ترتبط الثورات بظروف المجتمع وما يواجهه من تحديات وما يسعى لتحقيقه من طموحات وآمال، فالثورة لا تنشأ من فراغ، ولا تنشأ بمحض الصدفة، بل تحدث أى ثورة نتيجة لظروف ومتطلبات سياسية، واجتماعية، وتحديات تواجه المجتمع، وبحيث تصبح الثورة ضرورة للتغلب على التحديات وتحقيق متطلبات المجتمع السياسية والاجتماعية والانتقال إلى الأفضل، ويمكن تطبيق ذلك على ثورة 30 يونيو والتى عكست واقع المجتمع المصرى بكل ما يواجهه من تحديات وما يسعى إلى تحقيقه من طموحات، ويمكن فى هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات التالية:
أولاً: السياسة الخارجية والأمن القومى، حيث عانت المنطقة العربية من العديد من التحديات التى مثّلت تهديداً للأمن القومى المصرى، وكانت تستدعى إحداث تحولات مهمة فى السياسة الخارجية المصرية، ويمكن الإشارة فى ذلك إلى الملفات الساخنة فى المنطقة العربية، وخصوصاً فى دول الجوار، والتى كانت تطرح آثارها على أمن المنطقة بأكملها وعلى أمن مصر القومى، كالملف الليبى، واليمنى، والسورى، والعراقى، والصراعات الداخلية فى بعض الدول العربية والتى وصلت إلى مرحلة الحرب الأهلية، ومثلت أخطر مؤشرات عدم الاستقرار السياسى، كما مثلت تهديداً للمؤسسات القومية، ووحدة الدولة واستمراريتها، ووحدة جيشها، وما ترتب على ذلك من تدخلات أطراف خارجية فى شئون الدول العربية سواء كانت هذه الأطراف إقليمية أو دولية وما يمثله ذلك كله من تهديد للأمن القومى العربى، والأمن القومى المصرى، ونتيجة لذلك كان من المرغوب فيه ومن الضرورى اتباع مصر لسياسة خارجية تتسم بالتوازن، والمرونة، والاستقلالية، وهو ما حققته ثورة 30 يونيو، حيث انفتحت مصر فى سياستها الخارجية على مختلف دول العالم، وتعددت محاور السياسة الخارجية المصرية مثل محور التوجه نحو الجنوب أى نحو القارة الأفريقية، ومحور التوجه نحو الشرق أى نحو القارة الآسيوية، والارتباط القوى بالمنطقة العربية، فضلاً عن استمرارية العلاقات الوثيقة بالدول الغربية، والولايات المتحدة، وكان لهذا التوازن فى سياسة مصر الخارجية أهميته فى الحفاظ على الأمن القومى المصرى.
ثانياً: تحدى الحفاظ على الهوية، وهو أحد التحديات المهمة التى واجهت مصر، فالهوية تعنى الانتماء القومى وتدعيمه، وأن يكون الولاء الأعلى والأسمى موجهاً للدولة ككل ولا تنازعه انتماءات لكيانات طائفية، أو سياسية، أو إقليمية، أو لجماعة معينة تنافس أو تسبق الولاء للدولة ككل، وكان ذلك أيضاً من ضرورات ثورة 30 يونيو، حيث نجحت فى تحقيق الوحدة والانسجام داخل المجتمع، وفى توحيد صفوف فئات وشرائح المجتمع المختلفة لمواجهة التحديات المشتركة، مثل تحدى الإرهاب أو تغليب مصالح جماعة معينة على مصلحة الدولة القومية، وأن تكون هناك شخصية قومية ينطوى فى إطارها الجميع وتفوق أى شكل آخر من أشكال الانتماءات، أو الولاءات الضيقة، أو الانتماءات التى تتعدى حدود الدولة.
ثالثاً: التحديات الداخلية، فقد كانت هذه التحديات سواء السياسة منها أو الاقتصادية والتنموية من الأمور التى جعلت من ثورة 30 يونيو ضرورة ملحة، ويمكن الإشارة على سبيل المثال إلى ضرورة الحفاظ على الاستقرار السياسى وحماية الشعب من الانقسام والصراعات الداخلية، بالإضافة إلى مواجهة الإرهاب وما يمثله من آثار خطيرة على الدولة ومؤسساتها وأمنها واستقرارها، ويضاف إلى ذلك أيضاً التحدى التنموى أى العمل على تحقيق التنمية، ومواجهة التحديات الاقتصادية المترتبة على أزمات الاقتصاد العالمى والتى طرحت آثارها على دول العالم المختلفة ومنها مصر.
ويمكن القول فى النهاية إن ثورة 30 يونيو كانت ضرورة فرضتها العديد من التحديات سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو أمنية، وسواء كانت داخلية أو خارجية، وبحيث جاءت لمواجهة هذه التحديات، وتحقيق الآمال والطموحات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: 30 يونيو الاخوان الإرهاب الإخوان ثورة 30 یونیو
إقرأ أيضاً:
العكاري: مشاريع ما قبل فبراير كانت موزعة بعدالة ويجب إحياؤها
ليبيا – علّق عضو لجنة تعديل سعر الصرف مصباح العكاري على النقاشات المتعلقة بعدالة توزيع الثروة، وإعمار البلاد، وتقليص الفجوة السكانية، متسائلًا: “هل يدرك المسؤولون في البلاد أن ما قبل فبراير كان هناك مشروع تنموي ضخم جدًا موزع بعدالة على كامل التراب الليبي؟”
دعوة لاستكمال المشاريع التنموية السابقة
العكاري طالب، في منشور عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك“، بضرورة استكمال المشاريع التنموية السابقة وعدم الانخراط في مشروعات جديدة قبل الانتهاء منها. وأكد على أهمية إعطاء الأولوية لهذه المشاريع لتعزيز التنمية والاستقرار.
استبدال الشركات غير الراغبة في العودة
وأضاف العكاري: “أي شركة لا ترغب في العودة لاستكمال مشاريعها يتم استبدالها، لتنطلق مرحلة بناء ضخمة في البلاد تؤدي إلى تحقيق الاستقرار وتوفير السكن والمرافق الحيوية.”
جلسة وطنية لبحث تمويل المشاريع
وأشار العكاري إلى توفر مصادر تمويل المشاريع التنموية، مشددًا على أن الأمر يحتاج فقط إلى جلسة تجمع أبناء الوطن المخلصين للاستماع إلى آرائهم وخططهم، من أجل تحقيق التنمية المستدامة في ليبيا.