هدى أبـوطالب
بقلوبٍ موجوعةٍ لا تملك إلا ما تملكه من صوت الحق، لحظات من الألم وَالصوت المبحوح ولا حياة لمن تنادي في زمن الصمت والخنوع وأقلام حرة تنزف الدماء بدل الحبر لتكتب رسالة لحكام العرب والزعماء وحتى الشعوب العربية التي لم نشاهد لها انتفاضة مشرفة لنصرة الشعب الفلسطيني، أيها الخانعون يا من أصبحتم أذلة تحت من ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة أحفاد القردة والخنازير أقول لكم راجعوا إسلامكم قبل ضمائركم الميتة، ألدين تنتمون؟!
لقد تجردتم من إنسانيتكم، ماتت ضمائركم، ألم يأن الوقت أن تلين قلوبكم أم على القلوب أقفالها، صمٌّ بكمٌ عميٌ أمام تلك المجازر الوحشية وقتل إخواننا الأبرياء في فلسطين، لماذا لا تتحَرّك مشاعركم?
أفيقوا!
القدس إرثنا الديني وانتماؤنا الإسلامي الذي يعبر عن هُــوِيَّتنا الإيمانية، القدس ليست للفلسطينيين فقط بل للمسلمين عامة وللعرب خَاصَّة، القدس ملك لنا، واجب علينا الدفاع عن مورثنا الديني ومقدساتنا الإسلامية.
أذكركم بحادثة البرجين اللذين انهارا في نيويورك عام 2002م أقام الغرب الدنيا وأقعدوها، وآذوا المسلمين في بلادهم، وحاربوهم، واعتصموا وتوحدوا، مظاهرات ضد المسلمين في شوارع أمريكا وغيرها بأن الإسلام دين إرهاب ويجب محاربته كيف يجتمعون على باطل ضد الإسلام برغم أن أمريكا هي من كانت وراء ذلك المخطّط لتشويه الإسلام.
أما نحن -العربَ المسلمين- أساؤوا إلينا الغرب، سبوا نبينا محمد رسول الله -صلوات الله عليه وآله- وبالصور المسيئة أحرقوا كتاب الله وداسوه تحت أقدامهم تحت مرأى ومسمع، والآن غزة ورفح تباد والقدس يدنس من أكثر 75 سنة حرب، وقتل وتجويع، ومكة تحت الخطر وحول بيت الله الحرام الكعبة المشرفة يموت الحجاج بدون رعاية، لا خدمات تقام ولا اهتمام، وَالمهرجانات المجانة في أرض الحرمين الشريفين هوليود العصر لنشر الفساد، ويحظى المضلين والشاذين من الفنانين والمغنين بالعناية والاهتمام وتقدم لهم الخدمات والرفاهية، وَالعرب المسلمين نيام ويشاهدون ذلك ببرود وبشكل روتيني اعتادوا المشهد، خزي وعار عليكم وعلى شعوبكم الراقدة، أصبح الغرب هم من نراهم في شوارع بلدانهم يدافعون بضمير حي ويتحدثون عن الإنسانية! يؤسفني هذا المشهد لتنعكس الإنسانية للغرب وتتغير المواقف ويكون لهم شرف الدفاع عن مقدساتنا وعن الإنسان الفلسطيني المظلوم، ألا تشعرون بالخجل من أنفسكم، أما كان الأجدر بنا نحن من تتحَرّك فينا الإنسانية بل الغيرة والحمية، والله لو تحَرّكت ضمائركم واستشعرتم المسؤولية أمام الله وأمام ما يجري في فلسطين لما بقي لليهود أثر، خاصة إذَا تأملتم في واقع كتاب الله لوجدتم أن الله قد ضربهم بالذلة والمسكنة وقذف في قلوبهم الرعب وجعل قلوبهم شتى ويخافون حتى من كلمة الموت ويحبون الحياة، الله سبحانه وتعالى قد هيأ لنا الأمر وفتح لنا المجال لنجاهد ولا نخاف في الله لومة لائم، لو وثقتم بالله كما ينبغي وصدقتم بالوعود الإلهية بالغلبة والنصر لتمكّنتم من رقاب اليهود ليكونوا أذلة صاغرين تحت أقدامنا ولو تعلمنا من السنن الإلهية لانتصرنا لنقود العالم أجمع.
قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّـة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آَمَنَ أهل الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْـمُؤْمِنُونَ وَأكثرهُمُ الْفَاسِقُونَ).
وقال الله تعالى عن اليهود: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أين مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْـمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأنبياء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ).
كلّ ما يجري في الساحة الإسلامية من هيمنة الطاغوت والشيطان الأكبر هو عدم التولي لأولياء الله ومعادَاة أعداء الله.
ولن ترفع الأُمَّــة رأسها حتى ترفع اليد التي رفعها رسول الله -صلوات الله عليه وآله- يوم غدير خم فما نراه اليوم ومن لهم شرف الغلبة والتمكين هم فقط محور المقاومة، اليمن أولاً بقيادة أنصار الله وما يقدمونه من مواقف عظيمة، ويكفي ما نسمع من البيانات العسكرية التي يلقيها العميد المجاهد يحيى سريع، والتطور العسكري من الطيران المسيّر والصواريخ البالستية وآخرها الكشف عن نوع آخر صاروخ فرط صوتي جديد ونوعي، وكذلك العمليات العسكرية المشتركة بين اليمن والعراق، وما يقدمه حزب الله من عمليات عسكرية نوعية، وما تقدمه أَيْـضاً الجمهورية الإيرانية من عمليات عسكرية ودعم عسكري لنصرة المستضعفين في أي بلد عربي مسلم.
قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ).
أما الحكام والزعماء العرب لو أرادوا الخروج والجهاد وهم يمتلكون القوة العسكرية وغيرها ولديهم الإمْكَانيات لأعدوا، ولكن الله كره انبعاثهم فثبطهم وقيل لهم أقعدوا مع القاعدين، عقوبة سيئة دنيوية وعذاب الآخرة أعظم.
قال تعالى: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدين).
خذلان من الله لهم لخِذلانهم لولاية الله ورسوله والإمام علي ولأعلام الهدى من آل بيت رسول الله صلوات الله عليه آله.
فالنصرُ الموعود لن يتحقّق إلَّا على أيدي هؤلاء المؤمنين من تولوا الله ورسوله والإمام عليًّا ويستحقون بأن ينالوا رضوان الله والفوز في الدنيا والآخرة، ولهم شرف الفتح الموعود والجهاد المقدس.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: ن الله ب الله ل الله
إقرأ أيضاً:
حكم جعل القرآن الكريم أو الأذان نغمات للهاتف المحمول.. الإفتاء توضح
قالت دار الإفتاء المصرية، إن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى الذي أنزله على أفضل رسله وخير خلقه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أُمِرنا باحترامه وتعظيمه وحسن التعامل معه بطريقة تختلف عن تعاملنا مع غيره، فلا يمس المصحف إلا طاهر من الحدثين الأكبر والأصغر كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 77-79].
وأضافت دار الإفتاء المصرية، في فتواها المنشورة عبر موقعها الإلكتروني، أنَّه لا يجوز وضع شيء من الكتب على المصحف؛ لأنه يعلو ولا يُعلَى عليه، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه، ولذلك فليس من اللائق ولا من كمال الأدب معه أن نجعله مكان رنَّة الهاتف المحمول؛ لأنَّ له من القدسية والتعظيم ما ينأى به عن مثل ذلك: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].
هل تأخير إخراج الزكاة يبطل ثواب صيام رمضان؟.. الإفتاء تجيب
صيام الست من شوال وإهداء ثوابه إلى الميت.. دار الإفتاء توضح الحكم
حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم.. الإفتاء توضح
هل الزواج في شهر شوال مكروه؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل
وأكدت الإفتاء، أن وضع آيات القرآن مكان رنات المحمول فيه عبث بقدسية القرآن الكريم الذي أنزله الله للذكر والتعبد بتلاوته، وليس لاستخدامه في أمور تحطُّ من شأن آيات القرآن الكريم، وتخرجها من إطارها الشرعي، فنحن مأمورون بتدبر آياته، وفهم المعاني التي تدل عليها ألفاظه، ومثل هذا الاستخدام فيه نقلٌ له من هذه الدلالة الشرعية إلى دلالة أخرى وضعية على حدوث مكالمة ما، مما يصرف الإنسان عن تدبره إلى الاهتمام بالرد على المكالمة، إضافةً إلى ما قد يؤدي إليه من قطع للآية وبتر للمعنى -بل وقلب له أحيانًا- عند إيقاف القراءة للرد على الهاتف.
وتابعت "كذلك الحال في الأذان لا يليق به أن يُجعَل رنَّةً للهاتف المحمول؛ لأنَّه شُرِع للإعلام بدخول وقت الصلاة، وفِي وضعه في رنَّة المَحمول إحداث للَّبس وإيهام بدخول الوقت، كما أن فيه استخدامًا له في غير موضعه اللائق به، ويمكن للإنسان أن يعتاض عن ذلك -لو أراد- بأناشيد إسلامية أو مدائح نبوية تتناسب مع قِصَر رنَّة الهاتف، أمَّا كلام الله تعالى فله قدسيته وتعامله الخاص اللائق به".
وأما عن قراءة القرآن الكريم أو الاستماع لتلاوته، فقالت دار الإفتاء، إن كليهما عبادة من أفضل العبادات، والسنة النبوية عامرة بالنصوص المؤكِّدة لفضلهما وثوابهما: ففي خصوص قراءته جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» رواه الترمذي.
وأوضحت أنه بخصوص الاستماع إليه جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ، وَمَنْ تَلَاهَا كانت لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الإمام أحمد.
وتابعت "حث الله تعالى عباده المؤمنين على الاستماع إلى القرآن الكريم والإنصات له، فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، فالله عز وجل أرشد المؤمنين به المصدقين بكتابه إلى أن يصغوا وينصتوا إلى القرآن إذا قرئ عليهم؛ ليتفهموه ويعقلوه ويعتبروا بمواعظه؛ إذ يكون ذلك سبيلًا لرحمة الله تعالى بهم.
وقال الإمام الطبري في تفسيره "جامع البيان" (10/ 658، ط. دار هجر): [يقول تعالى ذكره للمؤمنين به المصدقين بكتابه الذين القرآن لهم هدى ورحمة: ﴿وَإِذَا قُرِئَ﴾ عليكم أيها المؤمنون، ﴿الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾، يقول: أصغوا له سمعكم لتتفهموا آياته، وتعتبروا بمواعظه، وأنصتوا إليه لتعقلوه وتتدبروه، ولا تلغوا فيه فلا تعقلوه، ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ يقول: ليرحمكم ربكم باتعاظكم بمواعظه، واعتباركم بعبره، واستعمالكم ما بينه لكم ربكم من فرائضه في آيه] اهـ.
وقال الإمام الليث: [يُقال: ما الرحمة إلى أحدٍ بأسرع منها إلى مستمع القرآن؛ لقول الله جل ذكره: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، و"لعل" من الله واجبةٌ] اهـ. يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للإمام القرطبي (9/1، ط. دار الكتب المصرية).
استماع النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ لتلاوة القرآن من غيرهكان النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ يحب أن يستمع لتلاوة القرآن من غيره، وهذا مما يؤكِّد سنية الاستماع والإصغاء لتلاوة القرآن الكريم واستحبابه؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قالَ: قال لي النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِن غَيرِي، فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾، قالَ: أمْسِكْ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ» أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري.
قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (10/ 277، ط. مكتبة الرشد): [«إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» معنى استماعه القرآن من غيره -والله أعلم- ليكون عرض القرآن سنة، ويحتمل أن يكون كي يتدبره ويفهمه، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر، ونفسُه أخلى وأنشط من نفس القارئ؛ لأنه في شغل بالقراءة وأحكامها] اهـ.
وقال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (6/ 88، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي حديث ابن مسعود هذا فوائد، منها: استحباب استماع القراءة والإصغاء لها، والبكاء عندها، وتدبرها، واستحباب طلب القراءة من غيره ليستمع له، وهو أبلغ في التفهم والتدبر من قراءته بنفسه، وفيه تواضع أهل العلم والفضل ولو مع أتباعهم] اهـ.