كيف أثرت الموجة الحارة على اقتصاديات العالم؟.. «خسائر بالجملة»
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
موجات الحرارة القياسية جزءًا لا يتجزأ من أنماط الطقس المتطرفة الناجمة عن تغير المناخ، ولها تأثير على أنماط الطقس القادمة، حيث أضحى سكان العالم يشعرون بالحرارة بطرق خطيرة وضارة، ما يذكرنا بقول أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأم المتحدة، حيث حذّر من أنّ «عصر الاحتباس الحراري قد انتهى وأن عصر الغليان العالمي قد حان».
بعد انتهاء شهر يوليو وبداية أغسطس، أخمد رجال الإطفاء في اليونان، حرائق الغابات المستعرة عبر نحو 900 ميل مربع من الأراضي، حيث أدت الكثافة المتزايدة للموجة الحارة في الصيف إلى زيادة الجفاف، ما أدى إلى اندلاع حرائق وإجلاء أعداد كبيرة من السياح والسكان إلى مناطق آمنة.
ورغم مخاوف الركود الذي يلوح في الأفق والتأثيرات الاقتصادية للأزمة الروسية الأوكرانية، كان مقررا أن تستمر أسواق السياحة الأوروبية في النمو حتى صيف 2023، خاصة لدول مثل اليونان، حيث تمثل السياحة 17% من الناتج القومي الإجمالي للبلاد، ما ينذر بخسائر كبيرة بالاقتصاد باليونان نتيجة اندلاع الحرائق وتأثيرها على قطاع السياحة، بحسب ما ذكره الموقع الاقتصادي ذا استريت الأمريكي.
تأثير الجفاف على الزراعة والإنتاج الحيواني في أوروباوالسياحة ليست القطاع الوحيد المهدد بالكساد، إذ توجد خسائر اقتصادية أخرى تلوح بالأفق، فالعديد من المناطق المتضررة من الجفاف في الاتحاد الأوروبي وبينها اليونان، تعاني من خسائر في الزراعة والإنتاج الحيواني، وتمثل الزراعة 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي لليونان في نمو القمح والشعير والذرة والزيتون والعنب وغير ذلك، وهو أيضًا البلد الوحيد المنتج للقطن في الاتحاد الأوروبي.
إرتفاع أسعار السلع الغذائيةإسبانيا وإيطاليا ليسا أفضل حالًا من اليونان، إذ تعتمد اقتصاداتهما على إنتاج المواد الغذائية الأساسية مثل الحبوب والماشية والفاكهة ومنتجات الألبان، وطالتهما خسائر كبيرة بسبب موجات الحرارة التي عصفت بأوروبا، وفقًا للموقع الأمريكي، لافتًا إلى تضرر المحاصيل من الجفاف في تركيا وبلغاريا ورومانيا، ما تسبب في ارتفاع تكلفة المواد الغذائية والسلع في أوروبا.
احتدام حرائق الغابات الكنديةأضرار اقتصادية أخرى نتيجة حرائق الغابات بكندا منذ أواخر أبريل، بعد أن شقت حرائق الغابات طريقها عبر مساحات شاسعة بمناطق في كندا، التي تعاني من الجفاف والغابات الكثيفة، مخلفة ورائها حرائق على مساحة ساحقة تبلغ 20 مليون فدان، كان من الصعب السيطرة عليها وإخمادها مقارنة بالحرائق التي كانت تحدث من قبل بكندا، وفقًا لـ«ذا استريت».
محاصيل الأخشابوتسببت حرائق كندا في انخفاض محاصيل الأخشاب، ووقف عمليات النفط والغاز، كما أثرت على قطاع السياحة، إضافة إلى تعرض كثير من المواطنين لأمراض لها علاقة بارتفاع درجات الحرارة، ما يؤثر بصورة سلبية على الإنتاج.
تحذيرات بشأن جودة الهواءأمريكا ليست الأفضل حالًا، حيث أصدر مسؤولون بمدينة نيويورك تحذيرًا بشأن جودة الهواء، وطالبوا السكان البقاء في منازلهم كلما أمكن ذلك، حيث تحولت السماء إلى لون برتقالي داكن ودخان بسبب حرائق كندا، وتم إغلاق المدينة لعدة أيام، ما أدى إلى إغلاق المتاجر وبعض الأعمال، وأثر سلبا على الاقتصاد، بحسب الموقع الأمريكي.
موجة حارة بالولايات المتحدةالقباب الحرارية هي ظاهرة أخرى ناتجة عن الحرارة الشديدة والموجة الحارة التي تجتاح العالم، ويوجد العديد منها فوق أجزاء من نصف الكرة الشمالي، وتحدث القبة عندما يحبس الغلاف الجوي رقعة من الهواء المحيطي الساخن في منطقة واحدة، ما يؤدي إلى دورانها، ويجعل من الصعب اختراق الجبهات الباردة وتوفير الراحة، ويقع أحد هذه الجيوب على الجزء الجنوبي الغربي من الولايات المتحدة في الوقت الحالي.
أمراض مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة تؤثر على الانتاجفي نيفادا وتكساس، يُطلب من عمال اليومية عدم العمل، وتُغلق الشركات في الأيام الأكثر سخونة في ولاية أريزونا، بعد أن عادت أرقام المستشفيات إلى مستويات الوباء بسبب الإصابات والأمراض المرتبطة بالحرارة، ويستخدم سكان تكساس التي تعمل على شبكتها الكهربائية المستقلة كميات قياسية من الطاقة خلال الموجة الحارة.
انقطاع الكهرباءويُتوقع موجة أخرى من الفيضانات عبر متنزه يلوستون الوطني، ما يؤثر بدوره على السياحة وعدد الزوار في المواسم القادمة، رغم أنّ الحديقة مفتوحة الآن وبدأ إصلاح الأضرار، وفي الوقت ذاته، كانت أجزاء من أريزونا ونيو مكسيكو تكافح حرائق الغابات، وتسببت العواصف الشديدة في انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء الغرب الأوسط ووادي نهر أوهايو.
اليابان والصين والهند في مرمى الفيضانات «تدمير منازل وتشريد السكان»تكافح العديد من البلدان في نصف الكرة الشمالي قباب الحرارة، لكن آسيا تتصارع أيضًا مع وجه آخر للطقس القاسي وهو الفيضانات، إذ أسقط موسم الرياح الموسمية كميات قياسية من الأمطار على الهند والصين واليابان وكوريا الجنوبية، ما نتج عنه العديد من الفيضانات المفاجئة وانقطاع التيار الكهربائي والانهيارات الأرضية التي دمرت المنازل والشركات وشردت السكان إضافة لزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض وغيرها من المخاوف الصحية.
ضغوط على شبكات الطاقةولفت الموقع الأمريكي إلى أنّ العديد من البلدان تشهد ضغوطًا كبيرة على شبكات الطاقة، فأجزاء من الصين تعرضت لانقطاع التيار الكهربائي بسبب قلة هطول الأمطار التي فرضت ضغوطًا على قدرات الطاقة الكهرومائية في البلاد، كما أثرت درجات الحرارة بالسلب على نمو المحاصيل والثروة الحيوانية في البلاد.
تراجع النمو وخطط التنمية بالهندومن الصين إلى الهند، التي أدت موجة الطقس السئ إلى اضطرابات في الزراعة والعمل إلى تراجع خطط البلاد لتنمية اقتصادها، ويتوقع البنك الدولي أنّ الناتج المحلي الإجمالي الوطني قد ينخفض بنسبة 6.3% على مدار العام بسبب سوء الأحوال الجوية، مع توقعات بمزيد من الانخفاض مع استمرار الحرارة.
الضغط على الموارد والبنية التحتية بالياباناليابان بدأت اتخاذ تدابير لمواجهة الموجة الحارة من خلال توجيه مواطنيها بضرورة تقنين استخدام الكهرباء وتكييف الهواء، كما أجبر زلزال على محطات الطاقة النووية على الإغلاق، ما زاد الضغط على الموارد والبنية التحتية، وأدت الحرارة القياسية والطلب المتزايد على الكهرباء إلى وضع البلاد في مأزق.
جفاف أمريكا الجنوبية يؤثر على الصادرات الزراعية وتربية المواشيتقع تشيلي والأرجنتين وأوروغواي وسط جيب حراري يسبب جفاف وحرائق الغابات في أمريكا الجنوبية، بحسب موقع ذا استريت الأمريكي، وتشير التقديرات إلى أنّ انخفاض الصادرات الزراعية والأخشاب يكلف الأرجنتين 15 مليار دولار، أما أوروغواي فتواجه صناعات تربية المواشي والزراعة 1.1 مليار دولار في الإيرادات المفقودة، ونتيجة الطقس السيئ تقدم الحكومتين للمزارعين وغيرهم من السكان مساعدات مالية.
تكلفة باهظة لعمليات الإخلاءالإنفاق الحكومي على جهود الإخلاء عامل رئيسي بزيادة الأعباء الاقتصادية للموجة الحارة، في حين أنّ التكاليف تختلف من بلد إلى آخر ومن حدث إلى آخر، فجهود الإغاثة من كارثة الطقس في الولايات المتحدة قد تبلغ تكلفتها مليارات الدولارات، والمنشآت الطبية في المناطق المتضررة مثقلة بتكاليف الإجلاء وبالمرضى، وقد تلتهم هي الأخرى ملايين الدولارات.
تعطيل البرامج الحكوميةأظهرت دراسة حديثة أنّ موجات الحر تضع أعباء غير مسبوقة على اقتصاد الهند، والتي بدورها تقوض جهود البلاد طويلة الأجل للحد من الفقر وعدم المساواة والمرض، فعندما تذهب الأموال الحكومية للتعافي من الآثار الضارة للطقس القاسي، فإنّ البرامج الحكومية الأخرى ستخسر أموالا لتفعيل برامج اقتصادية أخرى.
وقد يكون تغير المناخ، وما ينتج عنه من موجات حر غير مسبوقة في جميع أنحاء العالم، أكثر المشاكل تعقيدًا التي يتعين على البشرية حلها بحسب تصريحات سابقة لـ«بيل جيتس» لكن لسوء الحظ، فإنّ بعض البلدان الأكثر تضررًا من الحرارة الشديدة تكافح لتحمل الابتكارات التكنولوجية اللازمة لحمايتها من الآثار الضارة.
تراجع معدلات النمو بالدول الأفريقيةتقرير سابق لصحيفة «جارديان»، يشير إلى أنّ البلدان الأفريقية الأقل مسؤولية عن أزمة المناخ العالمية، تواجه انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 64% بحلول نهاية القرن، حتى لو كان العالم نجح في الحد من التسخين العالمي لـ1.5 درجة مئوية.
ومع زيادة الحرارة، يزداد اعتماد دول العالم على الوقود الأحفوري للإغاثة قصيرة المدى، وهو ما تقوم به الصين وبلاد من أمريكا الجنوبية، ما أدى إلى انخفاض قياسي في هطول الأمطار فضلًا عن زيادة الطلب على مصدر للوقود، ما أدى في النهاية إلى تفاقم المشكلة وليس تحسينها.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الموجة الحارة ارتفاع درجات الحرارة الولايات المتحدة أوروبا اليابان الهند الصين أفريقيا حرائق الغابات العدید من
إقرأ أيضاً:
حرائق الغابات والكوارث الطبيعية تدفع الأمريكيين إلى مواجهة أعباء تأمينية متزايدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية فى تقرير لها الضوء على أزمة متفاقمة يواجهها أصحاب المنازل فى الولايات المتحدة، خاصة فى المناطق التى تتعرض لكوارث طبيعية.
وفى تقريرها، أظهرت الصحيفة أن هذه الفئة من المواطنين تواجه تحديات متزايدة للحصول على تغطية تأمينية بسبب آثار أزمة المناخ، وهو ما دفع شركات التأمين إلى اتخاذ خطوات غير مسبوقة للتعامل مع الكوارث الطبيعية المتزايدة وتكاليفها المرتفعة.
وفقًا للبيانات التى أصدرتها وزارة الخزانة الأمريكية، شهدت أقساط التأمين زيادة كبيرة بنسبة ٨٢٪ فى المناطق التى تصنف ضمن أعلى ٢٠٪ من المخاطر المناخية.
وفى المقابل، كانت الزيادة أقل فى المناطق التى تُعدّ أقل عرضة لهذه المخاطر. هذه البيانات، التى تعد من الأكثر شمولًا فى تاريخ الولايات المتحدة، تكشف عن الضغط المالى الكبير الذى يعانى منه الأشخاص فى تلك المناطق، الأمر الذى يعكس تأثيرات أزمة المناخ على النظام التأمينى فى البلاد.
وأضاف التقرير أن تغير المناخ قد أعقد العمليات الخاصة بشركات التأمين العديد من الشركات اضطرت إما إلى إيقاف أنشطتها أو الانسحاب بالكامل من بعض الولايات الأكثر عرضة للكوارث مثل فلوريدا وكاليفورنيا، اللتين تعانيان من حرائق غابات متكررة.
على سبيل المثال، تشير التقارير إلى أن حرائق غابات لوس أنجلوس قد تدفع بعض الشركات إلى رفع أقساط التأمين بشكل كبير أو حتى الامتناع عن تقديم خدماتها فى هذه المناطق.
وفى تقرير صادر عن وزارة الخزانة الأمريكية، فقد أكد أن أصحاب المنازل فى الولايات المتحدة يواجهون أعباء مالية إضافية نتيجة الارتفاع الكبير فى تكاليف التأمين المرتبطة بتغير المناخ.
واستند التقرير إلى بيانات من ٣٣٠ شركة تأمين تغطى أكثر من ٢٤٦ مليون مالك منزل، أشار إلى أن أقساط التأمين شهدت ارتفاعًا ملحوظًا فى المناطق الأكثر عرضة للمخاطر المناخية. كما كشف التقرير عن إلغاء ١٠٪ من السياسات التأمينية فى ١٥٠ منطقة بريدية ذات مخاطر مرتفعة خلال عام ٢٠٢٢.
فى هذا السياق، قال ديفيد جونز، مفوض التأمين السابق بولاية كاليفورنيا، إن أزمة المناخ تدفع الولايات المتحدة نحو "مستقبل غير قابل للتأمين".
وعلق قائلًا: "لقد أصبح التأمين بمثابة طائر الكنارى فى منجم الفحم فيما يتعلق بأزمة المناخ، وهذا الطائر يكاد يكون قد مات الآن".
وأشار جونز إلى أن الأمريكيين سيواجهون صعوبات متزايدة فى شراء المنازل الجديدة، حيث أصبح التأمين أمرًا حاسمًا للحصول على الرهن العقاري. فى هذا السياق، أوضح أن الكثير من الأفراد سيضطرون إلى الاعتماد على أنظمة تأمينية حكومية، التى ستحتاج إلى دعم فى حالة حدوث أى كارثة.
وتابع قائلًا: "إن تغير المناخ يشكل تهديدًا منهجيًا للنظام المالي، ويجب معالجة الأسباب الجذرية لتغير المناخ إذا أردنا تخفيف تأثيراته على النظام المالي".
من جانبها، أعربت جانيت يلين، وزيرة الخزانة فى إدارة بايدن، عن قلقها البالغ بشأن "اتجاهات مثيرة للقلق" فى النظام التأميني.