الصين وتايوان.. وصوت الحكمة
تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT
مدرين المكتومية
75 عامًا من الجغرافيا القلقة... هكذا يُمكن توصيف حالة الخلاف الصيني التايواني، الذي بدأ منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ولا يزال قائمًا، صحيحٌ أنه يهدأ أحيانًا لكنه يطفو على السطح أحيانًا أخرى، وبين هذه وتلك، يبقى السؤال مشروعًا حول توقيت وآلية وسياسة إنهاء هذا التوتر بين جغرافيتين يُمثل كلاهما قوَّة صاعدة وبقوة، الصين بسياساتها الرصينة واقتصادها القوي ودبلوماسيتها المنفتحة على العالم، وتايوان الرائدة عالميًّا في قطاع التكنولوجيا وصناعة الرقائق الإلكترونية صاحبة المركز السابع كأكبر اقتصاد في آسيا.
وهنا.. يلزم التأكيد على أنَّ دروس التاريخ- التي لا يزال يُعلِّمُنا إياها من رحم الأحداث- تؤكد أنَّ الاحتكام للحكمة وانتهاج مبدأ الحوار البنَّاء والتفاوض هو المسار الأنجع والأكثر قدرة على حلحلة أي خلاف وإنهاء أي توتر. وفي ملف العلاقات الصينية التايوانية أعتقد أن الأمر قد يمضي بشكل أكثر سلاسة في حال تحييد الأطراف الخارجية عن التدخُّل؛ فعلى الرغم من هذا التاريخ الذي يبدو طويلاً نوعًا ما في التوتر، إلّا أنَّ العلاقات بين البلدين وخصوصًا الثقافية والاقتصادية، لم تنقطع؛ بل استمرت وتوطَّدت بمرور السنين، باستثناء بعض المناوشات التي تتسبَّب فيها حدَّة الخطاب المتبادل، والمناورات العسكرية بين الحين والآخر والتي تُعكِّر صفو جهود تقريب وجهات النظر وحل الخلاف.
وبعيدًا عن البروباجاندا الإعلامية؛ فإنَّ حجم الاستثمارات المشتركة اقتربت خلال العقود الثلاثة المنصرمة من حاجز الـ200 مليار دولار، وكان التبادل التجاري بينهما خلال العام 2020 وحده حوالي 166 مليار دولار. وكذا على المستوى الشعبي، فهناك حوالي 400 ألف تايواني يُقيمون في الصين بشكل دائم لإدارة أعمالهم الصناعية والتجارية والخدمية، كما إن هناك تايوانيين يؤيدون سياسية "الصين الواحدة" المعترف بها دوليًا، ومن ثمَّ يتعين أن تكون القرارات المصيرية بين الجانبين قائمة على الحكمة، لتفادي أي تراجع اقتصادي أو سياسي، ولتجنب أي آثار سلبية في تلك المنطقة من العالم؛ بل وقد يتطور الأمر لتدخلات عسكرية خارجية ويُربك اقتصادات دول عديدة، ويُؤجج استياءً عالميًّا لن يخدم أبدًا مصالح أحد.
إنَّ الصين وتايوان بما أسساه طوال العقود الماضية من سمعة طيبة على مستوى الرصانة السياسية والعقلانية في التعامل مع الدول الأخرى، يُعوَّل عليهما اليوم، في استثمار ما تحقق لهما من قبول واحترام دوليين، وتقدُّم صناعي واقتصادي، واستقرار سياسي واجتماعي، للبناء عليه في إيجاد حل عاجل وعادل لتحسين مستوى العلاقات، والتوصُّل لنقاط توافق مشترك، وتنحية الخلاف جانباً، ليعم السلام والاستقرار والتفاعل الإيجابي للعلاقات بين جانبي المضيق، كمفتاحٍ وضمانة لتنمية سلمية للعلاقات بينهما.
وأستحضر هنا في ختام هذه السطور، موقفيْن يُعززان التفاؤل بشأن مستقبل أكثر استقرارًا للعلاقة بين بكين وتايبيه؛ الأول دعوة الرئيس الصيني شي جينبينغ في العام 2019 كل القطاعات على جانبيْ المضيق لإجراء مشاورات ديمقراطية شاملة ومُعمَّقة، ترتكز على الأساس السياسي المشترك بشأن دعم "توافق 1992"، سعيًا للوصول إلى ترتيب مُؤسَّسي يدفع التنمية السلمية للعلاقات بين جانبي المضيق، والموقف الثاني لرئيسة تايوان تساي إينج وين، في العام 2020، حين أعلنت رغبة بلادها في إجراء "حوار هادف" مع الصين يحافظ على التكافؤ، ويضمن استقرار العلاقات لما فيه مصلحة الجانبين.
وأخيرًا.. إن السلام والوئام بين الدول والشعوب، هو السبيل الناجع والوحيد لتحقيق الاستقرار المنشود، وتحسين مستوى معيشة الناس، وتنمية الاقتصادات، ونشر العدالة في ربوع العالم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
القنصل العام للصين: 2025 عام الشراكة بين الصين ومصر.. تعزيز وخدمة قطاعي الإسكان والبناء في البلدين
استهل يانغ يى، القنصل العام للصين بالإسكندرية، كلمته خلال مشاركته بحفل انتهاء الهيكل الخرسانى للبرج الأيقونى بالعلمين الجديدة، بتقديم التهنئة للدولة المصرية على الإنجازات الكبيرة التى تم ويجرى تحقيقها بمدينة العلمين الجديدة، موضحًا أن مشروع أبراج الداون تاون بالمدينة يتم تنفيذه فى إطار التعاون المشترك بين البلدين ضمن مبادرة الحزام والطريق، فى مدينة العلمين الجديدة والتى تعد لؤلؤة البحر المتوسط.
وأكد القنصل العام للصين بالإسكندرية، أن هذا العام هو عام الشراكة بين الصين ومصر، ويصادف الذكرى السنوية العاشرة لإقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وقبل أيام قليلة، توصل الرئيس الصيني، شي جين بينغ والرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، إلى توافق جديد بشأن التعاون بين البلدين خلال اجتماع قادة مجموعة البريكس، وستدعم الصين مصر بقوة في حماية سيادتها الوطنية وأمنها ومصالحها التنموية، وهي على استعداد للعمل مع مصر كصديق مخلص للمساعدة المتبادلة وشريك وثيق في التنمية، موضحًا أن هذا الحفل يجسد التعاون المشترك بين البلدين لتحقيق التنمية المستدامة للمدن، وتحسين بيئة المعيشة بفضل توافق قادة البلدين، والجهود التي تبذلها وزارتا الإسكان الصينية والمصرية.
كما أكد السيد يانغ يى، أن السفارة والقنصليات الصينية في مصر ستواصل تعزيز وخدمة قطاعي الإسكان والبناء في البلدين، لتوطيد الثقة المتبادلة وتعميق التعاون العملي، وبناء مبادرة "الحزام والطريق" بجودة عالية، وذلك لمساعدة العلاقات الثنائية على المضي قدما نحو مجتمع مشترك بين الصين ومصر في العصر الحديث، مضيفًا: فى هذه اللحظة التاريخية التي نحتفل فيها باكتمال الهيكل الخرساني للبرج الأيقوني، أتمنى أن يصل تطوير وبناء مدينة العلمين الجديدة إلى مستوى جديد، وأن تنتقل الصداقة والتعاون بين الصين ومصر إلى مستوى جديد.