موقع 24:
2024-09-30@13:36:55 GMT

الأوروبيون والموعظة البريطانية

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

الأوروبيون والموعظة البريطانية

لا تكتمل المعرفة الأشمل والأعمق لمغزى ومعنى خطوة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، من دون تحري أصدائها ومآلاتها وتوابعها في النطاق القاري الفسيح.

جاء بريكست في أجواء أوروبية ملبدة بغيوم من موجة تفشي النزعات الشعبوية

إشارات ومعالم ندم يبديها أغلب البريطانيين على انحيازهم لـ بريكست

ولو تعاملنا مع هذه الخطوة بشيء من المبالغة، لذهبنا إلى أنها تنطوي على إلهامات تتجاوز هذا النطاق، بحيث يصح أن يستمد منها فقه الأطر والنماذج الاتحادية أو التعاونية أو التضامنية، على اختلاف أنماطها وتجاربها وسياقاتها الجغرافية، أكثر من درس وعبرة على المستويين النظري والتطبيقي.

جاء بريكست في أجواء أوروبية ملبدة بغيوم موجة كبيرة من تفشي وانتشار النزعات الشعبوية، المشحونة بالأفكار الأميل للتطرف والانغلاق على الذوات الوطنية، وأحياناً دون الوطنية، في غير موقع وكيان.. ومن الأراجيف التي راجت، أو أراد لها قطاع من القوى الانعزالية الشوفينية أن تشيع وتتفشى قارياً، أن الاتحاد الأوروبي يستهدف القضاء على منظومات ورموز سيادة واستقلال معظم الدول المنخرطة في أطره، وذلك لصالح مؤسسات فوق قومية تسيطر عليها قلة من الدول الرائدة وفي طليعتها ألمانيا وفرنسا.

وفي حمأة التفصيلات التي بنيت على هذا التكييف أو المذهب الفكري، بدت هذه القوى وكأنها إنما تدافع عن طهرية التواريخ والهويات الوطنية أو المحلية الضيقة، وتسعى لانتشالها من براثن "توجهات خبيثة أو أنانية" تضمرها دول لم تتخلَّ عن أزمنة عظمتها الإمبراطورية.

والحق أن الفرقعات الإعلامية والدعائية والسياسية، والحمولات الأيديولوجية، التي بثها أقطاب التيار الانعزالي وأنصاره، لاقت وقعاً حسناً لدى أسماع البعض وأذهانهم، على نحو أغلق بصائرهم عن التكلفة الباهظة التي بذلها الاتحاديون الأقحاح دفاعاً عن اتجاههم ومواقفهم.. مثلاً، نسي هؤلاء أو تجاهلوا عمداً، كيف أسهم العون المالي والاقتصادي من لدن كبار أعضاء الاتحاد، ألمانيا بخاصة، في إنقاذ شركاء اتحاديين، كاليونان قبل عقد وبضع سنين، كانوا مهددين بشبح الإفلاس والفاقة.. ولعل هؤلاء تغافلوا أيضاً عن المدد والعون الذي قدمه أغنياء الاتحاد، الموصوفين بـ "الأشرار"، وما زالوا يقدمونه، في سبيل مساعدة الشركاء الأضعف على مكافحة وباء كورونا وتداعياته.

في ظل هذا المناخ القاري المقبض والمنذر بالسوء تجاه مسار الاتحاد ومصيره، الذي تعزز بالمواقف السلبية الرديفة من جانب الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الجمهوري ترامب، قدم البريكست البريطاني مادة دسمة للانعزاليين.. وراحوا يفركون أيديهم طرباً، مستبشرين بأن نظرية أحجار الدومينو ستفعل فعلها، وأنه لن يمر وقت طويل قبل أن تستفحل عدوى التمرد البريطاني في أرجاء القارة العجوز.

على أن هذا الانتشاء والتهليل، لم يتحرك على أرض ممهدة.. إذ انبرى الاتحاديون، بممثليهم على الصعيدين الفكري النظري والمؤسساتي العملي، للذود عن موقفهم وأطرهم، عارضين دفوعاً بالغة القوة والمنطقية، متصدين في الوقت ذاته لكل من الجنوح البريطاني تحديداً لمغادرة الاتحاد من ناحية، ولقوى التطرف والانكماش على الذوات المناطقية والقومية في عموم القارة من ناحية أخرى.

ولنا أن نلحظ بالخصوص، كيف اشتمل تعامل هذا الفريق مع خصومه داخل بريطانيا وخارجها على لغة العصا والجزرة.. حتى إنه لفت أنظارهم إلى أن الاتحاد لا يخلو من الأنياب، وأن للخروج عن جادته عواقب وتبعات قد لا تكون لهم طاقة بها، كل من تابع التفاوض البريطاني/ الاتحادي على العلاقة الثنائية قبيل البريكست وبعده، يدرك هذا المعنى.

لسنا بحاجة اليوم للإسهاب حول إشارات ومعالم الندم، التي يبديها أغلب البريطانيين على انحيازهم، المحدود في الحقيقة، لـ بريكست قبل سبعة أعوام وللخروج الفعلي قبل ثلاثة أعوام لا أكثر.. المهم هنا، أن السادة الانفصاليين وجدوا ما عملوا حاضراً ولكن في الاتجاه المضاد على طول الخط، لقد اتضح أن بريكست لم يفِ بأي من وعودهم في هذا الأجل القصير جداً، فما بالنا بالآجال الأطول.

أما الأهم، فهو وصول هذه الرسالة إلى من يعنيهم الأمر من أنصار المروق على التوجه الاتحادي في الرحاب الأوروبية الفسيحة، ولا أدل على نكوصهم وتراجعهم المنظم من تصريح السيدة جورجيا ميلوني، زعيمة هذا التوجه ورئيسة وزراء إيطاليا بأن بلادها "سوف تلتزم بالخطوط الموضوعة من بروكسل".

وإن اعتقد البعض بأن التجربة البريطانية الفاشلة تمضي سريعاً إلى تحقيق عدوى إثارة المخاوف من تكرارها أوروبياً، فهو اعتقاد جائز إلى أبعد التصورات.. وعطفاً على ذلك، يحق للاتحاديين القول بأنه رب ضارة نافعة.. وأغلب الظن أن ميلوني لن تقف وحيدة في التزامها بالولاء لعاصمة الاتحاد.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية البريطاني يدعو مواطنيه لمغادرة لبنان فورًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامى نداءً عاجلًا لمواطنيه في لبنان بضرورة الرحيل من البلاد فورًا، في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي على لبنان.

و جاء هذا النداء في وقت تشهد فيه لبنان تصعيدًا عسكريًا من قبل إسرائيل، مع غارات مكثفة استهدفت الضاحية الجنوبية في بيروت.

وتناقض الأنباء حول مصير الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بعد الغارات الإسرائيلية، مع تأكيدات من مصادر إسرائيلية على احتمالية مقتله، فيما نفت مصادر إيرانية ذلك.

و أكدت وكالة "تسنيم" الإيرانية أن نصر الله والقيادي هاشم صفي الدين أحياء.

و أفادت وزارة الصحة اللبنانية باستشهاد شخصين وإصابة 76 آخرين في حصيلة أولية للعملية الإسرائيلية على حارة حريك في الضاحية الجنوبية.

من جهته، نفى البنتاجون ضلوعه في العملية الإسرائيلية، مُؤكدًا أن إسرائيل لم تبلغ الولايات المتحدة مسبقًا بالهجوم.

مقالات مشابهة

  • برفقة فريق الخبراء..عقيل مفتن يطلع على عمل عدد من الاتحادات الوطنية
  • استطلاع.. الأوروبيون بحاجة إلى المعلومات للاستعداد لحالات الطوارئ
  • الأكاديمية الوطنية لتنمية الطفولة.. جسر متين بين الأطفال ومقدّمي الرعاية
  • أخنوش يلتقي رئيس الوزراء البريطاني الجديد في نيويورك
  • وزير الخارجية البريطاني: اتفقت مع فرنسا على ضرورة وقف إراقة الدماء في لبنان
  • وزير الخارجية البريطاني: نعمل على مساعدة رعايانا لمغادرة لبنان
  • الاتحاد الأوروبي يرفض الإعدامات التي تجري في العراق
  • وزير الخارجية البريطاني يدعو مواطنيه لمغادرة لبنان فورًا
  • العدوان الأمريكي البريطاني يشن غارتين على صعدة
  • غارات للعدوان الامريكي البريطاني شمال صعدة