عربي21:
2025-03-07@01:26:32 GMT

الخطة الإسرائيلية باتت الآن مكشوفة

تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT

الطريقة الوحيدة التي تؤمّن لإسرائيل بعد مُضيّ ما يقارب الأشهر التسعة من الحرب الإجرامية على قطاع غزة، وما تلازم معها من معارك عدوانية على طول الحدود الجنوبية للبنان هي خفض وتيرة الحرب هناك، وانتظار أن يؤدّي ذلك إلى خفض موازٍ في جنوب لبنان لكي تتحوّل الحرب على الضفة الغربية، هي ساحة الحرب الرئيسة.

وهذه الطريقة هي الوحيدة التي تعتقد إسرائيل أنّ من شأن اعتمادها "المحافظة" على تماسك "الائتلاف الحكومي"، واستمرار الحرب على القطاع فيما يراه البيت الأبيض، وما يسمّيه "المرحلة الثالثة"، والتي ستكون بمثابة سيطرة عسكرية على القطاع دون انتشار لقوات برّية في المناطق المأهولة، وتمركز هذه القوات في "نتساريم" و"قاطع فيلادلفيا"، وعلى كامل المحيط بالقطاع وداخله لعدة كيلومترات على طول "شريط الغلاف".



ومن خلال هذه السيطرة ستستمر الحرب على القطاع بالغارات العدوانية المباغتة على كل النقاط التي تراها دولة الاحتلال أهدافاً لطيرانها ومدفعيتها والقصف من البحر، واستخدام ألوية متخصصة لعمليات برّية محدودة ومحدّدة.

وبهذا تكون الحرب مستمرة على القطاع، ويمكن لإسرائيل أن تظلّ في وضع المتحكّم بدخول المساعدات، والمتحكّم بمنع إعادة بناء المقاومة الفلسطينية في كل أنحاء القطاع، دون أن تعرض قواتها لمزيد من الاستنزاف.

كما يمكنها ــ حسب هذه الخطة ــ أن تتابع التفاوض على مسألة الأسرى، وأن تتابع، أيضاً، البحث عنهم، دون أن يكون عليها دفع أثمان سياسية أو عسكرية كبيرة، وتواصل تدمير كل ما تراه مناسباً للتدمير ممّا تبقّى في القطاع.

وتأمل دولة الاحتلال أن يؤدّي هذا التخفيض إلى أن "تنتزع" من يد المقاومة في لبنان ورقة "الإسناد"، أو أن تحوّل هذه الورقة إلى ما دون انفجار غضب المهجّرين من شمالها نحو مرحلة جديدة قد تؤدّي إلى مفاوضات سياسية غير مباشرة مع "حزب الله" اللبناني، ليس بالضرورة من أجل التوصل إلى اتفاق، وإنّما من أجل وضع سقوف جديدة لهذا "الإسناد"، وصولاً إلى "قواعد اشتباك جديدة" ستخفّف كثيراً من الأعباء التي تشكلها حالة الاشتباك الحالية، والتي تمنع كلياً عودة المهجّرين، وتعطل كلياً كلّ مظاهر الحياة في أجزاء كبيرة من الشمال.

في هذا الواقع سيدّعي بنيامين نتنياهو أنّ جيشه لم يُهزم، وأنّ قوة الردع لديه ما زالت فاعلة، وأنّ الحرب مستمرّة بوسائل جديدة، وبوتائر متجدّدة، وأنّه أصبح في وضع يمكّنه من ترميم صورة الدولة العبرية، بما في ذلك العلاقات مع الولايات المتحدة، ومع "الغرب" كله، وربما يراهن، أيضاً، على مخارج معيّنة من توجّهات محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية.

وسيدّعي نتنياهو أنّه قد أخضع المقاومة الفلسطينية في القطاع دون اتفاق لوقف إطلاق النار، وأنّه أزال التهديد الذي مثّله 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلى درجة كبيرة، وأنّه لن يوافق على أيّ ترتيبات سياسية أو إدارية في القطاع إلّا بما يتفق مع هذه "المعطيات".

ويعتقد نتنياهو وطواقمه وكلّ حكومته الفاشية أنّ من شأن نجاح هذه الخطة أن تساعده على التملّص من الحرب التي أطال الحديث عنها على الجبهة الشمالية، ومنع انزلاق الأمور إلى الحرب الشاملة، أو الإقليمية المدمّرة في هذه المرحلة على الأقلّ.

ومن خلال نقل الثقل العسكري الإسرائيلي إلى الضفة الغربية سيكون قادراً على الولاء التام لـ"الائتلاف"، ولكل المستوطنين، وسيدّعي أنّه حقق هدفين كبيرين.

الأوّل، هو إخضاع المقاومة في القطاع.

والثاني، هو إنهاء إمكانية أن يكون في الضفة أيّ كيان فلسطيني، والعمل على إنهاء السلطة الوطنية الفلسطينية من خلال تجريدها من أيّ دور فعلي، وإبقاء وجودها شكلياً من دون صلاحيات فعلية إلى أن تفقد القدرة على البقاء، وإلى أن تنحلّ من تلقاء نفسها، وتفقد القدرة على الحركة والحراك، إلى حين أن يُعاد النظر في وظيفتها وفق توافق إقليمي ودولي جديد لا يتجاوز "الحكم الذاتي" المحدود على التجمعات السكانية على أقلّ من 30% من الانتشار الديمغرافي في كامل الضفة.

وهنا سيعلن نتنياهو أنّه استعاد قدرة الجيش، واستعاد قوة الردع، وأنّه شتّت الحالة السياسية الفلسطينية، وأخضع كلّ مقاومتها، أو هو مستمرّ في عملية الإخضاع هذه، وأنّه لم يُهزم، وأنّه استطاع أن يخرج من هذه الحرب "منتصراً" بالرغم من الأثمان الباهظة التي دفعتها دولة الاحتلال، وبالرغم من كلّ ما "تعرّضت" له من هجمات على عدّة جبهات في آنٍ معاً.

وهو من أجل تكريس هذه الصورة من "الانتصار" مستعدّ من الآن إلى حمّام من الدّم في الضفة، وإلى تدمير المخيّمات الفلسطينية على امتداد الضفة كلها، وهو يُحضّر ميليشيات وسوائب المستوطنين لكي يكون دورها مكمّلاً لدور الجيش في ترويع الفلسطينيين، وفي تحويل حياتهم في المنطقة (ج) إلى جحيم، وبما يسهّل على قطعان المستوطنين المزيد من الاستيلاء على الأرض، والمزيد من المستوطنات، والمزيد من وسائل التحكّم بالجزء الأكبر من هؤلاء السكّان في هذه المنطقة.

ويعتقد نتنياهو أنّه بات ممكناً "امتصاص" الحالة الداخلية الإسرائيلية إلى حدود عدم الذهاب إلى انتخابات مبكّرة، وربما المراهنة على تفكّك "المعارضة" الإسرائيلية.

تبدو خطّة دولة الاحتلال كما يراها نتنياهو وأعوانه خطّة "زاهية"، وقد تُزيّن للمجتمع الإسرائيلي على أنّها كذلك، بل وليس مستبعداً أبداً أن توافق عليها الإدارة الأميركية بالكامل باستثناءات بسيطة حول دور الميليشيات المسلّحة في تنفيذها.

وأمّا "الغرب"، وغالبية الأنظمة العربية فإنّهم لن يقفوا ضدّها بصورة مباشرة، وسيبقون في دور الاعتراض عليها، وخصوصاً فيما يتعلق بدور السلطة الوطنية الفلسطينية، ودور الميليشيات الفاشية، وغيرها لكنهم جميعاً لن يتخذوا ولا حتى موقفاً واحداً يهدّد الاستمرار بها.

وبهذه المعاني فإنّ نتنياهو سيعود لإقناع المجتمع الإسرائيلي كما يتصوّر بأنّ العالم الذي بُني حول فلسطين، والتضامن غير المسبوق الذي شهده العالم حول حقوق الشعب الفلسطيني، سيتبدّد تباعاً، وأنّ دولة المشروع الصهيوني لن ترضخ لأحد، وأنّها ماضية في خطّة حسم الصراع، وأنّ هذا الحسم مهما كلّفها هو في نهاية الأمر ممكن وليس مستحيلاً.

هذه الخطّة الإسرائيلية ليست سوى سراب، وليست سوى خديعة يقدّمها نتنياهو من موقع المهزوم والفاقد للقدرة والتأهيل، وهي خطّة لخلق صورة انتصار موهوم، ولن تستطيع دولة الاحتلال الإفلات من الهزيمة.

بل على العكس من ذلك كلّه، فإنّ هذه الخطّة بالذات هي الدليل الأكبر والأهمّ والأسطع على أنّ إسرائيل لا تخطّط سوى للغرق من جديد، والإمعان في الانفكاك عن الواقع، وفي تصوّر الهلوسات السياسية باعتبارها إستراتيجية قابلة للتنفيذ.

في المقال القادم سأُحاول شرح هذا كلّه، وتوضيح عُمق الأزمة الإسرائيلية من كلّ هذه الزوايا بالذات.

(الأيام الفلسطينية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحرب غزة لبنان الاحتلال لبنان غزة الاحتلال حرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال ة الإسرائیلیة على القطاع نتنیاهو أن فی القطاع

إقرأ أيضاً:

مآرب نتنياهو في فتح الجبهة السورية.. قراءة متأنية في الأوراق التي يحاول اللعب بها!

اشتهرت شخصية رئيس وزراء الاحتلال "بنيامين نتنياهو" بالمراوغة الشديدة والتحايل الكبير والكذب الذي يمارسه كما يتنفس! والرجوع كذلك عن الوعود المبذولة كأنك أمام طفل مدلل قد أعيا أسرته إزاء محاولات تقويمه فباءوا بالفشل وعدم النجاح.

ولربما ساعدت الأجواء المحيطة بنتنياهو الذي لا يجد من يأخذ على يديه ليرتدع عن التدليل المموج في ظل الدعم اللامحدود من الحلفاء التقليديين في الغرب، والتواطؤ لزاعق من الجوار الرسمي العربي الرافض للمقاومة والممانعة التي تغضب السيد الراعي المقيم بالبيت الأبيض! فحمله ذلك على عدم احترام أي اتفاق، وعلى اختلاق الأكاذيب والزعم بأن المقاومة الفلسطينية قد نقضت ما تم الاتفاق عليه لمجرد الرفض الفلسطيني لعدم احترامه لما تم التوقيع عليه، وبناء عليه قام نتنياهو بتوقيع العقوبات على القطاع ومنع كل الاستحقاقات التي قامت برعايتها أمريكا..

وها هو يمارس هوايته في فرض رؤيته الأحادية من أجل تحقيق مصالحه السياسية حتى رغم أنف المعارضة بل والشارع الإسرائيلي، وهو يعمد إلى توجيه دفة الأحداث يمنة ويسرا لا يبالي بمعارضة من أحد ولا يأبه لردود الفعل حين يحرك طيران دولته ليعتدي على الدولة العضو في الجامعة العربية، سوريا، واثقا مطمئنا لحالة الموات العربية والأممية وأن الأمر لا يعدو أكثر من بيان هنا أو هناك يستنكر الاعتداء على دمشق وطرطوس والقنيطرة في الجنوب السوري، والكل يعرف أن الكلمات التي صيغ منها البيان لا تساوي الحبر الذي كُتب به!..

لكننا بحاجة لقراءةٍ متأنيةٍ لمساعي "بنيامين نتنياهو" ومآربه المتعددة في فتح الجبهة السورية من أجل كشف الأوراق التي يحاول "بيبي" اللعب بها، وهذا ما سنتعرض له فيما يلي:

1- الهروب من استحقاقات المفاوضات بالفتح المفتعل للجبهة السورية!! وهي إحدى إبداعات شخصية الرجل الذي يجيد صناعة الحدث الخادم لمصالحه ومصالح أطماع دولته، ودائما ما يجعل من بلاده فاعلا لا مفعولا به كما هو الحال في الجوار العربي المهموم بحلقات رامز الرمضانية! وبسوق انتقالات لاعبي الكرة ذات الأرقام الفلكية التي تنافس كبرى الدوريات الأوروبية، والمهموم كذلك بإقامة الحفلات الغنائية للشواذ والملحدين ممن تحملهم الطائرات الخاصة وتستقبلهم بلادنا في صالات كبار الزوار! وهذه إحدى أهم أوراق اللعب التي يجيدها "بيبي" في رمي قنبلة الدخان التي تحجب الرؤية عن حلفائه قبل أعدائه!

2- لا شك أن سقوط حكم عائلة الأسد المترعة بالخيانة حتى الثمالة من الأب إلى الابن، قد أزعج دولة الاحتلال أيما إزعاج بعد ما قدمته العائلة المشئومة من خدمات جليلة لدولة الاحتلال، حولت الجيش العربي السوري إلى أكبر حام لأمن إسرائيل في جبهة الجولان. وقد اقتضت معالجة مخاوف الاحتلال لخسارته الحليف الاستراتيجي الذي على مدار 54 سنة لم يطلق طلقة واحدة ضد إسرائيل؛ ضرورة التنغيص على التجربة السورية التي كُللت بالنجاح وحملت إلى سدة الحكم إسلاميي سوريا الجهاديين! فقام جيش الاحتلال بقصف بعض كتائب الدفاع الجوي بطرطوس بالإضافة لمحاولاته إشعال نار الفتنة الطائفية بادعائه الاستجابة لنداء دروز الأرض المحتلة بضرورة التدخل لحماية الأقلية الدرزية المتمركزة في الجنوب السوري! وفي بعض المناطق مثل "جرمانا"..

3- إشغال الداخل الإسرائيلي عن ملاحقة "نتنياهو" سياسيا وقضائيا، ومحاولة فرض النغمة الممجوجة التي تغنت بها قديما وما زالت بعض الأنظمة العربية السلطوية بالقول: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة! وفي ظل المعركة كانت تستبيح كل شيء، وأخطرها كرامة الشعوب وحرياتهم وثرواتهم بل وحياتهم! وهذا ما يفعله نتنياهو بإشغال دولته وجيشه ومعارضته وشعبه بالملف السوري لكن دون المساس بكرامتهم وحياتهم، فالاستنساخ ليس كاملا لتجربة الاستبداد العربية، وغير معقول أن تسمح دولة ديمقراطية مثل إسرائيل باستنساخ تجارب الأنظمة السلطوية فذلك لا يحدث إلا في بلادنا حصرا وقسرا!

4- تغذية الحالة النفسية المَرضية لشركاء نتنياهو في الحكومة الإسرائيلية ممن لا تهدأ عريكتهم ولا تصفوا سريرتهم إلا بإشعال الحروب من أجل تسريع وتيرة الخراب؛ لخدمة أهداف جماعة جبل صهيون الداعية إلى هدم المسجد الأقصى وإقامة معبد داود وتخريب العمران في المحيط العربي خاصة دول الطوق، ولذلك لا عجب بأن تجد الاحتلال يسارع إلى فتح المزيد من الجبهات في ظل تركيبة الحكومة الحالية ذات الأغلبية الدينية المهووسة ببعض الخلفيات التلمودية، وإن كان من الضروري أن نذكر أن ذلك لا يحدث من قبيل الشجاعة لديهم أو الحرص على الشهادة كما هو الحال في عقيدتنا كمسلمين بحسبها إحدى الحسنيين، فهم لا يسارعون إلى المواجهات وفتح الجبهات إلا مع ضمانة التفوق العسكري الكاسح لديهم وإلا فلن يحركوا جيوشهم قيد أنملة!

مقالات مشابهة

  • استطلاع: نتنياهو يعجز عن تشكيل حكومة إذا أجريت الانتخابات الآن.. و60% من الإسرائيليين يريدون استقالته
  • تغيّر العقيدة الأمنية الإسرائيلية.. قبل وبعد 7 أكتوبر
  • ثابت : الحرب “الإسرائيلية” دمَّرت قطاع الكهرباء في غزَّة
  • ردود الفعل الإسرائيلية على الخطة المصرية لإعمار غزة
  • مآرب نتنياهو في فتح الجبهة السورية.. قراءة متأنية في الأوراق التي يحاول اللعب بها!
  • رئيس الوزراء: لن يكون هناك استقرار بالشرق الأوسط بدون حل دائم للقضية الفلسطينية
  • هيئة البث: نتنياهو أجل انشاء "اللجنة" التي أجرت تحقيقات الشاباك
  • مجريات القمة العربية الطارئة بالقاهرة لمناقشة التطورات في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية
  • التحقيقات الإسرائيلية في طوفان الأقصى تضع نتنياهو تحت الضغط
  • الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة: القطاع جزء لا يتجزأ من الأراضى الفلسطينية