الخليج الجديد:
2024-10-06@11:34:35 GMT

إيكواس وانقلاب النيجر.. تفاءلوا بحذر؟!

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

إيكواس وانقلاب النيجر.. تفاءلوا بحذر؟!

"إيكواس" وانقلاب النيجر.. تفاءلوا بحذر؟!

هل الصراع بين "الديمقراطيات" و"النظم الشمولية" الذي ترفع شعاره إدارة بايدن قد بدأ فعليًا في أفريقيا؟

دان القادة الأفارقة في قمة الاتحاد الأفريقي (أديس أبابا 2022)، ما اعتبروها "موجة" انقلابات عسكرية في القارّة.

انتقال روسيا والصين إلى السعي الخشن لتأمين بعض مصالحهما في العالم برعاية انقلابات عسكرية، يشكّل تحديًا خطيرًا لخطاب إدارة بايدن.

تغيّر مهم تصرّ عواصم عربية على التعامل معه بخليط من التجاهل والإنكار جادّ، ومن المحتمل أن يعيد "هندسة" اللعبة السياسية في أفريقيا.

عندما تعلن عدة دول مجاورة للنيجر، جميعها، تحكُمها سلطات انقلابية، أنها ستعدّ أي تدخل عسكري في النيجر عدوانًا عليها، فهذا اصطفافٌ بين النظم الانقلابية.

قرار إيكواس علامة على توجّه عالمي جديد فيما يتصل بـ"عسكرة السلطة" والاختباء وراء "سيادة الدولة" لتمرير سياساتٍ ستصبح بنهاية المطاف "محرّمات سياسية".

كانت "طلقة البداية" لمسار استحداث آلية تدخّل عسكري في دولة بمظلة إقليمية اقتراح إيغاد بالتدخّل العسكري في السودان لوقف الحرب بين الجيش ومليشيا الدعم السريع.

فكرة أن الانقلابات العسكرية لم تعد وسيلة مشروعة للوصول إلى السلطة، وأن النظم الديمقراطية أرقى من النظم الشمولية، إحدى المقولات الرئيسة في "الحرب الباردة الجديدة".

* * *

"إيكواس" هي "المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا". أصبحت فجأة نجمًا في سماء السياسة العالمية، إطارًا لمواجهة الانقلاب العسكري في النيجر. والقرار (غير المتوقّع) بالتدخل العسكري لإعادة الرئيس المنتخب إلى السلطة، حتى لو لم يُنفَّذ، فإنه يرقى إلى أن يكون سابقة تاريخية. ومن الحكمة أن يكون التفاؤل به حذرًا!

والتدخل العسكري في شؤون دولة "ذات سيادة" قضية تثير جدلًا وغبارًا كثيريْن منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. وحقبة تسعينيات القرن الماضي وحدها شهدت من المنعطفات المتّصلة بهذا الجدل أكثر من أية حقبة أخرى.

وبدأت الوقائع التي جعلت "سيادة الدولة" موضع جدل كبير بكوارث الحرب الأهلية في البلقان، حيث أدّى تَـفَـكُّـك يوغوسلافيا السابقة إلى حرب أهلية مروّعة استمرّت حتى قرب نهاية التسعينيات، وتذرّعت دول عديدة برفض "حقّ التدخل" رفضًا تامًا، ما ساعد صربيا على أن تحتمي بالسيادة، وهي تبيد مسلمي البوسنة. وفي النهاية، قاد تحالف أميركي/ بريطاني ضربة عسكرية أطلسية لوقف الحلقة الأخيرة من الحرب الأهلية في كوسوفو.

وخلال هذه السنوات العصيبة، بدأ مسار تدافع دولي حول "سيادة الدولة"، والسعي لوضع قيود عليها في المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان (فيينا 1993)، حيث سعت دول غربية، بقيادة أميركا، لإنشاء منصب "مفوضٍ سامٍ" لحقوق الإنسان، يملك سلطة تعلو على "سيادة الدولة".

ورغم أن تحالفًا من الأنظمة الشمولية، ضمنه كل الدول العربية تقريبًا، كان يملك أغلبيةً أجهضت الاقتراح الغربي، إلا أن العام التالي (1994) شهد صراعًا أهليًا مذهلًا في رواندا قُتِل فيه ثمانمائة ألف من المدنيين، فضلًا عن جرائم اغتصاب جماعي واسعة.

وفتحت هذه المذبحة باب نقاش واسع بشأن الدور الذي لعبه رفض "حقّ التدخل" في منع العالم من إنقاذ ضحايا "الهولوكوست الرواندي". وقبل نهاية تسعينيات القرن الماضي، كان نظام صدّام حسين قد استُهدَف بضربة عسكرية أميركية بريطانية (عملية "ثعلب الصحراء" 1998)، وبعدها فرضت الدولتان حظرًا جويًا في شمال العراق وجنوبه، كان سابقة تاريخية في العلاقات الدولية.

وبديهي أن "حقّ التدخّل" ليس فكرة رومانسية مثالية يمكن أن تحدُث بشكل "مُعَـقَّم" ملائكي، بل سيظلّ خاضعًا، ولو جزئيًا، لحسابات المصالح وتوازنات القوى. لكنه، رغم ذلك، يظلّ متغيرًا عالميًا، يمكن أن يُعيد تعريف الدولة وحدود سيادتها.

وفكرة التدخّل (تحت مظلة إقليمية ومن دون تفويض من الأمم المتحدة) لإعادة رئيسٍ مُنتخَب إلى السلطة في مواجهة انقلاب عسكري سيكون جزءًا من آليات الصراع بين الغرب والثنائي الروسي/الصيني.

وفكرة أن الانقلابات العسكرية لم تعد وسيلة مشروعة للوصول إلى السلطة، وأن النظم الديمقراطية أرقى من النظم الشمولية (عسكرية أو أيديولوجية)، إحدى المقولات الرئيسة في "الحرب الباردة الجديدة".

وفي تفاصيل ما حدث، في الوسع تقديم قائمة "مبرّرات" تتصل بمصالح قوى كبرى تبرّر قرار "إيكواس" باستخدام القوة العسكرية في مواجهة الانقلاب، كالنفوذ الفرنسي، والوجود الروسي، وخطر الإرهاب، ... وغيرها.

لكن القرار يظلّ علامة على توجّه عالمي جديد في ما يتصل بـ "عسكرة السلطة"، والاختباء وراء "سيادة الدولة" لتمرير سياساتٍ ستصبح، في نهاية المطاف "محرّمات سياسية".

ولن يحدُث التحول سريعًا، لكن انتقال روسيا والصين من التذرّع بـ "السيادة"، لحماية مصالحهما المباشرة، إلى السعي الخشن لتأمين بعض مصالحهما في العالم برعاية انقلابات عسكرية، يشكّل تحديًا خطيرًا لخطاب إدارة الرئيس الأميركي، بايدن، عن ضرورة حماية الديمقراطية في العالم.

كانت "طلقة البداية" في مسار استحداث آلية تدخّل عسكري في دولة تحت مظلة إقليمية اقتراح الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) بالتدخّل العسكري في السودان لوقف الحرب بين الجيش ومليشيا الدعم السريع، وقد دان القادة الأفارقة في قمة الاتحاد الأفريقي (أديس أبابا 2022)، ما اعتبروها "موجة" انقلابات عسكرية في القارّة.

وهذا التغيّر الذي تصرّ عواصم عربية على التعامل معه بخليط من التجاهل والإنكار جادّ، ومن المحتمل أن يعيد "هندسة" اللعبة السياسية في أفريقيا.

وعندما تعلن عدة دول مجاورة للنيجر، جميعها، تحكُمها سلطات انقلابية، أنها ستعدّ أي تدخل عسكري في النيجر عدوانًا عليها، فهذا اصطفافٌ بين النظم الانقلابية، يشير إلى أن الصراع بين "الديمقراطيات" و"النظم الشمولية" الذي ترفع شعاره إدارة بايدن قد يكون بدأ فعليًا في أفريقيا.

*ممدوح الشيخ كاتب وباحث مصري

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أفريقيا روسيا الصين إيغاد إيكواس النيجر انقلاب الديمقراطيات الحرب الأهلية إدارة بايدن الحرب الباردة الجديدة سیادة الدولة فی أفریقیا العسکری فی إلى السلطة ل عسکری فی ل العسکری

إقرأ أيضاً:

تفاصيل مكالمة وزير الخارجية بنظيره الفرنسي.. مصر ترفض انتهاك سيادة لبنان

أجرى د. بدر عبد العاطى، وزير الخارجية والهجرة، اليوم، اتصالاً هاتفياً مع "جان نويل بارو"، وزير خارجية فرنسا.

وصرح السفير/ تميم خلاف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن الوزير عبد العاطي تناول خلال الاتصال مستجدات الأوضاع في لبنان والمنطقة، مشدداً على ضرورة تحقيق وقف فوري لإطلاق النار وخفض التصعيد لاحتواء الموقف. 

وشدد الوزير عبد العاطي على رفض مصر الكامل لاي انتهاك يمس سلامة وسيادة لبنان على كامل أراضيه، وأهمية تقديم كافة أوجه الدعم الإنساني للشعب اللبناني، وتمكين الدولة اللبنانية بكافة مؤسساتها من القيام بواجباتها.

كما أكد السيد وزير الخارجية على أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١ بكافة عناصره من جانب كافة الأطراف دون انتقائية، وضرورة قيام المجتمع الدولي بالاضطلاع بدوره للتوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في لبنان وقطاع غزة، مشددا على خطورة التبعات الكارثية لاستمرار العدوان الإسرائيلي على السلم والأمن الإقليميين.

مقالات مشابهة

  • «معلومات الوزراء» يكشف مسببات التغير السريع في المناخ
  • كيف أخلت الدولة المصرية مستشفياتها لاستقبال جرحي أكتوبر قبل بدء الحرب؟
  • طائرة عسكرية تعيد 97 شخصًا من لبنان إلى كوريا الجنوبية
  • "البيجيدي": قرار المحكمة الأوربية ابتزاز سياسي وتدخل في سيادة المغرب
  • استعراضان لكتاب “مصر والصراع على السلطة منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الناصرية”
  • رموز سيادة مختلفون
  • تفاصيل مكالمة وزير الخارجية بنظيره الفرنسي.. مصر ترفض انتهاك سيادة لبنان
  • مفتي راشيا: لنزول النواب فوراً الى البرلمان
  • الإمارات: الحل يبدأ بوقف الحرب في غزة ولبنان
  • مدير كلية الطب العسكري: نحرص على التعليم والتدريب وتأهيل الخريجين وفقا لأحدث النظم