غزة- تشعر أسماء عبد العال بالقلق الشديد على طفلتها أفنان، التي تتلقى العلاج منذ 6 أيام في مستشفى "أصدقاء المريض" غربي مدينة غزة، من دون أن تستجيب للعلاج.

وتعاني الطفلة مضاعفات سوء تغذية حاد، إذ لا يزيد وزنها عن 3 كيلوغرامات، رغم أن عمرها يبلغ سنة و9 شهور. ولا تتناول سوى الحليب، إذ تحُول سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل بحق منطقة شمال قطاع غزة من دون إمكانية تناولها أصنافا متعددة من الطعام.

ويتخصص مستشفى "أصدقاء المريض" في علاج حالات سوء التغذية الحاد لدى لأطفال، بدعم من منظمة الصحة العالمية.

طفل في شمال غزة مريض بسبب سوء تغذية حاد (الجزيرة) شبح المجاعة

وتقول والدة أفنان للجزيرة نت إنها كانت تطعمها -إلى جانب الحليب- خضروات مسلوقة، وبعض الفواكه، لكنها توقفت عن ذلك، بعد عودة شبح المجاعة الذي ألقى بظلاله الكئيبة على شمالي القطاع. ويؤكد السكان أن الأطعمة المتوفرة في الأسواق لا تزيد عن الطحين، وبعض أصناف الأغذية المُعلّبة فقط، والتي يخشون أن تنفد قريبا.

وعادت إسرائيل لتشديد إجراءات الحصار على شمالي القطاع مجددا، بعد فترة تخفيف قبل أشهر، مما يثير مخاوف السكان من حدوث مجاعة حقيقية. وأدى إغلاق المعابر، ومنع إدخال البضائع والمواد الغذائية، إلى شحّها في الأسواق وارتفاع أسعارها بشكل كبير.

وتُقيم أسماء مع طفلتها في مركز إيواء بعد هدم منزلهم، وتعاني الأمرين في توفير الطعام والشراب، كما تؤكد. وتكمن مشكلة أفنان في عدم مقدرة الأطباء على تشخيص حالتها بدقة ومعرفة سبب عدم استفادتها من الطعام، نظرا لانهيار المنظومة الصحية في شمالي القطاع بفعل إجراءات الاحتلال.

ورغم اقتصار طعامها على الحليب، فإنه يزيد من متاعبها إذ يتسبب في انتفاخ بطنها بشكل كبير. وفي بعض الأحيان يضطر الأطباء إلى إدخال أنبوب في معدتها وسحب ما تناولته لإنقاذ حياتها. وترى الأم أن الحل الوحيد لإنقاذ حياة ابنتها هو وقف الحرب الإسرائيلية مما سيمكّن الأطباء من تشخيص حالتها وتقديم العلاج اللازم لها، أو نقلها للعلاج في الخارج.

انهيار المنظومة الصحية يمنع تشخيص حالة بعض الأطفال الذين لا يستفيدون من تناول الطعام (الجزيرة) معاناة مضاعفة

ولا تقتصر معاناة الأم أسماء على طفلتها أفنان التي تتضور جوعا، فابنها الآخر "عميد" يعاني مرض الكلى، ويحتاج إلى مياه نظيفة وعذبة يتعذر الحصول عليها. وقبل الحرب، كانت تسقي ابنها من المياه المعدنية المعلبة، كونها نظيفة وخالية من الأملاح التي تزيد في مياه قطاع غزة، بنسب كبيرة عن تلك الموصى بها عالميا.

وتوضح "ابني بعد أن يشرب يتعب ويتوجع ويؤشر على بطنه وعلى خاصرتيه، لا توجد مياه معدنية، والماء الذي نشربه سيئ ومالح، وغير نظيف".

وقطع الاحتلال -منذ الأسبوع الأول للحرب- إمدادات المياه عن قطاع غزة، كما تسبب قطع الوقود في توقف غالبية محطات تحلية المياه عن العمل، وعمل ما تبقى منها بشكل جزئي.

وتبدو مشكلة هداية التيّان مع طفلها يوسف (عمره سنتان) أعقد من سابقتها، كونه يعاني سوء التغذية الحاد، بالإضافة إلى مرض التهاب الكبد الوبائي "أ" الفيروسي الذي يعتمد في علاجه على درجة مناعة الجسد للفيروس، ويوصي الأطباء -خلاله- بتناول المريض الأطعمة "الصديقة" للكبد، التي لا تتوفر في غزة.

ويحتاج مرضاه إلى تغذية خاصة غير متوفرة في غزة، وهو ما تسبب في تدهور حالة يوسف الصحية، وإصابته بفشل كبدي "مؤقت". وتقول التيّان -للجزيرة نت- إن سبب حالة طفلها هو سوء التغذية، وأنواع الأكل السيئ، وخاصة المعلبات الموجودة في الأسواق والتي تضر الكبد.

وأخبرها الأطباء أن طفلها مُصاب بدرجة متقدمة من المرض، ويحتاج فترة 6 شهور كي يشفى، كما يجب إجراء فحص وظائف الكبد له كل يومين. وتقول إنها لا تجد الأطعمة المناسبة والضرورية لعلاج ابنها، وتكتفي بسقيه الحليب. وتضيف أن "المتوفر هو النشويات، والمعلبات، وهي مضرة للكبد، فالأطعمة المفيدة غير متوفرة".

الأم سجى تستعد لمغادرة المستشفى بعد استجابة ابنها محمد للعلاج (الجزيرة) المُرضعات وسوء التغذية

وتبدو سجى أبو حليمة أحسن حالا من سابقاتها، إذ تستعد لمغادرة المستشفى بعدما استجاب طفلها محمد (3 شهور) للعلاج، لكن حالتها تكشف عن المعاناة التي تتكبدها النساء المرضعات. وذكرت للجزيرة نت أنها تقيم في المستشفى منذ أسبوع، وتكلل علاج ابنها بالنجاح، بعدما استجاب لنوعين من الحليب خصصهما له الأطباء.

ونقلت الأم طفلها للمستشفى بعد إصابته بسوء تغذية حاد، وانخفاض كبير في الوزن. وترى أن مشكلة طفلها الصحية بدأت منذ إصابتها هي بسوء التغذية جراء عدم توفر أصناف الطعام المتنوعة، واقتصارها على الخبز والمعلبات، إذ لم تعد قادرة على إرضاعه.

وتضيف أن "محمد فَطَمَ نفسه، إذ لم يعد يُقبل على الرضاعة الطبيعية، لأنه لا يجد حليب.. حزنت جدا لذلك، هذا ابني البِكر". وتشير أبو حليمة إلى معاناة الأمهات المُرضعات قائلة "لا نأكل إلا المُعلبات، لا خضر ولا لحوم، ولا فواكه، حتى أن الأطفال يصابون بنزلات معوية ربما بسبب حليب الأمهات".

الطبيب سعيد صلاح يحذر من تعرض جميع سكان شمال غزة لسوء التغذية (الجزيرة)

ويُحذر الطبيب سعيد صلاح، استشاري أمراض طب الأطفال وحديثي الولادة، والمشرف على مستشفى "أصدقاء المريض"، من خطورة سوء التغذية للسكان عامة، خاصة الأطفال منهم، في شمالي قطاع غزة.

ويستقبل المستشفى ما بين 30 إلى 50 حالة يوميا، حسب الطبيب صلاح. ويقول للجزيرة نت إن عدد المصابين بسوء التغذية كبير جدا، وإنهم يقيّمون الحالات التي تأتيهم، بعضها يحتاج إلى دخول (مبيت) وبعضها تتم معالجتها بدون الاضطرار لذلك.

ويضيف أن الناس فقدوا كل عناصر التغذية، من بروتين، ودهون، وفيتامينات، ومقويات، ويقتصر كل الموجود على نشويات، مما قد يسبب كارثة لهم.

وباعتقاده، فإن جميع الأطفال في شمالي القطاع (نحو 300 ألف طفل)، يعانون سوء التغذية، ولكن بدرجات مختلفة.

ورأى أن الحل الأسهل والأنجع لمعالجة أزمة سوء التغذية هو وقف الحرب، كونها نابعة عن قرار سياسي إسرائيلي، وليست بفعل ظاهرة طبيعية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات شمالی القطاع سوء التغذیة للجزیرة نت قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

مسؤول طبي فلسطيني: إخلاء مستشفى غزة الأوروبي ينهي عمل المستشفيات الحكومية بغزة

 

أكد مدير تمريض مستشفى غزة الأوروبي، صالح الهمص، اليوم الثلاثاء، أنه بخروج المستشفى الأوروبي عن الخدمة بعد إصدار الاحتلال أوامر بالإخلاء، ستكون جميع المستشفيات التابعة لوزارة الصحة الفلسطينية قد استهدفت ودمرت بالكامل من قبل قوات الاحتلال.

الأونروا: العمليات الإسرائيلية المتتالية تزيد من تعقيدات الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة سرايا القدس: قصفنا بوابل من قذائف الهاون جنود وآليات العدو في محور التقدم بحي الشجاعية شرق غزة

وقال الهمص  في مداخلة لقناة "القاهرة الإخبارية" إن سرعة إخلاء المستشفى من المرضى و المصابين جاء بعد تحذيرات إسرائيلية ،بأن المنطقة المحيطة بالمستشفى أصبحت منطقة عمليات عسكرية، لافتا إلى أنه جار نقل المُعِدَّات والأجهزة الطبية المتبقية لمجمع ناصر الطبي حفاظًا عليها من التدمير من قبل قوات الاحتلال.

وأضاف أن القطاع يعاني نقصا شديدًا في سيارات الإسعاف؛ خاصة "العناية المركزة"، بسبب الاستهداف المتعمد للمنظومة الصحية، بالإضافة إلى أزمة الوقود التي تحول دون تشغيل عدد كبير من السيارات، بخلاف سوء حالة الطرق نتيجة تدمير البني التحتية.

وأشار إلى أن مجمع ناصر الطبي تعرض لاستهداف من قوات الاحتلال قبل عدة أشهر، كما أن البنية التحتية به غير مجهزة على الإطلاق لاستقبال هذا العدد من المرضى الذين تم إجلاؤهم من مستشفى غزة الأوروبي، والذي يفوق عددهم 400 شخص، لافتا إلى أنه كان يتم إجراء ما يقرب من 40 عملية جراحية يوميًا.

وتابع :"إنه لم يتم إشعار وفد الصليب الأحمر المتواجد في المستشفى الأوروبي منذ عدة أشهر، بعملية الإخلاء من قبل قوات الاحتلال، ما يزيد الوضع تعقيدًا وغموضًا، ما أصاب المرضى والطواقم الطبية بحالة من الرعب".

وأوضح أن قطاع غزة كان يعتمد على المستشفى الأوروبي بشكل كبير، ولكن من الواضح أنه لا مكان آمن فى قطاع غزة، لافتا إلى أن هناك خَشْيَة من فقدان الكثير من الأرواح بسبب نقص المواد الطبية، وعدم قدرة الطواقم على التعامل مع هذا العدد من الإصابات والجرحى، واستهداف المستشفيات العامة والخاصة والمؤسسات الإغاثية وكل ما يتعلق بالقطاع الصحي

مقالات مشابهة

  • فريق طبي ينجح في استئصال ورم سرطاني بالقولون لمريض "ستيني"
  • مسؤول طبي فلسطيني: إخلاء مستشفى غزة الأوروبي ينهي عمل المستشفيات الحكومية بغزة
  • "الجارديان" تحذر من المجاعة في نيجيريا بسبب أعمال العنف
  • "الجارديان" تحذر من المجاعة التي يعاني منها أطفال نيجيريا بسبب أعمال العنف
  • لصحة أفضل لمرضى السكر .. بعض الأخطاء تؤثر على فاعلية الأنسلوين
  • بسبب سوء التغذية.. مستشفى “أصدقاء المريض” بغزة يدق ناقوس الخطر
  • تقارير إسرائيلية عن حدث صعب بغزة ليلة الاثنين - الثلاثاء .. تفاصيل
  • الاحتلال يكثف قصف خان يونس وتقارير إسرائيلية عن حدث صعب بغزة
  • 3 أسرار طبيعية للتحكم في الشهية وخسارة الوزن بذكاء.. تجنب المياه الفوارة