أرجو من القراء أن تتوسع صدروهم لأن المقال فيه عدة رسائل والكاتب لها داخل في عموم كلامه غير مستثنى من الأخذ بهذه الرسائل.
إن ما حدث ولا زال يحدث من مجازر ومذابح في فلسطين وغزة بالذات وتفرج المسلمين على هذه المذابح التي تهز الجبال لو كانت تنطق، وما حدث مع فلسطين منذ أكثر من سبعين عاما من اليهود الغاصبين المتوحشين الطغاة الظالمين والقتلة، جعلني أصرخ وأدعو المسلمين إلى أن يتحملوا واجباتهم ومسؤولياتهم، لأن مسؤوليتهم أمام الله كبيرة وعظيمة، وسوف يندمون حيث لا ينفع الندم.


وإذا كان منهم قلة قليلة مؤمنين أدوا واجبهم ولا يزالون وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الإيمان قد تغلغل في قلوبهم وفي أعماقهم وذكروا وتذكروا أنهم أمام مسؤولية قد أحاطت بهم وهم في الصراط المستقيم منذ نعومة أظافرهم، ونصرة المظلوم من أوجب واجباتهم، ودفع الظلم والبغي والعدوان هو نهجهم.
وقد كانت اليمن بقيادتها الشجاعة، وحزب الله في المقدمة، فلم تكن دعوة رسول الله لليمن والشام بالبركة من فراغ ولم يكن امتناعه عن الدعاء لنجد بالبركة من فراغ، بل لعلم علمه الله بأن نجد ستكون قرن الشيطان في تلك المرحلة وهذه المرحلة، قرن لرأس الشر والتطبيع مع اليهود.
وإني وإن كانت شمسي قد غربت ومعيني قد نضب وأصبح نظري إلى القبر أقرب منه إلى غيره، إلا أنني أخاف الله أن يسألني لماذا لا تذكر وتذكر ما ورد في القرآن العظيم؟ واقرأ سورة القمر تجد فيها من التخويف ما يهز عرش الرحمن.
الآية الأولى الـ(15) قال تعالى فيها(وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) في قضية نبي الله نوح -عليه السلام- وما حدث لقومه من العقوبة لجحودهم وظلمهم، وما أنجاه الله وأهله ومن معه من المؤمنين إلا ابنه الذي قال الله عنه ردا لنبي الله نوح عليه السلام (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) وفي هذا عبرة لمن اعتبر، فاللحاق بالآباء الصالحين لا يكون إلا لمن صلح من الأبناء وعلى الأبناء أن ينتبهوا أين يضعوا أقدامهم والأربع الآيات الأخرى رقم(17)، (22)، (32)، (40) بصيغة واحدة بقوله تعالى(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) والتكرار نفسه يهز مشاعر المؤمنين ويجعلهم يتذكروا ويذكروا ويعلموا علم اليقين أن الأمر جد، وعلى العالم الإسلامي أن يذكر ويتذكر ويعلم وإلا فقد أحاطت بهم خطيئتهم، ولله در من تذكر وعمل بما يرضي الله ورسوله، وطوبى لهم فقد كانوا عند حسن ظن الله بهم، وقد برز منهم في فلسطين وفي غزة بالذات ما يدل على توفيقهم وتذكرهم وقيامهم بواجبهم والآية السادسة في التذكير (51) ونصها في قوله تعالى (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) المشاركون في الشرك والكفر والبغي لن ينجو أو يفلت من عذاب الله أحد منهم، ومن سلك مسلكهم (فهل من مدكر)؟
وبقدر المكانة والإجلال والتقدير والاحترام للمؤمنين الذين يقومون بواجبهم فإن عليهم أن يذكروا دائما وأبدا أن الزلة التي تحدث منهم عن عمد أو جهل يجب أن يتنبهوا دائما وأبدا ويكونوا على حذر، فقد تجد مؤمنين في مستوى واحد من الإيمان وطموحهما وتفانيهما في رضا الله وفي دخول الجنة وقد تجد من الفتور في أحدهما دون مبرر، وقد يقع في خطأ خفيف.
فيجب على كل مؤمن أن يحسن الظن بأخيه المؤمن لكي لا يحصل شرخ بينهما ولا يتسرع فيما تحدث به نفسه من الوهم، والتوهم، والظنون المكذوبة.

وكم هي الآيات القرآنية التي حذرت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو رسول الله اختصه الله من بين البشر (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ) وكم هي الآيات الكثيرة في هذا الموضوع؟
فيجب ألا يعتقد المؤمن أنه منزه عن الخطأ وأنه لا ينطق عن الهوى فالذي لا ينطق عن الهوى هو القرآن والنبي الكريم والعصمة خاصة بالأنبياء والكمال المطلق لا يكون إلا لله، والنقص والضعف ملازم لكل إنسان مهما كان ذكاؤه ونبوغه، وعلى كل مؤمن أن يظل دائما وأبدا في خندق واحد وهو رضا الله وفي عصرنا هذا في خندق الجهاد وهو أفضل الخنادق.
وعلى المؤمن أن يحاول قدر الإمكان أن يضم إليه أكثر المؤمنين الصادقين ومن العلماء العاملين، وسوء الظن والوسوسة وحديث النفس المباين لأخلاق المؤمن يجب أن يضعها المؤمن تحت قدمه وإلا سوف يغرد وحده خارج السرب، ويتذكر قول الله تعالى: “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ” والمتلقيان هما الملكان في اليمين والشمال اللذان يسجلان كل صغيرة وكبيرة على الإنسان.
وأنا لا أتفق مع كل مؤمن يتهم أخاه المؤمن بشيء لا أصل له في الواقع، وأنا أشفق عليه أن يقع في خطأ وهو مؤمن.
فسلام على المؤمنين الذين استشهدوا في سبيل الله وصاروا ضيوفا عند أرحم الراحمين، وكم هو واجب رعاية عوائلهم، وهنيئا لمن كان حيا وهو مؤمن ومجاهد يدافع عن الدين والوطن وعن المظلومين وحياته كلها خير وبركة.
وأتمنى أن يكون قائد اليمن الولد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- هو من أشرنا إليه من النبل والفضيلة وأسأل الله أن يهدي المسلمين إلى أن يقوموا بواجبهم، فقد شرفهم الله بالإسلام ونبي الإسلام وبالقرآن العظيم وإلا فيا حسرتاه عليهم.
وتحية للمقاومة التي قاومت الطغيان والبغي والعدوان، وتحية للعاملين في التصنيع العسكري والجوي الذين رفعوا شأن اليمن وأسمعوا صوته في أنحاء العالم بعد أن كان نسيا منسيا، والفضل في ذلك كله يعود بعد الله تعالى للعاملين عليها وللقيادة الشجاعة.
نأمل من أصحاب الأموال والتجار أن يدعموا هذه الصناعة، وألا يبخلوا فتكون أموالهم عليهم حسرة.
والشكر والتقدير والاحترام للقوات البحرية التي قصمت ظهر البغي والعدوان، ولقد أنصفهم القائد العظيم بقوله: أنتم تاج على رأسي ونفسي لكم الفداء.
وأما الذين يقولون ولا يعملون فقد خابت آمالهم والعصر عصر عمل لا عصر قال ويقول.
انظروا إلى قائد اليمن لم يقل شيئا إلا وقد سبق فعله قوله أو يتبع فعله قوله، ويعجبني أبو عصام الذي يعمل بصمت فلله دره، ولا يعجبني من أنصار الله أو غيرهم من يساند الباطل ويتجاهل الفضلاء الذين لا يتسرب إليهم الشك.
والعاقبة للمتقين.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: انهيار الأخلاق هو السبب الرئيسي في زوال الأمم.. وهذا هو الحل

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي جمهورية مصر العربية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال كلمته في ندوة بالجامعة المصرية الروسية حول «أهمية الأخلاق في زمن التحديات والتهديدات المعاصرة» أن الحديث عن الأخلاق أصبح ضرورة ملحة في عصرنا الحاضر في ظل التحديات الكبرى التي تواجه المجتمعات، من هجمات فكرية، ومحاولات لطمس الهوية، تهدف إلى القضاء على القيم الأخلاقية التي تعد الركيزة الأساسية لحماية المجتمعات من التفكك والانهيار.

وأشار إلى أن الأخلاق هي جوهر الرسالات السماوية، وأساس استقامة المجتمعات، مستشهدًا بقول الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وهو وصفٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث لتتميم مكارم الأخلاق كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، مضيفًا أن جميع الرسالات السماوية اجتمعت على أصول العقائد والشرائع والأخلاق، ووردت في الكتب السماوية الوصايا العشر التي دعت إلى التوحيد، وحذرت من الخيانة وسوء الأخلاق، تطبيقًا لما جاء في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}.

مفتي الجمهورية

كما أوضح أن الأخلاق في الإسلام ترتبط بتحقيق المقاصد الشرعية الضرورية، التي تهدف إلى حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليبلغ بحسن خُلُقه درجة الصائم القائم»، وأكد أن الشريعة لا تقتصر على الضروريات، بل تشمل التحسينيات التي تضفي الكمال على حياة الإنسان، مثل العناية بالمظهر والجمال، كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال».

لقاء

وشدد المفتي على أن انهيار الأخلاق هو السبب الرئيسي في زوال الأمم، حيث قال الله تعالى عن قوم عاد: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}، ورتَّب على ذلك العقاب في الدنيا فضلا عن عقاب الآخرة فقال سبحانه: {فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ}، وقال تعالى عن قوم لوط: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ}.

مفتي الجمهورية

وأكد أن دار الإفتاء المصرية تضطلع بدور محوري في تعزيز القيم الأخلاقية داخل المجتمع، مستمدة رسالتها من تعاليم الشريعة الإسلامية التي تجعل الأخلاق أساس بناء الفرد والمجتمع، وتسعى الدار من خلال فتاواها ومبادراتها التوعوية إلى نشر ثقافة الالتزام بالقيم السامية، مثل الصدق والأمانة والإحسان والتسامح، وتقديم نماذج عملية تجسد الأخلاق في واقع الحياة. كما تعمل على مواجهة الظواهر السلبية التي تهدد تماسك المجتمع، وتحرص على تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تنال من القيم الإنسانية، وبهذا تؤكد دار الإفتاء أن الأخلاق ليست مجرد شعارات، بل هي ركيزة جوهرية لتحقيق السلم الاجتماعي وبناء الحضارات.

خلال ندوة اليوم

وفي رسالة وجهها إلى الطلاب، قال: «إذا أحسنتم قراءة الواقع بأدواته وظروفه، ستجدون أن الخير كل الخير يكمن في التمسك بالأخلاق، فالدين هو الخُلُق، ومن زاد عليكم في الخُلُق زاد عليكم في الدين». واستشهد بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا».

ندوة اليوم

وفي ختام الندوة، كرّم المفتي الطلاب المتميزين، معبرًا عن سعادته بحضور هذا اللقاء الذي تناول واحدة من أهم القضايا الإنسانية المرتبطة ببناء المجتمعات.

لقاء اليوم

وفي لفتة تقدير، قدم الدكتور شريف فخري، رئيس الجامعة المصرية الروسية، درع الجامعة للمفتي، تكريمًا لدوره الريادي في نشر القيم الإسلامية وترسيخ الأخلاق في المجتمع. وأعرب رئيس الجامعة عن فخره واعتزازه بحضور المفتي لهذه الندوة المهمة، التي سلطت الضوء على أهمية الأخلاق في بناء الإنسان والمجتمع.

جانب من التكريم

حضر اللقاء نخبة من الشخصيات البارزة، من بينهم الدكتورة هناء عبد الرحمن، مستشار رئيس الجامعة للأنشطة الطلابية، والدكتورة مكارم الغمري، عميد كلية الألسن، والدكتور محمد إيهاب أبو الفتوح، عميد كلية الصيدلة، والدكتور عز الدين أبو العز، عميد كلية الفنون التطبيقية، بالإضافة إلى عدد كبير من عمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس والطلاب، وسط أجواء اتسمت بالترحيب والحفاوة.

اقرأ أيضاًمفتي الديار الهندية يعزي شيخ الأزهر في وفاة شقيقته

مفتي الجمهورية ينعى شقيقة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب

مفتي الجمهورية من معهد أذربيجان للعلوم الدينية: «التشييد والبناء ليس مجرد عمل دنيوي»

مقالات مشابهة

  • أعر الله جمجمتك
  • السيد عبدُالملك.. قائدٌ لا يُشبِهُ إلا نفسَه
  • حكم سرقة وصلات الأطباق الفضائية المشفَّرة
  • بيان صادر عن ديوان البلاط السلطاني
  • دور العقل في الدين والإيمان ودعاء الحفظ من الفتن
  • مفتي الجمهورية: انهيار الأخلاق هو السبب الرئيسي في زوال الأمم.. وهذا هو الحل
  • أهمية الاستغفار في حياة المسلم
  • عبادة تُنير وجهك في الدنيا ويوم القيامة.. انتهز الفرصة
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 24-11-2024 في محافظة البحيرة
  • الاستغفار في الإسلام: مفتاح للمغفرة وزيادة الرزق