الجزيرة:
2025-05-01@17:37:13 GMT

الكرز المغربي.. هل يختفي بسبب تغيّر المناخ؟

تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT

الكرز المغربي.. هل يختفي بسبب تغيّر المناخ؟

بينما يحرص المغاربة على استئناف مهرجان الكرز السنوي في الفترة من 6 إلى 9 يونيو/حزيران، بعد توقف لعدة سنوات بسبب جائحة "كوفيد 19"، يشعر المزارعون بالقلق من أنهم ربما لا يجدون ما يحتفلون به السنوات المقبلة بسبب التغيرات المناخية.

وتأسس مهرجان الكرز -أو "حَب الملوك" كما يحب المغاربة أن يسموه- في مدينة "صفرو" سنة 1919، وحظي سنة 2012 باعتراف منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة "يونسكو"، ويهدف إلى إبراز مختلف المهارات والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياحية المحيطة بتلك الفاكهة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حروب 2023 تضع الأمن الغذائي العالمي على المحك.. ما علاقة المناخ؟list 2 of 2هل يتحول المتوسط إلى بحر استوائي مع نهاية القرن؟end of list

وتنتج المغرب من تلك الفاكهة ما يناهر 13 ألفا و346 طنا سنويا، من مساحة تبلغ نحو 3029 هكتارا (الهكتار يعادل 2.3805 فدان)، وفق بيانات المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية بالمغرب.

غير أن الكميات الموجودة حاليا في الأسواق هذا العام لا تتجاوز 20% من المعدل المعتاد، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير، وهو ما أرجعه رئيس جمعية تجار سوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء عبد الرزاق الشابي، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام مغربية، إلى تعرضها لظروف مناخية قاسية ألحقت بها أضرارا كبيرة.

وتنتمي فاكهة الكرز إلى نوعية من الأشجار تُسمى "الأشجار المعتدلة"، والتي تحتاج لظروف دقيقة حتى تزهر وتؤتي ثمارها في النهاية بشكل مناسب. فمثلا يتطلب إنماؤها درجات حرارة منخفضة خلال فصل الشتاء، حيث تحتاج الأشجار إلى مقدار معين من "ساعات التبريد" لضمان التطور السليم والإزهار، ويُقاس ذلك عادة بالساعات التي يقضيها النبات في درجات حرارة تتراوح بين 0 و7 درجات مئوية تقريبا. ويتبع ذلك الحاجة إلى فترة طقس دافئ (معروفة بتراكم الحرارة) في الربيع، وهي ضرورية لإنتاج الأزهار.

لكن التغير المناخي لم يعد يسمح بذلك، حيث تشير دراسة نشرتها دورية "ريجونال إينفيرومينتال تشانغ"، إلى أن مناطق نمو الكرز في إقليم شمال أفريقيا -الذي يضم المغرب- شهدت انخفاضا كبيرا في ساعات التبريد، كما ارتفع متوسط درجة الحرارة خلال الربيع، وتسببت تقلبات كلا الموسمين في تعطل دورة الفصول التي كانت مستقرة في السابق، وهو ما تسبب بالإزهار غير المنتظم للنبات.

وتوقعت الدراسة فقدان إقليم شمال أفريقيا إلى جانب جنوب أوروبا، ما يصل إلى 30  من ساعات التبريد بحلول عام 2050 في ظل سيناريو الاحترار المعتدل، وهو ما يضع مستقبل تلك الفاكهة على المحك.

الإزهار المبكر للكرز يجعلها غذاء مناسبا لذبابة الفاكهة (شترستوك) خطر الصقيع الربيعي

والإزهار غير المنتظم الذي أشارت إليه الدراسة، يعني أن النبات يُزهر في وقت مبكر عن وقته المتوقع بما يصل إلى أسبوعين، وهو ما يعرّض النبات لخطر ما يعرف بـ"الصقيع الربيعي".

ويُعرّف مدير مكتب المركز الدولي للزراعة في المناطق الجافة والقاحلة بمصر علاء حموية، الصقيع الربيعي بأنه انخفاض في الحرارة إلى درجة التجمد أو أقل، خاصة أثناء الليل وساعات الصباح الباكر خلال فصل الربيع. وعندما يحدث ذلك بالتزامن مع إزهار النبات، فقد يلحق الضرر بالفاكهة التي تزدهر في وقت مبكر من الموسم.

ويقول حموية في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت": إن الأضرار التي يُحدثها الصقيع الربيعي كبيرة، حيث تقوم النباتات التي أزهرت مبكرا بتطوير البراعم والأزهار في وقت مبكر من موسم النمو، وهذه الهياكل الحساسة معرضة بشدة للتلف الناتج عن درجات الحرارة المتجمدة، ويمكن أن يتسبب الصقيع بتجميد الخلايا الموجودة داخل البراعم والزهور ويمزقها، مما يؤدي إلى موت الخلايا وبالتالي إتلاف الزهور أو قتلها.

ووفق دراسة نشرت في 21 ديسمبر/كانون الأول 2021 بدورية "إينفيرومينتال إيفيدينس"، فإن ليلة واحدة من الصقيع الربيعي في شهر أبريل/نيسان 2017 تسببت بانخفاض إنتاج التفاح الأوروبي بنسبة 24%، وانخفاض إنتاج الكمثرى بنسبة 12%، وهما أيضا من محاصيل الأشجار المعتدلة مثل الكرز.

وبالإضافة لتأثير "الصقيع الربيعي" السلبي الذي ذكره حموية، يشير الباحث المتخصص في الملقحات وتغير المناخ بجامعة ريدينغ البريطانية "كريس ويفر"، إلى تأثير سلبي آخر على الحشرات الملقِّحة والتي تلعب دورا حاسما في زيادة إنتاج الكرز.

يقول ويفر في مقال نشره بموقع "ذا كونفرسيشن": إن التزامن بين أوقات ازدهار النبات وظهور الحشرات الملقحة أمر بالغ الأهمية للتلقيح الفعال، ويمكن لهذا التزامن أن يتعطل، فتغير المناخ يؤثر أيضا في دورات حياة النحل البري بحيث تظهر في الوقت الخطأ لتلقيح أزهار الفاكهة، ويؤدي ذلك إلى انخفاض في عمليات التلقيح الناجحة، وانخفاض إنتاج الفاكهة والبذور.

وعدم وجود ما يكفي من الحشرات الملقحة يمكن أن يكون مكلفا، وسلطت دراسة أجرتها جامعة ريدينغ البريطانية الضوء على ما يقدر بنحو 5.7 ملايين جنيه إسترليني (7.3 ملايين دولار أميركي) سنويا من الإنتاج المفقود لفاكهة مثل "تفاح غالا" بسبب قلة عدد الملقحات الحشرية، وفاكهة الكرز مرشحة لحجم كبير من الخسائر للسبب نفسه، كما كشفت الدراسة البحث.

الصقيع الربيعي انخفاض في الحرارة إلى درجة التجمد أو أقل خاصة أثناء الليل وساعات الصباح الباكر خلال فصل الربيع (شترستوك) ذبابة الفاكهة.. تأثير آخر

ومن تأثير إيجابي للحشرات الملقحة يُفقد بسبب تغير المناخ، إلى تأثير سلبي تُحدثه حشرة أخرى، لكنّ تغير المناخ يسمح بازدهارها، وهي "ذبابة الفاكهة" أو ما يعرف بـ"دروسوفيلا سوزوكي".

ويوضح حموية أن هذا التأثير السلبي يرتبط بالإزهار المبكر لفاكهة الكرز، حيث يتماشى الإزهار المبكر مع دورة حياة الذباب، مما يوفر لها فرصة الحياة عبر نظام غذائي جاهز من تلك الفاكهة.

وتضع ذبابة الفاكهة بيضها في الفاكهة الناضجة، ومع نمو اليرقات فإنها تتغذى على الفاكهة من الداخل، مما يؤدي إلى خسارة كبيرة في المحصول.

والحلول التي يلجأ لها المزارعون "مصائد الإغراء" التي تجذب الحشرات بالفرمونات الجنسية، لكنها غير كافية للسيطرة على رقعة هذه الآفة سريعة الانتشار.

وتخشى بعض الدول المصدرة للكرز من تأثير تلك الآفة على فرص تصديرها، لذلك تُفحص الفاكهة جيدا خشية أن تكون متأثرة بوجود يرقات الحشرة داخل الثمار.

وتستخدم العديد من مراكز التعبئة البستانية المسح البصري كعنصر أساسي في عملية الاكتشاف، ولكنّ باحثين أستراليين ابتكروا طريقة جديدة للكشف عن ذباب الفاكهة في الكرز والفواكه الأخرى باستخدام المسح البصري المبرمج بالذكاء الاصطناعي.

وتلتقط تقنية المسح الضوئي صورا عالية الدقة للفاكهة كجزء من عملية التصنيف ومن خلال الصور، ويمكن لبرنامج الذكاء الاصطناعي اكتشاف الإصابة بما في ذلك البيض الذي وُضع مؤخرا داخل الفاكهة، والذي يمكن بعد ذلك إزالته عبر تقنيات الفرز الموجودة داخل غرفة التعبئة.

تدابير للتكيف المناخي

ويوصف هذا الإختراع الإسترالي، بأنه أحد أدوات "التكيف المناخي"، وهو مصطلح يشير إلى تدابير تُتخذ استجابة للتغيرات المناخية بهدف تقليل التعرض لتأثيراتها الضارة.

وتشير دراسة مشتركة بين باحثين من مصر والمجر نشرت في أبريل/نيسان 2021، إلى بعض التدابير التي يمكن اتخاذها مثل اكتشاف مركبات عضوية جديدة وأكثر فعالية لتحفيز فاكهرة الكرز على الإزهار حتى عندما لا تحصل على ما يكفي من ساعات التبريد في الشتاء، وهذه المركبات قد تكون هرمونات نباتية مثل "الجبرلينات" و"السيتوكينينات"، أو مستخلصات طبيعية من بعض النباتات، أو مواد عضوية.

وبالإضافة لهذه الحلول، هناك تدخلات تقليدية يعرفها بعض المزارعين للتكيف مع تأثير التغيرات المناخية على الكرز. يقول حموية: إن "من بين هذه التدخلات استخدام بطانيات الصقيع أو الأقمشة لتغطية النباتات طوال الليل لحمايتها من الصقيع الربيعي، كما يساعد الري في هذا الاتجاه، حيث تحتفظ التربة الرطبة بالحرارة بشكل أفضل من التربة الجافة، لذلك فإن سقي النباتات في فترة ما بعد الظهر قبل الصقيع المتوقع يمكن أن يساعد في حمايتها، وأخيرا يمكن أن تساعد أدوات مثل السخانات أو الرشاشات في رفع درجات الحرارة حول النباتات ومنع تكوين الصقيع".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات تغي ر المناخ یمکن أن وهو ما

إقرأ أيضاً:

البيت الأبيض يهاجم أمازون بسبب نيتها عرض تأثير الرسوم الجمركية في الأسعار

نفت شركة التجارة الألكترونية أمازون Amazon، أمس الثلاثاء، بأنها تعتزم عرض أسعار المنتجات شاملة رسوم الاستيراد على موقعها الرئيسي Amazon، بعد أن وصف البيت الأبيض هذه الخطوة بأنها "عمل عدائي وسياسي".

وأوضحت الشركة أن الفكرة كانت مطروحة فقط ضمن وحدة البيع منخفضة التكلفة التابعة لها "Amazon Haul"، لكنها لم تعتمد ولن تنفذ.

لمنافسة ChatGPT.. أمازون تكشف عن الذكاء الاصطناعي الصوتي Nova Sonicأمازون تسعي لشراء تيك توك قبل موعد الحظر النهائيالبيت الأبيض يهاجم أمازون بسبب الرسوم الجمركية

وكانت تقارير من موقع Punchbowl News، قد ذكرت أن أمازون تدرس عرض أسعار توضح تأثير الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، وهو ما أثار رد فعل حاد من البيت الأبيض، ودفع بأسهم الشركة للتراجع بنسبة 2% في التداولات الصباحية قبل أن تستعيد خسائرها لاحقا.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن "الخطة المزعومة لعرض تأثير الرسوم الجمركية تعد عملا عدائيا سياسيا من أمازون". 

كما سارعت أمازون إلى نفي التقرير، مؤكدة أن النقاش بشأن الفكرة جرى داخل قسم "Amazon Haul" فقط، الذي ينافس مواقع مثل Temu وShein على المنتجات منخفضة التكلفة، وغالبا ما يعتمد على شحن مباشر من الصين.

وقال متحدث باسم الشركة: "الفريق الذي يدير متجر Amazon Haul فكر في عرض رسوم الاستيراد على بعض المنتجات، لكن الفكرة لم تحصل على الموافقة ولن تنفذ الفرق داخل الشركة تتداول أفكارا طوال الوقت".

ويأتي هذا الجدل وسط تصعيد في السياسات التجارية، حيث وقع الرئيس ترامب مؤخرا أمرا تنفيذيا لإغلاق ما يعرف بثغرة "de minimis"، والتي كانت تتيح للطرود منخفضة القيمة القادمة من الصين وهونج كونج الدخول إلى الولايات المتحدة دون رسوم جمركية، ومن المقرر أن يدخل القرار حيز التنفيذ في 2 مايو.

ودعا زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، الشركات الكبرى إلى كشف تأثير الرسوم على المستهلكين، قائلا: "على الشركات أن توضح للناس حجم الأعباء التي تُضيفها التعرفة الجمركية على جيوبهم".

وفي الوقت ذاته، عبرت النائبة الجمهورية المؤيدة لترامب، مارجوري تايلور جرين، عن خيبة أملها، قائلة في منشور على منصة "إكس": "آه، أمازون! كنت متحمسة لتتبع المنتجات الخاضعة للرسوم لتجنب شراء أي شيء من الصين!".

وكانت رويترز قد أفادت سابقا بأن بعض التجار على أمازون قرروا تقليص مشاركتهم في فعاليات Prime Day هذا العام، بسبب ارتفاع التكاليف المرتبطة بالمنتجات المصنعة في الصين.

وفي تطور آخر، أعلن ترامب أنه اتصل بـ جيف بيزوس، مؤسس أمازون، بسبب التقارير الإعلامية، وصرح للصحفيين: "كان بيزوس متعاونا جدا، وحل المسألة بسرعة، وقد اتخذ القرار الصائب".

جدير بالذكر أن العلاقة بين ترامب وبيزوس كانت متوترة خلال الولاية الرئاسية السابقة، بسبب تغطية صحيفة واشنطن بوست المملوكة لـ بيزوس، لكن أمازون عملت خلال السنوات الأخيرة على تحسين علاقتها بالإدارة، من خلال خطوات مثل بث برامج مرتبطة بترامب والمساهمة في صندوق تنصيبه.

وعلى الرغم من ذلك، عادت المتحدثة باسم البيت الأبيض وأثارت الجدل مجددا، مشيرة إلى تقرير نشر عام 2021 من “رويترز”، يفيد بأن أمازون تعاونت حينها مع جهة إعلامية تابعة للحكومة الصينية. 

وقالت ليفيت: “هذا سبب آخر يجعل الأمريكيين بحاجة لشراء المنتجات المصتنعة في الداخل”، أما أمازون، فقد أكدت أنها "تلتزم بجميع القوانين واللوائح المعمول بها في الدول التي تعمل فيها، بما في ذلك الصين".

طباعة شارك أمازون رسوم الاستيراد الرسوم الجمركية الصين

مقالات مشابهة

  • أستاذ مناخ: العاصفة الترابية الأخيرة ستؤثر على محاصيل الفاكهة
  • ما الفرق بين الطقس والمناخ؟
  • تشقق الأرض تحت طهران بسبب تغير المناخ يقلق الإيرانيين
  • البيت الأبيض يهاجم أمازون بسبب نيتها عرض تأثير الرسوم الجمركية في الأسعار
  • معلومات الوزراء: تغير المناخ يؤثر عالميا على الأمن الغذائي ويدفع بالملايين إلى النزوح
  • معلومات الوزراء: تغير المناخ يؤثر عالمياً على الأمن الغذائي ويدفع بالملايين للنزوح
  • تغيُّر المناخ.. تهديد عالمي يطال صحة الإنسان واقتصاد الدول ويهدد مستقبل الأجيال
  • تحولات اجتماعية عميقة في المجتمع المغربي.. ارتفاع نسب الأسر التي تعيلها النساء وتزايد الشيخوخة
  • هل تسببت ظاهرة جوية نادرة بانهيار شبكة الكهرباء الأوروبية؟
  • تغير المناخ يفاقم المخاطر على الأنظمة الغذائية