هل أثرت غزة على مجرى الانتخابات الفرنسية؟
تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT
غداة الفوز التاريخي لحزب "التجمع الوطني" في الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية في فرنسا، اتهم زعماء من حزب الرئيس إيمانويل ماكرون بعض مرشحي اليسار المتطرف بـ"معاداة السامية" ورفضوا تأييدهم في الجولة الثانية.
وتركت هذه الانقسامات العميقة، التي ولدتها الحرب في غزة، معارضي مارين لوبان رئيسة "التجمع الوطني" اليميني المتطرف على خلاف بشأن ما إذا كان عليهم أن يتحدوا معا لمنع حزبها من الفوز بأغلبية المقاعد في جولة الأحد المقبل.
وخلال الجولة الأولى من الانتخابات، تصدّر حزب لوبان وغوردان بارديلا النتائج مع تصويت 33,15 في المئة من الناخبين لأعضاء التجمّع الوطني، وفق نتائج أوليّة نشرتها وزارة الداخلية.
وحل تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" الذي يضم أحزابا من اليسار في المرتبة الثانية بـ28,14 في المئة من الأصوات، متفوّقا على الوسطيين بزعامة الرئيس إيمانويل ماكرون (20,76 في المئة).
والآن، يتحتم على معارضي حزب لوبان (اليسار والوسط)، إقناع المرشحين الذين احتلوا المركز الثالث في مراكز الانتخاب بالتنحي وتقديم التأييد للمتقدم عليهم سواء من اليسار أو الوسط، كخطوة حاسمة إذا أرادوا منع حزبها من السيطرة على الجمعية الوطنية المكونة من 577 مقعدًا.
ويُمكن للمرشحين أن ينسحبوا حتى الساعة الرابعة من بعد ظهر الثلاثاء بتوقيت غرينتش لصالح منافس من حزب سياسي آخر، على أمل الحيلولة دون فوز مرشحي اليمين المتطرف.
وإذا فاز التجمع مرة أخرى الأحد المقبل، يتوجب على ماكرون اختيار رئيس وزراء من بين صفوفه.
تأجج المشهد في فرنسا بعد أكتوبر 2023أدى الهجوم الذي شنته حماس في إسرائيل في 7 أكتوبر ثم الحرب الإسرائيلية في غزة إلى تأجيج المشهد السياسي الفرنسي، ما جعل معاداة السامية وانتقاد إسرائيل قضيتين رئيسيتين في الانتخابات.
Deep divisions in France over antisemitism and the Gaza war have left Marine Le Pen’s opponents at odds on whether to band together to stop her party from winning a majority of seats https://t.co/kzhd44s9Re via @WSJ
— Berangere Cagnat (@berangerecagnat) July 1, 2024وانتقد حزب "فرنسا غير الخاضعة" بقيادة جون لوك ميلونشون (يساري متطرف) إسرائيل بشدة، ما أثار اتهامات من حكومة ماكرون بأن خطابه يؤدي إلى زيادة حادة في الأعمال المعادية للسامية في فرنسا.
وانضمت لوبان وغيرها من زعماء التجمع الوطني إلى الهجوم ضد أقصى اليسار ودافعوا عن إسرائيل، مع اغتنام الحزب الفرصة لإثبات تخليه عن تاريخه في معاداة السامية الذي جعله مشعا في السياسة الفرنسية لفترة طويلة.
تعليقا على ذلك، قال المحلل الفرنسي فرانسواز جيري، إن هناك تخوفا حقيقيا من أن يحقق "التجمع الوطني" انتصارا آخر في الجولة المقبلة من الانتخابات ويسيطر على الجمعية الوطنية، لكن التخوف الأكبر الآن هو استمرار الخلاف بين اليسار ممثلا في "الجبهة الشعبية الجديدة" (اتحاد لقوى اليسار الفرنسية جمع الديمقراطيين والاشتراكيين والخضر) ومعسكر الوسط (الجمهورية إلى الأمام) بقيادة ماكرون وغابرييل أتال.
وفي حديث لموقع "الحرة"، شدد جيري على أن أصول الخلاف بين الوسط واليسار يعود إلى فهم هذا وذاك حيال مواضيع الساعة ولا سيما الحرب الجارية في غزة.
ويُتهم ميلينشون (يسار) بوصف الحرب الإسرائيلية ضد حماس في غزة بأنها "إبادة جماعية" وبتأجيج أحاسيس معاداة السامية.
ردا على ذلك، قال رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال في مايو الماضي، عندما حل ضيف شرف في حفل العشاء السنوي الذي يقيمه المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا (CRIF)، إن اليسار المتطرف يجب أن يخجل من تشجيع الارتفاع الصارخ في معاداة السامية في الأشهر السبعة الماضية لأنه "يعيدنا إلى الأوقات المظلمة عندما رأينا أن مثل هذه التصرفات يمكن أن تؤدي إلى كارثة كبيرة".
في الصدد، يشير جيري إلى أنه "ربما هذه التجاذبات ألقت بثقلها على توجهات الناخبين الذين ركضوا إلى اليمين المتطرف"، الذي عرف كيف يخوفهم من تنامي ما يوصف على أنه معاداة للسامية في خضم الحرب في غزة.
في المقابل، أعطى دعم اليسار للمهاجرين، وانتقاده لإسرائيل دفعا للناخبين للذهاب نحو اليمين المتطرف "الذي عبر عن موقفه من الحرب بشكل أوضح، حتى من الوسط الذي احتفظ بنوع من الدبلوماسية في طرحه لما يجري في غزة"، وفق المحلل.
ويرى الفرنسيون أن أحزاب اليسار التي تدافع عن حقوق المهاجرين ومزدوجي الجنسية، تترك فرنسا عرضة لخطر الإرهاب.
وسبق وأن تعرضت فرنسا لأعمال إرهابية عديدة ولا سيما حادثة هجمات 2015.
هذا المشهد ساهم في دفع حزب التجمع الوطني إلى واحد من أفضل العروض الانتخابية في السياسة الفرنسية خلال العشرين عاما الماضية.
وكانت نسبة الإقبال في انتخابات، الأحد، مرتفعة، حيث فاز الحزب بأكثر من 9.3 مليون صوت، وهو أكبر عدد من الأصوات يفوز بها أي حزب في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية منذ عام 2007 عندما فاز حزب يمين الوسط الفرنسي بأكثر من 10 ملايين صوت.
ويطالب اليمين المتطرّف الفرنسيين الآن بمنحه غالبية مطلقة في الجولة الثانية، الأحد 7 يوليو.
وأُحبطت طموحات لوبان السياسية في الانتخابات السابقة بسبب نظام التصويت على جولتين في فرنسا، والذي يشجع الناخبين على التجمع حول المرشحين الرئيسيين بدلا من المرشحين في أقصى نهاية الطيف السياسي.
ومع تزايد الاتهامات بمعاداة السامية ضد مرشحي اليسار المتطرف، يواجه الناخبون الآن صعوبة في تحديد مرشحهم المفضل.
وقالت يائيل براون بيفيت، النائبة عن حزب ماكرون، والتي كانت حتى وقت قريب رئيسة للجمعية الوطنية، الاثنين "لن أؤيد اليوم هذه المجموعة المتطرفة من فرنسا غير الخاضعة".
وكانت براون بيفيت، التي تنحدر من عائلة يهودية، واجهت إهانات وتهديدات معادية للسامية بعد 7 أكتوبر، وفق تصريحاتها.
وقالت في إحدى مداخلاتها إن أحد الأشخاص أرسل لها خطابا يهددها بقطع رأسها.
من جانبه، شدد ميلينشون، ليل الأحد، مباشرة بعد ظهور النتائج الأولية، على أن الجولة الثانية يجب ألا تشهد أي صوت للتجمع الوطني بقيادة لوبان.
وألقى ميلونشون كلمته وهو يقف بجوار ريما حسن، وهي شخصية مثيرة للجدل في فرنسا، تخضع للتحقيق بسبب تصريحات لها بعد 7 أكتوبر، رفضت فيها وصف "الإرهاب"، في نعت الهجوم.
وكانت حسن، التي انتخبت عضوا في البرلمان الأوروبي في يونيو الماضي، أجابت بكلمة "صحيح" عندما سئلت عما إذا كانت تصرفات حماس مشروعة.
Emmanuel Macron faces a bitterly painful choice : Throw everything he’s got at stopping the far right, or try to save what remains of his once-dominant movement before it dies.
By @cleacaulcutt https://t.co/yJIdzDYzQk
من جانبها، قالت براون بيفيت عندما سئلت عن ظهور حسن بجانب ميلونشون، ليل الأحد "لقد كان ذلك استفزازا".
في هذا الإطار، يقول جيري إن حرب غزة التي قسمت الناخبين، إلى جانب ملف الهجرة، ستكون الفيصل أيضا في الجولة الثانية، مشيرا إلى أن الفائز الحالي وسط هذا التململ هو الحزب اليميني المتطرف.
إلى ذلك، أشار جيري إلى أن التصريحات التي أعقبت نهاية الجولة الأولى تضمنت في مجملها معاداة السامية ونظرة هذا أو ذاك للحرب في غزة.
والأحد، دعا وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، وهو عضو في حزب ماكرون، الناخبين إلى دعم المرشحين في "الجبهة الشعبية الذين ينتمون إلى الحزب الاشتراكي وحزب الخضر، ولكن ليس مرشحي "فرنسا غير الخاضعة" بقيادة ميلونشون.
وقال لومير "فرنسا غير الخاضعة هي ضد الأمة الفرنسية، فرنسا غير الخاضعة هي المعاداة للسامية".
وأثار ميلينشون الجدل الشهر الماضي عندما كتب أن معاداة السامية في فرنسا هي "بقايا".
وفي كل مرة يُطلب منه تفسير موقفه، ينفي ميلينشون بشدة الإدلاء بتصريحات "معادية لليهود".
وقال في برنامج "فرانس 5" في 22 يونيو "لا علاقة لي بالعنصرية، ولا علاقة لي بمعاداة السامية، هذا يكفي الآن".
ويقول قادة "فرنسا غير الخاضعة" إن انتقاداتهم اللاذعة لإسرائيل بسبب الحرب في غزة لا تتجاوز الحدود لتصبح معاداة للسامية.
وتساءل مانويل بومبارد، المنسق الوطني للحزب، وفق ما نقلت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" قائلا "هل التلويح بالعلم الفلسطيني، يعني أنك معاد للسامية؟".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجولة الثانیة الیمین المتطرف معاداة السامیة التجمع الوطنی الجولة الأولى فی الجولة فی فرنسا فی غزة
إقرأ أيضاً:
كاتب يهودي: ترامب يبيع اليهود كذبة خطيرة ولا يحميهم من معاداة السامية
شدد رئيس جامعة "ويسليان" في الولايات المتحدة والكاتب اليهودي، مايكل روث، على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقوم ببيع اليهود "كذبة خطيرة ولا يحميهم من معاداة السامية"، منتقدا التصعيد الذي يمارسه البيت الأبيض تجاه الطلاب والأكاديميين المناصرين لفلسطين.
وقالت روث في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" وترجمته "عربي21"، إن وزيرة التعليم الأمريكية ليندا مكماهون هددت الأسبوع الماضي بقطع منح وعقود بقيمة 9 مليارات دولار تقريبا لجامعة هارفارد بسبب "فشلها في حماية الطلاب في الحرم الجامعي من معاداة السامية".
ورغم صدمة هذا التهديد، إلا أنه لم يكن مفاجئا تماما، فمنذ أن شكلت وزارة العدل فريق عملها لمكافحة معاداة السامية، تلقت 60 جامعة إشعارات بأنها تخضع للمراقبة أو التحقيق، حسب الكاتب.
وأضاف أنه ومع تصميم إدارة ترامب على ما يبدو على القيام بكل شيء، في كل مكان، دفعة واحدة، قد يكون من الصعب أحيانا تحديد أولوياتها الحقيقية. ولكن في هذه النقطة تحديدا، لا يريد دونالد ترامب أي غموض: "هذا وعدي للأمريكيين اليهود"، كما قال خلال حملته الانتخابية "بأصواتكم، سأكون مدافعا عنكم وحاميا لكم، وسأكون أفضل صديق حظي به اليهود الأمريكيون في البيت الأبيض".
وتابع الكاتب "بصفتي أول رئيس يهودي لجامعة كانت ميثودية (أو منهاجية) سابقا، لا أجد أي عزاء في احتضان إدارة ترامب لشعبي، سواء في الجامعات أو في أي مكان آخر، فكراهية اليهود حقيقية، لكن مكافحة معاداة السامية اليوم ليست جهدا مشروعا لمحاربتها. إنها غطاء لمجموعة واسعة من الأجندات التي لا علاقة لها برفاهية الشعب اليهودي".
وشدد على أن جميع هذه الأجندات: تفكيك الوظائف الحكومية الأساسية إلى سحق استقلال المنظمات الثقافية والتعليمية إلى تجريم الخطاب السياسي إلى إضفاء الشرعية على الثارات الرئاسية التافهة، تعرض المبادئ والمؤسسات التي جعلت هذا البلد عظيما للخطر. وبالنسبة لليهود، فإن عددا من هذه الأجندات يفعل أكثر من ذلك: إنها تشكل تهديدا مباشرا للأشخاص الذين تدعي مساعدتهم. سيكتشف اليهود الذين يشيدون بحملة الإدارة الصارمة قريبا أنهم يفعلون ذلك وهي ليست لصالحهم.
وأشار إلى أنه من بين أوائل المستهدفين البارزين للحملة المعادية للسامية، خريج حديث من جامعة كولومبيا، وطالبة دراسات عليا حالية في جامعة تافتس، الأول مقيم دائم قانوني في هذا البلد والأخرى هنا بتأشيرة طالب، وقد دافعا عن حقوق الفلسطينيين. وقد كبل كلاهما بالأصفاد، وطرد، واحتجزا إلى أجل غير مسمى ولم توجَه لأي منهما تهمة جنائية.
وأضاف الكاتب أن عمليات اختطاف على يد عملاء حكوميين واحتجازات غير مبررة لأجل غير مسمى واستهداف أفكار يُزعم أنها خطيرة وقوائم بأسماء الخاضعين للتدقيق الحكومي وتصريحات رسمية مليئة بالضجيج والكراهية، حيث مر اليهود بمثل هذه التجربة مرات عديدة، ولم تنتهِ الأمور على خير بالنسبة لنا.
وأوضح الكاتب أن سيادة القانون والحق في حرية الفكر والتعبير ضمانات أساسية للجميع، ولكنها مهمة بشكل خاص لأعضاء الجماعات التي لا تتوافق أفكارها أو ممارساتها دائما مع التيار السائد. وكما كتب م. جيسن مؤخرا في هذه الصفحات: "إن الدولة التي تبعد جماعة واحدة عن مجتمعها السياسي ستبعد في النهاية جماعات أخرى". و "ما تفعله حكومتنا الآن خطأ في حد ذاته، بل وأكثر من ذلك، فهو يشكل تهديدا أكبر لسلامة اليهود من جميع الاحتجاجات الجامعية".
وقال " تلقيت سيلا من رسائل البريد الإلكتروني تسأل عما إذا كان اليهود موضع ترحيب في جامعة ويسليان". وأجاب أنهم موضع ترحيب. وبعض الطلاب الذين نشأوا في مجتمعات متشابهة في التفكير، يفاجأون بوجود أكثر من جانب واحد للقضية. في بعض الحالات، يكون ذلك كافيا لإيقاظ قلقهم.
وكان الوضع مختلفا في جامعة كولومبيا. اتسمت الاحتجاجات بالعنف (سواء في تصرفات المشاركين أو في تصرفات الشرطة التي استدعيت لقمعها). وبلغت التوترات بين مؤيدي الفلسطينيين والإسرائيليين ذروتها في بعض الأحيان، وفقا للمقال.
ولفت الكاتب إلى أنه من نواحٍ أخرى، تعد جامعة كولومبيا خيارا غريبا. فهي تضم ثاني أعلى نسبة من الطلاب اليهود من جامعات رابطة آيفي ليغ (جامعات النخبة). وقد صرحت وزيرة التعليم مكماهون بأن الحكومة ستلغي 400 مليون دولار من الدعم الفدرالي للجامعة بسبب فشلها في حماية الطلاب اليهود. ومع ذلك، فإن التخفيضات الفدرالية المخصصة لجامعة كولومبيا ستؤثر بشكل غير متناسب على الطلاب اليهود.
وعندما أعلن البيت الأبيض عن التخفيضات، فعل ذلك بتغريدة جاء فيها "شالوم كولومبيا". و"ليس بالضرورة أن تكون يهوديا لتسمع قدرا كبيرا من السخرية في هذه الكلمات".
ووفقا للكاتب، فإن هذا النوع من التوتر - بين مناصرة اليهود والسخرية منهم أو شتمهم أو حتى تهديدهم في بعض الحالات، كان واضحا لدى اليمين منذ فترة. لننظر أولا إلى الرئيس: من ناحية، ابنته وصهره وأحفاده يهود. (اعتنقت إيفانكا ترامب اليهودية عندما تزوجت جاريد كوشنر). من ناحية أخرى، عندما سار النازيون الجدد وأعضاء جماعة كو كلوكس كلان وغيرهم في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا، حاملين المشاعل ويهتفون "لن يحل اليهود محلنا"، أدان ترامب العناصر الأكثر تطرفا في المسيرة لكنه أشار إلى وجود "بعض الأشخاص الطيبين للغاية من كلا الجانبين".
وقال روث إن الانفصال على مستوى بين صورة اليهود كأشخاص ضعفاء يجب حمايتهم وأشخاص أقوياء يجب هزيمتهم، أصبح الآن واسع الانتشار.
وأضاف أنه في العام الماضي عندما وضع الكونغرس مشروع قانون لمعارضة الخطاب المعادي للسامية في الجامعات، سارع العديد من المشرعين للتعبير عن دعمهم. لكن لم يكن هذا حال بعض أبرز ممثلي حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، ومنهم مات غيتز ومارجوري تايلور غرين، الذين لم يعترضوا على مكافحة معاداة السامية، لكنهما أشارا إلى أن صياغة مشروع القانون ستعيق قدرة المسيحيين على اتهام اليهود بقتل المسيح. وفي مناسبات أخرى، اتفقت غرين مع فلاديمير بوتين، قالت إن الرئيس اليهودي لأوكرانيا كان يدير "جيشا نازيا".
وقالت كانديس أوينز، المؤيدة البارزة لترامب، إن جيفري إبستين كان يعمل لصالح إسرائيل، الدولة التي أتقنت الابتزاز "بطريقة علمية". وشجع أندرو تيت، بطل حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" (والمتهم بتهم الاتجار بالجنس)، الناس على "التشكيك" في انتقاداتهم لهتلر - وعلى إعادة التحية النازية، في الوقت نفسه - وقال إن "من كتبوا الرواية الرسمية" للهولوكوست "استخدموها لتقويض وعي الشعوب الغربية ودفعها إلى الانتحار الجيني الجماعي".
ودافعت إليز ستيفانيك، ثالثة أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب، بشراسة عن اليهود ضد معاداة السامية في التعليم العالي، مما قاد استجوابا مكثفا لثلاثة رؤساء جامعات، فقد اثنان منهم مناصبهما بعد ذلك بوقت قصير. ومع ذلك، في مناسبات أخرى، استخدمت لغة مشابهة لـ"نظرية الاستبدال العظيم"، وهي نفس نظرية المؤامرة المعادية للأجانب التي كان المشاركون في حركة "وحدوا اليمين" يهتفون بها في شارلوتسفيل.
كما أن نيك فوينتس، الذي تناول العشاء مع ترامب في عام 2022، يرى أن "تأثير اليهود" هو إحدى أكبر مشكلتين في العالم، وأعلن أن على "اليهود التلموديين" مغادرة البلاد أو اعتناق المسيحية. أما ترامب نفسه، فقد أعلن أن السيناتور تشاك شومر "لم يعد يهوديا"، مما يذكر بكارل لويغر، المعادي للسامية المتعصب وعمدة فيينا في نهاية القرن العشرين، الذي أعلن: "أنا من يقرر من هو اليهودي". شارك ليو تيريل، رئيس فريق عمل ترامب لمكافحة معاداة السامية، تغريدة لأحد أبرز دعاة تفوق العرق الأبيض، أشاد فيها بقدرة الرئيس على "سحب بطاقة هوية اليهودي من أي شخص".
وفي بلدة لونغ آيلاند التي نشأ الكاتب فيها، كان اليهود أقلية. وقد "علمني والدي كيف أضرب معادي السامية قبل أن أتعرض للضرب، وعندما كنت في المدرسة الابتدائية! وأكد لي أنه يجب أن أتوقع مصادفة مثل هؤلاء الأشخاص أينما ذهبت، خاصة مع انتقالي إلى بيئات مهنية أو اجتماعية غير مألوفة لي"، حسب روث.
وتكهنت الروائية والباحثة دارا هورن بأنه مع خفوت ذكرى النازيين والهولوكوست، "كان العار العام المرتبط بالتعبير عن معاداة السامية يتلاشى أيضا - بمعنى آخر، أصبحت كراهية اليهود أمرا طبيعيا". مما يعني أنه ينبغي علينا توقع تفاقم الأمور.
ونظرا لكل هذا، بحسب الكاتب، هناك إغراء كبير لدى اليهود لاحتضان أي شخص يندد بمعاداة السامية، بغض النظر عن التناقضات الأخلاقية (أو الصلة المشبوهة بين حماية الأقليات الدينية، مثلا، وقطع المنح لأبحاث السرطان). وقالت رابطة مكافحة التشهير ردا على اعتقال محمود خليل، المقيم الدائم القانوني: "نقدر الجهود الواسعة والجريئة التي تبذلها إدارة ترامب لمواجهة معاداة السامية في الجامعات، وهذا الإجراء يُبرز هذا العزم من خلال تحميل الجناة المزعومين مسؤولية أفعالهم".
كما أشار سام أدلر-بيل مؤخرا، شجعت بعض المنظمات اليهودية الأمريكية على تآكل الحقوق والأعراف مقابل دعم إسرائيل. ولم يمض يوم كامل على تولي الرئيس منصبه حتى دافعت رابطة مكافحة التشهير عن إيلون ماسك لإلقائه ما بدا لي بالتأكيد تحية النصر. بعد أن واجهت المنظمة انتقادات شديدة بسبب دعمها لاختطاف خليل، أعاد الرئيس التنفيذي للمنظمة الأسبوع الماضي التأكيد على ضرورة اتباع الإجراءات القانونية الواجبة. كيف وصلنا إلى النقطة التي أصبح فيها هذا الأمر موضع شك؟
تأسست رابطة مكافحة التشهير عام 1913، في أعقاب قضية ليو فرانك، وهو رجل يهودي اتُهم بقتل فتاة مسيحية تبلغ من العمر 13 عاما. يتفق معظم المؤرخين اليوم على أن فرانك، الذي أُعدم شنقا عام 1915، أُدين ظلما بعد محاكمة صورية، لكن أنصار حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا" على قناة إكس لا يسعهم إلا الاحتفال بإعدام يهودي شنقا. صاحت لورين ويتزكي، المرشحة الجمهورية لمجلس الشيوخ لعام 2020، قائلة: "لقد نال ما يستحقه تماما، وكان ينبغي أن ينال كل فرد في ذلك الحشد أوسمة تقديرا لحماية مجتمعهم".
وأشاد كينغسلي ويلسون، نائب السكرتير الصحافي في البنتاغون، وهو شاب في العشرينيات من عمره، بحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، مستشهدا بالشعار النازي "Ausländer raus!" ("أخرجوا أيها الأجانب!"). وكما قال المحافظون التقليديون في بولوارك: "إن "التحول في التوجه" لا يعني بالضرورة أن المزيد من اليمينيين معادون للسامية مقارنة بما كان عليه قبل ثماني سنوات، بل إن جزءا كبيرا من اليمين الآن يبدو رافضا للفكرة الأساسية القائلة بوجوب وجود أي وصمة عار حتى ضد أشد أشكال التعصب شراسة".
وقال الكاتب إنه ولهذا السبب، يُعد "استغلال الخوف اليهودي" أمرا ضارا للغاية. أولئك الذين يهاجمون أشخاصا مثل محمود خليل اليوم سيتشاركون الخبز مع جماعة "Ausländer raus!" غدا. سيبحثون عن أهداف جديدة. من سيكون التالي؟
وختم المقال بقوله "في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد، تحالفت مملكة يهودا اليهودية مع روما لحماية نفسها من هيمنة الثقافة اليونانية. استجابت روما، واحتلت يهودا. عدو عدونا ليس صديقنا. في ذلك درس، إن استطعنا استيعابه".