان بكل ما جاء فى الحديث الشريف إذا أصابهم الإفلاس المادى، ونرى كثيرًا يبيعون مبادئهم ويكذبون ويدلسون ويطبلون ويشهدون الزور، لمجرد حصولهم على مكاسب دنيوية لا تسمن ولا تغنى من جوع، كما نرى من تبيع نفسها وجسدها على مرأى ومسمع من الجميع وتفضح نفسها مقابل أن تعيش حياة الستر كما تظن من وجهة نظرها القاصرة، وأتعجب كل العجب كلما مرت على العبارة الخالدة (تموت الحرة ولا تأكل بثدييها) عندما كانت النساء تعمل كمرضعات لإطعام أبنائهن من هذا العمل الذى كان مشروعًا قبل الإسلام وبعده، فماذا نقول فيمن يستخدمن أثداءهن فى الإغراء والتكسب البغيض.
كلنا يردد مقولة أبوالدرداء رضى الله عنه كما تدين تدان ولا نعلم أننا مثقلون بديون من كل نوع ولا نعلم أين ومتى وكيف سيكون السداد، هل فى الدنيا ونحن قادرون على اتخاذ القرار، أم تتركه لأبنائنا وسيخذلوننا حتمًا إلا من رحم ربى؟ أم فى الآخرة والتى لا تسقط فيها الديون بالتقادم.
اللهم سدد ديوننا، واعفُ عمن ظلمنا، وارزقنا الحكمة فى كل حال، فدوام الحال من المحال.
والله اعلم
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: والله أعلم هموم وطن دوام الحال من المحال طارق يوسف
إقرأ أيضاً:
كشف ملابسات التعدي على بلوجر شهيرة بشوارع الأميرية
نجحت جهود أجهزة وزارة الداخلية في كشف ملابسات ما تم تداوله على أحد الحسابات بمواقع التواصل الاجتماعي، حيث ادعت صاحبة الحساب قيام بعض الأشخاص بالتعدي عليها حال تواجدها صحبة والدها بأحد المحال التجارية بالقاهرة.
بالفحص، تبين أنه حال تواجد الشاكية بأحد المحال التجارية بدائرة قسم شرطة الأميرية بمديرية أمن القاهرة، حدثت بينها وبين بعض الأشخاص مشادة كلامية، وقام أحدهم بالتعدي عليها بالضرب.
عقب تقنين الإجراءات، تم تحديد وضبط مرتكبي الواقعة (6 أشخاص، مقيمين بالقاهرة)، وبمواجهتهم، اعترفوا بارتكاب الواقعة على النحو المشار إليه.
تم اتخاذ الإجراءات القانونية.