تكشفت أطماع الدول الكبرى من موارد المنطقة ومن موارد اليمن بعد أن ظلت تخفي اطماعها وتتستر على نواياها ردحاً طويلاً من الزمن وظلت تلك القوى النافذة دولياً تقدم نفسها على انها دول مدنية تميل إلى السلام وترغب به وتعمل من اجل السلام .. فيما هي دول حاقدة ظالمة مستبدة ولا تخلو حساباتها الدولية من المؤامرات ومن محاولات دق الاوتاد والمسامير واثارة النعرات والاحقاد وتأليب الانظمة على بعضها وعلى صياغة أوضاع مهلهلة وهشة في المنظومات السياسية القائمة في هذه المنطقة.
ثم ما نفتأ ان نشهد الوجه القبيح للدول الكبيرة الطامعة التي تمثل أمريكا أهم محتوى لهذا المفهوم وهذه الصورة المؤلمة .. وقد ظهرت هذه السمات بشكل وقح في العراق وفي سوريا وفي اليمن .. وتركت ليبيا لفرنسا وروسيا وايطاليا ..
وفي اليمن تدرج التدخل الأمريكي في قضايا عديدة .. بدءاً من الاهتمام المبالغ بما يجري في تفاصيل الجغرافية المكانية وفي الجغرافية السياسية لليمن ووصولاً الى فرض الترتيبات لمسميات ورموز سياسية وعسكرية كانت تدير البلاد وتتولى إدارة الشأن العام, وقد ابتدعت العقلية الأمريكية الا ستحواذية أن تجعل الشراكة الدولية والاقليمية هي التي تدير اليمن وتحشر أنفها في الشأن الداخلي وتحمل الجميع تكاليف التدخلات ونتائج تلك التدخلات وللأمانة كانت اسوأ حالة مرت بها اليمن التي اوصلت البلاد إلى ماهي عليه اليوم من حالات إنهاك واهدار وفوضى عارمة اسهمت في تقبل البعض لان يلعب دور المليشيات التابعة لسياسات دول الطغيان الكوني بخنوع ورضوخ وقبول بدور مهين وبان يحكمه ضباط ارتباط ومخابرات من الرياض ومن أبوظبي .. بمعنى أن الهدم الذي تم أتجه نحو إرادة المواطن اليمني ومسخ هويته وقناعاته ..أولم يعد في الجغرافيا اليمنية من يتصدر لموقف رافض لما يجري وتشهده اليمن من تأكل إرادته الوطنية وانزلاق المواقف إلى زوايا موحشة لا تخدم اليمن ولا تعزز من وحدته ولا تضع وزناً لسيادته واستقلاله وقراره وهذا ما نلاحظه ونعايشه في إطار ما يجري اليوم من اعمال غير منضبطة وغير متزنة ..
ولكن غاب عن امريكا وعن الرموز التي أدارت الصراع وأدارت الخلافات واحكمت في السابق قبضتها في الشأن الداخلي اليمني .. ان هناك ارادة وطنية لم تعد تطيق التدخلات الأمريكية في اليمن , وان ارادة رفض قد شكلت ضد كل حسابات واشنطن ولندن وتل ابيب وعواصم الاعراب الوكلاء الذين تصدروا الموقف في خدمة بغيضة من الانبطاح المجاني..
وطوال سنوات ثمان أدركت واشنطن ولندن وباريس وتل أبيب انهم تلقوا ضربات موجعة على رؤوسهم واتضح ان هذه القوى الوطنية الحرة المستقلة قد جاءت لتضع حداً للتوحش الأمريكي الأعرابي وعملت بكل جد على بعثرت الحسابات التي كانت قائمة وأصبح الأمريكان والفرنسيون والبريطانيون كل ما يرجونه هو ان تقبل صنعاء بالهدنة والتوجه نحو طاولة المفاوضات .. واصبح بمقدور الإرادة الوطنية في صنعاء فرض رؤيتها سواء بالمطالبة بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة والموانئ القريبة من ميناء الحديدة .. واطلاق الاسرى..
نتابع بإذن الله تعالى القراءة من كتاب الحرب النفسية ..
واصبح على قادة تحالف العدوان ان يرضخوا لمطالب وحسابات قيادة صنعاء كونها حسابات تحمل هوية يمنية وتسعى بكل ما أوتيت من قوة ومن حكمة ومن مقدرة على الإدارة العسكرية والامنية والجيوسياسية لذلك نجد ان .. حسابات انشاء مجلس رئاسي وترتيبات مليشيات الانتقالي أو ما يسمى درع الوطن وغيرهما من حسابات الارتهان والارتزاق قد ذهبت أدراج الرياح واصبحت عبئاً على عواصم العدوان التي اصبحت الرياض وأبوظبي تنوء من اعبائه الثقيلة ومن المشكلات التي نتجت عن ذلك المكون المسخ والاطار السياسي المشوه..
بمعنى ان امريكا ومن معها من عواصم الاعراب المعتدية على اليمن اصبحوا في مواجهة مكشوفة مع الطاقة المهدورة في هذه المنطقة ومن امكانيات لا تعود بالنفع لا على اليمن ولا على المستهلك الدولي ..
ولأول مرة تتكشف النوايا الفرنسية والبريطانية والأمريكية بشأن الحصول على الغاز اليمني بعد أن تسببت الحرب الروسية الاكرانية في اهدار الطاقة الغازية واختناق اوروبا وهذا ما تجلى في المسارعة الفرنسية للحصول على الغاز اليمني وللحظوة به كتعويض للنقص الشديد الذي حدث جراء ذلك الصراع .
وما يجري اليوم من تدخلات فرنسية وبريطانية وامريكية في الشأن اليمني وفي الرحلات المتكررة التي يقوم بهاالسفراء والخبراء الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين الى حضرموت والى المهرة والى شبوة .. كلها تصب نحو البحث عن الطاقة وتأمينها ولو جاءت تحت التدخل العسكري المباشر.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: فی الیمن ما یجری
إقرأ أيضاً:
تدخل مسؤولي الاحزاب في أعمال الحكومة .. الى أين ..؟
بقلم : عامر جاسم العيداني ..
تشهد الساحة السياسية في العراق ظاهرة تتسم بتدخل بعض مسؤولي الأحزاب في أعمال الحكومات المحلية وحتى على المستوى الوطني ، حيث يظهرون بمقام رئيس الوزراء أو الوزراء متجاوزين الحدود الوظيفية والصلاحيات الرسمية ، وهذه الظاهرة ليست مجرد انتهاك للدستور والقوانين بل تعكس أزمة عميقة في بنية النظام السياسي والثقافة الديمقراطية.
ان النظام الديمقراطي السليم يعتمد على الفصل بين السلطات، حيث يُفترض أن تعمل الحكومة بإدارة مستقلة عن الأحزاب التي تُعد أداة لتنظيم التوجهات السياسية والشعبية ، لكن في العراق تتداخل الأدوار بين الحزب والمسؤول الحكومي مما يؤدي إلى تسييس الإدارة العامة وتعطيل المشاريع الاقتصادية والخدمية.
ولوحظ ان بعض قادة الاحزاب يقومون بزيارة دول ولقاء روؤسائها والتحدث اليهم عن الاوضاع في العراق والمنطقة وتطوير العلاقة معهم ، بالاضافة الى لقاء السفراء المعتمدين خصوصا الدول الكبرى المؤثرة في سياسة العراق والمنطقة ، وهذه اللقاءات لم تكن خافية بل يتداولها الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب وبدون رادع من سلطات الدولة ، وهذا يعتبر تجاوزا على وظيفة الرئاسات الثلاث وبالخصوص وزارة الخارجية المسؤولة عن سياسة البلد الخارجية وتمثل خرقا دستوريا .
ان الأسباب وراء التدخل هو ضعف المؤسسات الحكومية وعدم وجود مؤسسات قوية قادرة على التصدي لتدخل الأحزاب أو حماية قراراتها ، بالاضافة الى ضعف دور مجلس النواب والهيئات الرقابية في مواجهة التدخلات الحزبية.
ومن الاسباب التي تعاني منها المؤسسات الحكومية هي ثقافة الولاء الحزبي وسيطرته على مبدأ الولاء للوطن والمؤسسات العامة بسبب النظام المبني على توزيع المناصب وفق المحاصصة الحزبية الذي يغذي هذه التدخلات .
ان التداعيات التي تتركها هذه التدخلات في الشأن الحكومي المحلي ، هو تعطل المشاريع وتأخير اتخاذ القرارات الحيوية نتيجة تضارب المصالح بين القوى الممثلة في مجالس المحافظات والحكومات المحلية مما يؤدي الى الشلل الإداري وعدم القدرة على اتخاذ القرارات .
ان التدخلات الحزبية تولد فقدان الثقة بالحكومة وشعور المواطنين بأن القرارات لا تخدم المصلحة العامة بل تُدار لمصلحة الأحزاب وأيضا تؤدي الى هجرة الكفاءات وابتعاد الخبرات الوطنية عن المناصب الحكومية نتيجة للتهميش أو الفساد الإداري.
الحل والمخرج من هذه الحالة يبدأ بتعزيز سيادة القانون من خلال تطبيق قوانين تمنع التدخل الحزبي في العمل الحكومي ومعاقبة المخالفين ، وإصلاح النظام الانتخابي بالانتقال إلى نظام يحد من المحاصصة الحزبية ويشجع على اختيار الكفاءات .
ويتبع ذلك تعزيز دور الإعلام ومنظمات المجتمع المدني في مراقبة الأداء الحكومي وكشف التدخلات الحزبية ونشر الوعي حول أهمية الفصل بين العمل السياسي والإداري وترسيخ مفهوم الولاء للمؤسسات.
إن استمرار هذه الظاهرة يشكل تهديدًا للاستقرار السياسي والاقتصادي في العراق ومن الضروري أن يتكاتف المواطنون والمؤسسات لإنهاء هذا التدخل وضمان بناء دولة مؤسسات لا دولة أحزاب ، وان يقوموا بالضغط على المؤسسات الحكومية ومجلس النواب بإيقاف هذه التدخلات من خلال سن قوانين تمنع ذلك .
عامر جاسم العيداني