تلقى مندوب السودان الدائم بنيويورك، الأسبوع الماضي، رسالة خطية من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية و منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، بمناسبة تنحيه عن منصبه اعتباراً من اليوم (الأثنين) أول يوليو . ومما جاء في رسالة غريفيث أنه يترك منصبه “بقلب مثقل بسبب اندلاع الحروب في عدد من الدول بشكل أكثر وحشية لتضيف مزيداً من الأزمات للصراعات الموجودة أصلاً والتي لم يتم حلها وظلت متعثرة لسنوات، فضلاً عن أزمات الكوارث و غيرها مما فاقم أعداد الجياع والنازحين”.

. وبرغم حالة الإحباط إلاّ أن غريفيث، وفي نفس الرسالة، يرى أن ما يمنحه الأمل في المستقبل أن مَن خاطبهم “يواصلون قيادة المسؤولية في المجتمع الدولي من أجل الانسانية”..

حضورٌ طاغٍ

رسالة مارتن غريفيث، وإن بدا من مضمونها أنها معممة لآخرين من ممثلي الدول بالأمم المتحدة، بمناسبة مغادرته لأحد أهم آليات المنظمة الدولية (الشئون الإنسانية) إلا أنها تعكس بالمقابل حجم التواصل والتنسيق بين البعثة الدائمة للسودان في نيويورك و آليات الأمم المتحدة، بما فيها مجلس الأمن الدولي و الذي شهد خلال يونيو المنصرم عقد جلستين فى الشأن السوداني و كان حضور البعثة الدائمة طاغياً عبر متابعاتها الدقيقة وبياناتها القوية، حيث طرحت بقوة رؤية حكومة السودان للحرب و الأوضاع الإنسانية و التعاطي الدولي معها، كما أشارت بيانات البعثة بالأدلة و الوثائق لمَن يقفون وراء حرب السودان دون مواربة.

تنسيق مستمر

تنسيق و تواصل البعثة مع المنظمة الدولية و أمينها العام فيما يتعلق بتداعيات الحرب الدائرة فى السودان منذ ما يزيد عن العام، وسبل إيجاد تسوية سلمية، تمثل في الاجتماع الذى عقد خلال اليومين الماضيين بنيويورك بين قيادة البعثة الدائمة للسودان مع المبعوث الخاص للأمين العام للسودان رمضان العمامرة، و رغم عدم صدور أي معلومات تفصيلية حول اللقاء و ما دار فيه، إلا أن مصادر لم تستبعد أن يكون العمامرة سلم رئاسة البعثة دعوة الأمين العام لاستئناف الحوار بين الجيش ومليشيا الدعم السريع، حيث اشارت معلومات إعلامية إلى أن “طرفي الصراع” تسلما دعوة رسمية من الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش لاستئناف الحوار.

واجب الممثلين

من أوجب واجبات البعثات الدائمة للدول لدى الأمم المتحدة، التعامل اللصيق والتنسيق مع الأمين العام ووكلائه والعاملين المختصين في الأمانة العامة، خاصة الدول التي في مثل حالة السودان لديها إشكالات وتعقيدات مع المنظمة الدولية والدول الأعضاء في مجلس الأمن .. هذا ما يراه خبير في الشأن الدبلوماسي تحدث ل “المحقق”، و يرى الخبير أن بعثة السودان الدائمة في نيويورك تمكنت علي مدى عقود، وخاصة بعد وصول أزمة دارفور إلى أروقة الأمم المتحدة، وحتى اليوم، من الاحتفاظ بعلاقات عمل جيدة مع الأمناء العامين المتعاقبين واعضاء مجلس الأمن ومبعوثي وممثلي الأمين العام للأمم المتحدة. و تابع ظهر ذلك جلياً في مشروعات القرارات والبيانات الرئاسية والصحفية والقرارات التي صدرت عن مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة.

و دلل الخبير ، الذي فضل حجب اسمه، على هذا التعاون الوثيق بين البعثة والمنظمة الدولية بنجاح السودان في إنهاء تكليف البعثة المشتركة للأمم المتحدة الإتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد) وطرد فولكر بريتس رئيس بعثة (يونيتامس) ثم إنهاء تفويض البعثة نفسها، دون أن يترك كلا الإجراءين آثاراً ملحوظة على علاقات السودان بالمنظمة الدولية.

و أشار الخبير إلى أن هناك قضايا عديدة تخص السودان هي قيد النظر لدي المنظمة الدولية منها علي سبيل المثال لا الحصر ، الوضع في أبيي وتجنيد الأطفال وحقوق الإنسان وحماية المدنيين في مناطق النزاعات والمساعدات الإنسانية و غيرها من الملفات، وجميعها يجري فيها عمل دؤوب وتنسيق متواصل مع المكاتب المتخصصة في رئاسة الأمم المتحدة في نيويورك وفي المناطق الجغرافية الأخري .

عجز المنظمة الدولية

بعض المهتمين بالشأن الأممي و الدبلوماسي طالهم الاحباط إزاء الضعف و العجز و عدم القدرة لدى الأمم المتحدة و آلياتها على تنفيذ ما تصدره من قرارات و أوامر تنفيذية تجاه القضايا الملحة و الأزمات و الحروب بما في ذلك تبعات أزماتها الإنسانية الفاضحة ، وهو عجز بات واضحاً أن الدول العظمى، وخاصة دائمة العضوية، هي التي تتسبب فيه من خلال تحكمها فى مجلس الأمن الدولي.

مجرد نادٍ للتداول

وعلى ذات الصعيد وصف السفير صديق عبد العزيز وكيل وزارة الخارجية الأسبق في إفادة ل “المحقق” المؤسسة الأممية و ملحقاتها بأنها باتت أشبه ما تكون بنادٍ للتبارى و التداول بين الأعضاء، ليس له سنان أو هيبة أو قدرة على التنفيذ ، وأن الأمم المتحدة لم يعدلها دور تجاه حل المشكلات، مضيفاً بأن ما يحدث فى غزة خير دليل على ما يقول، و فيما يلي حرب السودان و الانتهاكات التى ترتكبت خلالها لفت السفير صديق للجنة الخبراء التى كونتها الأمم المتحدة و قدمت تقريراً للأمين العام لا يحتاج إلى إيضاحات و رغم ذلك فإن الأمم المتحدة لم تفعل شيئا لأنها لم تعد فاعلة.

المحقق – مريم أبشر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: المنظمة الدولیة البعثة الدائمة للأمم المتحدة الأمم المتحدة الأمین العام فی نیویورک مجلس الأمن

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز تجيب | كيف يمكن للجنائية الدولية محاكمة نتنياهو وجالانت؟

تطرقت صحيفة نيويورك تايمز إلى قضية تقديم المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، متهمة إياهما بارتكاب جرائم حرب خلال العدوان علي قطاع غزة. وتأتي هذه الخطوة لتسلط الضوء على سلطات المحكمة الجنائية الدولية وحدود ولايتها القضائية في سياق السياسة الدولية.

المحكمة الجنائية الدولية: أداة للعدالة الدولية

تأسست المحكمة الجنائية الدولية قبل أكثر من عقدين لتقديم المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، الإبادة الجماعية، وجرائم العدوان إلى العدالة. النظام الأساسي للمحكمة، المعروف بـ "نظام روما"، وقّعت عليه 120 دولة، مما يجعلها أعضاء في المحكمة.

رغم أن إسرائيل ليست من بين الدول الموقعة، فإن توقيع السلطة الفلسطينية على النظام الأساسي يتيح للمحكمة فتح تحقيقات حول الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية. في هذا السياق، وجهت المحكمة اتهامات لنتنياهو وجالانت باستخدام أساليب مثل التجويع كأداة حرب.

حدود السلطة: تحديات تنفيذ العدالة

تشير الصحيفة إلى أن سلطات المحكمة الجنائية تواجه عراقيل بسبب عدم اعتراف العديد من الدول الكبرى بولايتها، بما في ذلك الولايات المتحدة، روسيا، والصين، التي لم تصادق على نظام روما الأساسي. هذه الدول لا تلتزم بالمذكرات الصادرة عن المحكمة ولا تسلم مواطنيها إليها، مما يضعف فاعلية المحكمة في ملاحقة المتهمين الدوليين.

رغم ذلك، يمتد نطاق ولاية المحكمة نظريًا إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء، إذ يمكن لمجلس الأمن الدولي إحالة حالات إلى المحكمة بموجب ميثاق الأمم المتحدة. لكن مع التوترات بين الأعضاء الدائمين في المجلس (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، وبريطانيا)، فإن الإحالة الجماعية تبدو غير مرجحة، كما أشار ديفيد شيفر، السفير الأمريكي السابق والمفاوض في إنشاء المحكمة.

السوابق الدولية: قرارات لم تنفذ

تاريخيًا، أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق زعماء بارزين مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير، والعقيد الليبي معمر القذافي. لكن تنفيذ هذه المذكرات يظل مرهونًا بالتعاون الدولي. على سبيل المثال، زار بوتين منغوليا، وهي دولة عضو في المحكمة، دون أن يُعتقل، كما تمكن البشير من مغادرة جنوب أفريقيا في ظروف مشابهة.

التعاون الدولي: التزام اختياري؟

تعتمد المحكمة على الدول الأعضاء لتنفيذ أوامر الاعتقال. إلا أن بعض الدول تتجاهل التزاماتها الرسمية، مثل المجر التي أعلنت على لسان رئيس وزرائها فيكتور أوربان أنها لن تعتقل نتنياهو إذا زارها، رغم كونها عضوًا في المحكمة.

هذا الموقف يعكس التحديات التي تواجه المحكمة في فرض سلطتها حتى بين الدول الأعضاء، مما يثير تساؤلات حول فعاليتها في محاسبة القادة المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة.

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز تجيب | كيف يمكن للجنائية الدولية محاكمة نتنياهو وجالانت؟
  • الفرصة سانحة.. الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
  • الصومال تنضم إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية
  • وزير الخارجية بشيد بمواقف قطر
  • الإمارات تدعو لتقييد “الفيتو” بمجلس الأمن وتعزيز المساءلة الدولية
  • افتتاح أول دار للناجيات شرقي السودان بدعم حكومي ومجتمعي
  • وزير الكهرباء: متابعة مستمرة لمستجدات المحطة النووية بالضبعة
  • سياسيون وحقوقيون يفتحون النار على تقرير الخبراء الأممي بشأن اليمن
  • تعرف على اختصاصات اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين بقانون لجوء الأجانب
  • «بعثة الأمم المتحدة» تبحث جهود نزع السلاح ودعم عملية السلام في ليبيا