موقع 24:
2025-05-02@12:23:31 GMT

الأوروبيون والموعظة البريطانية

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

الأوروبيون والموعظة البريطانية

لا تكتمل المعرفة الأشمل والأعمق لمغزى ومعنى خطوة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، من دون تحري أصدائها ومآلاتها وتوابعها في النطاق القاري الفسيح.

جاء بريكست في أجواء أوروبية ملبدة بغيوم من موجة تفشي النزعات الشعبوية

إشارات ومعالم ندم يبديها أغلب البريطانيين على انحيازهم لـ بريكست

ولو تعاملنا مع هذه الخطوة بشيء من المبالغة، لذهبنا إلى أنها تنطوي على إلهامات تتجاوز هذا النطاق، بحيث يصح أن يستمد منها فقه الأطر والنماذج الاتحادية أو التعاونية أو التضامنية، على اختلاف أنماطها وتجاربها وسياقاتها الجغرافية، أكثر من درس وعبرة على المستويين النظري والتطبيقي.

جاء بريكست في أجواء أوروبية ملبدة بغيوم موجة كبيرة من تفشي وانتشار النزعات الشعبوية، المشحونة بالأفكار الأميل للتطرف والانغلاق على الذوات الوطنية، وأحياناً دون الوطنية، في غير موقع وكيان.. ومن الأراجيف التي راجت، أو أراد لها قطاع من القوى الانعزالية الشوفينية أن تشيع وتتفشى قارياً، أن الاتحاد الأوروبي يستهدف القضاء على منظومات ورموز سيادة واستقلال معظم الدول المنخرطة في أطره، وذلك لصالح مؤسسات فوق قومية تسيطر عليها قلة من الدول الرائدة وفي طليعتها ألمانيا وفرنسا.

وفي حمأة التفصيلات التي بنيت على هذا التكييف أو المذهب الفكري، بدت هذه القوى وكأنها إنما تدافع عن طهرية التواريخ والهويات الوطنية أو المحلية الضيقة، وتسعى لانتشالها من براثن "توجهات خبيثة أو أنانية" تضمرها دول لم تتخلَّ عن أزمنة عظمتها الإمبراطورية.

والحق أن الفرقعات الإعلامية والدعائية والسياسية، والحمولات الأيديولوجية، التي بثها أقطاب التيار الانعزالي وأنصاره، لاقت وقعاً حسناً لدى أسماع البعض وأذهانهم، على نحو أغلق بصائرهم عن التكلفة الباهظة التي بذلها الاتحاديون الأقحاح دفاعاً عن اتجاههم ومواقفهم.. مثلاً، نسي هؤلاء أو تجاهلوا عمداً، كيف أسهم العون المالي والاقتصادي من لدن كبار أعضاء الاتحاد، ألمانيا بخاصة، في إنقاذ شركاء اتحاديين، كاليونان قبل عقد وبضع سنين، كانوا مهددين بشبح الإفلاس والفاقة.. ولعل هؤلاء تغافلوا أيضاً عن المدد والعون الذي قدمه أغنياء الاتحاد، الموصوفين بـ "الأشرار"، وما زالوا يقدمونه، في سبيل مساعدة الشركاء الأضعف على مكافحة وباء كورونا وتداعياته.

في ظل هذا المناخ القاري المقبض والمنذر بالسوء تجاه مسار الاتحاد ومصيره، الذي تعزز بالمواقف السلبية الرديفة من جانب الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الجمهوري ترامب، قدم البريكست البريطاني مادة دسمة للانعزاليين.. وراحوا يفركون أيديهم طرباً، مستبشرين بأن نظرية أحجار الدومينو ستفعل فعلها، وأنه لن يمر وقت طويل قبل أن تستفحل عدوى التمرد البريطاني في أرجاء القارة العجوز.

على أن هذا الانتشاء والتهليل، لم يتحرك على أرض ممهدة.. إذ انبرى الاتحاديون، بممثليهم على الصعيدين الفكري النظري والمؤسساتي العملي، للذود عن موقفهم وأطرهم، عارضين دفوعاً بالغة القوة والمنطقية، متصدين في الوقت ذاته لكل من الجنوح البريطاني تحديداً لمغادرة الاتحاد من ناحية، ولقوى التطرف والانكماش على الذوات المناطقية والقومية في عموم القارة من ناحية أخرى.

ولنا أن نلحظ بالخصوص، كيف اشتمل تعامل هذا الفريق مع خصومه داخل بريطانيا وخارجها على لغة العصا والجزرة.. حتى إنه لفت أنظارهم إلى أن الاتحاد لا يخلو من الأنياب، وأن للخروج عن جادته عواقب وتبعات قد لا تكون لهم طاقة بها، كل من تابع التفاوض البريطاني/ الاتحادي على العلاقة الثنائية قبيل البريكست وبعده، يدرك هذا المعنى.

لسنا بحاجة اليوم للإسهاب حول إشارات ومعالم الندم، التي يبديها أغلب البريطانيين على انحيازهم، المحدود في الحقيقة، لـ بريكست قبل سبعة أعوام وللخروج الفعلي قبل ثلاثة أعوام لا أكثر.. المهم هنا، أن السادة الانفصاليين وجدوا ما عملوا حاضراً ولكن في الاتجاه المضاد على طول الخط، لقد اتضح أن بريكست لم يفِ بأي من وعودهم في هذا الأجل القصير جداً، فما بالنا بالآجال الأطول.

أما الأهم، فهو وصول هذه الرسالة إلى من يعنيهم الأمر من أنصار المروق على التوجه الاتحادي في الرحاب الأوروبية الفسيحة، ولا أدل على نكوصهم وتراجعهم المنظم من تصريح السيدة جورجيا ميلوني، زعيمة هذا التوجه ورئيسة وزراء إيطاليا بأن بلادها "سوف تلتزم بالخطوط الموضوعة من بروكسل".

وإن اعتقد البعض بأن التجربة البريطانية الفاشلة تمضي سريعاً إلى تحقيق عدوى إثارة المخاوف من تكرارها أوروبياً، فهو اعتقاد جائز إلى أبعد التصورات.. وعطفاً على ذلك، يحق للاتحاديين القول بأنه رب ضارة نافعة.. وأغلب الظن أن ميلوني لن تقف وحيدة في التزامها بالولاء لعاصمة الاتحاد.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة

إقرأ أيضاً:

مفوضية كشافة الشارقة تشارك في حفل تتويج فرقة مدرسة وودلم البريطانية بعجمان

الشارقة: «الخليج»
شارك وفد من مفوضية كشافة الشارقة في حفل تتويج كشافة مدرسة وودلم البريطانية بعجمان، وذلك في إطار التوجيهات التربوية التي تهدف إلى تنمية وتطوير أواصر الأخوة والصداقة لمنتسبي الحركة الكشفية، من كل المراحل السنية عامة، وفي إمارة الشارقة على وجه الخصوص.
جاء ذلك بتوجيهات كل من ناصر عبيد الشامسي رئيس المفوضية، واللواء عبدالله سعيد السويدي نائب رئيس المفوضية المشرف العام على الأنشطة، حيث شارك الوفد في حفل تتويج أول فرقة كشفية بالمدرسة، بحضور مديرة المدرسة وهيئة التدريس وعدد من الضيوف.
ويأتي تتويج الفرقة الكشفية في المدرسة، والتي ضمت ثلاث طلائع كشفية بواقع خمسة عشر كشافاً، كنواة أولى أساسية لبدء تكوين النشاط الكشفي في مقر المدرسة، في إطار حرصها على المواطنة العالمية والنمو الشخصي، ما يضمن تزويد كل طفل بالمهارات والثقة اللازمة للتفوق في عالم دائم التغير، مع الالتزام برعاية قادة الغد، وإرساء أسس النجاح داخل الفصل الدراسي وخارجه.
بعد ذلك ألقت مديرة المدرسة، كلمة رحبت من خلالها بالتعاون القائم بين المدرسة ومفوضية كشافة الشارقة، ثم بدأت مراسم التتويج بوقوف الجميع لأداء تحية العلم وعزف السلام الوطن مع ترديد النشيد الوطني بحماس، ثم ارتداء منديل الفرقة وشارة الجمعية إيذانا بعضوية المتوجين في الحركة الكشفية كأعضاء منتسبين لمفوضية كشافة الشارقة ومن ثم جمعية كشافة الإمارات.

مقالات مشابهة

  • البحرية البريطانية تكشف عن منع الحوثيين مغادرة سفن تجارية من ميناء رأس عيسى
  • في حال استمرار الحرب.. الأوروبيون يستعدون لفرض عقوبات على روسيا
  • فرنسا: الأوروبيون يستعدون بالتنسيق مع واشنطن لفرض عقوبات جديدة ضد روسيا
  • رئيس مجلس الوزراء يشيد بالأدوار الوطنية للحركة العمالية اليمنية
  • بلومبيرغ: الأوروبيون يلوّحون بمقاطعة السلع الأميركية
  • الوزير الشيباني: إن أي دعوة للتدخل الخارجي، تحت أي ذريعة أو شعار، لا تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام، وتجارب المنطقة والعالم شاهدة على الكلفة الباهظة التي دفعتها الشعوب جراء التدخلات الخارجية، والتي غالباً ما تُبنى على حساب المصالح الوطنية، وتخدم أ
  • وزير الطاقة يبحث مع رئيس شركة “غولف ساند” البريطانية إعادة تفعيل ‏استثمار قطاع النفط في سوريا
  • مفوضية كشافة الشارقة تشارك في حفل تتويج فرقة مدرسة وودلم البريطانية بعجمان
  • جماعة “أنصار الله” تعلن منع مرور السفن البريطانية في البحر الأحمر
  • ماذا استهدفت الطائرات البريطانية في أول عملية مشتركة مع أمريكا في اليمن؟