علقت صحيفتا واشنطن بوست ونيويورك تايمز الأمريكيتين على حكم المحكمة العليا الأمريكية بمنح الرئيس السابق دونالد ترامب حصانة جزئية من قضية المحامي جاك سميث لتخريب الانتخابات،إذ وصفته صحيفة واشنطن بوست بأنه سيء ولكنه ليس نهاية للديمقراطية في الوقت ذاته، بينما رأت نيويورك تايمز أنه يمنح تصريحا مجانيا لترامب والرؤساء المستقبليين .

صور الذكاء الاصطناعي تتنبأ.. دونالد ترامب الرئيس القادم للولايات المتحدة فيلم The Apprentice يسرد تفاصيل حياة دونالد ترامب وزوجته..

ونسبت واشنطن بوست - في مقال افتتاحي لها اليوم - إلى القاضية سونيا سوتومايور قولها تعليقا على هذا الحكم إن "المحكمة تمنح الرئيس السابق ترامب كل الحصانة التي طلبها وأكثر".. ويضمن القرار فعليا أن القضية التي رفعها المحامي الخاص جاك سميث عن أحداث 6 يناير 2021 ضد الرئيس السابق لن تنتقل إلى المحاكمة قبل الانتخابات .. ومع ذلك، فإن التداعيات أكبر بكثير من ترامب .. والأمر الأكثر أهمية والأكثر إثارة للقلق هو العواقب المحتملة طويلة الأمد التي قد تستمر لفترة طويلة بعد رحيل ترامب.

وحكم جميع المحافظين الستة في المحكمة الليلة الماضية بأن الرئيس يحق له التمتع بالحصانة المطلقة عن الأعمال الرسمية التي تنطوي على مسؤولياته الأساسية، مثل العفو أو الاعتراف بالدول الأجنبية أو عزل الضباط المعينين . 

علاوة على ذلك، يحق له الحصول على ما يعرف بالحصانة الافتراضية عن الأفعال الرسمية التي لا تتعلق بتلك المسؤوليات الأساسية .. ولا يمكن تجاوز هذا الافتراض إلا إذا تمكن المدعي العام من إثبات أن مساءلته لن تتعدى على قدرة السلطة التنفيذية على العمل ، كما قال رئيس المحكمة العليا جون جي روبرتس جونيور : إن ذلك لن يمنع الرئيس من اتخاذ "الإجراء الجريء وغير المتردد" الضروري لوظيفته. ولا يتم إعفاء المسؤولية عن السلوك غير الرسمي أو الخاص. لكن هذا ليس مريحا جدا (بحسب الصحيفة).

وأشارت واشنطن بوست إلى أنه كان بإمكان القضاة ببساطة حل مثل هذه القضايا بأنفسهم هذا الأسبوع .. ولكنهم بدلا من ذلك، تأكدوا من أن القضية ستبقى في طي النسيان إلى أجل غير مسمى.. وهو أمر مناسب لترامب الذي يسعى إلى تأخير أي حكم إلى ما بعد أن يصبح رئيسا مرة أخرى، وعندها يمكنه أن يأمر وزارة العدل بإسقاط التهم .

ومضت الصحيفة الأمريكية تقول إن الأهم من ذلك، هو أن ترامب حقق فوزا من حيث الجوهر، وهو ما يفعله أي رئيس أو مرشح للرئاسة حريص على إساءة استخدام منصبه، فقد تناولت المحكمة صراحة أجزاء معينة من لائحة اتهام سميث: فعلى سبيل المثال، فإن محاولات ترامب للضغط على وزارة العدل للتحقيق في تزوير الناخبين المفترض، "يتم تصنيفها بسهولة" على أنها عمل رسمي، وفي الوقت نفسه، فإن محادثاته مع مايك بنس للضغط على نائب الرئيس آنذاك لإلغاء نتائج انتخابات 2020، تحتل منطقة غير مؤكدة.

ووفقا للصحيفة فإن هناك عقبة أخرى أمام مدعيي العموم وهي: أن القرار - في النقطة الأساسية الوحيدة التي اختلفت بشأنها القاضية إيمي كوني باريت مع زملائها المحافظين - يمنعهم من استخدام أي دليل يتعلق بالأفعال الرسمية لإثبات التهم ذات الصلة بالأفعال غير الرسمية .. وهذا مجرد مثال واحد على مدى اتساع معايير الحصانة الرئاسية الجديدة للمحكمة العليا بشكل يبعث على القلق ، ومن خلال إعلان أن الدافع لا علاقة له بمسألة تقييم المسؤولية الرئاسية عن جريمة ما، فقد طرحت الأغلبية تساؤلات حول ما إذا كانت كافة أنواع الانتهاكات البغيضة أصبحت الآن لعبة عادلة.

وأعلن القاضي سوتومايور أن الحكم يجعل الرئيس "ملكا فوق القانون".

واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها قائلة إنه لهذا فإن الأمر متروك للمحاكم - بما في ذلك أعلى المحاكم في البلاد - لضمان عدم ظهور السيناريوهات التي وصفتها ب"الكابوسية"، مشيرة إلى أن المشكلة هي أن هذا الرأي يدعو الرؤساء إلى تجاوز الحدود.

من جانبها رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن المحكمة العليا قدمت بقرارها هدية لا تقدر بثمن لدونالد ترامب وجميع الرؤساء المستقبليين الذين يعتزمون انتهاك القانون وقسمهم باحترام الدستور .

وقالت الصحيفة - في مقال افتتاحي لها - إن التأثير المباشر لهذا القرار - الذي كان أحد أكثر القرارات أهمية على الإطلاق التي أصدرتها المحكمة فيما يتعلق بموضوع السلطات الرئاسية والحكومة الدستورية - هو إرجاء محاكمة ترامب إلى أجل غير مسمى عن محاولته إلغاء انتخابات 2020.. وبات من شبه المؤكد أن التصويت في خريف هذا العام سوف يمضي قدما دون أي مساءلة قانونية عن هذا الفعل .. غير أن الخطر على المدى الطويل على الدستور والحكومة الأمريكية أكثر حجما، لا سيما في ضوء الاحتمال الحقيقي المتمثل في إمكانية عودة ترامب - الذي كانت إدانته الجنائية الأخيرة في نيويورك مجرد أحدث دليل على ازدرائه للحدود القانونية - إلى منصبه في غضون بضعة أشهر فقط.

ورأت الصحيفة أنه اعتبارا من صدور قرار الليلة الماضية، يتم بذلك وضع المبدأ الأساسي المتمثل في أنه لا أحد فوق القانون، جانبا..وفي نفس الأسبوع الذي تحتفل فيه الأمة الأمريكية بتأسيسها، قوضت المحكمة سبب الثورة الأمريكية من خلال منح الرؤساء ما أسماه أحد القضاة المعارضين "منطقة خالية من القانون" للعمل فيها.. ولا يزال من الممكن مساءلة الرؤساء بسبب جرائمهم وهم في مناصبهم، ولكن من الصعوبة بمكان أن نرى الكيفية التي يمكن بها محاكمتهم على الإطلاق .. ويمكنهم اتخاذ إجراءات لم يكن من الممكن تصورها ذات يوم، مثل تشجيع التمرد في مبنى الكابيتول الأمريكي، دون خوف من الذهاب إلى السجن لاحقا أو التعرض للمساءلة القانونية.

وأشارت الصحيفة إلى أن القرار، يزيد بشكل كبير من مخاطر الانتخابات المقبلة .. فهو لا يوضح أهمية تعيينات الرئيس في المحكمة العليا فحسب - إذ صوت جميع مرشحي ترامب الثلاثة لمنحه الحصانة التي سعى إليها - ولكنه يمنح أيضا ترامب تفويضا مطلقا للتصرف بشكل أكثر تصميما في الثانية ، مما فعله في ولايته الأولى .. وقال رئيس المحكمة العليا صراحة إن خطاب ترامب وتغريداته في 6 يناير 2021، التي حث فيها أنصاره على الذهاب إلى مبنى الكونجرس وتعطيل التصديق على التصويت، يمكن حمايتها باعتبارها استخداما قياسيا للمنبر الرئاسين فيما أعادت المحكمة القضية إلى محكمة المقاطعة لاتخاذ قرارات واقعية بشأن هذه الأسئلة وغيرها، وهي عملية ستستغرق أشهرا إن لم يكن أطول، بما في ذلك الاستئنافات.

ومع ذلك، فإننا نعلم أن خطاب ترامب وتغريداته أدت إلى تمرد عنيف.. والآن بعد أن عرف ترامب أنه قد يكون بمنأى عن العقاب، فإلى أي مدى قد تسوء الأمور في فترة ولاية ثانية؟ ويتمثل الخطر الأكثر إلحاحا في إساءة استخدامه للنظام القانوني لأنه - كما تشير المعارضة - إذا اعتبرت كل محادثة بين الرئيس ووزارة العدل عملا رسميا يحظى بالحماية، فلن يكون هناك حدود لأنواع السلوك غير القانوني التي يمكن التخطيط لها وحتى اختلاق الأدلة.

وطرحت الصحيفة تساؤلا قائلة: ما الذي لا يعتبر عملا رسميا؟ وأجابت: لن يقوله أغلبية القضاة، لكن من الصعب تحديد أي مبدأ توجيهي واضح - ربما لأنهم لم يتمكنوا من العثور على أي مبدأ.

ومضت الصحيفة تقول إن النتائج تتعارض مع فكرة الحكومة القائمة على سيادة القانون برمتها.. كما أنها تتعارض مع الفهم الراسخ منذ فترة طويلة بشأن تعرض الرئيس للملاحقة الجنائية، بغض النظر عما إذا كانت أفعاله تعتبر "رسمية".

واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها قائلة، وكما هو الحال دائما فإن النتائج المشروعة الوحيدة التي يعترف بها ترامب في الحكومة الأمريكية هي تلك التي تفيده على المستوى الشخصي .. وهذا هو الموقف الذي وعد بتطبيقه في انتخابات 2024.. فإذا خسر، سيكون بسبب الاحتيال وهذا هو ما قاله بالفعل .. وإذا فاز، فسوف يأخذ الرسالة التي قدمتها له المحكمة أمس الاثنين ويتصرف وفقا لذلك ولا شك أن البلاد سوف تصبح في وضع أسوأ من ذلك.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ترامب نهاية الديمقراطية حصانة ترامب دونالد ترامب المحکمة العلیا واشنطن بوست

إقرأ أيضاً:

مارك رافالو: الولايات المتحدة تتجه إلى الديكتاتورية.. ما علاقة ترامب؟

انتقد الفنان الأمريكي الشهير، مارك رافالو، قرار القضاء الأمريكي بمنح الرئيس السابق، دونالد ترامب، حصانة في بعض القضايا، وذلك قبل أشهر على الانتخابات الرئاسية التي ينافس فيها الأخير، الرئيس الحالي جو بايدن.

واعتبر مارك رافالو أن الحكم القضائي يخل بمبدأ "الضوابط والتوازنات" في السياسة الأمريكية، ويحول الولايات المتحدة الأمريكية إلى ديكتاتورية، أسوة بألمانيا النازية التي ألغت قواعد الضوابط والتوازنات قبل أن تتحول إلى ديكتاتورية.

وقال على منصة إكس: "التاريخ يعيد نفسه".

… Just for the record. History is repeating itself https://t.co/Vyenq0eFsg — Mark Ruffalo (@MarkRuffalo) July 2, 2024

ويقسم الدستور الأمريكي الحكومة إلى ثلاث سلطات: التشريعية والتنفيذية والقضائية. وأعطى صلاحيات محددة لكل فرع ووضع ما يسمى بالضوابط والتوازنات والهدف منها هو التأكد من عدم قدرة أي فرع على التحكم في الكثير من السلطة، مما يؤدي إلى الفصل بين السلطات، وحث الأطراف السياسية في البلاد على تقاسم السلطة، وليس احتكارها.



من جانبه، انتقد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الثلاثاء، قرار المحكمة العليا بشأن الحصانة الرئاسية، الذي قضى بأن الرؤساء يتمتعون بحصانة مطلقة من الملاحقة القضائية عن الأعمال الرسمية الأساسية، وأصدر تحذيرا شديد اللهجة بشأن فترة ولاية ثانية محتملة للرئيس السابق دونالد ترامب.

استهجن الرئيس الأمريكي جو بايدن، قرار المحكمة العليا، والمتعلق بسلفه دونالد ترامب، وتمتعه بحصانة مطلقة من الملاحقة، محذرا من فوزه بولاية ثانية وخطورته على أمريكا.

وقال بايدن: "لا يوجد ملوك في أمريكا، كل واحد منا متساو أمام القانون، لا أحد، لا أحد فوق القانون، ولا حتى رئيس الولايات المتحدة، قرار المحكمة العليا بشأن الحصانة الرئاسية، غير ذلك بشكل جذري".

وقضت المحكمة العليا الأمريكية، الاثنين الماضي، بتمتّع الرئيس السابق دونالد ترامب، بـ"حصانة جزئية"، فيما يخص ادعاءات دوره باقتحام الكونغرس في 6 يناير/ كانون الثاني 2021 والتدخل بالانتخابات الرئاسية عام 2020.

جاء ذلك في معرض تقييم قضاة "العليا الأمريكية"، لطلب تقدم به ترامب في وقت سابق، حول تمتعه بـ"الحصانة الرئاسية" أمام الادعاءات التي تلاحقه.

وحكمت المحكمة بأن ترامب يتمتع بـ"حصانة عن الأعمال الرسمية، ولكن ليس عن أعماله الشخصية وتصرفاته الخاصة".

المحكمة التي أصدرت قراراها بأغلبية 6 قضاة مقابل رفض 3 آخرين، أوضحت أن الإجراءات غير الرسمية للرئيس لا تتمتع بالحصانة.



وفي معرض تعليقه على الأمر، أكد رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، أن الرئيس ليس مستثنى من القوانين، وأنه لا يتمتع بحصانة بسبب أعماله الخاصة.

وأضاف أن هيئة المحكمة توصلت إلى قرار مفاده بأن "الرئيس يتمتع بحصانة جزئية".

ومن المرجح أن يؤدي قرار المحكمة العليا، لتأخير محاكمة ترامب أكثر، فيما يخص التدخل في الانتخابات الفيدرالية، نظرا للحاجة إلى تحديد التهم التي سيعفى منها ويحاسب عليها الرئيس السابق للبلاد.

وكان ترامب قد تقدم بطلب للمحكمة العليا لإسقاط الدعوى المرفوعة ضده بسبب "دوره في اقتحام الكونغرس يوم 6 يناير، والتدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2020"، مبررا طلبه هذا بتمتع الرئيس بـ "الحصانة".

ويأتي هذا الحكم بحق ترامب على خلفية القضية المرفوعة من الحكومة الأمريكية ضده ترامب على خلفية دوره في أحداث 6 يناير 2021 عندما اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس في محاولة لتعطيل التصديق على نتائج الانتخابات التي فاز بها منافسه الديمقراطي جو بايدن.

وبمقتضى هذا الحكم، تعود القضية المرفوعة ضد ترامب إلى محكمة أدنى.

مقالات مشابهة

  • بالنسبة لترامب.. هذا ما يعنيه قرار الحصانة الصادر عن المحكمة العليا الأمريكية
  • بايدن: قرار المحكمة العليا بشأن حصانة ترامب سابقة خطيرة وعلى الأمريكيين معارضته
  • مارك رافالو: الولايات المتحدة تتجه إلى الديكتاتورية.. ما علاقة ترامب؟
  • خبير شؤون أمريكية: قرار المحكمة العليا بمنح حصانة لـ "ترامب" مفصل على قياسه
  • خبير بالشأن الأمريكي يوضح كواليس قرار المحكمة العليا بمنح حصانة لـ"ترامب"
  • المحكمة العليا الأمريكية تقضي بحصانة جنائية لترامب
  • المحكمة العليا الأميركية تمنح ترامب حصانة جزئية
  • قرار حصانة ترامب يغضب بايدن: لا يوجد ملوك في أمريكا
  • المحكمة العليا الأميركية تقضي بأن ترامب يحظى بحصانة جنائية