خلال شهري أكتوبر ونوفمبر من العام 2022، شنت مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، هجمات عدة بطائرات مسيرة على موانئ نفطية في محافظتي حضرموت وشبوة، شرقي البلاد.

وأجبرت تلك الهجمات سفن نقل النفط التي كانت راسية في تلك الموانئ على مغادرتها، وهو الأمر الذي انتهى بإيقاف تصدير النفط إلى الخارج وخسارة الحكومة، المعترف بها بشكل كبير، أهم مورد مالي كان يسير شؤون المحافظات المحررة.

الهجمات الإرهابية رافقتها الكثير من الإجراءات الاقتصادية التي زادت من الخناق على الحكومة بينها منع إيصال الغاز المحلي القادم من مأرب إلى مناطق سيطرتها واستبداله بالغاز القادم من إيران، إلى جانب تحويل بوصلة الاستيراد والتصدير إلى الموانئ الخاضعة لسيطرتها.

الإجراءات الحوثية جعلت الحكومة عاجزة أمام الكثير من الالتزامات المالية في مقدمتها صرف مرتبات الموظفين والإيفاء بالكثير من التعهدات المالية، ناهيك عن تدهور العملة المحلية وانهيار الوضع المعيشي وانكماش الاقتصاد الذي أثر بشكل كبير على أداء الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي وحياة المواطنين بدرجة أساسية.

خسائر اقتصادية

وقفت الحكومة اليمنية عاجزة أمام الحرب الاقتصادية، خصوصا أن معركة النفط التي تشنها مليشيات الحوثي مستمرة، وتدخل عامها الثاني دون أي تحركات حكومية جادة لاستعادة سيطرتها ونفوذها على عائدات النفط. في الوقت ذاته تواصل الميليشيات الحوثية استغلال اللا حرب من أجل الحصول على مزيد من المكاسب خصوصا بعد رفضها تمديد الهدنة الأممية في أكتوبر 2022.

من المعروف أن أغلب حقول النفط والغاز تتمركز في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة في مأرب وحضرموت وشبوة. ويقارب إنتاج الحقول العاملة 60 ألف برميل يومياً بعد أن كان البلد ينتج نحو 250 ألف برميل. إذ بلغت مداخيل البلاد أكثر من 1.4 مليار دولار في 2021، مقارنة بأكثر من 710 ملايين دولار في 2020، بارتفاع بلغ 99.4%.

القائم بأعمال المندوب الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة، مروان علي نعمان، قال إن هجمات الحوثيين على الموانئ النفطية والمنشآت الاقتصادية تسببت بخسارة البلاد مئات الملايين من الدولارات التي كان من شأنها تحسين الخدمات العامة ودفع مرتبات الموظفين.

وأضاف، في كلمة اليمن أمام جلسة مجلس الأمن حول المجاعة وانعدام الأمن الغذائي الناجم عن النزاعات، إن استمرار التهديد والهجمات من قبل الحوثيين على المنشآت الاقتصادية الحيوية والموانئ النفطية، تسبب منذ أغسطس الماضي بخسارة الاقتصاد اليمني قرابة مليار ونصف مليار دولار، كانت مخصصة لتحسين الخدمات العامة ودفع المرتبات في كافة أنحاء البلاد.

وأكد أن هذه الخسائر التي تأتي في ظل استنزاف قدرة الحكومة على الصمود بسبب انكماش الاقتصاد الوطني بمقدار النصف نتيجة الحرب، وتطورات الأحداث العالمية والتحديات المناخية، كلها عوامل زادت من حدة الأمن الغذائي في البلاد.

البحث عن منح 

ومع كل أزمة وفشل في إدارة شؤون البلد، تخرج الحكومة اليمنية بمناشدة إلى الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية للحصول على منح مالية للخروج من الوضع الاقتصادي المتدهور. إلا أن هذه الفجوة مستمرة ومتكررة منذ اندلاع الحرب في العام 2015.

في يناير 2018 أودعت السعودية مبلغ ملياري دولار لدى المركزي اليمني في العاصمة عدن، تحت غطاء دعم الشعب اليمني واقتصاد اليمن وتحسين سعر صرف العملة المحلية التي شهدت حينها تراجعا بسب سياسة الانقسام المالية التي انتهجتها الميليشيات الحوثية. 

وفي أبريل 2022 قدمت السعودية بالتعاون مع الإمارات وديعة مالية جديدة بقيمة 3 مليارات دولار، وذلك استمرارا لدعم الحكومة اليمنية، ومساعدتها للنهوض بواجباتها في سبيل استعادة أمن واستقرار اليمن.

ومطلع أغسطس الجاري، قدمت السعودية أيضا دعما جديدا بقيمة 1.2 مليار دولار، لتعزيز الميزانية العامة للدولة، والمساعدة في تحسين الوضع الاقتصادي وإيقاف انهيار الريال اليمني، في ظل استمرار إيقاف صادرات النفط جراء الهجمات الإرهابية الحوثية على الموانئ النفطية قبل نحو عام.

الحكومة اليمنية، وكعادتها مع استلامها للمنح والودائع المالية من الأشقاء، تخرج بتصريحات على لسان مسؤوليها بالتعويل على سد الفجوة الحاصلة في الاقتصاد اليمني، وانتشال الأوضاع المتردية وتحسين العملة، إلا أن المراقبين والخبراء الاقتصاديين اعتبروا أن الودائع والمنح عبارة عن مهدئات وليس معالجة للمشكلة الأساسية في إيقاف عبث الحوثي بالاقتصاد وعرقلة عائدات النفط التي تمثل عائد البلد الرئيسي.

الحكومة في وضع حرج

ويؤكد الخبراء أن المساعدة السعودية الجديدة جاءت في وقت دخل فيه الوضع الاقتصادي والمالي للحكومة اليمنية مرحلة خطيرة جداً، موضحين أن الدعم سيساعد بشكل مؤقت لخلق استقرار مصرفي نسبي طالما وأن المصدر الرئيسي الأساسي لتمويل موازنة الدولة معطل، والمتمثل في إيرادات النفط والغاز التي تعطل الميليشيات الحوثية تصديرها.

ويؤكد الصحفي المهتم بالاقتصاد، ماجد الداعري، أن استمرار فساد الحكومة وفشلها في تحصيل كافة موارد الدولة أحد الأسباب الرئيسية في تدهور الوضع الاقتصادي، موضحا أن هناك عبثاً في المصروفات الحكومية بالعملة الصعبة، إلى جانب التعمد في إبقاء أجهزة الرقابة والمحاسبة والتفتيش بمعزلٍ عن ما يجري داخل المؤسسات الحكومية والإيرادية.

وأضاف إن المساعدة السعودية الأخيرة سوف تؤدي إلى تحسن نسبي في الوضع الاقتصادي، إلا أن استمرار تعطل تصدير النفط والغاز سيؤدي إلى خلق مزيد من التدهور خلال الأشهر القادمة.

ومن أسباب التدهور والانهيار الاقتصادي في البلد استمرار تجاهل الحكومة اليمنية في تنفيذ عدد من الاشتراطات التي وضعتها صناديق مالية ونقدية عربية ودولية للحصول على الودائع المرصودة.

ووفقاً لمصادر اقتصادية، فإن الحكومة تتعمد إبطاء تنفيذ الكثير من المهام والإصلاحات المالية والاقتصادية وكذا تحديث السياسة المالية والنقدية وفقاً لاشتراطات وضعتها بنوك وصناديق دولية وعربية بينها صندوق النقد العربي والبنك الدولي وغيرها من الجهات المالية. 

وأضافت المصادر، إن الاشتراطات والإصلاحات الاقتصادية المؤجلة من قبل الحكومة اليمنية أخرت بشكل كبير في الحصول على الودائع المرصودة. وهذه الاشتراطات مرتبطة بالشفافية والامتثال والحد من الفساد ومحاربة تمويل الإرهاب وإصلاحات جادة في أجهزة الدولة المالية والنقدية، تضمن تحسين تحصيل الموارد وجودة استخدامها.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الحکومة الیمنیة الوضع الاقتصادی

إقرأ أيضاً:

مجلة أمريكية: القدرات اليمنية لا يمكن القضاء عليها بسهولة


وأضافت أن القوات المسلحة استطاعت خلق تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الإسرائيلي، وعلى القطع الحربية الأمريكية بما في ذلك حاملات الطائرات، مؤكدة أن الوسيلة لتخفيف هذا التهديد هي إنهاء الإبادة الجماعية في غزة.

ونشرت المجلة، الجمعة، تقريراً أكدت فيه أن "البحرية الأميركية انخرطت في أشد المعارك البحرية كثافة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وهو ما قد يشكل مفاجأة بالنسبة لمعظم الأميركيين، وهذه المرة، لا تدور المعارك في المحيط الأطلسي أو المحيط الهادئ، بل في البحر الأحمر" ضد اليمنيين الذين "يدعمون الفلسطينيين في غزة ضد الحرب الإسرائيلية الشاملة".

وأوضح التقرير أنه "في الأشهر الأخيرة، واجه اليمنيون ضربات جوية متكررة من طائرات أمريكية، وردوا بعدة أمور من بينها مهاجمة حاملة طائرات أميركية وسفن أخرى قبالة سواحلهم، وأسلحتهم المفضلة هي الصواريخ والطائرات بدون طيار والقوارب الصغيرة المجهزة بالمتفجرات، و لأول مرة الصواريخ الباليستية المضادة للسفن".

واعتبر التقرير أنه "من وجهة نظر تاريخية، لا يمكن أن يكون الأمر أكثر إثارة للدهشة، فقد نجح عدد من اليمنيين في إطلاق تحدي للنظام العالمي السائد، على الرغم من كونهم فقراء وضعفاء وذوي بشرة سمراء، وهي الصفات التي تجعل الناس غير مرئيين عادة للمؤسسة الأميركية".

وأوضح أن اليمن يمتلك قدرات "لا يمكن القضاء عليها بسهولة في الوقت الحالي حتى باستخدام الأسلحة المتطورة التي تمتلكها البحرية الأميركية".

ونقل التقرير عن برايان كلارك، الباحث البارز في معهد هدسون، وغواص البحرية السابق، أن هناك "مخاوف من أن "الحوثيين" على وشك اختراق الدفاعات البحرية الأمريكية بصواريخهم، مما يزيد من احتمالية قدرتهم على إلحاق أضرار جسيمة بمدمرة أمريكية، أو حتى حاملة طائرات".

وأكد التقرير أن "الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية المتكررة ضد مواقع الأسلحة المشتبه بها في العاصمة اليمنية صنعاء وحولها فشلت حتى الآن في وقف الحرب على الشحن، وحتى طائرات (إم كيو – ريبر) الأمريكية عالية التقنية لم تعد مضمونة الهيمنة على المجال الجوي في الشرق الأوسط منذ أن أسقط "الحوثيون" عدداً من تلك الأسلحة التي تبلغ قيمتها 30 مليون دولار".

وأضاف التقرير أن اليمن "أطلق أيضاً أعدادًا كبيرة من الصواريخ الباليستية على ميناء "إيلات" الإسرائيلي على البحر الأحمر، ما أدى إلى تعطيله منذ نوفمبر، وكانت حوالي 5% من واردات إسرائيل تصل عبر الميناء، والآن، تم إعادة توجيه هذه التجارة إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط ​​بتكلفة أعلى بشكل واضح، في حين تعرض اقتصاد جنوب إسرائيل لضربة كبيرة".

وذكر التقرير أن "الوضع في البحر الأحمر يمكن أن يصبح واحداً من أخطر الأوضاع في العالم".

وقال إن "أي ضرر كبير يلحقه الحوثيون بسفينة حربية أمريكية في أي وقت في المستقبل" قد يدفع واشنطن إلى أعمال حربية قد تخاطر بصراع أوسع.

واعتبر أن التخفيف من حدة هذا التوتر يمكن من خلال "التحرك بقوة أكبر لإنهاء الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل على غزة، والتي تعتبر إهانة لا تطاق لمعايير القانون الإنساني الدولي، ولا تؤدي إلا إلى تعزيز يقظة الحوثيين وأمثالهم" حسب تعبيره.

واختتم بالقول إنه "في حين ينبغي إنهاء الهجوم الإسرائيلي الجاري لمنع المزيد من الموت والمجاعة الجماعية الوشيكة في غزة، فإنه ينبغي أيضًا إنهاءه لمنع حرب أمريكية أخرى في الشرق الأوسط".

 

مقالات مشابهة

  • مجلة أمريكية: القدرات اليمنية لا يمكن القضاء عليها بسهولة
  • السعودية: خارطة الطريق لحل أزمة اليمن جاهزة للتوقيع
  • أمير قطر يؤكد سعي بلاده لوقف الحرب على قطاع غزة.. الوضع مأساوي
  • دعاوى قضائية مع السعودية وتركيا تدفع البرلمان الى الاستيضاح من وزير النفط
  • قبل انتهاء المهلة .. السعودية تعلن استعداها لتنفيذ خارطة السلام في اليمن
  • وزير حقوق الإنسان: مجلس الأمن أصبح إدارة من إدارات الخارجية الأمريكية ويمثل جزءاً من المشكلة
  • الديلمي: مجلس الأمن أصبح إدارة من إدارات الخارجية الأمريكية ويمثل جزءاً من المشكلة
  • “الكبير” يبحث مع مستشار الرئيس الفرنسي الوضع الاقتصادي في ليبيا
  • عضو بـ«الشيوخ»: الحكومة الجديدة قادرة على التعامل مع التحديات الراهنة
  • وزير المالية: نساند الحكومة الجديدة.. ودعم الطاقة أبرز أولوياتنا