تحذير من استخدام الهواتف واللوحيات لتهدئة غضب الأطفال
تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT
كشفت دراسة علمية حديثة عن المخاطر التي قد تنتج عن استخدام الأهل الهواتف الذكية واللوحيات كأداة “تهدئة” لأطفالهم الغاضبين أو المشاكسين.
فقد يكون من المغري إعطاء طفل مشاكس هاتفاً أو جهازاً لوحياً لتهدئته، لكن خبراء حذروا من أن القيام بذلك يعني فشلهم في تعلم كيفية تنظيم مشاعرهم.
ويتعلم الأطفال الكثير عن التنظيم الذاتي – كيفية الاستجابة لمواقف معينة – خلال السنوات القليلة الأولى من حياتهم، وفق “ديلي ميل”.
ويمكن أن يمنحهم ذلك القدرة على التصرف بهدوء بدلاً من الغضب في المواقف المحبطة أو المجهدة، ويساعدهم على تعلم كيفية التعايش مع الآخرين والاستقلالية.
ولكن في السنوات الأخيرة، أصبح من الشائع في السنوات الأخيرة إعطاء الأطفال أجهزة رقمية عندما تغلبهم مشاعرهم.
واكتشف الباحثون، في الدراسة التي نشرت نتائجها في مجلة Frontiers in Child and Adolescent Psychiatry، أن القيام بذلك قد يكون له تداعيات ضارة على المدى الطويل.
وطلب فريق من جامعة Eötvös Loránd في المجر من 265 أباً وأماً ملء استبيانات حول سلوك أطفالهم. وكان عمرهم في المتوسط 3.5 سنوات، وأُجري استبيان متابعة بعد عام.
وكشف التحليل أنه كلما زاد استخدام الآباء والأمهات للهواتف أو الأجهزة اللوحية كأداة تهدئة، كان أطفالهم أسوأ في مهارات التحكم في الغضب والإحباط بعد عام.
وقالت الدكتورة فيرونيكا كونوك، المؤلفة الأولى للدراسة: “لقد أظهرنا هنا أنه إذا قدم الوالدان بانتظام جهازًا رقميًا لطفلهما لتهدئته أو لوقف نوبة غضبه، فلن يتعلم الطفل تنظيم انفعالاته”.
وأضافت: “يؤدي ذلك إلى مشاكل أكثر حدة في تنظيم الانفعال، وتحديدًا مشاكل التحكم في الغضب، في وقت لاحق من الحياة”.
وتابعت: “لا يمكن علاج نوبات الغضب بالأجهزة الرقمية. يجب أن يتعلم الأطفال كيفية إدارة مشاعرهم السلبية بأنفسهم”.
وشددت كونوك على أن الأطفال “يحتاجون إلى مساعدة والديهم خلال عملية التعلم هذه، وليس إلى مساعدة جهاز رقمي”.
وكشفت النتائج أيضاً أن “الأطفال الذين لديهم مهارات أساسية أضعف في التحكم في الغضب كانوا أكثر عرضة لإعطائهم أجهزة رقمية”.
وقال الفريق إن من المهم عدم تجنب المواقف التي قد تكون محبطة للطفل. وبدلاً من ذلك، يوصى بأن يقوم الآباء والأمهات بتدريب أطفالهم خلال المواقف الصعبة، ومساعدتهم على التعرف على مشاعرهم وتعليمهم كيفية التعامل معها.
إرم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
سيظل الإرهاب يهددنا ما لم نعالج جذور الغضب العدمي
زعم كير ستارمر الأسبوع الماضي أن «بريطانيا تواجه تهديدا جديدا»، وذلك بعد إقرار أكسل روداكوبانا بذنبه في قتل ثلاث فتيات صغيرات في فصل رقص لتيلور سويفت في ساوثبورت فالإرهاب ليس فقط عمل «مجموعات شديدة التنظيم تنطلق من نية سياسية واضحة» ولكنه أيضا «أعمال عنف فائق ارتكبها منعزلون ومنبوذون وشبان في غرف نومهم، متاح لهم جميع أنواع المواد عبر الإنترنت، ويتلهفون إلى اكتساب الشهرة». رفض الادعاء العام، فأثار غضب الكثيرين، تصنيف عمليات القتل في ساوثبورت بالإرهاب؛ لأنه «ما من دليل على أن الغرض منها كان تعزيز قضية سياسية أو أيديولوجية معينة».
غير أن هذه ليست سمة جديدة في الهجمات الإرهابية. «إن ما تكشفه هذه الهجمات هو استمرار تدهور الإرهاب الإسلامي وازدياد ضبابية الخطوط بين العنف الأيديولوجي والغضب المرضي النفسي». وذلك ما كتبته منذ ما يقرب من ثماني سنوات بعد الهجوم الذي شنه خالد مسعود على مبنى البرلمان في مارس 2017. لقي خمسة أشخاص ـ مصرعهم، ومن بينهم مسعود نفسه الذي قاد سيارته باتجاه المشاة على جسر وستمنستر قبل أن يقتحم أرض مبنى البرلمان ويطعن ضابط شرطة.
لن ينكر كثيرون أن ذلك الهجوم كان إرهابيًا، ولكنه كان أيضا من عمل «منعزل» و«منبوذ». ولد مسعود في كينت باسم أدريان إلمز، ودأب على تغيير هويته، وينخرط في حياة الجريمة البسيطة، وتعرض للسجن مرتين لضربه وجوه رجال بالسكاكين. وبسبب شعوره بالغربة والاستياء والغضب الشديد، وقع تحت تأثير الإسلاموية في أثناء وجوده في السجن.
وبرغم أن تنظيم «داعش» أعلن مسؤوليته عن هجوم مسعود، لم يتوافر دليل يربطه بأي جماعة إرهابية. كتبت في ذلك الوقت أن قصته هي قصة «مجرم تافه يفتقر إلى الاتجاه، ولكنه يجد في السلفية إحساسا بالنظام والمعنى، ويستطيع أن يتفهم غضبه الداخلي، وهي قصة ليست بالاستثنائية في أوساط الجهاديين». وفي حالات عديدة أخرى، يكون الخط الفاصل بين الأيديولوجية والمرض العقلي أقل تمايزًا. فقبل ستة أشهر من هجوم مسعود، هاجم زكريا بولهان ساحة راسل في لندن، فطعن ستة أشخاص، لقي أحدهم مصرعه. واعتُبر بولهان في البداية إرهابيا، ثم تم تشخيص حالته لاحقا بالفصام البارانويدي وصدر الأمر باحتجازه إلى أجل غير مسمى في مستشفى برودمور شديد الحراسة.
وفي العام السابق، ترك ديمون سميث البالغ من العمر تسعة عشر عاما قنبلة منزلية الصنع في أحد قطارات الأنفاق في لندن. واكتشفت الشرطة في شقته مقالة بعنوان «اصنع قنبلة في مطبخ والدتك» من مجلة إنسباير «إلهام» التابعة لتنظيم القاعدة. ولم يتبين وجود ما يربط سميث بأي شبكة متطرفة، كما أن معرفته بالإسلام كانت ضئيلة. كان يعاني من متلازمة أسبرجر فضلا عن مشكلات سلوكية. وقال لطبيب نفسي: إن القنابل «شيء يصنعه عندما يشعر بالملل». ومرة أخرى أقول: إن الحدود بين غضب الإرهابيين وغضب العقول المضطربة غائمة. وقد ساعد تطور طابع الجهادية على طمس هذا الخط.
فالجهاديون الأصليون كانوا مجاهدين يقاتلون القوات السوفييتية في أفغانستان. ثم جاءت في وقت لاحق نخبة مغتربين من الشرق الأوسط إلى الغرب فغرسوا بذور الإرهاب، وأبرز ذلك نراه في الحادي عشر من سبتمبر. ظهرت الموجة الأولى من «الجهاديين المحليين» الأوروبيين في أعقاب حرب العراق عام 2003. وأدت الحرب الأهلية السورية التي بدأت في عام 2011، وظهور تنظيم الدولة، إلى ظهور موجة جديدة من الجهاديين المحتملين تتألف، على حد تعبير الباحث في شؤون الإرهاب ريك كولسيت، من مجرمين يمثل لهم «الانضمام إلى تنظيم الدولة محض تحول إلى شكل آخر من أشكال السلوك المنحرف» وتتألف أيضا من «مراهقين منعزلين، غالبا ما يكونون على خلاف مع الأسرة والأصدقاء، ويبحثون عن الانتماء». فضلا عن «منعزلين» و«منبوذين» بحسب تعبير ستارمر. ثم إنه مع تفكك تنظيم الدولة، ظهر الإرهاب «منخفض التقنية» ـ حيث يمارس الجناة الإرهاب لا باستخدام القنابل وبنادق الكلاشنيكوف وإنما باستعمال أغراض من الحياة اليومية من قبيل السكاكين والسيارات.
وهذا هو تاريخ أيديولوجية غايتها النهائية هي الهجوم القاتل عديم المعنى، والفاسد، ومنخفض التقنية، حيث لا يمثل العنف وسيلة بقدر ما هو غاية في ذاته، ومشهد يكاد يستحيل فيه تمييز الحدود بين «السياسي» و«الاختلال العقلي». وهذا هو الطريق الماضي إلى ساوثبورت. فقد يصدر حكم على روداكوبانا بأنه لم يكن مدفوعا بأيديولوجية، ولكن في ظل الإرهاب الإسلامي لا تمثل «الأيديولوجية» شكلا متطورا من أشكال الفكر السياسي بقدر ما تمثل رغبة عدمية في إلحاق الخراب والفوضى والضيق والألم.
في الوقت نفسه الذي تغير فيه طابع العنف الإسلامي، أصبح الغضب سمة أكثر تهديدا للحياة العامة.
وضعفت أسوار الحماية الاجتماعية والأخلاقية أمام هذا السلوك. وانحسر تأثير المؤسسات التي تساعد في غرس شعور الالتزام تجاه الآخرين في نفوس الناس، من الكنائس إلى النقابات العمالية. مثلما حدث أيضا للحركات الراديكالية التي كانت في يوم ما تمنح المظالم الاجتماعية شكلا سياسيا تقدميا. وعملت سياسات الهوية على تغذية المزيد من التشرذم في شعور الانتماء. فثمة الآن صدوع ينشأ فيها أفراد غاضبون يحتلون فضاء مجاوزا للحدود الأخلاقية الطبيعية، ويتشكل غضبهم الناشئ من خلال نظرة كارهة للبشر، وغالبا ما تكون معادية إلى حد كبير للنساء. ويجد البعض في الإسلاموية بلسما لأوجاعهم وتبريرا لأفعالهم. وآخرون قد ينفِّسون عن هذا الغضب من خلال القومية البيضاء أو التعصب العنصري أو من خلال فعل الإرهاب نفسه ببساطة. وقد تفاقم تآكل الروابط الاجتماعية بسبب شلل مؤسسات الدولة. فقد ظهرت لدى الشرطة وبرنامج بريفنت للوقاية من الإرهاب والسلطات المدرسية وخدمات الأطفال أدلة على غضب روداكوبانا العنيف الجامح، ولم تفعل شيئا حيال ذلك.
وهذا الفشل الكارثي يمثل ثيمة متكررة.
لقد كان سلمان عبيدي، تفجيري منطقة مانشستر، الذي استهدف في هجوم مروع فتيات صغيرات منبهرات بنجمة البوب أريانا جراندي، معروفا للسلطات، حيث اتصلت الأسرة والأصدقاء وزعماء المجتمع بالشرطة. ولكن الشرطة لم تتخذ أي إجراء. وعثمان خان، الذي قتل جاك ميريت وساسكيا جونز في مؤتمر بالقرب من جسر لندن في نوفمبر 2019، كان تحت مراقبة الشرطة وخدمات المراقبة وجهاز المخابرات البريطاني، فثبتت لديهم جميعا ـ على حد تعبير هيئة محلفين التحقيق ـ «عجزا إداريا غير مقبول، ونجاة من الحساب». وبعيدا عن مجال الإرهاب، فإن السمة المشتركة للقضايا من (بيبي بي) إلى (برج جرينفيل) إلى العصابات الناشئة هي الانهيار المدمر في قدرات الدولة.
في غداة محاكمة روداكوبانا، تم عرض كل شيء من بيع السكاكين عبر الإنترنت إلى الهجرة الجماعية باعتبار أنه يسهل، بل ويفسر، تصرفات القاتل المنبوذة. وإلى أن نصبح مستعدين لرفض العبارات السهلة والوصفات الاستعراضية، ومواجهة الأسباب الأعمق التي أدت إلى ظهور أشخاص مثل روداكوبانا من الشقوق، فسوف يستمر أمثال هؤلاء الناس في الظهور.