عمنا الغالي محمد الشيخ القرشي ( القرشي الصغير ) تظل ذكراك دائما عطرة ندية في قلوبنا وقد تركت فينا من القيم الفاضلة الكثير وخلفت وراءك انبل الصفات وعلي رأسها حبك لأهلك ولكردفان وللوطن الكبير .
في العام ٦٨-١٩٦٩ توجهت أنا والاخ العزيز يوسف فضل الله الي الأبيض لأول مرة للالتحاق كمعلمين بالمدارس الوسطي . ولحظة نزولنا في رصيف محطة القطار هالنا عدد المستقبلين الذين ضاقت بهم جنبات الرصيف الفسيح وكان الانطباع الأول عندي أن هذه المدينة استثنائية في كرمها وضيافتها وركبنا عربة فسيحة من طراز الفولجا وكان يكفي للسائق أن نقول له منزل ودالقرشي فاوصلنا الي العنوان دون أخذ ورد لأن صاحب العنوان كان اشهر من علم علي نار ونزلنا في الدار الفسيحة وتم الترحيب بنا بما يفوق الوصف والخيال وبتنا ليلتنا تلك وقد نعمنا بدفء العائلة وقمة الاحترام .


الاخ يوسف تحدد له منذ المغادرة للوزارة في الخرطوم أن يعمل بالمدرسة الصناعية الوسطي وانا تحتم علي أن اقابل مكتب التعليم الذي سيقوم بتوزيع المعلمين الجدد لكافة مدارس مديرية كردفان وهذه المدارس يوجد الكثير منها في أماكن مصنفة علي اساس انها اماكن شدة يمكن للمعلم القادم من الخرطوم أو الجزيرة يجد فيها بعض الصعوبات في التاقلم عليها !!..
في الصباح الباكر وصل إلينا في بيت العم ود القرشي عمنا الرجل الراقي المهذب الجنتلمان الكريم المضياف صاحب الحديث الحلو والعبارات المنمقة المنتقاة بجودة عالية والتي تتحدر من فيه وكأنها سبائك الذهب أو الدر الثمين .
أخذني العم القرشي الصغير بسيارته ولازلت اذكر لونها وشكلها وكانت جميلة وتوجه بي الي المدرسة الأهلية الوسطي بحي ود الياس وقد استقبله المدير الاستاذ يوسف مجذوب بكل ترحاب لم لا وعمنا تعرفه الابيض وحيثما سار تسير معه الهيبة والاحترام وقال المدير هذا ابننا حمدالنيل تم اختياره ليعمل معلما في مدرستكم العامرة وقد شعرت بالفخر بأنني انتمي لأسرة يعرفها الجميع ويكنون لها كل التقدير والاحترام طبعا منذ الليلة السابقة كان عمنا القرشي الكبير قد اتصل بمكتب التعليم وقال لهم ابننا حمدالنيل نقل لمديريتكم واريده أن يكون بالابيض وان لاترسوله لخارجها لانه سيكون هنا معنا في بيت الأسرة .
وهكذا من البداية تباري الاعمام الكبير والصغير ورأينا منهم كل الاهتمام وطابت لنا الابيض التي عشت فيها زمانا وجدنا فيها من الرعاية مما يثلج الصدر ويشرح الفؤاد . طبعا الأخ يوسف مكث سنة واحدة وعاد والتحق بجامعة الخرطوم وفي العام التالي تقدمت باوراقي للجامعة من غير امتحان وقبلت بجامعة الخرطوم وقضيت فيها الفترة الأولي وعدت الابيض ثانية ولنفس المدرسة والتي كانت تضم خيرة المعلمين علما وأدبا ومازلت اتواصل معهم .
لا أود أن اتحدث عن طموح العم القرشي الصغير وعصاميته وأنه شق طريقه بكل ثقة حتي أصبح من أعيان كردفان ولم يفارقه التواضع يوما ما وأعتقد أنه لم يكن له أعداء فمثل هذا الإنسان لا بد أن يحبه الجميع.
اتفق مع كل كلمة سطرها قلم الابن الصحفي النابغة طاهر محمد علي طاهر ولكني أود أن أضيف علي هذه الشهادة والقلادة التي أهداها ابننا طاهر وهو بالمناسبة شاهد علي العصر ويعتبر جزءا من أسرة القرشي بحكم الجوار وبحكم أن والده محمد علي بيان كان من الأدباء وكان من أصحاب المكتبات .
اعجبني في عمنا القرشي الصغير موهبته الفذة في تربية أبنائه فقد كان يتعامل معهم كاصدقاء وكان يحرص علي تناول الطعام مع الأسرة مجتمعة وكان يغرس فيهم الالتزام بالمسؤولية دون أوامر بل يكفي أن يشير الي الشيء الصحيح فيلتزم الجميع به .
منزله كان ميزان بمكتبة راقية فارهة طالما نهل منها مفيد الابن الأكبر ونهلت منها الراحلة هدية وقد كانت في قمة التثقيف والمعرفة والإدراك .
أما المكتبة التجارية بالسوق فكانت تعج بالكتب والدوريات من الشرق والغرب وكانت المجلات الأمريكية نيوزويك وتايم ولايف تطل علي الزبائن من خلال العرض الجميل وبأسعار في متناول الجميع ووقتها لم يكن هنالك موظف غلبان بل كان الجميع عمالا ومزارعين يعيشون في بحبوبة من العيش وفي وئام وطمأنينة وأمن وسلام .
لا اريد أن أطيل عليكم لكن اختم بأن عمنا القرشي الصغير قد رحل عنا ونحن راضون عنه تماما فقد كان يحترم الصغير قبل الكبير والغريب قبل الغريب وكانت داره قبلة للأهل والأصدقاء وكان أصدقاؤه بعدد الرمل والحصي وكانت صداقته لود الزين تستحق أن تسجل في كتاب غينيس للأرقام القياسية.
رحم الله سبحانه وتعالى العم القرشي الصغير واسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي.
ghamedalneil@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

مجدي يوسف: مندوب إسرائيل كانت عينه في الأرض ولم يستطع الرد على كلمة النائب محمد أبو العينين

أكد مجدي يوسف، مراسل صدى البلد في روما، أنه عقب كلمة النائب أبو العينين، بجلسة برلمان البحر المتوسط، تم التأكيد على صحة كلامه من قبل الأعضاء الأوروبيين، بشأن رفض مصر والدول العربية لخطة التهجير، وشهدت الجلسة 6 مقاطعات للتصفيق على ما قالة النائب أبو العينين.

وقال مجدي يوسف، خلال تصريحات لبرنامج “حقائق وأسرار”، عبر فضائية “صدى البلد”، تقديم الإعلامي “مصطفى بكري"، إن "مندوب إسرائيل كانت عينه في الأرض ولم يستطع الرد على كلمة النائب أبو العينين، والتي تعتبر فخرا لكل مصري وعربي".

وتابع مراسل صدى البلد في روما، أن  رد النائب أبو العينين كان استثنائيا، وذلك بحكم قوته في الجلسة، معلقا: "كان رده درسا قاسيا جامعا مانعا لممثل الكنيست الإسرائيلي.

مقالات مشابهة

  • يوم توارى الشمس
  • بعدما نعاها محمد بن راشد.. من هي هالة الميداني التي أحبها الجميع في دبي؟
  • محمد بن راشد ناعياً هالة الميداني: 45 عاماً في دبي أحبّت الجميع فأحبّها الجميع
  • محمد بن راشد ناعياً السورية هالة الميداني: "أحبت الجميع.. فأحبها الجميع"
  • إيرادات الأفلام.. محمد سعد يتفوق على الجميع وأحمد مالك يلاحقه
  • جنود بالجيش ينشرون صورا مع الوالي الأسبق عثمان محمد يوسف كبر من داخل مسجد النور
  • محمد صلاح: عمر مرموش أخي الصغير وسعيد بانضمامه لمانشستر سيتي
  • تصور للاستثمار الأمثل لافتتاح المتحف المصري الكبير في الترويج للسياحة
  • مجدي يوسف: مندوب إسرائيل كانت عينه في الأرض ولم يستطع الرد على كلمة النائب محمد أبو العينين
  • كيف أثرت أعمال صلاح جاهين في الوسط الشعبي المصري؟.. فيديو