اكتشاف علاقة بين انقراض أكبر حيوانات العالم وأكثرها رعبا وانتشار فاكهة العنب
تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT
قال فريق من الباحثين إن الفضل في انتشار فاكهة العنب بأنواعها على كوكبنا يرجع جزئيا إلى انقراض الديناصورات.
وفي اكتشاف تم وصفه في مجلة Nature Plants، حدد الباحثون تسعة أنواع جديدة من العنب الأحفوري، يتراوح عمرها بين 60 إلى 19 مليون سنة. وتم اكتشاف البذور في كولومبيا وبنما وبيرو.
إقرأ المزيد العلماء يحددون 1.2% من مساحة الأرض لمنع الانقراض الجماعي السادس
ويمثل أحد هذه الأنواع أقدم مثال معروف لنباتات عائلة العنب في نصف الكرة الغربي. وتساعد هذه البذور الأحفورية في إظهار كيفية انتشار عائلة العنب في السنوات التي تلت انقراض الديناصورات.
ويقول فابياني هيريرا، وهو أمين مساعد لعلم النباتات القديمة في المتحف الميداني في مركز نيغاوني للأبحاث التكاملية بشيكاغو والمؤلف الرئيسي للورقة البحثية: "هذه هي أقدم أنواع العنب التي عثر عليها على الإطلاق في هذا الجزء من العالم، وهي أصغر ببضعة ملايين من السنين من أقدم أنواع العنب التي تم العثور عليها على الجانب الآخر من الكوكب. وهذا الاكتشاف مهم لأنه يظهر أنه بعد انقراض الديناصورات، بدأ العنب بالفعل في الانتشار في جميع أنحاء العالم".
ومن النادر أن يتم الحفاظ على الأنسجة الرخوة مثل الفواكه كأحافير، لذلك فإن فهم العلماء للفواكه القديمة غالبا ما يأتي من البذور التي من المرجح أن تتحول إلى حفريات.
وفي الواقع، عثر على أقدم حفريات بذور العنب المعروفة في الهند عام 2013، ويبلغ عمرها 66 مليون سنة. واتضح أن هذه الحفرية الصغيرة لم تكن فقط أول حفرية عنب في أمريكا الجنوبية، ولكنها أيضا واحدة من أقدم الحفريات في العالم. وتم تأكيد ذلك بمساعدة الأشعة المقطعية.
وفي الدراسة الجديدة، أدى العمل الميداني المتواصل الذي قام به الباحثون في أمريكا الجنوبية والوسطى إلى اكتشاف تسعة أنواع جديدة من العنب الأحفوري. وتؤرخ هذه البذور القديمة قصة هجرة عائلة العنب عبر نصف الكرة الغربي وسط سلسلة من الانقراضات والتشتت.
إقرأ المزيد تقدم علمي مذهل قد يعيد طائر الدودو المنقرض منذ 350 عاماويقول هيريرا: "نحن نفكر دائما في الحيوانات، والديناصورات، لأنها كانت أكبر الكائنات التي تأثرت، ولكن حدث الانقراض كان له تأثير كبير على النباتات أيضا. لقد أعادت الغابة ضبط نفسها بطريقة غيرت تكوين النباتات".
ويفترض هيريرا وزملاؤه أن اختفاء الديناصورات ربما ساعد في تغيير الغابات، وبالتالي خلق بيئة أكثر ملاءمة للعنب.
وتوضح مونيكا كارفاليو، المؤلفة المشاركة للورقة البحثية والأمين المساعد في متحف علم الحفريات بجامعة ميشيغان: "من المعروف أن الحيوانات الكبيرة، مثل الديناصورات، تغير النظم البيئية المحيطة بها. نعتقد أنه إذا كانت هناك ديناصورات كبيرة تتجول في الغابة، فمن المحتمل أنها كانت تهدم الأشجار، ما يجعل الغابات أكثر انفتاحا مما هي عليه اليوم، ولكن من دون وجود ديناصورات كبيرة لتقليمها، أصبحت بعض الغابات الاستوائية، بما في ذلك تلك الموجودة في أمريكا الجنوبية، أكثر ازدحاما".
وقال هيريرا: "في السجل الأحفوري، بدأنا نرى المزيد من النباتات التي تستخدم الكروم لتسلق الأشجار، مثل العنب، في هذا الوقت تقريبا".
وتلقي الدراسة بملاحظة جانبية: إن تنوع الطيور والثدييات بعد انقراض الديناصورات يمكن أن يكون قد ساعد العنب أيضا عن طريق نشر بذوره.
المصدر: Earth.com
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الارض الفواكه النباتات حيوانات منقرضة ديناصورات معلومات عامة معلومات علمية انقراض الدیناصورات
إقرأ أيضاً:
بلاغة من عصر الديناصورات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعض الأشخاص يظنون أن استخدام كلمات مهجورة لا تُذكر إلا في المعاجم القديمة أو أمهات الكتب، هو السبيل لإبراز ثقافتهم وإظهار تفوقهم الفكري أمام الآخرين، فيسعون جاهدين لصياغة جملة أو جملتين مليئتين بالمصطلحات الغريبة التي يكاد يفهمها حتى المتخصصون بصعوبة.
لكن في حقيقة الأمر، هذه المحاولات كثيرًا ما تعكس نقصًا داخليًا يسعى صاحبه للتعويض عنه بالتظاهر، بينما يفتقد جوهر الثقافة الحقيقي، وهو القدرة على التواصل الواضح والمفيد. إن اللغة، في أصلها، وسيلة للتفاهم والتقريب بين البشر، لا وسيلة للتعقيد أو استعراض الذات.
ما يفعله هؤلاء هو أشبه بمن يرتدي زيًا تقليديًا فاخرًا في وسط حفلة عصرية، فتكون النتيجة ليس الإعجاب، بل إثارة الدهشة وربما السخرية الخفية. فما جدوى البلاغة إذا لم تكن أداة للتأثير الإيجابي والفهم العميق؟. إن الثقافة الحقيقية ليست في الكلمات، بل في الفكر والإبداع الذي يحمل رسالة واضحة تصل إلى الجميع.
ولقد أصبحت الثقافة واحدة من أبرز الوسائل التي يُقيّم بها الإنسان، ليس فقط على مستوى تحصيله المعرفي، بل في طريقة تعبيره ولغته المستخدمة.. من هذا المنطلق، فهناك أشخاص يعتمدون على الكلمات المعقدة والنادرة، كأنها وسام يزين صدورهم. لكن خلف هذا البريق اللغوي، تكمن أزمة حقيقية تعكس نقصًا داخليًا، ومحاولة تعويض ضعف في العمق الفكري بأساليب سطحية قد تثير الإعجاب للوهلة الأولى، لكنها في النهاية تفقد تأثيرها، وتصبح مادة للسخرية أو حتى الشفقة.
الثقافة الحقيقية ليست مجرد كلمات رنانة، أو عبارات صعبة الفهم تُقتبس من المعاجم، بل هي امتداد للوعي والفهم العميق للحياة. إنها القدرة على التأثير الإيجابي في المجتمع عبر أفكار بسيطة ولكنها عميقة، تستند إلى فهم حقيقي لقضايا الإنسان. لكن هؤلاء الذين يُعرفون بـ"المتظاهرين بالثقافة" لا يدركون هذا البعد.
يرى البعض منهم أن الثقافة تكمن في إبهار المستمع أو القارئ بكلمات غريبة، معتقدين أن ذلك كافٍ ليثير احترام الآخرين أو حتى انبهارهم. يلجأ هؤلاء إلى استخدام كلمات مثل "شنف أذنيه" أو "دهماء"، أو عبارات مستوحاة من الشعر القديم دون سياق مناسب، وكأنهم يحاولون استحضار أمجاد الماضي دون فهم حقيقي لمعانيها.
اللغة في جوهرها ليست إلا أداة للتواصل بين البشر. عندما تُستخدم كلمات لا يفهمها المتلقي، فإنها تفقد دورها الأساسي وتتحول إلى عائق بدلًا من جسر. إن من يتعمد تعقيد حديثه أو كتابته، فإنه يضع حاجزًا بينه وبين الآخرين، وهذا يُفقده التأثير الذي يسعى إليه.
الثقافة الحقيقية ليست في استخدام كلمات معقدة، بل في اختيار كلمات مناسبة توصل الفكرة بوضوح وفعالية. إنها القدرة على جعل المستمع أو القارئ يفهم الفكرة بعمق دون حاجة إلى ترجمة أو توضيح.
لا يُدرك هؤلاء المتظاهرون أنهم بفعلهم هذا يبعدون الناس عن جوهر الثقافة، ويشوهون قيمتها. فبدلًا من أن تكون الثقافة جسرًا يربط الإنسان بالعالم، تصبح أداة للنرجسية والاستعلاء. عندما يستخدم شخص لغة مبالغًا في صعوبتها، فإنه لا يبحث عن التفاهم، بل عن الإعجاب، وهو ما ينزع عن اللغة دورها الإنساني.
علاوة على ذلك، فإن هذا السلوك يؤدي إلى تشويه صورة المثقف الحقيقي، ذلك الذي يسعى لتقريب المعاني وجعل الثقافة متاحة للجميع. فكلما ازداد التظاهر بالثقافة، ازداد نفور الناس من اللغة العميقة، وارتبطت في أذهانهم بالتعقيد والمبالغة.
والتظاهر بالثقافة ليس سوى محاولة للتعويض عن نقص داخلي. فالشخص الذي يشعر بعدم الثقة في عمق معرفته، قد يلجأ إلى استعراض سطحي يحاول من خلاله إثبات تفوقه. لكنه لا يدرك أن هذا الأسلوب يكشف عن ضعفه أكثر مما يُخفيه.
على الجانب الآخر، قد يكون هذا السلوك انعكاسًا لبيئة اجتماعية تقدس المظاهر على حساب الجوهر. ففي مجتمعاتنا، يُقدَّر الإنسان أحيانًا بناءً على ما يبدو عليه، وليس على حقيقته. وهذا يدفع البعض إلى التركيز على قشور الثقافة بدلًا من جوهرها.
والخلط بين استخدام المعاجم والبلاغة الحقيقية هو أحد أكبر الأخطاء التي يقع فيها هؤلاء. البلاغة ليست في تعقيد الكلام، بل في جمال الصياغة وبساطتها. انظر إلى الكتاب الكبار والأدباء العظماء، مثل نجيب محفوظ وطه حسين، الذين استطاعوا بأبسط الكلمات أن يعبروا عن أعقد الأفكار. لم يكن هدفهم أبدًا إظهار معرفتهم بالكلمات النادرة، بل نقل أفكارهم بأفضل طريقة ممكنة.
الثقافة الحقيقية لا تعني أن تكون معجمًا متحركًا، بل أن تكون شخصًا قادرًا على فهم العالم وتحليله بعمق، وقادرًا على نقل هذا الفهم بأسلوب بسيط ومؤثر. إن من يركز على الكلمات بدلًا من الأفكار، فإنه يضع العربة أمام الحصان، فيضل الطريق إلى التأثير الحقيقي.
الثقافة ليست في عدد الكلمات التي نستخدمها، بل في قدرتنا على إيصال الفكرة الصحيحة، وفي وعينا بقضايا الإنسان والمجتمع. المثقف الحقيقي هو من يستطيع أن يبني جسورًا من التفاهم، لا من يضع الحواجز ويجعل الثقافة حكرًا على فئة صغيرة.
يجب أن ندرك أن الثقافة ليست استعراضًا، بل مسؤولية. كل شخص يمتلك وعيًا أو معرفة، عليه أن ينقلها للآخرين بأبسط شكل ممكن، وعلينا أن نتوقف عن تقدير الأشخاص بناءً على مظاهرهم اللغوية، وأن نركز بدلًا من ذلك على عمق أفكارهم ومدى فائدتها.
كما يجب أن ننشر وعيًا حول أهمية اللغة البسيطة والواضحة. لا عيب في استخدام كلمات سهلة الفهم، بل العيب في تعقيد الأمور بلا داعٍ.
فالتظاهر بالثقافة ليس سوى قناع هش يحاول بعض الأشخاص ارتداءه لإخفاء نقصهم. لكنه قناع سرعان ما يسقط، ويترك صاحبه مكشوفًا أمام الجميع. إن الثقافة الحقيقية لا تحتاج إلى تعقيد، بل إلى وضوح وصدق. اللغة ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لفهم العالم والتواصل مع الآخرين. وكل من يستخدمها لخدمة غروره، فإنه يُفقدها قيمتها الحقيقية.