في حين لم يكن للهويّة حاجة ملحة ، ولم تكن مبتغىً للكشف والتصريح عن أدقّ تضاريسها ، كانت الرياح تهب ولا نعلم من أين وجهتها ،و كانت تمطر ونجهل هل سماء التي أمطرت أم أي أرض، حينها كان بامكان الكون كله الإختباء خلف أسم مستعار ، ومنح الصلاحية للكواكب بأن تناضل وتكشف المجهول ، تشن حروباً بلا جنود وبالفعل كان هناك انتصارًا لكنه لتحقيق التناقضات فقط ، فكان لتخفي دوافع خفية ، ووراء كل اسم مستعار قصص وحكايات ،
هكذا كنا بالأمس أما اليوم فليس هناك مجال للانزواء ، الجميع يلهث ليمتطي موجة الأضواء بوجوه مستعارة تبدأ بالتساقط في أول منعطف لنزاعات، واحداً تلو الآخر ،وينجلي ذلك القبح المندثر الذي كان يستوجب على صاحبه إخفاءه بقناع ،أو أن يواري قبحه بوجه مستعار ، بنقيض المخُفين لتوهجهم ، و الباحثين عن ظلام يقلل من إشعاعهم الذي تتوقد منه عين الشمس ، وظفوا النور حلاً لجميع مشاكل الظلام ، وعقدوا الهدنة بين الليل والنهار .
فنهج الاسم المستعار قديما، هو ذاته نهج الوجه المستعار حديثاً بفارق المسؤوليات والمسمّيات ، والأسباب والمسببات ، لكن يشترك أصحابها في الشعور بالنقص والدونية ، مايفسر صنيعهم بتزيف واقعهم فلا هم بالركب لحقوا ولا رضوا بواقعهم كالقابض بيده على الماء:
ومن يأمن الدنيا يكن مثل قابض
على ماء خانته فروج الأصابع
فعلاقاتهم الاجتماعية مبنية على التملُّق والنفاق ، والتلاعب بالآخرين ، دون مرعاة لمشاعرهم ، والتي بالمقابل تكون مشاعر محبة وصدق ، يغلّفها الإخلاص اللامتناهي، فالإفلاس الفكري الذي ينتهجونه في علاقاتهم ،والصفعات التي يتلقونها عندما يُكشف أمرهم ،تجعلهم في صراع دائم مع الذات ، و تفقدهم الثقة أكثر بأنفسهم ، ممّا يجعلهم يستمرون على المنوال نفسه ، و بالاستمرار في تبديل أقنعة مكرهم ، بأقنعة يتلوّنون فيها حسب المواقف والمصالح ومن ثم توقعهم في شر أعمالهم ، وتسفك علاقاتهم بالبشر .
أخيراً
عزاؤنا الوحيد أنه سيأتي اليوم الذي تسقط فيه جميع الأقنعة والوجوه المستعارة.
Wjn_alm@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
"وجوه منسية".. مشروع تخرج طلاب إعلام بنها لتسليط الضوء على أبطال الظل في المجتمع المصري
يواصل عدد من طلاب شعبة الصحافة بقسم الإعلام كلية الآداب – جامعة بنها، دفعة 2025، العمل على إعداد مجلة "وجوه منسية"، ضمن مشروعات تخرجهم لهذا العام، تحت الإشراف العام للدكتورة هبة الله محمود، مدرس الصحافة بالكلية، ورئاسة تحرير الطالب محمود أنور.
وتركز المجلة على تسليط الضوء على الفئات البسيطة والمهمشة في المجتمع المصري، مثل عمال النظافة والعمالة اليومية والحرفيين، عبر تحقيقات ميدانية وحوارات إنسانية تبرز جهودهم وتكشف عن معاناتهم اليومية.
وتتناول المجلة، من خلال تقارير ميدانية وحوارات حصرية، قصصًا ملهمة من قلب الشارع المصري، في محاولة لرد الاعتبار لهذه الفئات، وإبراز جهودهم التي لا غنى عنها في حياتنا اليومية.
ويضم فريق العمل الطلاب: أسماء محمود، محمد مرزوق، سامية محمد، أسماء عاطف، وسام سعيد، تسنيم عبد الحليم، ندا محمد، ندى أحمد، نرمين أشرف، إيمان كامل، ڤيرونيا باسم، سلمى أنور، لين عبد الله، إنجي محمد، مي محمد، جيهان محمد، وزياد عبد الحميد.
وأكد فريق التحرير أن العمل جارٍ على قدم وساق للانتهاء من كافة مواد المجلة، استعدادًا لعرضها ضمن مشروعات التخرج، معبرين عن سعادتهم بخوض هذه التجربة التي تربطهم بالشارع المصري الحقيقي.