سبسطية وبرقة تدفعان من أمنهما ثمن تسليح المستوطنين
تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT
نابلس - صفا
يلمس أهالي بلدتي سبسطية وبرقة شمال غرب نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، أثر تسليح المستوطنين على نطاق واسع، وبات أمنهم على المحك مع تضاعف أعداد المستوطنين المسلحين خاصة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ووثقت هيئة الجدار والاستيطان استشهاد 17 فلسطينيا برصاص المستوطنين في الضفة الغربية منذ "طوفان الأقصى" بعد مهاجمتهم في أراضيهم وقراهم.
وتشير معطيات هيئة الجدار والاستيطان إلى أن 1334 اعتداءً نفذها المستوطنون في النصف الأول من العام الجاري، تسببت باستشهاد 7 مواطنين.
وتراوحت اعتداءات المستوطنين ما بين الهجوم على القرى الفلسطينية والاعتداء على الآمنين فيها، وإحراق المنازل، وإطلاق النار على المواطنين، وإقامة البؤر الاستيطانية، والاستيلاء على أراضي المواطنين، والاعتداء على الشوارع والمركبات، وشن هجمات منظمة وخطيرة.
وتُظهر بيانات وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية، أنها تلقت منذ بداية الحرب على غزة وحتى نهاية مايو/ أيار الماضي، أكثر من 320 ألف طلب للحصول على تراخيص حمل سلاح ناري، وتم منح 130 ألف تصريح للمستوطنين، بمن فيهم من يسكن في مستوطنات الضفة الغربية.
ويؤكد عبد الله أبو رحمة، مسؤول العمل الجماهيري بهيئة الجدار والاستيطان، أن ما يجري متفق عليه بين وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش الذي يعمل على تهجير الفلسطينيين من الضفة، ووزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير الذي سلَّح آلاف المستوطنين ومهد لهم بذلك الطريق لشن اعتداءاتهم ضد الفلسطينيين.
ويقول أبو رحمة إن المستوطنين صار لهم هدف معلن، وهو ترويع الفلسطينيين وتخويفهم ووضعهم أمام خيارين؛ إما ترك أراضيهم وبلدهم، أو قتلهم.
النية للقتل
وتتعرض بلدة برقة لهجمات منظمة من داخل مستوطنة "حومش" الجاثمة على أراضيها، وعمليات إطلاق نار باتجاه المنازل المحاذية.
أما بلدة سبسطية، فتتعرض لعمليات إطلاق نار من مستوطنة "شافي شمرون" التي لا تبعد سوى أمتار عن سبسطية.
ويشير رئيس بلدية سبسطية محمد عازم إلى أن عصابات المستوطنين ومنذ صعود اليمين الإسرائيلي المتطرف، بدأت تمارس إرهابها واعتداءاتها بشكل واسع على البيوت والمزارع والمواطنين وكل ما تطاله أيديهم، بوضح النهار وبغطاء حكومي وقانوني، ودون مساءلة من أي جهة. تمارس.
وأوضح لوكالة "صفا" أنه ومنذ 7 أكتوبر، تطورت اعتداءات المستوطنين خاصة بعد تسليح حكومة الاحتلال لهذه العصابات.
ويبين عازم أن كل المنازل المحيطة بمستوطنة "شافي شمرون" وعدد كبير منها تقع في مناطق (ب) تتعرض بمعدل مرة كل أسبوع لعمليات إطلاق نار من داخل المستوطنة، وخلال يونيو/ حزيران الماضي سجلت 7 عمليات إطلاق نار على المنازل واختراق واجهاتها، في تطور خطير، ودليل على النية للقتل.
وقال إن هجمات المستوطنين دفعت أصحاب بعض المنازل المحاذية للمستوطنة والقائمة منذ ما قبل عام 1967 إلى إخلاء منازلهم خشية على أفراد عائلاتهم، خاصة بعد انفصالهم بشكل تام عن سبسطية بفعل إغلاق الطرق الفرعية، وأصبح الاستيطان الرعوي يهدد هذه البيوت وهناك خطر للاستيلاء عليها وتحويلها لصالح العصابات الاستيطانية وضمها لمستوطنة "شافي شمرون".
ولفت إلى أن المستوطنين يعمدون لتسيير طائرات "دورون" في أجواء سبسطية، وتحديدا فوق المنطقة الأثرية، وفي حال رصد أي تحرك فيها يتم توجيه مركبة أمن المستوطنة وفيها عدد من المستوطنين المسلحين الذين يعتدون على من يتواجد في المنطقة.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال كثفت من اقتحاماتها للبلدة، والتي تركز على البلدة القديمة، ولوحظ أن بعض الجنود الذين يتواجدون في آليات الاحتلال، هم أنفسهم يتواجدون في مركبات المستوطنين التي تلاحق المواطنين.
كما أن حارس أمن مستوطنة "شافي شمرون" اعتاد مؤخرا على اقتحام البلدة ومنطقتها الأثرية يوميا، وهو يتجول فيها بمركبته وسلاحه وكأنه من سكانها.
لا نأمن في بيوتنا
وباتت اعتداءات المستوطنين تثير قلق الأهالي في سبسطية بعد استهداف بيوتهم بإطلاق النار بشكل مباشر.
ويقطن شادي الشاعر منزلا في شارع الأعمدة القريب من الموقع الأثري والذي يتعرض لاقتحامات شبه يومية من الاحتلال والمستوطنين، وكان بيته واحدا من المنازل المستهدفة بنيران المستوطنين.
وقال الشاعر لوكالة "صفا" إن بيته الذي يقع بمواجهة مستوطنة "شافي شمرون" تعرض لإطلاق نار مباشر من داخل المستوطنة، وأصابت الرصاصات الحراسة الحديدية في الطابق الثالث، ولحسن الحظ لم يكن يتواجد أحد قرب النوافذ في تلك اللحظات.
ويخشى الشاعر على أفراد عائلته، مضيفا: "ليست كل مرة تسلم الجرّة، ولا ندري كيف سينتهي الاعتداء القادم".
وأشار إلى اعتداء مشابه تعرض له منزل جيرانه قبل عدة أيام، عندما أطلق المستوطنون النار باتجاه منزلهم بالتزامن مع قيام جارتهم بفتح باب بيتها.
ويؤكد الشاعر أن هذه الاعتداءات ورغم خطورتها، إلا أنها ليست الشكل الوحيد لاعتداءات المستوطنين المتسلحين بغطاء من حكومتهم وجيشهم، وشملت اعتداءاتهم في الشهور الماضية حرق بيوت ومحاصيل زراعية وممتلكات المواطنين والاعتداء على المركبات.
ولفت إلى أن المستوطنين يختارون أوقات شن هجماتهم بالتنسيق مع الجيش وبعد مراقبة تحركات المواطنين، وبيّن أن عدة اعتداءات أحرقت فيها محاصيل زراعية في ساعات ما بعد منتصف الليل حتى يصعب على الناس التحرك في ظل انتشار المستوطنين المدججين بالسلاح وبمرافقة جنود الاحتلال.
واعتبر أن اعتداءات المستوطنين تأتي ضمن سياسة ممنهجة لإرهاب المواطنين وتهجيرهم لإفراغ الأرض من أصحابها تمهيدا للاستيلاء عليها.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: سبسطية برقة نابلس الضفة الغربية المستوطنون اعتداءات المستوطنين حومش تسليح المستوطنين اعتداءات المستوطنین إطلاق نار إلى أن
إقرأ أيضاً:
إلى أي مدى بلغت خطورة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى؟
حذر محللون وخبراء من تصاعد خطورة اقتحامات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى، مؤكدين أن إسرائيل تسعى لفرض واقع جديد في الحرم القدسي، على غرار ما حدث في الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل، وسط تواطؤ دولي وتخاذل عربي وإسلامي متزايد.
وجاءت هذه التحذيرات بالتزامن مع تصعيد استثنائي شهده المسجد الأقصى خلال اليومين الماضيين من عيد الفصح اليهودي، حيث اقتحم مئات المستوطنين باحات الحرم تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال، في ظل قيود مشددة فرضت على دخول الفلسطينيين.
وحسب محافظة القدس، فإن الاقتحامات التي شارك فيها أعضاء كنيست وحاخامات بارزون تشكل "استفزازا صارخا" لمشاعر المسلمين، في وقت تتصاعد فيه الدعوات الاستيطانية لإدخال القرابين وذبحها في باحات المسجد بذريعة "الهيكل المزعوم".
وتعليقا على ذلك، أكد الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن الاقتحامات لم تعد أحداثا عرضية، بل تحولت إلى إستراتيجية ثابتة في سياق مشروع طويل المدى لتكريس "ستاتيكو" جديد داخل الحرم القدسي، يسمح بتقاسم الزمان والمكان مع المستوطنين.
واعتبر في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث" أن التوازي الزمني بين تصاعد الاقتحامات ومواسم الأعياد اليهودية وشهر رمضان ليس صدفة، بل جزء من خطة ممنهجة لاستغلال انشغال الإقليم والحرب الجارية في غزة لفرض وقائع ميدانية تحت غطاء ديني وسياسي.
إعلان تطور خطيرمن جهته، قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي إن ما يجري في الأقصى هو تطور خطير يستهدف تهويد الحرم بالكامل، وتحويله من مكان إسلامي خالص إلى موقع "مشترك"، ضمن مشروع توسعي يستند إلى فكر استيطاني متطرف.
وشدد البرغوثي على أن الاقتحامات المتكررة تترافق مع منع غالبية الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد، لا سيما سكان الضفة وغزة، مما يخلق واقعًا قسريًا من التقسيم الزماني والمكاني، يشبه ما جرى في الحرم الإبراهيمي بعد مجزرة عام 1994.
ويستند المخطط -وفق البرغوثي- إلى تزوير متعمد للهوية التاريخية للمكان، بزعم أن المسجد الأقصى يقتصر على البناء المعروف، متجاهلين أن الحرم يشمل كامل المساحة البالغة 144 دونمًا، بما فيها قبة الصخرة.
وأشار إلى أن الصلوات التلمودية التي تؤدى داخل باحات الأقصى، إلى جانب إدخال القرابين، تكشف أن الاحتلال يسعى لخلق طابع ديني يهودي للحرم، في تجاهل صارخ للقوانين الدولية والوصاية الهاشمية على المقدسات.
في حين، حمّل جبارين حكومة بنيامين نتنياهو الحالية، بوصفها الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، المسؤولية عن التصعيد، مشيرا إلى أن الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش يمثلان تيارا عقائديا لا يتحرك وفق أجندات انتخابية، بل انطلاقا من قناعات تلمودية.
وأوضح أن هذا التيار لا يسعى فقط للسيطرة الرمزية، بل يستغل فائض القوة الإسرائيلي لإخضاع الفلسطينيين وتكريس وقائع جديدة في المدينة المقدسة، مستفيدا من هشاشة المعسكر العلماني وتآكله في الداخل الإسرائيلي.
ضوء أخضروفي السياق ذاته، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت عبد الله الشايجي أن ضعف الموقفين العربي والإسلامي منح إسرائيل الضوء الأخضر للمضي في مخططاتها التهويدية، مشيرا إلى أن منظمة التعاون الإسلامي التي تأسست بعد حريق الأقصى عام 1969 لم تعد قادرة على أداء دورها.
إعلانوأضاف أن "أقصى ما يصدر عن العواصم الإسلامية هو إدانات لفظية"، في ظل انشغال دول المنطقة بأزماتها الداخلية أو حساباتها مع الولايات المتحدة، مما جعل حكومة نتنياهو تتحرك دون أي رادع.
كما نبه إلى أن الصمت العربي والدولي يشجع إسرائيل على تجاوز كل الخطوط الحمراء، لافتا إلى أن حكومة الاحتلال لم تكتف بتأمين الاقتحامات، بل تشجع عليها بمشاركة مسؤولين بارزين، مما يعني أن المشروع تجاوز مرحلة جس النبض إلى فرض الأمر الواقع.
وأكد الشايجي أن إسرائيل تستغل صعود التيار الديني الصهيوني في الداخل الأميركي، ووجود إدارة داعمة بالكامل لها مثل إدارة دونالد ترامب، لترسيخ هيمنتها الدينية في القدس، بالتوازي مع الحرب الجارية في غزة ومحاولات تقويض الدعم العربي لفلسطين.
وفي رده على سؤال حول خمول الشارع الفلسطيني، أوضح البرغوثي أن الضفة الغربية تعيش انتفاضة متواصلة منذ عام 2015، وأن الاحتلال لا يستطيع دخول أي منطقة دون أن يواجه مقاومة شعبية، لكن المشهد في غزة وما تبعه من دمار أحدث حالة من الإحباط العام.
وأكد أن أحد العوامل الرئيسية التي تعزز الاقتحامات هو غياب الوحدة الوطنية الفلسطينية، وافتقار الساحة إلى قيادة موحدة تعتمد إستراتيجية مقاومة فاعلة، تكون قادرة على تعبئة الداخل والتأثير على الرأي العام الدولي.
نتاج 3 عواملكما شدد البرغوثي على أن ما يجري في الأقصى هو نتاج تفاعل 3 عوامل، هي صعود حكومة إسرائيلية فاشية، وتنامي الفكر التلمودي الديني المتطرف، وغياب أي رد فعل عربي أو إسلامي يُحسب له حساب.
وتابع أن إسرائيل لا تحترم حتى اتفاقياتها الرسمية، بما فيها اتفاق وادي عربة مع الأردن الذي ينص على احترام الوصاية الهاشمية، لأن معيار السلوك الإسرائيلي هو ميزان القوى فقط، وليس المواثيق أو التعهدات.
من جانبه، تساءل جبارين عن حدود المراهنة على الداخل الإسرائيلي في ظل احتكار المشهد السياسي من قبل معسكرين يمينيين، أحدهما متطرف ديني والآخر أمني إستراتيجي، مع غياب فعلي لتيار علماني قادر على وقف الانزلاق نحو الصراع الديني.
إعلانوأعاد التذكير بأن اسم "طوفان الأقصى" الذي أطلقته كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- على عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول لم يكن اعتباطيا، بل يعكس طبيعة الاستفزازات التي تمارسها إسرائيل في المسجد الأقصى، والتي كانت من أبرز محركات التصعيد الأخير.
واعتبر الشايجي أن إسرائيل باتت تتحرك بمنطق أنها فوق القانون الدولي، مدعومة بإدارة أميركية تبرر كل أفعالها، وتحارب من يجرؤ على انتقادها تحت تهمة "معاداة السامية"، حتى لو تعلق الأمر بحماية الحق في العبادة أو الدفاع عن مقدسات إسلامية.
وفي ختام الحلقة، شدد البرغوثي على أن إسرائيل تسعى لإنهاء الوضع القائم في الأقصى وفرض "أمر واقع جديد"، مضيفا أن "الرهان الوحيد الذي أثبت نجاعته في التصدي لمشاريع الاحتلال هو صمود الفلسطينيين، وتفعيل إرادة الشعوب العربية والإسلامية".
وأشار إلى أن المطلوب ليس إرسال جيوش، بل مواقف عملية، تبدأ بوقف التطبيع وقطع العلاقات، والضغط على الولايات المتحدة من خلال مصالحها في المنطقة، لردع الاحتلال وكبح مخططاته تجاه المسجد الأقصى.