جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-05@07:35:31 GMT

الحارات القديمة في مطرح

تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT

الحارات القديمة في مطرح

 

 

أنور الخنجري

 

تُعد الحارات والبيوت والأسوار القديمة في مدينة مطرح إرثًا تاريخيًا يحكي ماضي الآباء والأجداد الذين كافحوا من أجل بنائها حجرًا على حجر، إنها إرث تاريخي ومعنوي له مكانة خاصة في قلوب من سكنها أو زارها أو ارتبط بها بطريقة ما، خاصة تلك الأجيال التي تشدها العاطفة والحنين إلى مرتع الصبا وموضع النشأة والولادة، لهم فيها ذكريات لا تُمحى مهما تقلب الزمن وابتعدت المسافات.

تراهم يقودهم الشوق دون عناء إلى تلك البيوت والأزقة التي صغرت مساحة عندما كانوا يرونها وهم صغارا، لكنها بقيت كبيرة في وجدانهم وستبقى مترسخة في ذاكرتهم إلى ما لا نهاية. وهذا ليس هو بيت القصيد، وإنما السؤال هو إلى متى ستبقى هذه الحارات والبيوت القديمة تئن من جور الزمن وتكافح عوامل التعرية في ظل الإهمال الحاصل لها من قبل أصحابها؟ وكذلك من قبل الجهات المعنية في الحكومة التي لم تعمل بجد لانتشالها من براثن الوضع المزري الذي تعيشه الآن؟

ألم يحن الوقت للتفكير فيما إذا استمر الوضع على هذا الحال! هل سيظل هذا الإرث صامدا في وجه الحداثة والتغييرات المتسارعة لمحو كل ما هو قيّم وقديم؟ حتمًا سنصل إلى فقدان ذلك إذا ما بقيت الأفواه مكممة والعقول جامدة وجاحدة والقرار صائما عن كل ما هو جميل ومثرٍ يخدم البلاد والعباد. دول كثيرة استغلت مثل هذه الحارات والبيوت القديمة وأقامت فيها مناشط تجارية وسياحية نموذجية حققت من خلالها صيتا عالميا وموارد مالية لا يستهان بها، كما قامت بعض الدول بمحاكاة الحارات والبيوت القديمة والأسواق التقليدية وخلقت منها منتجعات ونزل ومقاه ومطاعم وغيرها من المناشط التجارية والاقتصادية بنفس الشكل والتصميم الذي تمتاز به أحيائنا ومدننا العمانية، بينما نحن لدينا هذه الكنوز ولا تحتاج إلا لبعض لمسات التأهيل والترميم فقط وبعض الإضافات لتكون مصدر جذب سياحي واقتصادي كبير، خاصة ونحن نتكلم عن مدينة مطرح القديمة، أبرز مقصد للسياحة الداخلية والخارجية في السلطنة.

وإذا ما تضافرت الجهود الحكومية والأهلية في هذا الشأن فيمكن أن نستلهم عدة طرق ووسائل نعمل من خلالها على تحقيق هذا الحلم على أرض الواقع وننقل هذه الحارات والبيوت من حالة الركود التي هي عليها إلى مواقع جذب سياحية تستوعب أعدادا لا يستهان بها من الأيدي العاملة الوطنية.

فلنتخيل لو تحولت هذه البيوت القديمة في مدينة مطرح، ومثلها تلك الواقعة في مدينة مسقط القديمة، إلى نزل ومطاعم ومقاه ومسارح ومحلات أو نصبت في ساحاتها عربات موحدة الشكل والتصميم لبيع التذكارات البسيطة والمأكولات العمانية الخفيفة التي يحب السياح اقتناءها أو تجربتها أو أن تكون الأزقة نظيفة مرتبة وملونة جدرانها برسومات مبتكرة تبدع فيها أنامل الفنانين العمانيين، لأخرجنا من هذه الحارات تحفاً فنية ومتاحف مفتوحة في الهواء الطلق يستمتع بزيارتها كل من يزور بلادنا الحبيبة.

ومن أجل تحقيق غاية الاستفادة من هذه الحارات والبيوت القديمة فيجب أولا أن تكون هناك جدية لدى الجهات المعنية في الدولة بمنح التصاريح اللازمة دون تلكؤ أو تعقيد، ولتسهيل ذلك يمكن الاستعانة بالمخططات التي وضعت لتطوير مدينة مطرح أو تلك التي قامت بها إحدى الشركات الاستشارية لتطوير حارة الشمال مثلاً بحيث تمنح تصاريح البناء والصيانة وفقاً للتصميمات والأشكال التي حددتها هذه المخططات، وبحيث لا تكون هناك تجاوزات تؤثر على النمط التقليدي العام المرسوم للحارة والبيوت التي تحتويها، مع إجراء بعض التحسينات في البنية الأساسية. إن القرار الحكومي هنا يعد من الأولويات الضرورية إذا ما أردنا فعلا المضي قدما نحو تحقيق هذه الغاية.

وبما يتعلق بالأهالي ملاك هذه البيوت وأغلبهم من الطبقة المتوسطة فإنه من الصعوبة بمكان أن يقوموا فرادا بتأهيل بيوتهم واغلبها أصبحت إرثا من تركات الوالدين أو الأجداد، وللتغلب على هذه الإشكالية فأننا نرى أن يتفق أصحاب هذه الأملاك على تأسيس شركات أهلية يدخلون فيها كشركاء مقابل أسهم معينة تقدر بقيمة ما يملكونه من عقار ومع بعض الدعم من هيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة و بنك التنمية العماني أو البنوك التجارية في شكل قروض ميسرة فيمكن التغلب على هذه الإشكالية.

هناك أيضا إمكانية دخول القطاع الخاص كمستثمر في مثل هذه المشاريع المربحة من خلال نظام حق الانتفاع أو الشراكة مع أصحاب هذه العقارات أو حتى من خلال الشراء المباشر شريطة أن يكون الغرض من الشراء للغاية نفسها وليس من أجل بناء العمارات وتأجيرها للعمالة الوافدة كما هو حاصل الآن؛ الأمر الذي أدى إلى تشويه الصورة التقليدية لمدينتنا العريقة مطرح الخير.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تجديد حبس عاطلين 15 يوما لسرقتهما مواتير المياه فى مصر القديمة

جدد قاضي المعارضات بمحكمة جنوب القاهرة، حبس عاطلين 15 يوماً على ذمة التحقيقات، لاتهامهما بسرقة مواتير المياه من داخل العقارات في منطقة مصر القديمة.

وكشفت تحقيقات النيابة العامة، أن المتهمان لهما معلومات جنائية سابقة، واعترفا بتكوين تشكيل عصابي تخصص نشاطه في سرقة مواتير المياه من داخل المساكن فى مصر القديمة بأسلوب الفك، وأقرا بارتكابهما 3 وقائع سرقة بذات الأسلوب، وبالضغط عليهما أرشدا عن كافة المسروقات المستولى عليها لدى عميليهما "سيئا النية" تم ضبطهما.

وطالبت النيابة الأجهزة الأمنية بمصر القديمة، بسرعة التحريات حول المتهمان للوقوف على نشاطهما لاستكمال التحقيقات، ووجهت لهما تهمة السرقة.







مقالات مشابهة

  • اشتباكات مسلحة بين مقاومين وقوات الاحتلال في نابلس – فيديو
  • «القاهرة الإخبارية»: الاحتلال يقتحم محيط البلدة القديمة في قلقيلية بالضفة الغربية
  • مطالبات باستعادة أثر «الملك إسيسي» من ألمانيا.. ومؤرخ: لقب السيسي مصري قديم
  • تجديد حبس عاطلين 15 يوما لسرقتهما مواتير المياه فى مصر القديمة
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
  • لا تحلموا بالعودة للدولة القديمة
  • حبس عصابة سرقة مواتير المياه في مصر القديمة
  • سوسن بدر الهاربة من المتحف لقلوب جمهورها (تقرير)
  • القبض على تشكيل عصابي وراء سرقة مواتير المياه في مصر القديمة