د. محمد حجازي يكتب: ثورة 30 يونيو بين حاضر ومستقبل أمة
تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT
أغلى وأهم ما فى ثورة 30 يونيو هو هذا التوافق الذى حدث بين إرادة وطموح وآمال شعب، وتلاقيها مع قدرات وإرادة قواته المسلحة، وسميت ما دار منذ وقوع هذا الحدث الأهم فى تاريخ أمتنا بأنه معركة يخوضها الشعب وقواته المسلحة مماثلة لمعركة العبور.
ولكن هذه المرة هى عبور للداخل، واجهت فيه البلاد بقيادة واعية ومستنيرة وجيش وطنى مخلص وشعب صاحب إرادة ووعى للسير بخطى ثابتة نحو تحقيق عدة أهداف كان أبرزها فى بداية الثورة وبعدها مباشرة خوض معركة بناء مؤسسات الدولة بعد انهيارها، والحفاظ، وهو الأهم، على كيان الدولة القومية.
بعد إدراك استراتيجى أن هدف أعداء الداخل والخارج هو تشتيت مؤسسات الدولة والعمل على انهيارها، وتشتيت قوات وقدرات الشعب المسلحة بإذكاء أخبث الأعداء وهو الإرهاب الذى كان القضاء عليه متوجباً، فهو الخطر الأشرس والعدو الأخبث الذى ما كان يمكن للثورة الوليدة أن تحقق أهدافها مع تفشى الإرهاب، وتعد ملحمة القضاء عليه، رغم كل ما بذل فى سبيل ذلك من تضحيات، إحدى أهم معارك وبطولات قواتنا المسلحة وشرطتنا الباسلة وشعبنا البطل المساند.
ولم تغفل ثورة 30 يونيو أهمية بناء اقتصاد عصرى سليم وفقاً لقواعد دولية جادة وصارمة تحمّل شعبنا البطل أعباء عملية إصلاح اقتصادى مستمر، وتحمل ضغوط وأعباء هذا البرنامج، كما تحمل بجلد وصبر ما صاحبها من أزمات تسببت فيها الجائحة أو الحرب الروسية - الأوكرانية.
وبعد عشرة أعوام من عمر ثورته شهد الشعب المصرى ثماراً لا يمكن إنكارها وإنجازات لم تتحقق فى تاريخه فى هذه الفترة الزمنية القصيرة فى عمر الشعوب، فدبت الثورة يد النماء لتبنى وتعمر فى قلب الصحراء فنشأت المدن الجديدة ورصفت الطرق وأقيمت الكبارى وهى شرايين الجغرافيا التى على أساسها يصح الجسد وينهض الاقتصاد.
وتم تحديث البنى التحتية المعلوماتية والبنكية وشبكة الاتصالات، وتم بناء العاصمة الإدارية الجديدة من الجيل الخامس للمدن، وهى مدينة عصرية حديثة خلقت عناوين للصحراء من القاهرة إلى السويس، ومن جميع الاتجاهات صوب العاصمة، حيث تتجدد كل يوم مسارات لإعمار وتحديث لا يتوقف.
من أبرز إنجازات الثورة المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» التى أعادت وجه الحياة للريف المصرى، إدراكاً أن تنمية الريف، وبه نصف سكان مصر، تثرى الدولة ويستعيد الاقتصاد الوطنى قدراته وعافيته.
واليوم.. ونحن على أعتاب الجمهورية الجديدة نخوض مرحلة نأمل أن يكون الإنسان دوماً فى قلبها، وأساساً لحركة ثورة يونيو الخلاقة والمبدعة، فالاهتمام بالإنسان وصحته وتعليمه وبناء وعيه وثقافته والمحافظة على صحته وكرامته وفرصه فى الحياة وخلق منافذ لكسب الرزق ستكون عنواناً بارزاً للمرحلة القادمة.
فكما اهتمت المراحل الأولى برأب الصدع واستعادة الوحدة الوطنية وبناء مؤسسات الدولة وخوض معركة ضد الإرهاب، وتحقيق النهضة المعمارية والاقتصادية، فإن بناء وعى الإنسان ورعايته صحياً وتعليمياً وتبنى مشروع تنويرى خلاق يعنى بالتعليم والثقافة والبحث العلمى والاعتناء بصحة الإنسان وسكنه الكريم وتوفير فرص عمل كريم له سيكون هو الأساس الذى يمكن لثورة 30 يونيو أن تعمل لتحقيقه ليضيف هذا المشروع التنويرى وفى قلبه الإنسان المصرى فرصة لمستقبل أفضل للبلاد.
إن لدى مصر فرصة تاريخية للانطلاق نحو المستقبل واللحاق بمن سبقنا وتعويض ما فاتنا، ولدينا العقول ولدينا الجيش والشعب والقيادة السياسية الحكيمة التى بنت أحلامها وخططها لبناء مصر القادرة القادمة بكل عزم على خطى المستقبل، إن ثورة 30 يونيو هى نداء من أجل مستقبل واعد لشعب التف حول جيشه وقيادته، والتى ستعمل كما كان عهدها دائماً من أجل خير الوطن والمنطقة والعالم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: 30 يونيو الاخوان الإرهاب الإخوان ثورة 30 یونیو
إقرأ أيضاً:
مدير مكتبة الإسكندرية: يجب أن نربى الأجيال الجديدة على ثقافة التعددية وقبول الآخر
أكد الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، أن الأوضاع التي يعيشها العالم أجمع مخيفة وأصبحت التأثيرات سريعة وقوية وعميقة مما يجعل متابعتها ودراستها، غاية في الصعوبة، لذا فمن الضروري التركيز على الأجيال الجديدة للحفاظ على الهوية المصرية والثقافة بمفهومها الشامل.
جاء ذلك خلال استضافته في ندوة "دور الثقافة في بناء الإنسان" التي نظمها نادي سبورتنج الرياضي، بحضور رئيس مجلس الإدارة، ولفيف من أعضاء النادي.
وشدد زايد على أن الثقافة هي أساس تكوين المجتمعات حتى وإن كانت في منطقة نائية، مشيرًا إلى أن الثقافة مقولة عمومية لا تقتصر على فئة من الفئات وهي ما تميز الإنسان عن باقي الكائنات.
وأضاف زايد أن كلمة ثقافة في اللغة العربية تدل على هذا المعنى المشتق من كلمة ثقف وهو ما يعني تهذيب الشيء، فالإنسان عندما يحمل الثقافة يصبح سلوكه أكثر تهذيبًا عن سلوك الحيوان، وبقدر تنمية هذه الثقافة بقدر الابتعاد عن العنف والتناحر، وبقدر امتلاك الانسان العلم والمعرفة يصبح سلوكه أكثر رقيا.
وأوضح أن المجتمعات المعاصرة شهدت مشكلات دفعت العالم أجمع إلى التساؤل حول أهمية الثقافة، بعدما أصبحت هناك صورًا قاسية وغليظة للثقافة وتفسيرات دينية عنيفة، وأصبح من يمتلك القوة والسلاح يمارس البطش على من لا يملكه، وهذا شكل من أشكال الانحراف الثقافي الذي ينزع الإنسان من هويته وتجعله يتخذ سلوكًا منحرفًا.
وأكد زايد أن الثقافة بالمعنى المثالي أصبحت غير موجودة في عالم اليوم حيث شهدت حالة من الإرباك وأصبح الإنسان لا يعرف ما هي المخططات التي يتبعها، وهو ما خلق خوفا من الجيل الأكبر على الجيل الأصغر، لذا لابد أن نستخدم ما لدينا من أطر ثقافية حتى يصبح لدينا جيل قادر عن بناء المجتمع.
وتحدث مدير مكتبة الإسكندرية عن مراحل بناء ثقافة الإنسان والتي تتضمن بناء المعارف والاتجاهات والوعي والأخلاق، موضحًا أن بناء المعرفة يبدأ بالتعليم والذي بدوره ينقل إلى التعمق في القراءة وإلغاء المعارف المشوهة، والأمرهنا لا يقتصر على المعرفة التعليمية ولكن المعرفة المصاحبة لها التي تخلق مواطن صالح قادر على التمييز.
وتابع: هناك أشياء نتعلمها بالسليقة في البيت مثل الدين فكل إنسان يستطيع أن يتعلم الدين ويميز بين الحق والباطل، وتعلم السلوك الراقي والمحب في المجتمع.
وقال أن المرحلة الثانية من بناء الإنسان هي الإيمان بأن كل إنسان مهما بلغ مستوى وضعه الاقتصادي والتعليمي، لديه مخططات ثقافية يتبعها، لذا فإن احترام الآخر أحد المبادئ التي يجب ان نربي أبناءنا عليها، وأن يكون لدينا جميعًا إيمان بالتعددية في الاتجاهات.
وعن المرحلة الثالثة وهي "تكوين الوعي"، أشار زايد إلى أن العقل البشري يدرك من خلال المعارف التي يكونها ومن خلال الأفعال التي يقوم بها أن هناك خيط يفصل بين الشخصي والعام، والوعي يعني أن يكون الإنسان ناصع الرؤية والسريرة والنفس والعقل، تجعله يغلب المصلحة العامة على الشخصية.
وعن المرحلة الرابعة وهي بناء الأخلاق، أكد مدير مكتبة الإسكندرية، أن الدين إذا فهم بشكل صحيح يصل بالإنسان إلى بناء ذاته الأخلاقية، مشيرًا إلى وجود عوامل تؤدي إلى الوهن الأخلاقي، ففي مصر على سبيل المثال تسببت الظروف التاريخية بداية من عصر محمد علي والدخول إلى العصر الحديث بمنظوماته الحديثة في حدوث كثير من التقلبات السياسية والتدخلات العسكرية من استعمار وثورات وتغيير في الطبقات وخلل التعليم.
وشدد زايد على أن ثروة الأمة تنقسم إلى، مادية بشكلها المعروف، وبشرية وهي ما يجب أن ينصب عليها الاهتمام لإعداد إنسان قادر على العطاء لخدمة وطنه ولا يصبح عالة عليه، وثروة أخلاقية وتعني أن يكون الإنسان لديه مجموعة من القيم تدفعه للمساهمة في تقدم مجتمعه.
واختتم زايد بالتشديد على أن المرأة هي القائمة على الضبط الأخلاقي في المجتمع لأنها القائمة على تعليم الأطفال وتربيتهم أكثر من الرجال الذين ينشغلون بأعمالهم.
أدار الندوة أحمد حسن رئيس مجلس الإدارة و رانيا الجندي رئيسة اللجنة الثقافية بنادي سبورتنج وبحضور المهندس ممدوح حسني نائب رئيس مجلس الإدارة والأستاذة دينا المنسترلي والأستاذة شاهيناز شلبي أعضاء المجلس واللواء رمزي تعلب المدير التنفيذي.
وفي نهاية الندوة قام أحمد حسن رئيس مجلس إدارة نادي سبورتنج بتكريم الدكتور زايد وإهدائه درع النادي.