قالت صحيفة "لوفيغارو" إن مظاهرة تضم عشرات الآلاف من اليهود المتدينين ملأت شارع ناتان شتراوس في الحي اليهودي بالقدس، معلنة رفض الامتثال لقرار المحكمة العليا بإنهاء الإعفاء من الخدمة العسكرية الذي يتمتع به طلاب التوراة الشباب، في ما يمثل مأزقا سياسيا لقادتهم المتحالفين مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وأوضحت الصحيفة -في تقرير لمراسلها بالقدس غيوم دي ديولوفو- أن الإعلان عن هذه المظاهرة التي بدأت على وقع التراتيل الدينية والنفخ في القرون تم بصورة تقليدية عن طريق المنشورات التي توزع يدويا، لأن هؤلاء المتشددين يحظرون الإنترنت والهواتف الذكية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خبير أميركي: عودة ترامب تنذر بإعادة أوروبا إلى ماضيها الفوضويlist 2 of 2وول ستريت جورنال: هكذا أصبحت إيران قوة دولية رغم أنف أميركاend of list

شعار هذه الدعوات المختومة بأسماء الحاخامات الكبار ورؤساء المدارس الدينية ذات النفوذ (المدارس التلمودية) هو "لا للتجنيد الإجباري للحريديم" أولئك الذين يخافون الرب، كما يطلق هنا على اليهود المتشددين، حسب المراسل.

لا للدولة الصهيونية

وأشار المراسل إلى أن هذه المظاهرة تدشن لمرحلة جديدة في سلسلة قضائية وسياسية ودينية طويلة، بعد أن أصدرت المحكمة العليا حكما لمصلحة إنهاء الإعفاء الذي يتمتع به طلاب التوراة الشباب منذ تأسيس دولة إسرائيل الذين لم يكونوا يتجاوزون 400 في عام 1948، في حين أنهم اليوم نحو 80 ألفا، والجيش الإسرائيلي يحتاج إلى مزيد من الأيدي، ولكن هؤلاء المتدينين المتطرفين لا يقبلون مطلقا بارتداء الزي العسكري.

وتقول لافتة على واجهة أحد المباني "الشعب اليهودي لا ينبغي أن يقاتل من أجل قطعة أرض، بل من أجل اليهودية"، كما تلوح لافتات فوق المتظاهرين، مثل "إسرائيل ليست دولة يهودية، إنها دولة صهيونية" و"نرفض الخدمة في الجيش الصهيوني".

ويمثل هؤلاء المتظاهرون الفرع الأكثر أصولية في الحركة الدينية المتطرفة، كما يوضح جلعاد ملاخ، الباحث في جامعة بار إيلان في تل أبيب، ويؤكد "لكنهم يعلمون أن عدم مرونتهم ستجلب لهم تعاطف معظم اليهود المتشددين الآخرين الذين ترفض الأغلبية العظمى منهم الانضمام إلى الجيش".

السجن ولا الجيش

ويقول أبراهام (21 عاما) الذي تتدلى خصلتان ملفوفتان بعناية حول وجهه، والذي رفض كآخرين إعطاء اسمه الأخير، "إن واجبنا هو أن ندرس التوراة باستمرار، كما فعلنا منذ آلاف السنين. لقد اختفت كل الحضارات القديمة، لكننا بقينا لأن الدين سمح لنا بالبقاء أمة موحدة".

وتتشكل حول هذا الشاب مجموعة، ويبدأ النقاش بينها؛ يقول آفي (18 عاما) "كان جدي الأكبر يعيش هنا بالفعل، كان يعيش في سلام مع العرب. دولة إسرائيل لم تجلب لنا سوى الحرب"، ويعلق المراسل قائلا إن آفي بلغ سن التجنيد مثل صديقه شاؤول الذي يقول "حسنا، دعهم يسجنوننا. يمكننا الاستمرار في دراسة التوراة"، فهما إذن يعلمان أنهما سيواجهان السجن إذا لم يستجيبا لاستدعاء الجيش.

ويرى المراسل أن قرار المحكمة العليا يهدد بإسقاط نتنياهو الذي يضم ائتلافه حزبين متشددين، وقد رشق المتظاهرون بالحجارة سيارة زعيم حزب غيميل، يتسحاق غولدكنوبف، وزير الإسكان في حكومة نتنياهو، ومثله زعيم حزب شاس آري درعي، الحليف المتشدد الآخر "لبيبي"، فهو في مأزق، لأنه عالق بين العدالة واتفاقاته السياسية وعناد قاعدته.

يحاول هؤلاء الحلفاء ألا تنتهي الدورة الصيفية للكنيست دون تمرير مشروع قانون يعدّونه ليحكم بالإعفاء من الخدمة، رغم ما يسببه ذلك من انقسامات عميقة في الأغلبية، خاصة أن شخصيات من حزب الليكود، حزب نتنياهو، تعارضه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

لوفيغارو: تاريخ الحروب الأبدية المنسية الطويل في السودان

كان السودان مسرحا للعديد من الحروب المنسية، وهو يعاني اليوم من حرب أهلية مؤلمة، قتل فيها عشرات الآلاف من المواطنين خلال عامين، وهجر نحو 13 مليون شخص، والبلد يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وكل هذا لا يحظى باهتمام العالم.

ومن استقلال السودان عام 1956 بعد الانسحاب البريطاني والمصري، إلى الحرب الأهلية الأخيرة التي اندلعت يوم 15 أبريل/نيسان 2023، مرورا باستقلال جنوب السودان والحرب في دارفور، يتتبع موقع لوفيغارو تاريخ حروب بقيت على هامش الاهتمام الدولي في هذه الرقعة المنسية من العالم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إدارة ترامب تنشر دفعة من ملفات اغتيال كينيدي السريةlist 2 of 2جيروزاليم بوست: رئيس السلفادور مؤيد لإسرائيل وشريك لترامب بترحيل المهاجرينend of list الحرب الأهلية الأولى (1955-1972)

بدأت الصحيفة -في تقرير بقلم مايول ألديبير- بالحرب الأهلية التي اندلعت عام 1955 عند استقلال البلاد، وتصورت، انطلاقا من تحليل الصحفي البولندي ريزارد كابوشينسكي، أن السبب المباشر لهذه الحرب هو أن العرب الأثرياء في الخرطوم، بالتعاون مع النخبة البيروقراطية والجيش، سلبوا إخوانهم من الفلاحين ممتلكاتهم لإنشاء مزارع شاسعة، ودفعوا من لم يدمجوا في الجيش وصفوف الشرطة وجهاز الإدارة إلى البحث عن فرص للعيش في الجنوب.

وقال كابوشينسكي إن المجموعات العرقية الرئيسية من الدينكا والنوير في الجنوب، واجهوا صعوبات مع الوافدين الجدد، ولم يرغبوا في أن يحكمهم أبناء الشمال في سودان مستقل، فطالب الجنوب بالانفصال، وقرر الشمال القضاء على المتمردين، حسب كابوشينسكي في كتابه "الأبنوس".

إعلان

ومع هذه القراءة الأولية، توجد مجموعة من التوترات داخل المجموعات العرقية والقبائل نفسها، ومجموعة من المصالح السياسية الأجنبية، ولكن أيضا القضايا الاقتصادية المحلية مع وجود آبار النفط في الجنوب، والنتيجة أن هذا الصراع الأول تسبب في مقتل مئات الآلاف، قبل أن ينتهي بمعاهدة هشة يحصل بموجبها الجنوب على حكم ذاتي قصير الأمد.

الحرب الأهلية الثانية (1983-2005)

في عام 1983 صدر في السودان قانون جديد بإنهاء الحكم الذاتي الذي اكتسبه الجنوب في نهاية الحرب الأولى مع قوانين أخرى لم يستسغها كل السودانيين، مما أدى إلى اندلاع حرب ثانية أكثر قسوة، حسب كابوشينسكي.

وكتب كابوشينسكي أن هذه "كانت أطول حرب وأكثرها دموية في تاريخ أفريقيا وربما في تاريخ العالم"، وقد تسببت في مقتل أكثر من مليوني شخص، معظمهم من المدنيين بسبب المجاعات التي دبرها المتحاربون أنفسهم في بعض الأحيان كسلاح ضد المعسكر المعارض.

وتداخلت في هذه الحرب -حسب الصحيفة- أطراف متعددة، أهمها الجيش الحكومي الذي تدعمه قوات الشرطة ومجموعة كاملة من المليشيات الخاصة، ويقابله متمردو جيش تحرير شعب السودان بقيادة جون قرنق، وإلى جانبهما مجموعات متمردة أخرى، إضافة إلى مجموعات شبه عسكرية تنشأ من القبائل وتقوم أحيانا بتجنيد الأطفال، وتغير ولاءاتها اعتمادا على مصالحها.

وفي النهاية تم توقيع معاهدة السلام في عام 2005، ونصت على إجراء استفتاء على الاستقلال، أجري عام 2011، وفازت "نعم" بنسبة 98.83% من الأصوات، ليستقل جنوب السودان عن شماله.

حرب دارفور (2003-2020)

غير أن المنطقة لم تشهد راحة بعد الانفصال، وعاشت الدولتان المنفصلتان حربا داخلية جديدة بالتناوب، أولا في السودان، انطلق تمرد كبير في منطقة دارفور غرب البلاد، وبرزت هناك مجموعتان، هما حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان.

وردا على ذلك، دعمت الحكومة -حسب لوفيغارو- مليشيات عربية تسمى الجنجويد اتهمت بارتكاب العديد من الجرائم والتطهير العرقي، إلى درجة أن المحكمة الجنائية الدولية وجهت اتهاما للرئيس السوداني عمر البشير بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.

إعلان

وفي الوقت نفسه، وبعد عدة محاولات فاشلة، تم التوصل إلى اتفاق سلام في دارفور في عام 2020 بين الجماعات المتمردة والحكومة الانتقالية الجديدة، ورغم تراجع حدة العنف تدريجيا، فإنه لا يزال مستمرا في المنطقة.

الحرب الأهلية في جنوب السودان (2013-2020)

في الوقت نفسه، اندلعت حرب أهلية في دولة جنوب السودان الجديدة عام 2013 بعد عامين فقط من الاستقلال، وذلك على خلفية صراع بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار، وكلاهما من إحدى المجموعتين العرقيتين الرئيسيتين، الدينكا والنوير، وتميز هذا الصراع بالعديد من الفظائع.

وفي عام 2018، وتحت ضغط من المجتمع الدولي والدول المجاورة، تم توقيع اتفاق سلام أخيرا، مما سمح بتشكيل حكومة وحدة وطنية في عام 2020.

الحرب الأهلية الثالثة (منذ عام 2023)

ومع الانقلاب الذي قاده الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الذي كان من المفترض أن يضمن انتقال السلطة، اندلعت حرب في السودان بسبب منافسته من قبل نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع، الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي كان أحد القادة السابقين للجنجويد.

دفع حميدتي في البداية البرهان إلى بورتسودان خارج الخرطوم، ولكن البرهان، بعد أن حشد الجيش النظامي، نجح في استعادة العاصمة من المتمردين الذين يسيطرون الآن على دارفور، ويقال إنهم ارتكبوا مذبحة راح ضحيتها مئات المدنيين في الأيام الأخيرة، والحرب مستمرة.

مقالات مشابهة

  • الجيش الأمريكي يكشف عن المستقبل المظلم الذي ينتظر مليشيا الحوثي في ظل فاعلية ترومان و فينسون
  • ما هو القسم الجديد الذي أداه أئمة الأوقاف أمام السيسي في الأكاديمية العسكرية؟
  • وسائل إعلام صهيونية تعترف بتدهور أداء الجيش الصهيوني في غزة ووقوع خسائر فادحة في صفوف لواء “جولاني”
  • محافظ القليوبية يتفقد شارع الشرطة العسكرية ببنها
  • سليمان: الشفافية تقضي بإعلان الجيش مجريات تسلم المراكز والاسلحة والاعتدة العسكرية
  • ما هو “المصطلح” الذي يستخدمه “اليمنيون” ودفع “نتنياهو الى الجنون (فيديو) 
  • منصور بن زايد يشهد الاجتماع الأول للجنة التعاون الاستثماري بين الإمارات والصين الذي عقد عبر الاتصال المرئي
  • خطة لإصلاح أحوالهم.. إنهاك وإهمال الاحتياط يهدد الجيش الاسرائيلي
  • لوفيغارو: تاريخ الحروب الأبدية المنسية الطويل في السودان
  • الاتفاق على جولة ثالثة الأسبوع المقبل .. والكيان الصهيوني يلوّح بالضربة العسكرية