اعتداءات على سوريين في قيصري التركية وتبعاتها تمتد إلى شمالي سوريا
تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT
قيصري/شمالي سوريا- ليلة صعبة عاشها السوريون في ولاية قيصري وسط تركيا، مساء أمس الأحد، بعد اندلاع أعمال شغب وسلسلة اعتداءات وتدمير وإحراق جماعي استهدفت ممتلكات سوريين، على خلفية انتشار فيديو يظهر "تعدي شاب سوري الجنسية على طفلة تبلغ من العمر 5 سنوات".
ومع تداول الفيديو على منصات التواصل وانتشار الأخبار المغلوطة والمحرضة ضد اللاجئين، هاجم العشرات من الشبان الأتراك ممتلكات السوريين.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة عمليات حرق محال تجارية وهجمات استهدفت سيارات سوريين، ورمي البيوت بالحجارة وتكسير زجاج النوافذ.
مواقف رسميةونشرت حاكمة ولاية قيصري بيانا قالت فيه إنه "في 30 يونيو/حزيران الجاري، في منطقة دانشمنت غازي بولايتنا، تحرش شخص سوري بطفلة سورية صغيرة. وجرى اعتقال المتهم من قبل وحدات الأمن، ووُضعت الطفلة تحت الحماية من قبل الجهات المختصة".
وأكدت الولاية أنها تتابع الموضوع بعناية فائقة، ودعت المواطنين إلى التحلي بالهدوء وعدم الانخراط في أي أعمال غير مصرح بها من قبل السلطات الرسمية.
ورغم تأكيد البيان أن "المتهم والطفلة هما أقرباء من أصحاب الجنسية السورية، وبدء تداول معلومات حول معاناة المتهم من اضطرابات عقلية"، لم يعط منفذو الهجوم أهمية لهذه التفاصيل. واستمروا في أعمال الشغب والتخريب.
وفي ظل تفاقم الوضع، اضطر مدير شرطة قيصري، أتانور أيدين، إلى مطالبة المواطنين بالعودة إلى منازلهم، متوعدا بترحيل المتهم وأسرته من تركيا، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث.
وذكرت وسائل إعلام تركية أن أحداث الشغب في ولاية قيصري أسفرت عن إصابة 14 ضابط شرطة ورجل إطفاء. وقالت وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية التركية، إن فرق مديرية الولاية اتخذت الإجراءات اللازمة فور إبلاغ وحدات الشرطة بالحادثة.
وأضافت أنه "تم وضع الطفلة الضحية وإخوتها ووالدتها تحت حماية الدولة بعد الإجراءات في مركز الشرطة، وقد بدأت فرق الخبراء لدينا عملية دعم نفسي واجتماعي للطفلة وعائلتها".
من جهته، أدان وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، عبر منصة إكس، الاعتداءات التي وقعت على ممتلكات السوريين في حي دانشمنت غازي في منطقة مليك غازي بمدينة قيصري. وأوضح أنه تم، مساء أمس، القبض على شخص سوري يدعى (إ.أ) من قبل مواطنين بعد اتهامه بالتحرش بطفلة سورية من أقاربه، وتم تسليمه إلى قوات الأمن. وأنه تم فتح تحقيق فوري في الحادثة.
وأشار إلى أنه على الرغم من هذا الإجراء، تجمّع عدد من المواطنين في المنطقة وارتكبوا "أعمالا غير قانونية لا تتماشى مع القيم الإنسانية، حيث دمروا ممتلكات تعود لسوريين، بما في ذلك منازل ومحلات وسيارات". وخلال تدخل قوات الأمن لفض هذه الأعمال، تم اعتقال 67 شخصا، وتفرق التجمع بعد الساعة الثانية فجرا.
إجراءات قانونيةوأفاد مصدر في وزارة الداخلية التركية للجزيرة نت، بأن الأجهزة الأمنية باشرت باتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحق المتورطين في أعمال العنف والشغب التي اندلعت ليلة أمس في قيصري.
وأوضح أنه تم إعداد تقارير من قبل قسم الجرائم الإلكترونية في مديرية الأمن بشأن الوقائع، وأنه تم فتح تحقيقات ضد الأفراد الذين نشروا منشورات استفزازية على وسائل التواصل المختلفة، وذلك لتحريضهم على العنف وتأجيج الفتنة.
وأكد المصدر ذاته أن السلطات التركية ستواصل محاسبة كل من يثبت تورطه في هذه الأعمال غير القانونية، في إطار سعيها للحفاظ على الأمن والنظام العام.
وفي السياق، ندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الاثنين، في كلمة خلال الاجتماع التشاوري مع الإدارات المحلية لحزب العدالة والتنمية في أنقرة بالحادثة. وقال إن "الخطاب المسموم للمعارضة" هو أحد الأسباب وراء أحداث العنف التي استهدفت لاجئين سوريين في قيصري، ولا يمكن تحقيق أي هدف من خلال تأجيج معاداة الأجانب وكراهية اللاجئين في المجتمع".
في منشور آخر على منصة إكس، قال وزير الداخلية التركي إن نحو 343 ألف منشور حول الحادثة تم تداولها على المنصة من حوالي 79 ألف حساب. وكشف أن التحقيقات أظهرت أن 37% من الحسابات التي نشرت تلك المنشورات هي آلية (روبوت)، وأن 68% من المنشورات كانت تهدف إلى التحريض ونشر الكراهية.
وأضاف أن السلطات فتحت تحقيقات مع 63 حسابا، وتمت إحالة 10 منها إلى النيابة العامة، فيما لا تزال الإجراءات مستمرة بحق البقية.
خطابات عنصريةيرى الباحث السياسي، جوكهان يلمازلار، أن الحادثة الأخيرة في قيصري جاءت نتيجة خطابات "عنصرية مكثفة" تم توجيهها في الفترات الماضية.
وأضاف للجزيرة نت، أنه قبل شهر فقط وقعت حادثة مشابهة قام بها مواطن تركي، لكنهم لم يشهدوا ردود فعل مشابهة لما حدث الآن. ونوّه يلمازلار إلى "خطورة تأثير حزب الظفر التركي المعادي للاجئين"، وفق قوله.
وأكد أن بعض المقربين من الحزب واجهوا اتهامات بالتضليل وإثارة الفتنة ضد اللاجئين خلال الأشهر الماضية. وشدد على ضرورة التصدي لهذه الخطابات العنصرية التي تؤجج الكراهية وتعرض السلم المجتمعي للخطر.
وأضاف يلمازلار، أن الأحداث الحاصلة تأتي بعد يومين فقط من تصريحات الرئيس التركي حول استعداده للقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد واستعادة العلاقات مع سوريا، وهو ما يعني "وجود جهات قلقة من هذه الخطوة".
لم تنتظر أحزاب المعارضة في تركيا طويلا حتى بدأت بالتحريض على اللاجئين السوريين وتحميل أردوغان مسؤولية أعمال العنف الحاصلة "بسبب السياسة التي تتبعها الحكومة في استيعاب اللاجئين".
وفي تعليق لافت، طالب نائب زعيم حزب الحركة القومية التركي إسماعيل أوزدمير، بترحيل السوريين، وقال "نتوقع أن يتم تأمين عودة كريمة لضيوفنا السوريين إلى بلادهم في أقرب وقت ممكن، من أجل سلامة تركيا وأمنها".
وقال رئيس بلدية بولو، تانجو أوزجان المعروف بعدائه للاجئين عبر منصة إكس: "لقد أدى النضال الذي أخوضه منذ سنوات إلى نتائج في بولو. ولكن الإرادة التي تحكم بلادنا لم تتوقف عن إرسال اللاجئين، الحكومة المخطئة والمعارضة الصامتة يجب أن تتحدثا عن هذا الموضوع دون تأخير".
بدوره، قال رئيس حزب الجيد المعارض مساوات درويش أوغلو إنهم حذروا الحكومة عدة مرات لتجنب الوضع الذي حدث في قيصري، وإنهم أكدوا أن قضية اللاجئين تشكل "تهديدا وجوديا للأمن القومي ومستقبل تركيا والأمة التركية".
غضب الشمال السوريفي المقابل، شهدت مناطق ريف حلب الشمالي، بما في ذلك مدن الباب وإعزاز وعفرين، مظاهرات غاضبة تنديدا بالاعتداءات التي تعرض لها سوريون في مدينة قيصري.
وقام المتظاهرون بإنزال العلم التركي ورفع أعلام الثورة السورية على المباني الحكومية التي يديرها موظفون أتراك، مما أدى إلى إصابة بعض الموظفين الأتراك وتدمير ممتلكات ومبانٍ حكومية وخدمية.
وفي معبر باب السلامة، الذي يربط مدينة إعزاز بتركيا، تحولت الاحتجاجات إلى أعمال عنف، حيث هاجم المحتجون سيارات الشحن التركية وكسروا بعضها، ومنعوا دخولها إلى الأراضي السورية. وأدى ذلك إلى اشتباكات بين الجانبين، أسفرت عن مقتل طفل وإصابة آخرين من الأتراك والسوريين، واعتقال الأتراك شابين سوريين بعد إصابتهما.
امتدت الاحتجاجات شرقا إلى مدينة جرابلس، حيث شهد المعبر توترا تحول إلى اشتباكات، مما دفع الموظفين والعاملين الأتراك في المعبر والمشفى إلى المغادرة باتجاه الأراضي التركية.
إلى الغرب من إعزاز، شهدت مدينة عفرين أيضا مظاهرات عنيفة وهجوما على المباني الحكومية واعتداءات على الموظفين الأتراك. وتطورت الأحداث إلى اشتباكات، أسفرت عن مقتل شاب سوري وإصابة آخرين برصاص الشرطة التركية.
وفي إدلب، هاجم شبان نقاط الجيش التركي في قرى الأتارب والأبزمو وتقاد، وأنزلوا الأعلام التركية وخربوا السواتر المحيطة، واعتدوا على المصفحات العسكرية.
كما توقفت معظم شبكات الإنترنت التركية في شمالي سوريا، مما زاد من صعوبة تواصل السكان الذين يعتمدون عليها في ظل انقطاع شبكات الهواتف الأرضية والخلوية التي تعمل بمناطق سيطرة النظام عن الشمال السوري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی قیصری من قبل أنه تم
إقرأ أيضاً:
السيد القائد: اعتداءات العدو الإسرائيلي في لبنان كبيرة وانتهاكاته جسيمة والمسؤولية الآن تقع على عاتق الدولة
يمانيون/ خاص
وأوضح السيد القائد أن العدو الإسرائيلي استمر هذا الأسبوع بالقصف الجوي والاغتيالات في لبنان وأن الشهداء يرتقون بشكل شبه يومي، فاعتداءات العدو الإسرائيلي في جنوب لبنان تستمر بالقصف على القرى والتمشيط الناري وجرف الطرق ومنع أي عودة للحياة.
وأكد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في كلمه له اليوم الخميس، حول آخر مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية، أن العدو الإسرائيلي يستهدف المنازل والجوانب الخدمية في جنوب لبنان كما يستهدف المدنيين أثناء عملهم في الأراضي الزراعية، ولم يكتف العدو الإسرائيلي بالاعتداءات في القرى الحدودية في الجنوب بل وسع عدوانه باتجاه العمق اللبناني.
ولفت قائد الثورة إلى أن حزب الله كسر العدو الإسرائيلي في كل مراحل الصراع منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 82 وحتى التحرير عام 2000 وفي حرب تموز 2006م، فالعدو الإسرائيلي وقف عاجزا على أعتاب القرى الحدودية اللبنانية لما يقارب الشهرين دون تحقيق تقدم أو اختراق فعلي وحزب الله حينما أتى اتفاق وقف إطلاق النار التزم ونفذ كل ما عليه بينما العدو الإسرائيلي لم يخرق الاتفاق فقط بل بما هو أكثر من الخرق.
وشدد السيد عبدالملك على أن اعتداءات العدو الإسرائيلي في لبنان كبيرة وانتهاكات جسيمة ولذلك المسؤولية الآن تقع على عاتق الدولة اللبنانية، وينبغي أن يكون كل الجهد اللبناني على المستوى الرسمي والشعبي هو الضغط على العدو الإسرائيلي لتنفيذ ما عليه في الاتفاق.
وشدد السيد القائد على أنه لا ينبغي لا على المستوى الرسمي في لبنان ولا لأي جهة أن توجه أي كلمة إساءة ضد حزب الله، فليس هناك أي التزامات لم يفِ بها حزب الله فيما يتعلق بالاتفاق، وحينما يتجه البعض في لبنان وينطقون بنفس منطق العدو الإسرائيلي ضد حزب الله فهذا خيانة للبنان وعمل يخدم العدو الصهيوني.
لافتاً إلى أن الأولويات في لبنان هي السعي للضغط على العدو الإسرائيلي بتنفيذ ما عليه في الاتفاق والتوجه الجاد لإعادة الإعمار، و تبني المنطق الإسرائيلي في لبنان خطأ فادح وخيانة للبلد.
وأكد قائد الثورة أن الأمريكي يسعى في لبنان إلى إثارة البلبلة عبر بعض المكونات وحرف مسار الأولويات لدى الجانب الحكومي، والهدف الأمريكي في لبنان أن يتبنى الجميع الموقف الإسرائيلي والعمل لخدمته مع التفريط في شعبهم وسيادة بلدهم ومصالحهم، كما يسعى العدو الإسرائيلي لتجريد لبنان من أهم عناصر القوة، لأن المقاومة هي عامل الردع الحقيقي والتاريخ يشهد بذلك، وينبغي أن تحظى المقاومة في لبنان بالاحتضان والمساندة الشعبية، كما ينبغي ألا يصغي الشعب اللبناني إلى الأبواق التي تردد المطالب العدوانية الصهيونية.
وفيما يتعلق بسوريا أوضح السيد القائد أن ما يقوم به العدو الإسرائيلي في سوريا من اقتحامات لبعض المناطق واعتقالات هي استباحة وعدوان بكل ما تعنيه الكلمة، فوضعية المواطنين السوريين في بعض مناطق الجنوب سيئة مع تحكم العدو الإسرائيلي في حركتهم. لافتا إلى أن ما يقوم به العدو الإسرائيلي في سوريا بدعم أمريكي يأتي في إطار المشروع الصهيوني للتوسع والهيمنة .
وأكد أن على الأمة الإسلامية مسؤولية دينية وأخلاقية وإنسانية وباعتبار مصالحها وأمنها أن تواجه المشروع الصهيوني، فصمت الأمة وتخاذلها وتفرجها ساعد على تشجيع العدو الإسرائيلي في كل ما يفعله، مؤكدا أن حالة الخنوع تجاه العدو الإسرائيلي بكل ما هو عليه من حقد وأطماع ليس من مصلحة أحد.
وشدد السيد على أن العدو الإسرائيلي لا يُقدر من يخنعون له ومن يوالونه ويتجهون إلى تبني أطروحاته، والعدو الإسرائيلي لا يقدر أحدا من أبناء أمتنا مهما قدم له من خدمات، ولو كان الخنوع للعدو مجديا لحصل ذلك مع سوريا وقد تعاملت الجماعات المسلحة مع العدو بإيجابية.
ولفت إلى أن خيار الموالاة للعدو يخدم العدو ويدمر الأمة، وهو يسهم في تمكين الأعداء أكثر فأكثر، وخيار الاستسلام للعدو انتحاري ومدمر وكارثي يجعل الأمة تخسر كل شيء وفي الوقت نفسه تتلقى عقوبة كبيرة من الله.
وأشار إلى أن الأمة لديها مقومات كبيرة وعوامل مساعدة تشجعها على المواجهة للعدو لو امتلكت النظرة الصحيحة لكن هناك حالة عمى بشكل رهيب ومخيف في واقع الأمة.
وأكد حجم الصمود الفلسطيني في قطاع غزة من العوامل المساعدة المشجعة لتنهض الأمة بمسؤوليتها فالصمود الفلسطيني في قطاع غزة لأكثر من عام ونصف بهذا المستوى من الاستبسال والثبات والتضحية هو حجة على هذه الأمة فلم يسبق أن كان هناك صمود بمستوى الصمود الفلسطيني في غزة في مقابل إبادة جماعية، تدمير شامل، هجمة عدوانية.