لو راجع الذين يعترضون على عقد لقاء وزاري تشاوري في الديمان المواقف الوطنية التاريخية للصرح البطريركي الماروني،لما كانوا قالوا ما قالوه بهذا الفائض من الخفّة السياسية الانفعالية. فأدوار هذا الصرح لم تكن في يوم من الأيام طائفية، بل كانت تنطلق من ثوابت لم يحد عنها منذ تأسيس لبنان الكبير على أيدي البطريرك المثلث الرحمة الياس الحويك حتى أيامنا هذه، والشواهد على ذلك كثيرة.

وإذا أردنا تعدادها لملأنا بها مجلدات وموسوعات. 
بعض المعترضين على هذا اللقاء التشاوري، وهم في أغلبيتهم ينتمون إلى تكتل "لبنان القوي"، فاتهم المعنى الحقيقي لهذا اللقاء ومدى أهميته في هذا التوقيت بالذات، وذهبوا في تفسيراتهم الخالية من الحد الأدنى من مقومات المنطق السليم إلى ما  اعتبروه سابقة غير دستورية من شأنها أن تفتح الباب واسعاً أمام تفسير الدستور واستقلالية مجلس الوزراء بما يمثله من مؤسسة قائمة في حدّ ذاتها تتمتّع بكيانها وصلاحياتها وفقاً لما نصّت عليه وثيقة الطائف. وقد سها عن بال هؤلاء أن البلاد تسير من فراغ إلى فراغ في المواقع المتقدمة، وقد تكون من بين الصدف غير المستحبة، أن تكون معظم هذه المواقع الرئيسية يشغلها في الأساس أحد أبناء الطائفة المارونية، ومن بينها رئاسة الجمهورية، وحاكمية مصرف لبنان، وربما غدًا قيادة الجيش، وهي المواقع، التي تمّ التوافق عليها عرفًا لكي تُسند المسؤولية فيها إلى أحد الموارنة. 
فلماذا استنفر الوزراء الذين ينتمون سياسيًا إلى "التيار الوطني الحر"، ووجهوا سهامهم في اتجاه هذا اللقاء، الذي سيعقد سواء حضروا أو لم يحضروا، ولماذا جعلوا من "حبّة" لقاء الديمان "قبّة" بهذا الحجم غير الطبيعي، ولماذا كانت كل تلك الردود الفورية والارتجالية غير المستندة إلى ذرّة من الموضوعية والعقلانية، ولماذا هذه الازدواجية في المواقف، إذ هم يحضرون أي لقاء تشاوري يُعقد في السرايا، ويعترضون على فكرة عقده في الديمان مثلًا، وقد يجد رئيس الحكومة ضرورة في عقد أكثر من لقاء تشاوري في دار الفتوى مثلًا أو في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أو في دار طائفة الموحدين الدروز؟ 
فهذا اللقاء التشاوري، وما أكثر المواضيع التي يمكن أن تثار فيه، قائم في موعده، وما على المعترضين عليه والمقاطعين له سوى انتظار ما سيصدر عنه من مواقف لن تصبّ في طبيعة الحال سوى في خانة تمتين أواصر الوحدة الوطنية القائمة على التشارك في تحمّل مسؤولية عدم إطالة فترة الفراغ الرئاسي، الذي سينتج عنه إذا ما طال فراغات كثيرة. وما على هؤلاء سوى الضغط في اتجاه إجراء انتخابات رئاسية في أسرع وقت، وذلك لما لهذا الفراغ القاتل من مفاعيل سلبية على كل مفاصل الدولة. 
ففكرة إلغاء هذا اللقاء غير واردة تحت أي ظرف، لأنه يأتي، وبكل بساطة، في سياق التشاور والبحث في الملفات الشائكة المطروحة بهدف طرح حلول ومعالجات لها. فهذا اللقاء ليس جلسة حكومية، كما حاول البعض تصوير الأمور وتشويهها لغايات باتت معروفة، ولا يلحظ جدول أعمال، ويمكن لرئيس الحكومة أن يوجّه مثل هكذا دعوة الى عقد لقاءات مماثلة في أي منطقة أو في مقر أي مرجعية في حال تطّلب الأمر ذلك، لأن الهدف هو البحث عن حلول ومعالجات في ظل انسداد الأفق السياسي. فهذا اللقاء، وإن عقد في الديمان، ليس محصورًا بقضايا تخصّ الطائفة المارونية فقط، بل تشمل جميع مكونات النسيج اللبناني.  
فلقاء الديمان لن يكون الأول من نوعه، ولن يكون الأخير. وما دام الهدف من هذه اللقاءات البحث عن حلول للأزمات السياسية والاقتصادية والمالية والتربوية والاجتماعية المستعصية، فإن انعقادها يجب أن يكون مطلبًا وطنيًا، وما على المعترضين والمقاطعين سوى إعادة النظر في مواقفهم المتسرعة والموحى بها.  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: هذا اللقاء

إقرأ أيضاً:

ما هي نصيحة وارن بافيت في مواجهة تقلبات السوق الحالية؟

شهدت الأسواق المالية تقلبات حادة مؤخرًا بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة لا تقل عن 10 بالمئة على جميع الشركاء التجاريين، مع نسب أعلى تستهدف الدول التي تعاني معها الولايات المتحدة من عجز تجاري. 

وأثار هذا القرار مخاوف المستثمرين من اندلاع حرب تجارية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم وتباطؤ الاقتصاد الأمريكي، وهو سيناريو قد يؤدي إلى عمليات بيع مكثفة في الأسواق.

على مدار العقود، أكد المستثمر الشهير وارن بافيت، رئيس مجلس إدارة "بيركشاير هاثاواي"، على أهمية التحلي بالهدوء عند مواجهة اضطرابات السوق. 


في رسالته للمساهمين عام 2017، استشهد بمقتطفات من قصيدة روديارد كبلينغ التي تحث على الثبات وسط الفوضى قائلاً: "إذا تمكنت من الحفاظ على هدوئك بينما يفقد الجميع أعصابهم.. فإن لك الأرض وكل ما فيها".

ويرى بافيت أن التقلبات جزء طبيعي من الاستثمار، إذ شهد مؤشر S&P 500 منذ عام 1980 أكثر من 21 تراجعًا بنسبة 10 بالمة أو أكثر، بمتوسط انخفاض سنوي يبلغ 14 بالمئة، ومع ذلك، لا يمكن لأحد التنبؤ بمدى عمق هذه التراجعات أو توقيتها بدقة.

ويذكر أن أحد أهم مبادئ الاستثمار لدى بافيت هو التركيز على الأهداف طويلة الأجل وعدم الانجرار وراء ردود الفعل العاطفية، فهو يؤمن بأن الأسواق تمر بدورات، لكن الاتجاه العام على المدى البعيد يكون صاعدًا.

وكتب في 2017: "يمكن أن يتحول الضوء من الأخضر إلى الأحمر دون المرور بالأصفر، لكن ذلك لا يعني أن على المستثمرين التخلي عن خططهم".


ويعتبر بافيت أن فترات انخفاض الأسواق تمثل فرصًا استثمارية نادرة، حيث يمكن للمستثمرين شراء أسهم عالية الجودة بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية. والتاريخ يثبت أن الأسواق الهابطة، التي تشهد تراجعًا بنسبة 20 بالمئة أو أكثر، تستغرق في المتوسط أقل من 10 أشهر قبل أن تعاود الصعود.

وبالتالي، فإن المستثمرين الذين يستغلون هذه الفترات لشراء الأصول بدلاً من الهلع والبيع، غالبًا ما يجنون أرباحًا كبيرة عند انتعاش السوق.

وأكد بافيت أن الحفاظ على الهدوء والانضباط هو مفتاح النجاح في الاستثمار. وكما قال في رسالته عام 2009: "الفرص الكبيرة لا تأتي كثيرًا، وعندما تمطر ذهبًا، احمل دلوًا، لا ملعقة".

مقالات مشابهة

  • صنعاء ..لقاء يناقش تعزيز الحماية والصمود المجتمعي
  • لقاء بصنعاء يناقش تعزيز الحماية والصمود المجتمعي
  • قصور الثقافة.. عروض مسرحية مجانية وأنشطة مكثفة بقرى حياة كريمة
  • البنك المركزي ينشر دليلا للحصول على خدمات مجانية من فروعه
  • تستهدف خدمة ألفي مواطن.. وكيل صحة القليوبية يتفقد قافلة طبية مجانية بشبلنجة
  • لقاءٌ جيّد... بري زوّد أوتاغوس بقائمة تتضمن 18 قانوناً إصلاحيّاً أنجزها مجلس النواب
  • ما هي نصيحة وارن بافيت في مواجهة تقلبات السوق الحالية؟
  • في السرايا.. لقاء بين اورتاغوس وسلام
  • لقاء تكريمي للدفاع المدني في سيدة اللويزة
  • مقربون من ترامب يقدمون له نصيحة بشأن الاتصالات المقبلة مع بوتين