سلسة تفكيك الركائز الفكرية للإمامة (3) آية المودة
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
يجهد طائفة واسعة من بني هاشم انفسهم في تحريف معاني بعض آيات القرآن الكريم لتأييد ودعم مشروعهم السلالي..
مدفوعين بشهوة طاغية في السيطرة والملك واستثمار المكانة الرمزية والقدر العالي والمحبة العظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم لدى المؤمنين فتارة يكذبون على الله تبارك وتعالى من خلال لي اعناق الآيات والزعم كذبا انها نزلت فيهم مستغلين الكسل العقلي لدى عموم الأمة في البحث والاطلاع والمعرفة والتحقيق.
وتارة يختلقون الروايات الحديثية ويستدلون بها رغم بطلانها..
فمن ذلك قولهم ان آية الشورى والمسماه بآية المودة (…………ِ ۗ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ ………ٌ)
اقرأ أيضاً سلسلة تفكيك الركائز الفكرية للإمامة (2) آية التطهير سلسلة تفكيك الركائز الفكرية للإمامة (1) حديث التطهير عاشوراء الشيعية..المناسبة والغاية يا من تلطمون أستحلفكم بالله بمن تقتدون؟ ليس جني الأموال!.. ما هو الهدف الخفي لإحياء الحوثيين والشيعة ذكرى عاشوراء ومقتل الحسين ؟ شاهد: مقاطع الفنان محمد الأضرعي تحضر بقوة في احتفالات الشيعة والحوثيين بمناسبة ”عاشوراء” لماذا لا يحتفل الحوثيون والشيعة برأس السنة الهجرية؟ من هم آل البيت ولمن الولاية في القرآن الكريم؟ ”احموني من الله”.. العراقي الذي أحرق القرآن في السويد يرتجف خائفًا ويكشف ماذا كان يفعل مع الشيعة حوار مع سني متعصب حول أحاديث أهل البيت علي بن أبي طالب يُكَذِّب الشيعة وافتراءات الولاية الجبواني: هكذا سيكون نظام الحكم في اليمن[سورة الشورى 23]
نزلت فيهم وأنها توجب محبة قرابة النبي صلى الله عليه وسلم حسب زعمهم تدينا.
ويقصدون بالقرابة الاسر والعوائل المنتسبين للسلالة الهاشمية او العلوية الفاطمية رغم ان القرابة في اساسها غير ممكنه اليوم بعد اربعة عشر قرنا....
وبغض النظر عن الاحترام والتقدير للرسول الاعظم وما يتفرع عن ذلك ..
الا أن استدلالهم بهذه الآية وتفسيرهم لها بهذا المعنى باطل ومردود من عدة وجوه:
أولا:أن الآية ضمن سياق كله خطاب للمشركين المكذبين الظالمين في سياق طويل ونجد انه تبارك وتعالى افتتح الآية التي قبلها بقوله "وترى الظالمين مشفقين مما كسبوا... " وعقب عليها بالآية التي بعدها بقوله "ام يقولون افترى على الله كذبا..... " فالخطاب هنا للمشركين.
فكيف يطلب من المشركين احترام وتقدير اقارب النبي صلوات الله عليه في حين أنهم لا يحترمون النبي نفسه ولا يعترفون بنبوته بل يحاربوه بكل اشكال المحاربة والايذاء البدني والمعنوي.
لكنها طبيعة التحريف تلوي اعناق النصوص ليا.
ثانيا: الآية مكية نزلت بمكة وكل بني هاشم وقتها كفار ما عدا طفل صغير لم يبلغ الحلم وهو علي بن ابي طالب فكيف يطالبهم ربنا سبحانه وتعالى بمودة هؤلاء الكفار واحترامهم وأي قيمة لذلك اضافة الى ما بينهم وبين بني هاشم من المنافسة الشديدة على النفوذ..
فهذه الاشكال من التحريف لا وجود لها الا في خيال المحرفين من اليهود والسادة العلويين.
ثالثا:جميع علماء التفسير المعروفين والمشهورين والموثوقين ذكروا معنى آخر للآية غير الذي يردده هؤلاءالعلويون، وهو المعنى الحقيقي الذي أكده ابن عباس كما رواه عنه البخاري في صحيحه..
وردوا التفسير السلالي العائلي ورفضوه حيث ذكروا ان الآية خطاب انساني لكفار قريش بمراعاة اواصر الرحم ووشائج القربى التي تربطهم بالنبي صلى الله عليه وسلم فيحترموه لأجلها ويخففوا من ايذائه وعداوته لما بينه وبين بطون قريش من وشائج القرى ومراعاة هذه الوشائج في حال منعهم كفرهم عن مراعاة عظمة الايمان الذي يحمله.
وسأورد اقوال بعض اشهر المفسرين في تفسير هذه الآية.
أ/شيخ المفسرين وامامهم ومرجعهم ابن جرير الطبري قال:
المراد بالقربى : الصلة والقرابة التى تربط بين الرسول وبين كفار قريش.
أى : قل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء الكافرين إنى لا اسألكم على التبليغ أجرا ، لكن أسألكم أن تودونى لقرابتى فيكم ، فتكفوا عنى أذاكم ، وتمنعوا عنى أذى غيركم ، وتستجيبوا لدعوتى ، فإن صلة القرابة والرحم التى بينى وبينكم توجب عليكم ذلك .
فالقربى هنا : بمعنى القرابة. انتهى كلامه رحمه الله.
ب/وقال المفسر الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية:
وقوله : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) أي : قل يا محمد لهؤلاء المشركين من كفار قريش : لا أسألكم على هذا البلاغ والنصح لكم مالاً تعطونيه ، وإنما أطلب منكم أن تكفوا شركم عني وتذروني أبلغ رسالات ربي ، إن لم تنصروني فلا تؤذوني، بما بيني وبينكم من القرابة .
وأخرج البخاري في صحيحه واحمد والطبراني عن ابن عباس -وهو علامة بني هاشم وابن عم النبي صلى الله عليه وسلم - انه قال : قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودوني في نفسي لقرابتي منكم ، وتحفظوا القرابة التي بيني وبينكم " .
ولفظ البخاري ان ابن عباس قال:
إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بطن من قريش إلا كان له صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة ، فقال : إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة.
وذكر القرطبي كلام طويل في تحليل معنى الآية ثم أجمله بقوله:فالقربى ههنا قرابة الرحم كأنه قال : اتبعوني للقرابة إن لم تتبعوني للنبوةِ . انتهى كلام القرطبي رحمه الله.
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير في تفسيره لهذه الآية:
ومعنى الآية على ما يقتضيه نظمها : لا أسألكم على القرآن جزاء إلا أن تَوَدُّوني ، أي أن تعاملوني معاملة الوِدِّ ، أي غير معاملة العداوةِ ، لأجل القرابة التي بيننا في النسب القرشي .
ورد على اصحاب التفسير السلالي القائلين بأن القربى في الآية هم أقارب النبي صلى الله عليه وسلم *بأنه تحريف لمعاني القرآن ومخالفة لأهل التفسير من المسلمين* قائلا: (وما فسر به بعض المفسرين أن المعنى : إلا أن تودّوا أقاربي تلفيق معنى عن فهم غير منظور فيه إلى الأسلوب العربي ، ولا تصح فيه رواية عمن يعتد بفهمه) انتهى كلامه رحمه الله.
وبهذا يتضح ان المعنى الذي عليه ائمة التفسير وتدعمه الروايات الصحيحة والنظم القرآني واللسان العربي؛ خطاب لكفار القريش في احترام القرابة التي بينهم وبين النبي فلا ينتهكوها، ويتضمن تعيير ضمني لهم بقلة الاحترام وقطيعة الرحم وعدم الاحسان .
كما يتبين لنا سقوط دعوى آل الرسي وكذبهم وتضليلهم للأمة.
وهكذا ، فإن كل دعاواهم كاذبه وكل استدلالاتهم ساقطة وباطلة.
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه وسلم إلا أن
إقرأ أيضاً:
خطورة أداء العبادات التي تتضمن المشقة على الكبار والمرضى
العبادات.. قالت دار الإفتاء المصرية إن الإسلام يحافظ على وحدة المجتمع بكلِّ تنوُّعاتِه، خاصةً في أداء العبادات، وإذا كان أداء الكبار لهذه العبادات قد يتضمَّنُ مشقَّةً وكُلفَةً فإنَّ الرَّسول ﷺ نبَّهَ إلى خطورةِ الأفعال التي تؤدِّي إلى حرمانهم من نَيْلِ ثواب حضور الجماعات وتحوُل دونَ اجتماعهم لأداء هذه العبادات، مثل الإطالة في الصلاة، التي ترهق الكبار والمرضى والضعفاء.
أداء العبادات:قال ﷺ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» أخرجه البخاري.
العبادات والطاعة:
تُعَدُّ الطاعة والانقياد لله سبحانه وتعالى واتباع أوامره من الأمور اللَّازمة لشخصية المسلم؛ فالمسلم يدرك أنه مخلوقٌ لله جلَّ وعلا، وأن مقتضى العبودية لله أداء ما افترضه الله عليه، واجتناب ما نهى عنه، والتقرُّب إليه بشتَّى أنواع العبادات والفضائل.
فضل الطاعة لله تعالى:
ووقيام المسلم بطاعة الله سبحانه وتعالى وأداء واجبات العبادة؛ هو سبيله إلى التَّحرُّر من العبودية لغير الله، وحينئذٍ يتحقَّق بالمعنى الحقيقي للحرَّية، فلا يتحكَّم فيه شيءٌ من المخلوقات أو الشَّهوات أو نفسه؛ لأنه لا يخضع لغير الله.
والإنسان في هذا المسعى إنما يمارس جهادًا عظيمًا مع نفسه؛ ليردعها عن الخضوع للشهوات والتعلق بالله الواحد لا شريك له، وعلى قدر هذه المشقة التي يكابدها الإنسان في التحقق بفضيلة الطاعة والانقياد والخضوع لله؛ يكون الجزاء العظيم من الله عز وجل، يقول الإمام الغزالي: [وعلى الإنسان أن يتعب نفسه في دفع المعاصي، كما عليه أن يتعب نفسه في ترك المعاصي، والمعاصي كلها في تركها تعبٌ، وإنما الطاعة كلها ترجع إلى مخالفة النفس، وهي غايةُ التعب] اهـ.
وبيَّن الله تعالى أن طاعته وطاعة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم سبيل الفوز الحقيقي؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: 53].
العبات في السنة النبوية الشريفة:
وأثنى الله تعالى على من يطيع رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وجعل طاعة الرسول من طاعة الله؛ قال تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [النساء: 80]، كما أكَّد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على هذا المعنى حين قال: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، إِلَّا مَنْ أَبَى». قالوا: يا رسول الله، ومَنْ يأْبَى؟! قال: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» رواه البخاري.
والطاعة بين الناس تكون في المعروف والخير، فلا يجوز لأحد أن يطيع غيره في معصية لله عز وجل؛ فعن سيدنا عليٍّ رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً، وأمَّرَ عليهم رجلًا من الأنصار، وأمَرَهُمْ أن يطيعوه، فغضب عليهم، وقال: أليس قد أمرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: قد عزمتُ عليكم لما جمعتم حطبًا، وأوقدتم نارًا، ثم دخلتم فيها، فجمعوا حطبًا، فأوقدوا نارًا، فلما هَمُّوا بالدخول، فقام ينظر بعضهم إلى بعض، قال بعضهم: إنما تبعنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فِرارًا من النار؛ أفندخلها؟! فبينما هم كذلك، إذ خمدت النار، وسكن غضبه، فَذُكِرَ للنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ» رواه البخاري.
العبادات وطاعة الله تعالى:
وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ۞ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ [الشعراء: 151-152]، ولكن إذا تمَّ الإكراهُ على المعصية بصورةٍ جديَّةٍ وغلب على ظنِّ المكرَه أن المكرِهَ سيقوم بتنفيذ تهديده، فإنه يرخَّص للمرء أن يفعل المعصية في أدنى درجاتها؛ تخلُّصًا من إكراه المكرِه، واستثنى الشَّرع من ذلك الإكراه على القتل والزنا، لأنه ليست نفس أوْلى من نفس، فلا يجوز للإنسان أن يطيع من يكرهه في ارتكاب فعل القتل أو الزنا حتى لو غلب على ظنه أو تأكَّد أن المكرِه سيزهِق روحَه، فلا يجوز له أن يضحي بغيره من أجل أن ينقذَ نفسه؛ لأنه ليس أولى من غيره.
الآثار المترتبة على الطاعة وأداء العبادات
وللطاعة وأداء العبادات آثارٌ إيجابيَّةٌ كثيرة في المجتمع المسلم؛ فطاعة الله ورسوله تمنح المسلمين الفوز والفلاح والنجاة في الآخرة فضلًا عن الدنيا، وتأتي بعد ذلك طاعة أولي الأمر فيما لا يخالف ما أمر الله ورسولُه به؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59]، فبهذه الطَّاعة تنتظم أمور المجتمع المسلم، ويتحقق الحفاظ على قوَّة المجتمع وتماسكه، ولا يقع في الفوضى والاضطراب الذي يشوِّش الأفكار ويقسم المجتمع ويثير العداوة والبغضاء بين أفراده.
ومن ذلك أيضًا طاعة القوانين واحترام النظام العام في المجتمع؛ فإن ذلك يؤدي إلى انتظام سير شؤون الحياة وتحقيق الغاية من وضع هذه القوانين والنُّظُم، ووصول الحقوق إلى مستحقيها، وعدم الإضرار بالأبرياء، وكذلك طاعة العلماء والمتخصصين في مجالاتهم يحقق للمجتمع أمنه وأمانه، حين يحصل المريض على دوائه من الطبيب، والسائل على جوابه من أهل الاختصاص في مجال سؤاله، فلا يكون لادِّعاء العلم مجال في المجتمع المسلم؛ فلا تنتشر الخرافة، ولا يسود الجهل.