من يقود الاقتصاد العالمي في السنوات المقبلة؟

ما عملة الاحتياط الدولية الجديدة؟ هل سيظل الدولار متربعاً في أسواق العملات والصرف لسنوات طوال مقبلة؟

العالم مشغول بقضايا أهم وأخطر ورسم سيناريوهات تتعلق بمن سيقود العالم والاقتصاد الدولي في السنوات المقبلة؟

في ظل اعتبارات عديدة يبدو أن الاقتصاد الأميركي قد يواصل قيادة العالم في السنوات المقبلة، وأن البديل قد يتأخر سنوات طوال.

من ستكون له السيطرة على أسواق السلع والمعادن والطاقة والتقنية وتجارة العالم؟ من ستكون لديه أضخم احتياطيات من النقد الأجنبي والذهب؟

قبل عامين كانت التوقعات ترشح الاقتصاد الصيني لقيادة الاقتصاد العالمي، وأن يصبح العملاق الأسيوي أكبر اقتصاد في العالم في غضون سنوات قليلة.

* * *

بينما تغرق العديد من الدول العربية في أزمات التضخم والغلاء والديون والفساد والفقر والبطالة وإهدار المال العام، وتجاهل قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم وصناعة التكنولوجيا والطاقة المتجددة، فإن العالم مشغول بقضايا أهم وأخطر كثيراً، منها مثلاً رسم سيناريوهات تتعلق بمن سيقود العالم والاقتصاد الدولي في السنوات المقبلة؟

ومن ستكون له اليد العليا في السيطرة على أسواق السلع والمعادن والطاقة والتجارة الدولية والتكنولوجيا، من ستكون لديه أضخم احتياطيات من النقد الأجنبي والذهب، وما عملة الاحتياط الدولية الجديدة، أم سيظل الدولار متربعاً في أسواق العملات والصرف لسنوات طوال مقبلة؟

من يسيطر على الثروات، خاصة الكامنة في الدول الأفريقية والفقيرة، وهل سيظل صندوق النقد والبنك الدوليان يهيمنان على اقتصادات العالم ويحابيان الولايات المتحدة وكبار مؤسسيه ويذلان الدول النامية التي تلجأ إليهما طالبة قروضاً ومنحاً ومساعدات؟

هل ستظل الاقتصادات التقليدية، وفي مقدمتها الأميركي والبريطاني والألماني والفرنسي والياباني، التي تشكل دولها مجموعة السبع الصناعية الكبرى، هي المهيمنة على العالم وأسواقه وتجارته، أم الاقتصادات الصاعدة، وفي مقدمتها الصين والهند ودول بريكس والتي تضم إلى جانب بكين ونيودلهي كلاً من روسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل؟

قبل عامين كانت التوقعات تصب تجاه ترشيح الاقتصاد الصيني لقيادة الاقتصاد العالمي، وأن تصبح الدولة الأسيوية العملاقة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم في غضون سنوات قليلة.

وكان متوقعاً، وفق دراسات ومؤسسات، أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة اقتصادياً بحلول عام 2028، وأن تحتل المركز الأول بدلاً من الثاني حالياً.

وفي وقت لاحق تم تأجيل تلك التوقعات حتى عام 2030، بسبب الظروف الصعبة التي مر بها الاقتصاد الصيني على خلفية مخاطر كورونا وبطء النمو الاقتصادي، والأزمة العنيفة التي يمر بها قطاع العقارات، والحرب التجارية الشرسة التي تشنها واشنطن منذ عام 2018 ضد الشركات والاقتصاد الصيني، والقيود الشديدة التي تفرضها الولايات المتحدة على قطاع التقنية والاستثمارات الصينية في الأسواق الغربية.

وحديثاً ظهرت توقعات أخرى لمؤسسات بحثية منها مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال، ومقره إنكلترا، (CEBR) ترجح حدوث تأجيلات لتفوق الصين على الولايات المتحدة، وأن الأمر سيستغرق حتى عام 2036 حتى يتجاوز الإنتاج الصيني مثيله في أميركا.

وما حدث خلال الفترة الماضية يجعل العالم يعيد النظر في التوقعات الخاصة بالصعود القوي والسريع للاقتصاد الصيني والذي بات يعاني من أزمات هيكلية قد تعوق حركة نموه في السنوات المقبلة وتؤثر بشدة على صادراته الخارجية واحتياطياته من النقد الأجنبي وقطاعات الحيوية.

ومن أبرز تلك الأزمات الركود والمخاطر الجيوسياسية، خاصة المتعلقة بتايوان، وتصاعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وتراجع الصادرات، وزيادة ديون قطاع العقارات والتي تجاوزت 300 مليار دولار في شركة واحدة هي ايفرغراند الحكومية.

روسيا أيضاً تتراجع اقتصادياً على خلفية الصدمات العنيفة التي يتعرض لها اقتصادها منذ فبراير 2022 جراء العقوبات الغربية الخانقة عليه بسبب غزو أوكرانيا، وهروب الاستثمارات الأجنبية، وتجميد أكثر من 300 مليار دولار من احتياطياتها النقدية في الخارج، ومحاولات الولايات المتحدة وأوروبا المستميتة خنق قطاع الطاقة بها والاستغناء كلية عن الغاز الروسي، وهو مصدر مهم لإيرادات الخزانة الروسية.

كما عانى الاقتصاد الروسي بشدة من جائحة كورونا والانكماش والتضخم والمخاطر السياسية وتذبذب أسعار السلع بما فيها النفط والغاز.

وفي ظل تفاقم تلك الأزمات وغيرها من المتوقع أن تتراجع روسيا، إلى المرتبة 14 في قائمة أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2037 مقابل المرتبة التاسعة حالياً، خاصة في حال استمرار تأثيرات حرب أوكرانيا وتكاليفها الفادحة، سواء من جهة المجهود الحربي أو العقوبات الغربية.

الهند مرشحة بقوة لقيادة الاقتصاد العالمي، وربما التفوق على الاقتصادين الأميركي والصيني خلال سنوات ليست طويلة، بعد أن أزاحت الاقتصاد البريطاني لتصبح هي القوة الاقتصادية الخامسة على مستوى العالم في عام 2021، وتتراجع بريطانيا إلى سادس أكبر اقتصاد في العالم، أو على الأقل أن تصبح واحدة من أكبر 5 اقتصادات في العالم بحلول نهاية العقد الحالي.

وفي السنوات القليلة المقبلة ربما نجد الهند ثالث قوة اقتصادية عظمى في العالم، مع قوة أرقام الناتج المحلي الإجمالي والصادرات الخارجية، وإمكانية تفوقها على المملكة المتحدة وألمانيا بحلول عام 2026 وربما تجاوز اليابان في عام 2032 وفق دراسات حديثة.

وبحسب توقعات صندوق النقد الدولي، من المُقرر أن يصبح الاقتصاد الهندي الأسرع نموا في العالم عام 2023، لكن الدولة الأسيوية الصاعدة بقوة تواجه أزمات كبيرة منها المخاطر الجيوسياسية المتنامية والتقلبات السياسية وتنامي التطرف العرقي الهندوسي، وانتشار الفساد والبطالة وغياب الديموقراطية، وبالتالي فإن الهند قابلة للاشتعال في أي وقت خاصة مع صعود قوى متطرفة داخل البلاد.

وفي ظل تلك الاعتبارات وغيرها فإنه يبدو أن الاقتصاد الأميركي قد يواصل قيادة العالم في السنوات المقبلة، وأن البديل قد يتأخر سنوات طوال.

*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الدولار التصخم الركود البطالة الديون الفقر الفساد الغلاء الذهب دول بريكس الاقتصاد الأميركي الاقتصاد العالمي الاقتصاد الصيني أکبر اقتصاد فی العالم فی السنوات المقبلة الاقتصاد العالمی الولایات المتحدة الاقتصاد الصینی العالم فی من ستکون

إقرأ أيضاً:

وزارة الاقتصاد تناقش الصعوبات التي تواجه عمل الشركات الصينية

بحث رئيس هيئة الرقابة الإدارية بوزارة الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية، عبدالله محمد قادربوه، مع الشركات الصينية، المعوقات والصعوبات التي تواجها في استئناف أعمالها في ليبيا.

وعقد قادربوه، اجتماعاً في مقر السفارة الليبية بجمهورية الصين الشعبية بالعاصمة بكين، مع ممثلي الشركات الصينية التي كانت تعمل سابقاً في ليبيا، تركز على “بحث سبل التعاون المشترك وإعادة تفعيل المشاريع المتوقفة التي كانت تنفذها تلك الشركات في ليبيا، قبل أن تتوقف بسبب الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد”.

كما تناول الاجتماع “التعاون المستقبلي بين الجانبين، باستكشاف فرص جديدة في مشاريع إعادة الإعمار والبنية التحتية، وتحديد التحديات اللوجستية والأمنية وكيفية توفير بيئة عمل آمنة ومستقرة لعودة الشركات إلى ليبيا”.

وهدف الاجتماع “إلى تعزيز التعاون ودفع عجلة التنمية وإعادة إعمار البنية التحتية في ليبيا، مع ضمان مصالح جميع الأطراف”.

هذا وحضر الاجتماع، القائم بالأعمال بالسفارة الليبية، خالد السائح، ومساعد الملحق التجاري، نجيب ضو، وأعضاء السفارة.

مقالات مشابهة

  • وزير الاقتصاد يُشارك في حوار برلين العالمي لمناقشة السياسات التي تدعم النمو الاقتصادي العالمي
  • الوزير صباغ: استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية منذ 1967 بما فيها الجولان السوري وارتكابه جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب لا يزال شاهداً ماثلاً على إخفاق الأمم المتحدة في إنهاء هذا الاحتلال العنصري التوسعي ويمثل دليلاً دامغاً على منع الولايات
  • كتاب جديد حول تأثير تجارة المخدرات على الاقتصاد العالمي
  • وزير المالية: زيادة دور القطاع الخاص يتصدر أولويات الإصلاح المرحلة المقبلة
  • وزارة الاقتصاد تناقش الصعوبات التي تواجه عمل الشركات الصينية
  • "أستر" تدرس صفقات رعاية صحية بـ250 مليون دولار في السعودية
  • "أستر" تدرس صفقات رعاية صحية بـ250 مليون دولار في السعودية
  • بعد أسبوع من خفض الفائدة.. كيف انعكس قرار الفيدرالي الأمريكي على الاقتصاد العالمي؟
  • نتانياهو يقطع رحلته إلى الولايات المتحدة بعد الغارة التي استهدفت نصرالله
  • أهداف مباراة النصر والوحدة.. رونالدو يقود العالمي للفوز في الدوري السعودي «فيديو»