خلال الفترة ما بين يناير 2011 وبداية 2013، شهدت مصر أحداثاً غير مسبوقة أثرت بشكل عميق على جميع جوانب الحياة. يمكن تقسيم هذه الفترة إلى عدة مراحل تميزت كل منها بتحديات وظروف مختلفة، ولكن جميعها كانت جزءاً من رحلة مصر نحو التغيير والتحرر.
المرحلة الأولى: الانفلات الأمنىبدأت هذه الفترة بانفلات أمنى كبير، حيث تعرضت أقسام الشرطة والمحاكم للحرائق، وتم تعطيل السكة الحديد وإغلاق الطرق، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، بالإضافة إلى ذلك، زادت المطالب الفئوية التى أثقلت كاهل موازنة الدولة واستنزفت الاحتياطى النقدى من العملة الأجنبية.
فى عام 2012، وصلت جماعة الإخوان إلى سدة الحكم، وهو ما اعتبره الكثيرون «الطامة الكبرى». شهدت مصر مشهداً غير مسبوق عندما قام الرئيس الإخوانى محمد مرسى بأداء القسم الرئاسى فى ميدان التحرير وسط الأهل والعشيرة، متجاوزاً أركان الدولة المصرية العريقة. وكان من المفترض أن يؤدى الرئيس اليمين أمام البرلمان، ولكن عدم وجود برلمان دفعه لأداء اليمين فى ميدان التحرير، ما أثار انتقادات واسعة.
المحكمة الدستورية والمستشارة تهانى الجبالىنص الدستور المعدل على أن يؤدى الرئيس اليمين أمام المحكمة الدستورية. فى موقف وطنى رائع، أصرت المستشارة تهانى الجبالى على ضرورة أداء الرئيس لليمين الدستورية أمام المحكمة، وإلا سيعتبر المنصب شاغراً. رضخ مرسى وعشيرته لهذا المطلب وأدى اليمين داخل المحكمة، ولكن بعد ذلك، تم حصار المحكمة وتقليص عدد قضاتها، وتم الإطاحة بالمستشارة الجبالى.
التدخل فى القضاءواستمر الوضع من سيئ لأسوأ، وتدخل الرئيس الإخوانى مرسى فى شئون القضاء، وقام بعزل النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، وتعيين نائب عام «ملاكى» هو طلعت عبدالله. هذه الخطوة أثارت استياءً واسعاً واعتبرت تعدياً على استقلالية القضاء.
الشرطة والسيطرة الإخوانيةوبعد ذلك وجدنا نفسنا أمام مظهر سيئ جديد وبدأت تظهر ظاهرة الضباط الملتحين، وتم إحالة كبار الضباط إلى التقاعد، واستبدالهم بعناصر من الإخوان فى كلية الشرطة، بهدف السيطرة على جهاز الشرطة ووزارة الداخلية. ولكن كان الرد السريع من رجال الشرطة المخلصين والمواطنين الذين رفضوا هذه التعديات على المؤسسات الأمنية.
مذبحة رفح والإرهاب فى سيناءكما شهدت مصر مذبحة رفح الأولى والثانية، حيث سقط عشرات الشهداء من الجنود والضباط. تم إدخال ما يقرب من 20 ألف مقاتل أجنبى من القاعدة والدواعش بهدف إقامة إمارة داعشية فى سيناء. هذا الخطر الكبير كان يهدد الأمن القومى المصرى بشكل غير مسبوق.
الاحتقان الطائفيخلال هذه الفترة، تزايدت حدة الاحتقان الطائفى، وحدثت اعتداءات على الكنائس وممتلكات الأقباط من قبل ميليشيات الإخوان. كما تم تهديد العديد من الإعلاميين، مما زاد من حالة التوتر والفوضى.
يونيو وثورة التحررأدت كل هذه الأحداث إلى ولادة حركة تمرد جديدة، وفى 30 يونيو 2013، خرج الملايين من المصريين فى مظاهرات ضخمة مطالبين برحيل مرسى ونظامه. كان هذا اليوم بمثابة تتويج لثورة شعب وإرادة أمة، وفتح الباب أمام حقبة جديدة من الاستقرار والبناء.
الجمهورية الجديدةبعد 30 يونيو، بدأت مصر فى بناء الجمهورية الجديدة، مستندة إلى مبادئ العدالة والحرية والتنمية. تم تصحيح العديد من المسارات الخاطئة، واستعادة الأمن والاستقرار، والبدء فى مشروعات تنموية كبرى. كانت هذه الفترة بمثابة نقطة تحول فى تاريخ مصر الحديث، وأثبتت قدرة الشعب المصرى على التغيير والتطوير، كانت فترة ما بين 2011 و2013 مليئة بالتحديات والأزمات، ولكنها كانت أيضاً فترة إثبات الإرادة الشعبية والقوة الوطنية. تمكن المصريون من تحويل هذه التحديات إلى فرص للتغيير والنهوض بالوطن نحو مستقبل أفضل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: 30 يونيو الاخوان الإرهاب الإخوان هذه الفترة
إقرأ أيضاً:
خالد داود يكشف تفاصيل سيطرة الإخوان على دستور 2012
كشف خالد داود، الكاتب الصحفي، كيف سيطر الإخوان علي دستور 2012 لتحقيق مصالحهم.
"تذكروا كلام السيسي عن معاناة المصريين".. رسالة عاجلة من مصطفى بكري للحكومة الجديدة (فيديو) مصطفى بكري: كامل الوزير استطاع أن ينجز إنجاز ضخم وتاريخي في مجال النقل إنشاء جبهة الإنقاذوأضاف "داوود"، خلال لقائه على فضائية "اكسترا نيوز، "أولًا لا بد أن نتحدث عن الإعلان الدستوري لمحمد مرسي في نوفمبر 2012، ولذلك كان أحد النقاط الفارقة في مسار ثورة 25 يناير والفترة التي لحقتها، عمليًا إصدار الإعلان الدستوري هو المبرر لإنشاء جبهة الإنقاذ الوطني".
وتابع "لأن الإعلان الدستوري كان صادمًا، وكان عبارة عن وثيقة تعطي لرئيس الجمهورية سلطات مطلقة، وهو رئيس من المفترض سيبني دولة ديمقراطية حديثة بعد ثورة كبيرة ونظيفة ويعطي لنفسة سلطات مطلقة ولم يتجرأ مبارك علي ذلك".
تشكيل لجنة الـ100 لصياغة الدستورواستطرد "بالتالي كان إحساسي الخطر عارم، لأن هناك طريق لإنشاء ديكتاتورية جديدة باسم الدين بدل ما كانت أيام مبارك باسم الوطنية والحفاظ علي الوطن أو أي كان الشعار في هذا الوقت، وبالتالي كان هذا بداية تشكيل جبهة الإنقاذ، وبداية الموقف الموحد ضد طريقة جماعة الإخوان المسلمين لدستور 2012".
وأردف "مع الأخذ في الاعتبار عند تشكيل لجنة الـ100لتصيغ الدستور استغلوا الأغلبية التي كانوا يتمتعون بها في البرلمان في هذا الوقت، وعمليًا كان جهد دؤوب لتهميش أي قوة مدنية في دستور 100 لكي يكون ويضمنوا الدستور الذي جاء بعد ثورة يناير للديمقراطية الحديثة، وتحقيق شعارات عيش حرية عدالة اجتماعية".