كيف طورت السكة الحديد عربات القطارات المتهالكة على مدار 10 سنوات؟
تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT
وضعت الهيئة القومية لسكك حديد مصر خطة طموحة لتغيير جميع عربات القطارات المتهالكة على قضبان السكك الحديدية، بعد أن تراجعت مستويات الخدمة بها، تقوم على إضافة عربات جديدة تُقدم خدمات متميزة لجمهور الركاب، وفق المواصفات والمعايير العالمية، بجانب تغيير الجرارات بأنواع أخرى جديدة مُصنعة عالمياً.
نجحت الخطة خلال السنوات القليلة الماضية في تحقيق طفرة واضحة في منظومة السكك الحديدية، وفق عبدالله أبوخضرة أستاذ الطرق والنقل بجامعة بني سويف، إذ تم توريد 210 جرارات جديدة GE من إجمالي 260 جرارًا مخطط توريدها، وإعادة تأهيل 92 جرارًا من إجمالي 222 جرارًا مخطط إعادة تأهيلها.
وتمكّنت الهيئة بالتنسيق مع الشركات العالمية، وفق تقرير لها، في وصول 6 قطارات من إجمالي عقد توريد 7 قطارات بتكلفة 157 مليون يورو من شركة تالجو الإسبانية، ودخلت جميعها الخدمة، وتوريد 946 عربة من إجمالي عقد توريد 1350 عربة ركاب جديدة بتكلفة 1.1 مليار يورو من شركة جانزمافاج المجرية.
انتهت هيئة السكة الحديد من إعادة تأهيل 1354 عربة عادية من إجمالي عدد 1404 عربة مخطط إعادة تأهيلها، وتم توريد 527 عربة من إجمالي 1215 عربة بضائع طرازات مختلفة من مصنع سيماف، فضلاً عن توقيع اتفاقية شروط وأحكام بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر وشركة أرسينال الإيطالية بشأن إعادة تأهيل قطار نوم سياحي فاخر وإعادة تشغيله لرجال الأعمال على خطوط السكك الحديدية.
لم يقتصر الأمر على الجرارات والعربات، بل اشتمل أيضاً تطوير البنية الأساسية لتأمين مسير القطارات وزيادة معدلات السلامة والأمان، وتطوير المزلقانات إذ تم الانتهاء من التطوير الشامل لـ699 مزلقانًا من إجمالي 1120 مزلقانًا مخطط تطويرها على الشبكة، وتجديد مسافات سكة بإجمالي أطوال 1382 كيلومترًا، و2090 مفتاحًا بما فيها أعمال تجديدات وتعديلات السكك بمشروعات تطوير نظم الإشارات.
انتهت أيضاً الهيئة القومية لسكك حديد مصر من تطوير 307 محطات منها 109 محطات ضمن المرحلة الاولي لمبادرة حياة كريمة، وجار العمل على تطوير 122 محطة، فضلاً عن تركيب البوابات الإلكترونية والحجز والدفع الإلكتروني بمحطات السكة الحديد، لافتة إلى أنّه تمّ وجار تطوير نظم الإشارات على 5 خطوط رئيسية على الشبكة بإجمالي أطوال 971 كيلومترًا بتكلفة 18.5 مليار جنيه.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: القطارات السكة الحديد القطار السياحي إعادة تأهیل من إجمالی جرار ا
إقرأ أيضاً:
استهداف الحوثيين جزء من مخطط أكبر
للوهلة الأولى، يبدو أن الإدارة الأمريكية تعمل في اتجاهين متناقضين في الشرق الأوسط. فهي تتفاوض بوساطة عُمانية مع إيران لمنع نشوب حرب في الخليج وشبه الجزيرة العربية، في الوقت الذي تشن فيه أعنف حرب على جماعة أنصار الله الحاكمة في صنعاء «الحوثيين» منذ اندلاع المواجهات المباشرة بين الجماعة وكل من إسرائيل ودول الناتو في أعقاب طوفان الأقصى.
الخطير في هذه الحرب التي تشنها واشنطن منذ ١٥ مارس الماضي أنها قد تدمر الاستقرار السياسي الذي شهدته المنطقة منذ وقف الحرب اليمنية وإرهاصات اتفاق التطبيع السعودي-الإيراني منذ مارس ٢٠٢٣، إذ توقفت الهجمات المتبادلة بين دول التحالف والحوثيين وعُقدت مفاوضات سعودية/حوثية استهدفت التوصل لحل للأزمة اليمنية، ولكن تأمّلا أكبر في هذا التناقض الظاهري يكشف أن الاستراتيجية الأمريكية التي تقف وراء التفاوض في جبهة إيران والحرب الشرسة في جبهة الحوثيين حلفاء إيران هي استراتيجية واحدة.
هذه الاستراتيجية تقوم بشكل أساسي على قاعدتين وتسعى لتحقيق هدفين. القاعدة الأولى أن التغيير في مشهد الشرق الأوسط الذي أحدثه طوفان الأقصى لا بد أن يتم تغييره بمشهد جيوبوليتيكي مضاد، أو ما يسميه نتنياهو بصياغة شرق أوسط جديد. القاعدة الثانية هي أن أحد أهم ملامح مشهد طوفان الأقصى الإقليمي الذي ينبغي تغييره من وجهة النظر الأمريكية والإسرائيلية هو وقف الصعود الفاعل للمنظمات والجماعات غير الحكومية المسلحة المعادية للمشروع الأمريكي، إذ ملأت منظمات مقاومة سنية مثل حماس، وشيعية مثل حزب الله اللبناني، والحشد الشعبي العراقي، وزيدية مثل الحوثيين الفراغ المخيف الذي تركه تخلي النظام العربي الرسمي عن المواجهة مع إسرائيل منذ اتفاقيات كامب ديفيد.
أما الهدفان اللذان تعمل على تحقيقهما استراتيجية إدارة ترامب فهما: أولا: الانتقال من إضعاف محور القوى الاستقلالية المناهضة لواشنطن «تراجع قوة حماس وحزب الله، وتوقف الفصائل العراقية، وسقوط النظام السوري، وتراجع قوة الدفاعات الجوية الإيرانية»، إلى السعي لتدميرها كليًا أو ما يسميه المحللون الإسرائيليون إنهاء عقود من استنزاف هذه القوى لأمريكا وإسرائيل، أو بتعبيرهم المفضل «نهاية مرحلة شراء الهدوء». والهدف الثاني هو تعميم نموذج السلام الإبراهيمي واستكمال مشروع التطبيع السعودي مع إسرائيل، والذي اعترض طريقه في اللحظة الأخيرة اندلاع هجوم طوفان الأقصى.
بدا شن حرب على إيران مخاطرة غير مأمونة لأسباب ذكرناها مرارا، بما فيها اعتراض حاسم من حلفاء أمريكا العرب في الخليج على أن الحرب قد تدمر الحياة في المنطقة كلها. «من اللافت هنا تصريحات رئيس الوزراء القطري بأن دول المنطقة قد تعطش ولا تجد ماء عذبًا لشرب سكانها أكثر من عدة أيام إذا لوث هجوم أمريكي أو إسرائيلي ماء الخليج بمخلفات البرنامج النووي الإيراني». ومن ثم تم تفضيل خيار التفاوض مع طهران ولو مؤقتا حتى تصبح الحرب مع النظام الاستقلالي عن أمريكا مأمونة العواقب ومقبولة من حلفاء الإقليم. ومن ثم كان الخيار هو استكمال التدمير لقوى المقاومة من المنظمات غير الحكومية.
في لبنان لا تفعل المبعوثة الأمريكية للبنان سوى الضغط المتواصل على الحكومة والجيش لنزع سلاح حزب الله. في العراق، تكفلت الضغوط الأمريكية والتزام إيران بعدم التصعيد بإسكات قوة الحشد الشعبي مع تهديدات مبطنة بإمكانية استخدام فصائل مؤيدة في سوريا لعبور الحدود مع العراق والسعي لتصفية الحشد الشعبي إذا لزم الأمر. الحوثي هو من تبقى الخصم الأكثر عنادًا الذي لم يتوقف عمّا يمكن وصفه بالتضامن مع غزة والجهاد ضد إسرائيل. ومن ثم فقد تم التعامل مع تدمير قدرة الحوثيين على منع توجه السفن لإسرائيل عبر البحر الأحمر وعلى توجيه مسيرات وصواريخ باليستية إلى إسرائيل باعتباره أولوية متقدمة منذ وصول ترامب.وبعد أن فشلت غارات إسرائيل وهجمات الأطلسي طوال فترة بايدن في إخضاع الحوثيين، جرت تغييرات كثيرة في هذا السياق:
1- رفع العبء الحربي ضد الحوثيين عن كاهل إسرائيل بعد أن تسببت صواريخ ومسيّرات الحوثيين رغم دقتها المحدودة، في استنزاف مخزون صواريخ «حيتس» الاعتراضية بتكلفتها التي بلغت مئات الملايين. ونُقلت المهمة كليًا إلى المجهود الحربي الأمريكي في عملية إعادة توزيع للمهام وانخراط أمريكي مباشر في الحرب ضد اليمن، يرى البعض أن تكلفته منذ عهد بايدن قد تتجاوز ٨ مليارات دولار أمريكي في جبهة الحوثيين والبحر الأحمر فقط.
2- كثافة التدخل العسكري: لم تستجب واشنطن ترامب للمطالب الإسرائيلية التي نقلها ديرمر له بعد انتخابه مباشرة في نوفمبر الماضي بأن يتولى عنها مسؤولية الحوثيين المرهقة لبعد المسافة وارتفاع الكلفة المالية وقلة العائد، ولكن اتسم التدخل بطابع مكثف، فهو زمنيًا وعلى مدى نحو شهر ونصف الشهر عبارة عن غارات مستمرة يوميًا على مدار الساعة. كما انتقل من مهاجمة الأهداف العسكرية لتدمير قدرات المسيّرات والصواريخ فقط إلى مهاجمة أهداف مدنية يحتمل وجود قادة الحوثيين فيها أيضًا.
ممارسة الضغوط السياسية على إيران لكي توقف دعمها للحوثي، أو بعبارات ترامب: يجب على طهران ترك الحوثيين بمفردهم وحيدين. ومن المرجح أن هذا البند هو قضية مطروحة في المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن.
3- إحداث تحول في مواقف الدول العربية الحليفة لواشنطن، التي كانت قد حافظت طوال شهور حرب طوفان الأقصى على الأقل علنيًا على موقف مفاده أن حل مشكلة الملاحة في البحر الأحمر واستهداف إسرائيل بأسلحة الحوثيين مرتبط بإنهاء حرب الإبادة على غزة. ويبدو أن انتقال الملف لواشنطن واتصالات ترامب مع زعماء عرب قد تكفلت بتغيير ما في موقفهم السياسي، وصارت معظم البيانات السياسية العربية تتحدث مرة واحدة عن خطر تهديد الملاحة في البحر الأحمر دون الإشارة للسبب الأساسي، وهو الحرب على غزة. كما بعثت إشارات على أن المتضرر من تحدي الحوثي للعدوان الإسرائيلي هم العرب، خاصة مصر التي تراجعت عوائد قناة السويس بقوة بسبب القيود المفروضة على الملاحة عبر البحر الأحمر. عزل إيران عن الحوثيين وتحويل البيئة العربية إلى بيئة معادية للحوثيين يعطي فرصة، حسب التصور الأمريكي، لأن يلحق العمل العسكري السياسي المنسق هزيمة كبيرة بالحوثيين. وفي هذا الصدد، طُرحت معلومات عن تخطيط قد يتم بين واشنطن ودول في المنطقة لأول مرة، وعدم الاقتصار على الغارات الجوية، بل شن حرب برية تقوم بها هذه الدول مع فاعلين يمنيين معادين للحوثيين ومتمركزين أيضًا على البحر الأحمر وباب المندب. لكن كل المؤشرات توحي بأن زيارة ترامب القريبة للسعودية ودول خليجية خلال أسابيع قليلة يصعب أن تتم والحرب مشتعلة، ومن ثم فهي تمثل قيدا على استمرار العملية العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين، وقد تدفع واشنطن -عن طريق المفاوضات مع إيران- لوقف مؤقت لها أو هدنة طويلة بشروط تحفظ ماء الوجه.
ربما يبدي الإيرانيون في هذه المرحلة مرونة في تشجيع الحوثيين على الهدوء كما فعلوا مع حلفائهم في لبنان والعراق.. لكن درجة التأثير الإيراني على الحوثيين محدودة، ويتفق المحللون المنصفون على أن قرار الحوثيين مستقل بدرجة كبيرة عن طهران، كما يتفقون على أن أنصار الله كجماعة أيديولوجية تتمتع بروح تضحية تجعلها قد تحارب حتى النهاية دون تراجع أو استسلام، بدليل أنها بعد كل الهجمات الأمريكية الهائلة ما زالت إلى اليوم تطلق مسيّرات وصواريخ على مدن في فلسطين المحتلة. الأخطر من ذلك أن جماعة أنصار الله في اليمن قد لا تتأخر في العودة لحرب الصواريخ مع جيرانها في الخليج ومنشآتهم النفطية إذا صمم ترامب على سحق الجماعة وإخراجها من المعادلة السياسية اليمنية.