(عدن الغد)خاص:

سلطت تقرير نشرته مؤسسة ماعت للحقوق والحريات، الضوء على الخسائر والأضرار الناتجة عن تغير المناخ والحرب في اليمن.

وقالت في إطار حرصها على تعزيز مجتمعات مستدامة تحافظ على حياة الإنسان بشكل أمن وجيد، تصدر العدد الثامن عشر من "مرصد الهدف الثالث عشر في المنطقة العربية بعنوان الخسائر والأضرار الناتجة عن التغير المناخي في المنطقة العربية: الأهداف وآليات التنفيذ"، ليتناول الإجراءات والتدابير التي تتخذها الدول العربية للتصدي لتغير المناخ وآثاره.

وأوضح العدد الثامن عشر من المرصد أن واحد من أبرز مخرجات مؤتمر كوب 27 للمناخ هو إقرار صندوق الخسائر والأضرار، ومع ذلك لا تزال خطط التكيف في العديد من البلدان النامية والتي أبرزها المنطقة العربية مجرد أهداف لم يرى لها تنفيذ على أرض الواقع، وتواجه رفض وتعسر من جانب الدول المتقدمة والغنية المتسببة في معظم الانبعاثات العالمية، وبشكل خاص من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين، وعلى المستوى العربي السعودية وقطر خشية الدخول في دوامة من الالتزامات المالية.

ووفقا للتقرير: جاءت جمهورية اليمن كدولة العدد الثامن عشر من الدورية الشهرية، لافتا إلى أنها لاتزال تواجه مشكلات بيئية خطيرة بسبب استمرار الانتهاكات التي ترتكبها جماعة الحوثي واستمرار الحرب الأهلية، والتى جعلتها في المرتبة 171 من أصل 182 دولة على مؤشر نوتردام العالمي للتكيف، وتشهد اليمن حرباً طاحنة لم تقتصر آثارها على الجانب الإنساني والسياسي والاقتصادي، بل امتدت إلى الجانب البيئي لتخلّف أضراراً جسيمة على البيئة تسبب في إيقاف العديد من المشاريع القائمة والخطط الخاصة بمواجهة نتائج التغير المناخي.

وتعليقاً على المرصد ندد أيمن عقيل؛ الخبير الحقوقي الدولي، ورئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، باستمرار انتهاكات الحوثيين على مدار 9 سنوات متتالية، والتي أسفرت عن إيقاف العديد من المشاريع التنموية والبيئة في اليمن.

وأشار عقيل أنه على الرغم من كل التدخلات الإقليمية والدولية للتحسين الأوضاع المناخية في دولة اليمن، إلا أن هذه التدخلات تبقى محدودة جداً ودون المستوى المطلوب، فلا تزال هناك حاجة ماسة إلى جهود كثيفة، ومتنوعة، تشمل خطة وطنية واضحة، ومنظومة سياسات بيئية شاملة.

وأكد أنه لا يتوقع أن تكون السلطات اليمنية قادرة على القيام بتدخلات مماثلة في مواجهة آثار تغير المناخ على المدى القريب وذلك بسبب استمرار الصراع وما تسببت به جماعة الحوثي من تدمير شامل للبنية التحتية والممتلكات، في ظل عدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية التي تعيق نشاط مؤسسات الدولة.

وأوصي الخبير الحقوقي بجامعة الدول العربية ببناء شراكات مع الحكومة اليمنية بشأن الجهود والبرامج المتعلقة بالتأهب لتغير المناخ، بما في ذلك التخزين المسبق للإمدادات والغذاء والمياه والاحتياجات الضرورية الأخرى للمجتمعات، كما دعا الجهات المالية المانحة بتكثيف مساعداتها المالية للدول العربية، ولا سيما دول النزاع التي تفتقر إلى وجود مؤسسات قوية قادرة على تمويل تلك الأضرار.

ومن جانبها أضافت هدى عماد؛ الباحثة في وحدة التنمية المستدامة بمؤسسة ماعت أنه وفي ظل استعراض المنتدى السياسي رفيع المستوى لعام 2023 للهدف السابع عشر المتعلق بتعزيز الشراكات التي تقوم بها الحكومات، يجب علي الحكومات العربية العمل على تعزيز شراكاتها في العمل المناخي بمشاركة تجربتها الناجحة في الشراكات العربية من أجل تعميم الاستفادة والخبرة في العمل المناخي مع غيرها من الدول العربية الأخرى.


 

المصدر: عدن الغد

إقرأ أيضاً:

فيلم «بعد ذلك لن يحدث شيء» للمخرج السوداني إبراهيم عمر: معالجة لظاهرة القلق في الدول العربية غير المستقرة

تونس ـ «القدس العربي»: أثار الفيلم السوداني القصير «بعد ذلك لن يحدث شيء» للمخرج إبراهيم عمر الكثير من الاهتمام الإعلامي وحديث النقاد، قبل وبعد فوزه بجائزة التانيت الذهبي للفيلم الروائي القصير لمهرجان أيام قرطاج السينمائية. وكان هذا الفيلم، الذي خطف الأنظار، قد عرض للمرة الأولى في العالم العربي في مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الخامسة والأربعين.

وحصل الفيلم على تنويه خاص من لجنة التحكيم بمهرجان أوبرهاوزن الدولي للفيلم القصير في دورته السبعين حيث تم خلاله عرض الفيلم ونال استحسان النقاد والجمهور. كما نال جوائز أخرى برهن من خلالها أن الإبداع بإمكانه تحدي الظروف القاهرة والأزمات والتحليق عاليا في سماء التألق إذا وجد روح التحدي مع الصبر والجلد لدى المبدع، وهو حال المخرج وصانع الأفلام السوداني إبراهيم عمر.

تحدي الصعاب



عرف السودان، موطن عمر، تصوير عديد الأفلام الأجنبية منذ سنة 1910، حيث كانت البداية بفيلم موضوعه افتتاح خط سكة الحديد وتم عرضه بمدينة الأُبيِّض عاصمة إقليم شمال كردفان وكذلك بالعاصمة الخرطوم. وبعد استقلال البلد عن بريطانيا سنة 1956 ظهرت قاعات السينما وانتشرت لتصل في سنوات السبعين إلى ستين قاعة وهو ما اقتضى العمل على إنتاج الأفلام لعرضها في هذه القاعات.
فتم في تلك الفترة إنشاء مؤسسة الدولة للسينما التي أنتجت أفلاما سودانية، لم تكن بأعداد كبيرة، لكنها كانت هامة من حيث المحتوى، وصورت الواقع في بلاد النيلين كما هو. ومن الأفلام اللافتة المنتجة في تلك الفترة فيلم «أحلام وآمال»، وهو أول فيلم سوداني روائي طويل من إخراج الرشيد مهدي وتم تصويره تحديدا سنة 1970.
ولكن بعد ما سمي بـ «ثورة الإنقاذ الوطني» سنة 1989 لم يجد القطاع السينمائي تشجيعا من الدولة، فبدأت قاعات السينما بإغلاق أبوابها حتى تم حل مؤسسة الدولة للسينما ولم يعد هناك إنتاج يذكر. ووسط هذا الوضع المتدهور للقطاع السينمائي في السودان استطاع إبراهيم عمر النهوض من جديد بالفن السابع في بلاده وذلك رغم التقسيم والحروب والوضع السياسي المرير الذي عصف ببلد له من الثروات ما يجعله في طليعة أمم الأرض في كافة المجالات.

سيرة ذاتية لافتة

إن فيلم «بعد ذلك لن يحدث شيء» هو من إنتاج معهد السودان للأفلام، ومن تأليف وإخراج وإنتاج إبراهيم عمر، ويشاركه في إنتاج هذا الفيلم الذي صنع الحدث على الساحة السينمائية العربية أحمد بشاري. أما بطولة الفيلم فقد عادت أيضا لمخرجه إبراهيم عمر ويشاركه كل من عامر أحمد وخالد معيط وأحمد بشارى، والتصوير لطارق عبد الله، والمونتاج لعامر أحمد وخالد معيط.
وللإشارة فإن إبراهيم عمر عمل أيضا مخرجًا ومنتجًا لعدد من القنوات التلفزيونية على مدى السنوات العشر الماضية، وأخرج أفلاماً وثائقية للتلفزيون، كما أسس مهرجان «أيام بورتسودان السينمائية» وهو حدث سينمائي سنوي يقام في مدينة بورتسودان شرقي دولة السودان ويهتم بالأفلام السينمائية القصيرة.
كما عمل عمر في الصحافة المكتوبة من خلال الإشراف على صفحة السينما في صحيفة «التيار» السودانية وهي أول صحيفة سينمائية متخصصة في السودان، وأيضا من خلال تأسيس مجلة «شورت فيلم بروشيورز».
تشير سيرة إبراهيم الذاتية إلى أنه كان من نجوم كرة القدم ببورتسودان وتعرض لإصابة في إحدى مباريات الناشئين وهو ما اضطره للسفر إلى القاهرة للعلاج من هذه الإصابة. وهناك، أي في قاهرة المعز، اتجه إبراهيم عمر لدراسة السينما وتخصص تحديدا في الأفلام التسجيلية ولفت إليه الانتباه في بلد السينما. وللإشارة فإن المخرج السوداني حاصل على بكالوريوس من المعهد العالي للسينما بالقاهرة، وعلى ديبلوم سينمائي من الجامعة الفرنسية بمصر، وهو ما يدل على أهمية تكوينه الأكاديمي.

توجه فلسفي

فيلم «بعد هذا لن يحدث شيء» هو عمل سينمائي مميز ذو توجه فلسفي وأسلوب بصري تجريبي، ويعالج موضوع الانتظار وعدم القدرة على الحركة، ويعكس القلق والتوتر المرتبطين بعدم اليقين بشأن المستقبل. والعنوان في حد ذاته مثير للعواطف، وهو يوحي بحالة من الفراغ والركود بعد حدث حاسم، وهو ما يترك المشاهد منغمسًا في تفكير عميق حول مصير الشخصيات وأخطار القصة.
يتحدث هذا الفيلم القصير عن شخصيات تعيش انتظارا لشيء ما لا نهاية له، مليء بالتوتر والقلق، ولم يتم تقديم سياق محدد لشرح ما يتوقعونه، ما يترك للمشاهد حرية تفسير الأحداث حسب مزاجه الخاص. فغياب السرد الصريح في هذا الفيلم الحدث يعزز الفكرة الوجودية للحياة المعلقة، التي تتسم بالخوف من المجهول ومما هو آت في المستقبل.
ومن خلال مواضيع مثل الوقت والانتظار والصمت، يكشف الفيلم تأثير الظروف الخارجية على الأفراد. ويجد هذا الموضوع صدى خاصا في السياق السوداني، حيث تتسم الحياة اليومية في كثير من الأحيان بعدم اليقين السياسي والاقتصادي والخوف مما سيحصل غدا.
ويتميز إبراهيم عمر بنهجه التجريبي والبصري، بعيدًا عن الهياكل السردية الكلاسيكية، وفي هذا الفيلم يركز على الرمزية والعواطف بدلاً من الحوار، ويستخدم بمهارة الضوء والظلال وزوايا الكاميرا والوتيرة البطيئة ليغمر المشاهد في جو تأملي، ويؤكد أسلوبه البسيط على أصالة الشخصيات، التي تبدو حقيقية وإنسانية للغاية. وتميز هذه الصراحة في الطرح والإخراج إلى حد كبير السينما السودانية المعاصرة، حيث يفضل المخرجون السودانيون الإنسانية والعمق على التصنع المذهل الذي يميز تجارب سينمائية أخرى.

جيل جديد

يعد إبراهيم عمر جزءًا من الجيل الجديد من المخرجين السودانيين الناشئين في أعقاب النهضة السينمائية في البلاد وذلك بعد عقود من تهميش إنتاج الأفلام بسبب التحديات السياسية والاقتصادية. ويعمل المخرجون السودانيون الجدد مثل عمر على إعادة تعريف القصص السينمائية من خلال تسليط الضوء على القصص الإنسانية والثقافية في بلادهم.
ويضفي إبراهيم عمر على أعماله لمسة تجريبية فريدة وهو الذي يسعى جاهدا إلى سرد قصص سودانية بسيطة ولكنها كونية تثير اهتمام الإنسان في أي مكان من العالم، حيث تكشف التفاصيل الصغيرة للحياة اليومية حقائق عميقة عن المجتمع والحالة الإنسانية. وبالتالي فإن «بعد هذا لن يحدث شيء» هو أكثر من مجرد فيلم سينمائي روائي قصير تم إنتاجه في السودان، إنه جزء من موجة التجديد في السينما السودانية التي كادت تندثر بسبب الأوضاع السياسية المضطربة التي عاشها هذا البلد الغني.
وتنتج السينما السودانية مع هذا التيار الجديد أعمالاً تسلط الضوء على القصص المحلية، وتتناول مواضيع تاريخية وسياسية واجتماعية بنهج فني مبتكر يعكس تطلعات الشباب السوداني لرواية قصصهم ومشاركتها مع بقية العالم. ومن خلال فيلم «بعد هذا لن يحدث شيء» يثبت إبراهيم عمر أنه أكثر من مجرد مخرج، فهو فنان تشكيلي يستخدم الكاميرا كأداة لنقل الأفكار الوجودية والإنسانية.
إن أفلام إبراهيم عمر لا تقتصر على تسجيل الأحداث التاريخية الكبرى فحسب، بل هي مرآة تعكس تفاصيل الحياة اليومية، من عادات وتقاليد ولغة ومشاعر وغيرها. فهي تسجل بتفصيل دقيق التغيرات التي تشهدها المجتمعات على المستويات الاجتماعية والثقافية والسياسية، ما يساعد على فهم الجذور وعلى تكوين الهوية بشكل أفضل على حد تعبير إبراهيم عمر نفسه في أحد اللقاءات.

   

مقالات مشابهة

  • وزير الاتصالات: إطار تنظيمى متوازن لحماية الدول العربية من مخاطر الذكاء الاصطناعى
  • مناخ بورسعيد يواصل إعادة الانضباط بالشارع استعدادا لشهر رمضان
  • مناخ بورسعيد يواصل المرحلة الثانية لرفع أكوام الرتش باللنش والحرية
  • فيلم «بعد ذلك لن يحدث شيء» للمخرج السوداني إبراهيم عمر: معالجة لظاهرة القلق في الدول العربية غير المستقرة
  • برلماني: بيان وزراء الخارجية يعكس حرص الدول العربية على دعم الشعب الفلسطيني
  • ما سبب غياب الدول العربية عن تحالف لاهاي لدعم فلسطين ومحاسبة الاحتلال؟
  • «فتح» تشدد على ضرورة دعم الدول العربية للموقف المصري الرافض للتهجير
  • من هنأ الشرع ومن امتنع.. هذه مواقف الدول العربية الجديدة تجاه سوريا
  • «مصطفى بكري» مستنكرا صمتهم الرهيب: أين الدول العربية من موقف مصر ضد تهجير الفلسطينيين؟
  • السفير حسام زكي: العراق تستضيف القمة العربية في أواخر أبريل