أستاذ اقتصاد سياسي: الاهتمام بالصناعة من أولويات الحكومة المرتقبة
تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT
قال الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد السياسي، إن ملف الكهرباء وضبط أسعار السلع في الأسواق، في مقدمة الملفات الني ينبغي أن توضع على طاولة الحكومة الجديدة، فضلا عن الاهتمام بالتعليم والصحة وزيادة الاستثمارات في القطاع الصناعي والقطاعات المنتجة واستهداف الاستثمارات الدولية.
وأضاف العمدة، خلال حديثه لـ«الوطن»، أن أهم قطاعات الصناعة التي لابد من الاهتمام بها تتمثل في الاهتمام بصناعة السيارات الكهربائية وصناعة الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية وصناعة الملابس والمنسوجات فضلا عن الاهتمام بقطاع البرمجيات.
وأشار إلى أن الاستثمار في القطاع السياحي من الملفات التي يجب على الحكومة الالتفات لها، ولاسيما منطقة الساحل الشمالي لأنها نقطة جذب للسياحة الأجنبية، ولتماثل منطقة شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم.
تأثير الاهتمام بقطاع الصحة على دخل الفردوأكد أن قطاع الصحة يأتي على رأس القطاعات التي من الضروري الاهتمام به، فضلا عن التوسع في منصة التأمين الشامل والاهتمام بكفاءة المستشفيات الحكومية، مما يؤثر بشكل غير مباشر على دخل الفرد، إذ يسهم في توفير جزء من النفقة في المستشفيات الخاصة في حالة توافر مستشفيات حكومية على أعلى مستوى من الكفاءة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: التغيير الحكومي الحكومة الجديدة الاستثمار الأجنبي السياحة الخارجية
إقرأ أيضاً:
الرّوايـة التّـاريـخيّــة: الفـرد والجمـاعـة
لـعلّ واحـدا من أكـثـر الأسباب أثـرا في تداوليّـة أيّ سرديّـة أو في شيوعـها في المجتمع والثّـقـافة، أو في حقـبة زمـنـيّـة مّـا، مقـدرة صانعها على إحسـان صنـعـتها وخـلْع أردية الجاذبيّـة عليها. معنى هـذا، ابتـداء، أنّ السّـبـب الأساس في ذلك الشّـيوع لا يـردّ إلى وفـرة الإقـبال عليها من الجمهـور المتـلـقّي، فحسب وكما يـشيع الاعـتـقـاد عند الأكـثـر، بـل يـردّ إلى نـوعيّـة تكويـنـها كسرديّـة وإلى مـن يـقـوم بفـعـل التّـكويـن ذاك. نعم، ما مـن شـكّ في أنّ لشـدّة الإقـبال عليها أثـرا في فـشـوّها؛ وما من شـكّ في أنّ لتـداوليّـتـها - في هـذه الحـال - عـلاقـة بقـوّة التّـأثـير والجاذبيّـة فيها، وبـقـدرتها الإقـناعيّـة وبـديـع حبكتها التي تصنـع لها في النّـاس تلك الهالة التي لها فيهم. مع ذلك، أليس هذا بشيء لا يمكنه أن يستـقـلّ بـذاته عن فعـل فاعـل يقـف خلفـه؛ أليس يرتبط ذلك كـلّه بـدور مركـزيّ يعود إلى عامـل التّأليـف والتّـركيب الذي يـكوّنـها فيصوغها في شكـل سرديّـة؟ بعبارة أخـرى، أليس تعـود شـدّة أثـر السّرديّـة في متـلـقّـيها إلى مستوى مؤلّـفها/مؤلّـفيـها وإلى ما يـحْـرزه/يحرزونـه من نجاح في مضـمار إتـقان صنعـة التّـأليف والتّـركيب: أعني صـنْـعـة السّـرد ونـظْـمـه؟
قـد يكـون مؤلّـف السّرديّـة معـلومـا لدى قـرّائها وقـد يكـون مجهـولا، ولكـنّ معلومـيّـتـه والمجهوليّـة لا تـغـيّـران كـثيـرا في حقيـقـتها كسرديّـة، أي كبنيـة من القـول حاملـة لمعارف ورسائـل ودلالات قـابلـة لأن تـقْـرأ وتـسْـتـوعى ويـسـتـنْـبط منها ما يسْـتـنْـبط بمعـزل عمّا إذا كان مصدرها معلومـا أو مجهولا. نعـم، ليس مـن شـكّ في أنّـه كلّـما كان مـؤلّـفها معلومـا، كان إدراك النّـاس فحـوى السّرديّـة أيسـر؛ إذْ هـي تـعْـرف بـه، مـن جـهـة، أو مـن شـأن العـلْـم بـه، عنـد قارئـها، أن يـلـقـي بعـض الضّـوء على مـا غـمـض معـناه فيها وأبْـهـم أمـره؛ وهو قـد يـعْـرف بها على نحـو أفْـيض ممّا يـعْـرف بأثـر آخـر له، مـن جهـة أخـرى. أمّا في حـال كـون مـؤلّـفـها مجـهولا، فلا يعـدو الجـهْـل بـه أحـد احتـماليْـن: أن يكـون جـهلا مؤقّـتا أو انـتـقـاليّـا يمكن مغالـبـته بالتّـدقيق الرّصيـن في لغـة السّرديّـة وزمـنـيّـتـها والأحـداث والنّصـوص التي تحيـل إليها؛ وتلك، بالضّـبـط، حـال المخطوطات التي يـجْـهـل مؤلّفـوها فـيـنصـرف مـن يحقّـقها إلى درسـها، الدّرس الدّقـيـق، قصـد استخـراج اسم مـؤلّـفـها: إمّـا على وجـه التّـحقيـق أو على جهـة الرّجحـان؛ أو أن يكـون جـهـلا مزمـنـا يتـعـسّـر معـه، إنْ لم يـسْـتحـل، إمكان بيـان مـن تـنْـسب إليه السّرديّـة.
الغـالب على هـذا النّـوع الثّاني مـن السّرديّـات أن يـأخـذ شكـل سرديّـات شـفـويّـة شعـبـيّـة: خـرافـات أو قصص أسطـوريّـة وروايـات لا تـاريـخيّـة وما في معـنـاهـا من سـرديّـات تـؤلّـفـها الذّهـنـيّـة العامّـة المسكونة بالتّـفكـير الميـثـيّ والعجائبيّ. ولقـد يكون بـعض من هذا النّـوع من السّرديّـات الشّـفويّـة المجهـول مؤلّـفـها/مـؤلّـفوها مكـتوبا أو مـدوّنـا، لكـنّ تـدويـنـه كتابـة لا يجعـل منه أثـرا منسـوبا إلى التّـراث المكـتوب، ولا ينـزع عـنه طبـيعـتـه الشّـفـويّـة البـرّيّـة Sauvage التي تظـلّ تلازمـه بما هـو نـوع خاصّ من السّرديّـات غير المعـلوم مصـدرها. على أنّ أظْـهـر ما تـنـماز بـه هـذه السّرديّـات الشّـفـويّـة أنّـها تكـون مـن إبـداع الجماعـة لا الفـرد الواحـد، ويتـمـيّـز فـعْـل الإبـداع فيها بكـونـه فعـلا دائـما مستـمـرّا في الزّمـن؛ بحيث يـزاد فـيها ويـعـدّل ويـطـمـس ويـجـرّد المعطـى المتناقـل مـن جيـل لجـيـل، على نحـو يـخْـلع على السّرديّـة دلالات متـنـوّعـة مستـقـاة من قـيـم أزمـنـة وأمكـنـة عـدّة. وهـذا يـعـني، في مـقام استـنـتاجيّ، أنّ هـذا النّـوع من السّرديّـات المجهـول مـؤلّـفـها (المعلـوم مؤلّـفـها الجماعـيّ) هي بمثابـة مـصـبّـات أو أحـواض رمـزيّـة تـصـبّ فـيها شخـصيّـة الجماعـة أو الأمّـة التي نشـأت بيـن ظـهرانـيها تلك السّرديّـات فتصير مرآة لها.
كـثـيـر من السّرديّـات التّـاريخيّـة معـروف النّسبـة إلى مـؤلّـفـه الفـرد: إمّـا تصـريـحا منـه بذلك في النّـصّ أو استـنـتاجـا بالتّـحليل العلـميّ. مع ذلك، لا يمنـع الباحـث نـفـسـه مـن الشّـعور بالاستغـراب أو الحيْـرة أمام ظـاهـرة إلـغـاء المـؤلّـفـيـن ذواتـهـم وفـرديّـاتـهـم في مؤلّـفـات يعيـدون فيـها ما قـاله الأوّلـون في تـآليـفـهـم، لا يـزيـدون على ذلك أكـثـر مـن إثـبات سلسلـة إسنـاد ربّـما اخـتلـفـت حلْـقـات منها في مـؤلّـف هـذا ومـؤلّـف ذاك مـن غير أن تـختـلـف المصادر الأولى المرجعـيّـة للسّلسـلة. يكـاد مؤلّـفو السّرديّـات، على كـثـرتهم، يشـبـهون بـعـضهـم في هـذه الحـال حتّى لا نـقـول إنّـهـم يستحيـلون مـؤلّـفا واحـدا متـكرّر الظّـهـور في التّـاريخ؛ بحيث نـلفيـهـم يتعاورون على تدبيـج الرّوايـة عيـنـها وعلى ترسيـخ اليـقـيـن بها بطـرق في الإقـنـاع مشهـورة بينـهـم. هكـذا تصيـر روايـة الفـرد الواحـد روايـة الجماعة كلّـها تردّدهـا وتعيـد إنـتاجـها من غير مـلل وتـنشـرها في الآفـاق. ثـمّ ما تلـبـث هـذه أن تصبـح روايـة رسميّـة لـدى السّـلطـة الحاكمـة وأجـهـزتـها تحْـدب عليها وتحيـطـها بالـقـدْسـنـة Sacralization، وهكذا - أيـضا - تزيـد تـداولـيّـتـها مـن خـلْع الحـرْمـة عليها إلى حـدّ يصير معـه التّـشكـيـك بـها عـدوانـا على حقيـقـة الأمّـة والجماعـة والتّـاريخ.
انتـقـال الرّوايـة مـن الفـرد إلى الجـماعة ومن الجماعـة إلى السّـلطـة، والإنحاء عليها بالتّـكـرار والتّـدويـر والتّعالي بـها عـن الاشتـبـاه والتّـسْآل هـو ما يـضـعـها في مرتبـة ما ينـعـقـد عليه إجمـاع الأمّـة فيصـنـع لها، بالتّـالي، أسبـاب السّلطان الذي يصير لها في النّاس إلى حـدّ اليـقيـن الإيمانيّ بـها. ومـا مـن سبـيـل إلى الحـدّ مـن هـذه الأوْكـديّـة المـزفـوفـة بها تلك السّرديّـات، في الثّـقـافة الذّهـنيّـة العـامّـة، إلاّ بوضعها موضع فحـص نـقـديّ يعيـد النّـظـر في ركـام من الأوهـام التي أحيـطت بـهـا لأحقاب متطاولة.
عبدالإله بلقزيز أستاذ الفلسفة بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وحاصل على جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب