سودانايل:
2025-01-28@01:51:49 GMT

حتمية السلام وهزيمة دعاة الحرب

تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT

زهير عثمان حمد

الحروب، رغم كونها جزءاً من تاريخ البشرية، تظل واحدة من أكثر الأحداث المؤلمة والمدمرة التي يمكن أن تواجهها المجتمعات والدول. ومع ذلك، فإن السلام دائماً ما يكون هو الهدف النهائي والمآل الحتمي لكل نزاع مسلح. هناك عدة عوامل تجعل من السلام ضرورة لا مفر منها:

التكلفة البشرية والمادية
الحروب تخلف وراءها أعداداً هائلة من القتلى والجرحى والمشردين.

بالإضافة إلى ذلك، تدمر البنية التحتية وتستنزف الموارد الاقتصادية للدول المتحاربة. على المدى الطويل، تصبح تكلفة استمرار الحرب أكبر بكثير من أي مكاسب محتملة، مما يدفع الأطراف المتحاربة نحو البحث عن حلول سلمية.

الاستقرار والتنمية
لا يمكن تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في ظل الحروب. تحتاج المجتمعات إلى بيئة آمنة ومستقرة للتعليم، والصحة، والتنمية الاقتصادية. السلام يتيح الفرصة لإعادة البناء والتطوير، مما يعزز رفاهية السكان ويؤدي إلى تحسين نوعية الحياة.

التعب والإرهاق
الحروب الطويلة تؤدي إلى إنهاك جميع الأطراف. تصبح القوى المتحاربة غير قادرة على الاستمرار في القتال بسبب نقص الموارد والدعم الداخلي والخارجي. هذا التعب والإرهاق يفتح الباب أمام فرص التفاوض والتوصل إلى اتفاقات سلام.

الضغط الدولي
المجتمع الدولي غالباً ما يلعب دوراً حاسماً في إنهاء الحروب. من خلال العقوبات الاقتصادية، والتدخلات الدبلوماسية، والجهود الإنسانية، يمارس الضغط على الأطراف المتحاربة للجلوس إلى طاولة المفاوضات. المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي تعمل بجد لتعزيز السلام وحل النزاعات.

المصالح المشتركة
حتى الأطراف المتحاربة قد تجد نفسها في نهاية المطاف تشترك في مصالح معينة، مثل التجارة والأمن الإقليمي والتعاون في قضايا بيئية أو صحية. هذه المصالح المشتركة تشجع على البحث عن حلول سلمية للنزاعات.

الرغبة في التعايش
البشر بطبيعتهم يرغبون في العيش في بيئة سلمية ومستقرة. المجتمعات التي تعرضت لويلات الحروب غالباً ما تطور رغبة قوية في التعايش السلمي، مما يدفع القادة والمجتمعات إلى تبني سياسات تدعم السلام والمصالحة.

صناعة السلام: مسؤولية مشتركة
صناعة السلام هي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق جميع مكونات المجتمع، بما في ذلك القادة العسكريين، والقوى المدنية، وعامة الشعب. يتطلب تحقيق السلام جهداً جماعياً وتعاوناً من جميع الأطراف المعنية. لكل فئة دورها الخاص والمهم في هذه العملية:

القادة العسكريون
القادة العسكريون يتحملون مسؤولية كبيرة في صناعة السلام، نظراً لسيطرتهم على القوات المسلحة وقدرتهم على اتخاذ قرارات تؤثر بشكل مباشر على مسار الحرب والسلام:الالتزام بوقف إطلاق النار: القادة العسكريون يجب أن يلتزموا باتفاقات وقف إطلاق النار والهدنة.
التحكم في القوات: عليهم ضمان انضباط القوات ومنع ارتكاب الانتهاكات.
المشاركة في مفاوضات السلام: غالباً ما يكون للقادة العسكريين دور في المفاوضات، حيث يمكنهم تقديم رؤى حول كيفية نزع السلاح وإعادة دمج المقاتلين.
القوى المدنية
القوى المدنية، بما في ذلك الأحزاب السياسية، والمجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية، تلعب دوراً حاسماً في بناء السلام المستدام:

التوسط والتفاوض: القوى المدنية يمكن أن تعمل كوسطاء بين الأطراف المتنازعة.
بناء مؤسسات قوية: تساهم في بناء مؤسسات قوية وشفافة تدعم سيادة القانون والعدالة.
التوعية والتثقيف: تلعب دوراً في نشر ثقافة السلام وتعزيز التفاهم بين مختلف فئات المجتمع.
التخطيط لإعادة الإعمار: تساهم في وضع خطط لإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بعد انتهاء النزاع.
عامة الشعب
عامة الشعب لديهم دور حيوي في الضغط من أجل السلام ودعم العملية السلمية:الثورات والاحتجاجات السلمية: يمكن أن يعبر الشعب عن رفضه للحرب والمطالبة بالسلام من خلال الاحتجاجات السلمية.
المشاركة في العمليات الانتخابية: انتخاب قادة يدعمون السلام والاستقرار.
دعم المبادرات السلمية: المشاركة في مبادرات المصالحة المحلية والمجتمعية.
نشر ثقافة السلام: من خلال التعليم والإعلام، يمكن للشعب نشر قيم التسامح والتعايش.
المجتمع الدولي
لا يمكن إغفال دور المجتمع الدولي في دعم صناعة السلام:

الدبلوماسية والوساطة: توفير منصات للتفاوض وتقديم الوساطة بين الأطراف المتنازعة.
الدعم المالي والتقني: تقديم المساعدات المالية والتقنية لدعم عمليات السلام وإعادة الإعمار.
العقوبات والضغوط: استخدام العقوبات والضغوط الدولية لدفع الأطراف نحو السلام.
تجارب تاريخية
التاريخ مليء بالأمثلة على النزاعات التي انتهت بتحقيق السلام:الحرب العالمية الثانية: انتهت بإعادة بناء أوروبا من خلال خطط مثل خطة مارشال، وتأسيس الأمم المتحدة لتعزيز السلام العالمي.
حرب فيتنام: انتهت باتفاق باريس للسلام في عام 1973، ورغم استمرار التوترات، إلا أن القتال المسلح بين الولايات المتحدة وفيتنام الشمالية توقف.
الحرب الأهلية في رواندا: بعد المجازر الرهيبة التي حدثت في عام 1994، بدأت عملية سلام ومصالحة بطيئة ولكنها مستمرة بدعم من المجتمع الدولي.

أعلموا أهل السودان السلام ليس مجرد غياب للحرب، بل هو عملية بناء طويلة ومعقدة تتطلب التزاماً من جميع الأطراف. ورغم الصعوبات، يبقى السلام هو الخيار الوحيد المستدام والضروري لرفاهية الشعوب والمجتمعات. من خلال التعلم من دروس الماضي والعمل معاً، يمكن للبشرية أن تتجنب ويلات الحروب وتبني مستقبلاً أكثر إشراقاً وسلاماً.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المجتمع الدولی القوى المدنیة صناعة السلام من خلال

إقرأ أيضاً:

الإمارات.. الإنسان أولاً

آمنة الكتبي (دبي)

أخبار ذات صلة خالد بن محمد بن زايد: تماسك المجتمع أحد أهم ركائز نهضة دولة الإمارات الإمارات تغيث العائلات العائدة إلى شمال غزة عام المجتمع تابع التغطية كاملة

أعلنت دولة الإمارات تخصيص عام 2025 ليكون «عام المجتمع»، في خطوة تعكس رؤية القيادة الحكيمة لتعزيز التلاحم المجتمعي، وترسيخ قيم التعاون والعطاء بين مختلف فئات المجتمع، ويأتي هذا العام تحت شعار «يداً بيد»، في مبادرة وطنية تجسد رؤية القيادة تجاه بناء مجتمع متماسك ومزدهر، استكمالاً لمسيرة الإمارات الحافلة بالمبادرات التي تهدف إلى بناء مجتمع قوي ومتماسك، قائم على التعايش والاحترام المتبادل بين المواطنين والمقيمين.
وتعتبر الإمارات نموذجاً عالمياً في التلاحم المجتمعي، حيث تقوم رؤيتها التنموية على مبدأ «الإنسان أولاً»، وتسعى الدولة من خلال «عام المجتمع» إلى تعزيز هذه القيم، وترسيخ الوحدة بين أفراد المجتمع، فالتلاحم المجتمعي ليس مجرد شعار، بل هو نهج عملي أثبت نجاحه في مواجهة التحديات، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو إنسانية.
وتؤمن الدولة بأهمية الدور المحوري للأسرة كركيزة للاستقرار المجتمعي والتنمية البشرية، في ظل المتغيرات والتحديات الجديدة التي يواجهها المجتمع، حيث تسعى الدولة إلى إعداد الأسر الإماراتية لمستقبل آمن ومستقر ضمن طموحاتها الوطنية.
وأطلقت العديد من المبادرات التي تلبي احتياجات جميع الفئات، بما فيها «كبار المواطنين»، و«أصحاب الهمم»، و«الشباب»، حيث يهدف هذا النهج الشامل إلى توفير الرعاية والدعم لأفراد الأسرة كافة، ما يضمن تعزيز استقرار المجتمع، ويسهم في النهوض بجميع فئاته منها: تخصيص وزارة الأسرة، ووزارة تمكين المجتمع، حيث تعمل هذه الوزارات على صياغة سياسات وبرامج تعزز استقرار الأسرة، كركيزة أساسية للمجتمع الإماراتي.
ومن ضمن المبادرات برنامج «معاً» وهو منصة مبتكرة لدعم المبادرات المجتمعية وتوحيد الجهود بين أفراد المجتمع، كما تدعم الدولة الأسر المنتجة من خلال مبادرات تهدف إلى تمكين العائلات الإماراتية اقتصادياً، وتقديم الدعم الفني والمالي لمشاريعها الصغيرة.
كما تقدم الدولة المساعدات الاجتماعية، حيث تم رفع مخصصات الدعم الاجتماعي للأسر محدودة الدخل، بما يشمل السكن، التعليم، والاحتياجات اليومية، وتنظيم الزواج الجماعي لتشجيع الشباب على الزواج وتخفيف تكاليفه، لتعزيز استقرارهم الأسري. بالإضافة إلى التركيز على تأسيس الأسرة من خلال تعزيز الخصوبة واستدامة نمط حياة متوازن للأسرة، بما يشمل توفير برامج تعليمية وتدريبية تهيئ الوالدين للقيام بدورهما بفاعلية، وتنفيذ سياسات إسكان تسهم في جمع الأسر، وتعزيز الترابط بينها، وصولاً إلى التخطيط الأسري الذي يدعم التوازن بين الحياة المهنية والأسرية للوالدين. كما يأتي عام 2025 كجزء من رؤية الإمارات 2071 التي تهدف إلى بناء مجتمع عالمي المستوى، وتركز هذه الرؤية على تحقيق التلاحم بين أفراد المجتمع من خلال سياسات تضمن التعايش والتنمية المستدامة.
وتمثل الشركات والمؤسسات الوطنية شريكاً أساسياً في نجاح «عام المجتمع»، من خلال تنفيذ مبادرات المسؤولية المجتمعية، وتوفير فرص العمل والدعم للمجتمعات المحلية، وتسهم هذه المؤسسات في تحقيق أهداف عام 2025. ويمثل «عام المجتمع 2025» محطة مهمة في مسيرة الإمارات نحو بناء مجتمع يفتخر بقيمه وإنجازاته، وهو دعوة للجميع، مواطنين ومقيمين، للمشاركة في تعزيز التلاحم الاجتماعي، والعمل بروح الفريق لبناء مستقبل أفضل، تحت قيادة حكيمة ورؤية واضحة، تواصل الإمارات مسيرتها الملهمة في جعل الإنسان محوراً للتنمية والنجاح. ويهدف عام المجتمع إلى تعزيز الروابط داخل الأسر والمجتمع من خلال تنمية العلاقات بين الأجيال، وتهيئة مساحات شاملة، ترسخ قيم التعاون والانتماء والتجارب المشتركة، إضافة إلى الحفاظ على التراث الثقافي.
كما يهدف إلى تشجيع جميع من يعتبر دولة الإمارات وطناً له على الإسهام الفاعل في المجتمع من خلال الخدمة المجتمعية، والتطوع، والمبادرات المؤثرة التي ترسخ ثقافة المسؤولية المشتركة، وتدفع عجلة التقدم الجماعي. ويركز عام المجتمع على إطلاق الإمكانيات والقدرات لدى الأفراد والأسر والمؤسسات عبر تطوير المهارات، ورعاية المواهب، وتشجيع الابتكار في شتى المجالات، ومنها ريادة الأعمال والصناعات المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي، وغيرها من الأولويات الوطنية لدولة الإمارات، بما يحقق نمواً شاملاً وأثراً إيجابياً مستداماً، يسهم في قصة بناء الوطن.

مقالات مشابهة

  • الإمارات.. الإنسان أولاً
  • محمد محمد المقالح: هذا موقف الأنصار من السلام.. فما هو موقفكم منه؟
  • بابا الفاتيكان يحث الأطراف السودانية على بدء مفاوضات لتحقيق السلام
  • السيد القائد يؤكد ضلوع أمريكا في الحروب الضالمة على المشروع القراني
  • سويكر: حلّ الأزمة الليبية يجب أن يكون ليبياً خالصاً بعيداً عن التدخلات الخارجية
  • مواطنون لـ"الرؤية": الوقاية من الأمراض غير المعدية حتمية في تحسين جودة الحياة وصحة الأجيال
  • كانت قاب قوسين أو أدنى من الحرب في ليبيا وفي السودان وفي أثيوبيا.. نشأت الديهي يطالب بمنح الرئيس السيسي جائزة نوبل للسلام
  • وزير الدفاع الأمريكي : مهمتنا هي تحقيق السلام من خلال القوة وبشكل مسؤول
  • سويكر: الحل يجب أن يأتي من ليبيا
  • الأمم المتحدة تدعو إلى حوار حقيقي جامع لإنهاء الحرب في السودان