من طرف المسيد: حديث عن النخيل(8).
يرويها الاستاذ محمد سيد احمد الحسن
حررها عادل سيد احمد
المحرر:
- هناك سؤال من الصديق كمال، وهو: لماذا كان الشباب في عهدكم بهربون من البلد للخرطوم حتي ولو بارجلهم: عبدالرحيم كرار، احمد كرار، وجعفر كرار علي سبيل المثال. ماهي الدوافع؟ ام ان البلد كانت طاردة؟ ام كان لديهم طموح محدد؟ ولماذا كانت العسكرية هي الخيار المفضل؟
- كان الشباب يسافرون لانه لم يكن هناك ما يعملونه في البلد، البلد طاردة، الساقية فيها القمح والتمر، ويستلمهما الاهل، الشباب لم يكن لديهم دخول، الا عائدات القفيز او ما شابه، لكن دخول حقيقية لم تكن عندهم، فكانوا يشردون، ويقال لك ان فلانا قد شرد.
وعندما يشرد احدهم يطارد اهله اخباره لمدة ثم يتركونه لشانه.
والشاب بعد ان يسافر، فان اول ما يفعله هو ان يرسل مصاريف، ومجرد ان تصل المصاريف يصير علما تتغنى له الناس، والامهات لاولادهن، ناس بت نعمي، وناس بت حماد كن ينشدن الشعر. وهو نفسه، بسرعة، يتبوا مركزا جيدا، يعني احدهم يخرج من البلد تربالا ويرجع جاويش، او سائق قطار. كانوا مواقعهم تتغير بسرعة.
فهذا هو السبب، البلد لم يكن فيها مصدر دخل، والاهل لم يكونوا يسمحون لابنائهم بالسفر، فكان لا بد للشباب ان يشرد، ويتابعوا اخباره يومين او ثلاثة ثم ينسوه.
وكان المشوار طويلا من المقل الى كريمة حيث محطة القطار، حوالي 40 كيلومتر، يسيرونها ليلا على الاقدام ليلحقوا بالقطر في الصباح.
وقد احرز اغلبهم مراكز متقدمة، فمنهم من وصل درجة الضابط ومنهم من امتلك عربة تاكسي، اعداد منهم عملوا اشغال جيدة.
اما الاقبال على العسكرية فسببه انه لا يوجد بديل، لم تكن هناك فرص اخرى.
يعني نحن كنا نذهب لجهات فيسالونك عما تستطيع ان تشتغله، فكان ردنا: (اي حاجة!)، لا توجد مهن، ليس هناك تدريب لمهنة معينة، فالعسكرية كانت هي الاقرب.
اضافة الى ذلك: حب الشايقية للسلطة، والعسكرية كانت ملهمة للشعراء والمغنين، فكانوا يتغنوا لها.
وتقريبا معظم الشباب قد عملوا في العسكرية: اما البوليس، اما الجيش، اما الاحتياطي. واحرزوا فيها نجاحات، وعدد منهم وصل الى درجة الضابط: دبابير وكذا.
المحرر:.
- من أشهر من تبقى في البلد ولم يشرد؟
- هناك اناس لم يشردوا، ولم يغادروا البلد اصلاً. كعبد الله ود شيخنا، فضل، عبد اللطيف محمد خير، ناس المقل القدام ( الامامي) حقنا كلهم ظلوا في البلد، ناس ود اب كروق، ناس ود المتوكل، فتح الرحمن، يعني الشردوا قليلين جدا: إبراهيم ود الحسن، فرج ود ست الدار، عدد محدود.
الشراد كان في جهة الكوانتشي وكلحية، كان فيها شراد كثير، اولاد شيخنا عبد الوهاب وجعفر وعثمان ود شيخنا، عبد الرحيم كرار كلهم من الذين شردوا.
وكان هناك يؤيدون الشراد وآخرين ضده.
الشراد كعملية اجتماعية لم تكن مستهجنة، ولم تكن معارضة ولكنها لم تكن مؤيدة من كل الناس.
وتجد اشعار، مثلا:
يعني معها ناس وضدها ناس، والسبب الرئيسي انه لم يكن هناك شيء يستحق البقاء فلا توجد دخول، والناس بائسين، والاكل بائس، الانتاجية ذاتها بائسة والعمل شاق، فليس فيها افق ولا مستقبل.
يسافر زول فتران (تعبان) ويجيء بعد فترة وهو يلبس ساعة، ويحمل بطارية، وملابسه نظيفة، ويصين بيوت اهله، هذه اشياء مستمرة حتى الان، يعني الناس الذين لديهم ابناء في الخارج يعيشون في يسر، اما الذين لا اولاد لهم في الخارج فعيشتهم الله يعلم كيف تكون؟
البلد لا تكفي.
- بلدنا شن البلد
يوما طارنو
غزال وادي المحل
جات هاربة منو
ولذلك لم يكن هناك سبب وجيه القعاد (البقاء)، لكن طبعا الناس كانوا يريدون ان يكون اولادهم معهم، فكانت هناك معارضة وكان هناك تاييد، ولكن في النهاية كلهم ذهبوا. الناس الذين غادروا مبكرا استفادوا واشتغلوا: دقدوق، عبد الرحيم كرار، عثمان ود شيخنا، محمد طه، اسحق الشفيع، هؤلاء من غادروا مبكرا. ابتنوا بيوتا، وعلموا اولادهم، اما الذين جاءوا متاخرين، حتى الوظائف التي كانت موجودة ضاقت، الاوائل استفادوا ولذلك كانت هناك هجرة، هناك بعض الناس هاجروا وذهبوا فتعلموا مثل جعفر كرار، طه احمد كرار، محمد نعمان هؤلاء ذهبوا ودرسوا في الازهر. هناك اخرين هاجروا واشتغلوا في البوليس ووصلوا الى اعلى الوظائف، عارف عبد الرحمن محمد احمد عمل عسكريا ونزل من الخدمة عقيد، علي الشفيع ولج الخدمة عسكري وتقاعد مقدم او عقيد. ولكن طبعا هناك اناس ظلوا عساكر طول مدة خدمتهم، والى ان شابوا لم يروا ترقية. وآخرين ترقوا ترقيات سريعة.
وهناك آخرين دخلوا في مجالات خرجوا منها بمهن، احمد ود شيخنا خرج ميكانيكي، كان تقريبا نائب مدير ورشة مارنجان، دقدوق صار كهربائيا وأولاده الان كلهم متخصصين في الكهرباء.
هناك اناس اشتغلوا في وظائف تعلموا منها، وبعضهم برز، وصاروا ضباط وكذا يعني.
amsidahmed@outlook.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
العكاري: مشاريع ما قبل فبراير كانت موزعة بعدالة ويجب إحياؤها
ليبيا – علّق عضو لجنة تعديل سعر الصرف مصباح العكاري على النقاشات المتعلقة بعدالة توزيع الثروة، وإعمار البلاد، وتقليص الفجوة السكانية، متسائلًا: “هل يدرك المسؤولون في البلاد أن ما قبل فبراير كان هناك مشروع تنموي ضخم جدًا موزع بعدالة على كامل التراب الليبي؟”
دعوة لاستكمال المشاريع التنموية السابقة
العكاري طالب، في منشور عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك“، بضرورة استكمال المشاريع التنموية السابقة وعدم الانخراط في مشروعات جديدة قبل الانتهاء منها. وأكد على أهمية إعطاء الأولوية لهذه المشاريع لتعزيز التنمية والاستقرار.
استبدال الشركات غير الراغبة في العودة
وأضاف العكاري: “أي شركة لا ترغب في العودة لاستكمال مشاريعها يتم استبدالها، لتنطلق مرحلة بناء ضخمة في البلاد تؤدي إلى تحقيق الاستقرار وتوفير السكن والمرافق الحيوية.”
جلسة وطنية لبحث تمويل المشاريع
وأشار العكاري إلى توفر مصادر تمويل المشاريع التنموية، مشددًا على أن الأمر يحتاج فقط إلى جلسة تجمع أبناء الوطن المخلصين للاستماع إلى آرائهم وخططهم، من أجل تحقيق التنمية المستدامة في ليبيا.