موقع 24:
2024-11-15@18:56:31 GMT

الأوروبيون والموعظة البريطانية

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

الأوروبيون والموعظة البريطانية

لا تكتمل المعرفة الأشمل والأعمق لمغزى ومعنى خطوة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، من دون تحري أصدائها ومآلاتها وتوابعها في النطاق القاري الفسيح.

جاء بريكست في أجواء أوروبية ملبدة بغيوم من موجة تفشي النزعات الشعبوية

إشارات ومعالم ندم يبديها أغلب البريطانيين على انحيازهم لـ بريكست

ولو تعاملنا مع هذه الخطوة بشيء من المبالغة، لذهبنا إلى أنها تنطوي على إلهامات تتجاوز هذا النطاق، بحيث يصح أن يستمد منها فقه الأطر والنماذج الاتحادية أو التعاونية أو التضامنية، على اختلاف أنماطها وتجاربها وسياقاتها الجغرافية، أكثر من درس وعبرة على المستويين النظري والتطبيقي.

جاء بريكست في أجواء أوروبية ملبدة بغيوم موجة كبيرة من تفشي وانتشار النزعات الشعبوية، المشحونة بالأفكار الأميل للتطرف والانغلاق على الذوات الوطنية، وأحياناً دون الوطنية، في غير موقع وكيان.. ومن الأراجيف التي راجت، أو أراد لها قطاع من القوى الانعزالية الشوفينية أن تشيع وتتفشى قارياً، أن الاتحاد الأوروبي يستهدف القضاء على منظومات ورموز سيادة واستقلال معظم الدول المنخرطة في أطره، وذلك لصالح مؤسسات فوق قومية تسيطر عليها قلة من الدول الرائدة وفي طليعتها ألمانيا وفرنسا.

وفي حمأة التفصيلات التي بنيت على هذا التكييف أو المذهب الفكري، بدت هذه القوى وكأنها إنما تدافع عن طهرية التواريخ والهويات الوطنية أو المحلية الضيقة، وتسعى لانتشالها من براثن "توجهات خبيثة أو أنانية" تضمرها دول لم تتخلَّ عن أزمنة عظمتها الإمبراطورية.

والحق أن الفرقعات الإعلامية والدعائية والسياسية، والحمولات الأيديولوجية، التي بثها أقطاب التيار الانعزالي وأنصاره، لاقت وقعاً حسناً لدى أسماع البعض وأذهانهم، على نحو أغلق بصائرهم عن التكلفة الباهظة التي بذلها الاتحاديون الأقحاح دفاعاً عن اتجاههم ومواقفهم.. مثلاً، نسي هؤلاء أو تجاهلوا عمداً، كيف أسهم العون المالي والاقتصادي من لدن كبار أعضاء الاتحاد، ألمانيا بخاصة، في إنقاذ شركاء اتحاديين، كاليونان قبل عقد وبضع سنين، كانوا مهددين بشبح الإفلاس والفاقة.. ولعل هؤلاء تغافلوا أيضاً عن المدد والعون الذي قدمه أغنياء الاتحاد، الموصوفين بـ "الأشرار"، وما زالوا يقدمونه، في سبيل مساعدة الشركاء الأضعف على مكافحة وباء كورونا وتداعياته.

في ظل هذا المناخ القاري المقبض والمنذر بالسوء تجاه مسار الاتحاد ومصيره، الذي تعزز بالمواقف السلبية الرديفة من جانب الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الجمهوري ترامب، قدم البريكست البريطاني مادة دسمة للانعزاليين.. وراحوا يفركون أيديهم طرباً، مستبشرين بأن نظرية أحجار الدومينو ستفعل فعلها، وأنه لن يمر وقت طويل قبل أن تستفحل عدوى التمرد البريطاني في أرجاء القارة العجوز.

على أن هذا الانتشاء والتهليل، لم يتحرك على أرض ممهدة.. إذ انبرى الاتحاديون، بممثليهم على الصعيدين الفكري النظري والمؤسساتي العملي، للذود عن موقفهم وأطرهم، عارضين دفوعاً بالغة القوة والمنطقية، متصدين في الوقت ذاته لكل من الجنوح البريطاني تحديداً لمغادرة الاتحاد من ناحية، ولقوى التطرف والانكماش على الذوات المناطقية والقومية في عموم القارة من ناحية أخرى.

ولنا أن نلحظ بالخصوص، كيف اشتمل تعامل هذا الفريق مع خصومه داخل بريطانيا وخارجها على لغة العصا والجزرة.. حتى إنه لفت أنظارهم إلى أن الاتحاد لا يخلو من الأنياب، وأن للخروج عن جادته عواقب وتبعات قد لا تكون لهم طاقة بها، كل من تابع التفاوض البريطاني/ الاتحادي على العلاقة الثنائية قبيل البريكست وبعده، يدرك هذا المعنى.

لسنا بحاجة اليوم للإسهاب حول إشارات ومعالم الندم، التي يبديها أغلب البريطانيين على انحيازهم، المحدود في الحقيقة، لـ بريكست قبل سبعة أعوام وللخروج الفعلي قبل ثلاثة أعوام لا أكثر.. المهم هنا، أن السادة الانفصاليين وجدوا ما عملوا حاضراً ولكن في الاتجاه المضاد على طول الخط، لقد اتضح أن بريكست لم يفِ بأي من وعودهم في هذا الأجل القصير جداً، فما بالنا بالآجال الأطول.

أما الأهم، فهو وصول هذه الرسالة إلى من يعنيهم الأمر من أنصار المروق على التوجه الاتحادي في الرحاب الأوروبية الفسيحة، ولا أدل على نكوصهم وتراجعهم المنظم من تصريح السيدة جورجيا ميلوني، زعيمة هذا التوجه ورئيسة وزراء إيطاليا بأن بلادها "سوف تلتزم بالخطوط الموضوعة من بروكسل".

وإن اعتقد البعض بأن التجربة البريطانية الفاشلة تمضي سريعاً إلى تحقيق عدوى إثارة المخاوف من تكرارها أوروبياً، فهو اعتقاد جائز إلى أبعد التصورات.. وعطفاً على ذلك، يحق للاتحاديين القول بأنه رب ضارة نافعة.. وأغلب الظن أن ميلوني لن تقف وحيدة في التزامها بالولاء لعاصمة الاتحاد.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة

إقرأ أيضاً:

الشرطة البريطانية توقف أحد عناصرها عن العمل.. ما علاقة حماس؟

أوقفت السلطات البريطانية الأربعاء، أحد عناصر الشرطة بتهمة دعم حركة  "حماس" عبر الإنترنت.

وذكرت شرطة مقاطعة غلوسترشير الواقعة جنوب غرب بريطانيا في بيان لها أن وحدة مكافحة الإرهاب في المنطقة ألقت القبض على الشرطي، الذي يبلغ من العمر في الثلاثينات، في مدينة غلوستر.

 وأوضح البيان أن التوقيف جاء بسبب دعم العنصر للحركة عبر الإنترنت، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 12 من قانون الإرهاب.

وتجدر الإشارة إلى أن بريطانيا شهدت في الآونة الأخيرة حوادث مشابهة، حيث أعلنت الشرطة البريطانية في الأول من أيار/ مايو الماضي٬ أن شرطيًا في شمال إنجلترا وُجهت إليه تهم تتعلق بالإرهاب بعد نشره صورة تدعم حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي تم تصنيفها منظمة إرهابية في المملكة المتحدة.

ليست الحادثة الأولى
وذكرت شرطة مكافحة الإرهاب في شمال شرق البلاد في بيان لها أن السلطات ألقت القبض على محمد عادل، البالغ من العمر 26 عامًا، من مدينة برادفورد في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ووجهت إليه الاتهامين بعد تحقيق أجرته شرطة مكافحة الإرهاب.


وأوضح المكتب المستقل المعني بالرقابة على سلوك أفراد الشرطة أن التحقيقات ركزت على رسائل تم تداولها عبر تطبيق واتساب، وأدت إلى إحالة القضية إلى النيابة العامة.

وأضاف المكتب في بيان أن الشرطي محمد عادل وُجهت إليه تهمتان بموجب المادة 13 من قانون مكافحة الإرهاب، بسبب نشره صورة تدعم منظمة حماس المحظورة، وذلك في تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2023.

وقد تم إيقاف الشرطي عن العمل في شرطة ويست يوركشير، كما مثل أمام محكمة وستمنستر في لندن.

في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أعلنت وزارة الداخلية البريطانية فرض حظر شامل على حركة حماس بموجب قانون مكافحة الإرهاب، بعد أن شرعت في تقديم مشروع قانون إلى البرلمان بهذا الخصوص.

وأوضحت الوزارة أن أي شخص يدعم أو يدعو لدعم منظمة محظورة، بما في ذلك حماس، ينتهك القانون. وعزت الوزارة قرارها إلى ما وصفته بامتلاك حماس "قدرات إرهابية هامة".


ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، اعتقلت الشرطة البريطانية عددًا من الأشخاص في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في لندن، التي نظمت لإظهار الدعم لحركة حماس، ووجهت لهم اتهامات.

في الوقت نفسه، أفاد مسؤولو مكافحة الإرهاب بتلقي العديد من البلاغات بشأن محتوى عبر الإنترنت يدعم الحركة.

ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه غزة إبادة جماعية يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أمريكي، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وقد أسفرت الإبادة الجماعية عن استشهاد وإصابة أكثر من 146 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن أكثر من 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة تسببت في مقتل العشرات من الأطفال وكبار السن، ما يجعلها واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي يشيد بجهود المفوضية الوطنية للانتخابات في تنظيم الانتخابات البلدية بليبيا
  • الاقتصاد البريطاني ينمو بنسبة 0.1% في الربع الثالث من 2024
  • المتحف البريطاني يتلقّى أكبر تبرع في تاريخه
  • "منصة مسمومة".. "غارديان" البريطانية تنسحب من "إكس"
  • الشرطة البريطانية توقف أحد عناصرها عن العمل.. ما علاقة حماس؟
  • صحيفة "الجارديان" البريطانية تقرر غلق حساباتها على منصة "إكس"
  • الجامعة البريطانية تشارك في مؤتمر قمة المناخ COP29 بأذربيجان
  • الجامعة البريطانية في مصر تشارك في مؤتمر قمة المناخ COP29 بأذربيجان
  • مرشح القائمة الوطنية السويدي يقدم عريضة طعن في قرار لجنة انتخابات اتحاد الكرة
  • خاص لـ عربي21 هذا هدف الغارات الأمريكية البريطانية وسط اليمن