أرجع محللان سياسيان أسباب الجدل الذي أعقب قرار إفراج إسرائيل عن مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة الدكتور محمد أبو سلمية إلى محاولة إلقاء الشقين السياسي والعسكري تهمة الإخفاق على الآخر، فضلا عن الحساسية الكبيرة تجاه أي قرار يخص الحرب.

وفي هذا السياق، يقول الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى إن هناك محاولة من حكومة بنيامين نتنياهو لإلقاء تهمة الإخفاق على الأجهزة الأمنية والعسكرية في كل ما يجري، مشيرا إلى أن الأخيرة كانت تحظى بمكانة عالية في إسرائيل ولكن الهجوم عليها صدمها وفاجأها.

ووصف مصطفى -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أداء حكومة نتنياهو بأنه ضعيف وفاشل وأنها تعيش تخبطا وفوضى بداخلها، مشيرا إلى أن كل وزير يعمل حسب مصالحه لا وفق المسؤولية الجماعية، لكنه استدرك بالقول إنها متماسكة خشية انهيارها.

وأضاف أن بعض المقدسات الأمنية الإسرائيلية التي كان لديها حصانة وقداسة عالية تفككت وتصدعت، وهو أمر غير مسبوق، في إشارة إلى جهاز الشاباك الذي كان يحظى بتقدير واسع في المؤسسات الإسرائيلية، لافتا إلى أن قرار الإفراج عن أبو سلمية يخص عادة الجهاز الأمني لا السياسي.

وكانت القناة الـ12 الإسرائيلية قد نقلت عن مكتب نتنياهو أن رئيس الوزراء غاضب لأنه علم هو ووزير الدفاع يوآف غالانت من وسائل الإعلام بإطلاق سراح أبو سلمية وغيره من الأسرى، في حين قالت هيئة البث الإسرائيلية إن نتنياهو أمر بفتح تحقيق فوري في الإفراج عن سجناء فلسطينيين من غزة.

بدوره، أفاد جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" بأن الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء تم بسبب الاكتظاظ في السجون، مشيرا إلى أنه حذر من ذلك لفترة طويلة، بينما أكدت مصلحة السجون الإسرائيلية أن قرار الإفراج صدر عن الجيش والشاباك ولم يتم بسبب الاكتظاظ بالسجون.

ونبه مصطفى إلى أن حرب غزة أخرجت إلى السطح عمق الانقسام والشرخ داخل إسرائيل حول أهداف الحرب وغيرها، مستدلا بتصريحات غالانت الذي أشار إلى أن الجيش يحتاج إلى 10 آلاف جندي بشكل فوري، في رسالة إلى ضرورة تجنيد اليهود الحريديم.

حساسية كبيرة

بدوره، قال الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد إن إسرائيل باتت لديها حساسية كبيرة تجاه أي قرار مثل الهدنة التكتيكية التي أعلنها الجيش سابقا وقرار الإفراج عن أبو سلمية.

وبذلك فإن هذه القرارات تشكل حساسية كبرى داخل إسرائيل، وتضعها على صفيح ساخن بسبب حدة الاحتراب الداخلي -وفق زياد- الذى قال إن ذلك يدفع نتنياهو ووزيريه المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش لإغلاق كافة مسارات إنهاء الحرب.

وأشار إلى أن أي خلاف داخلي في صفوف إسرائيل يزيدها تشرذما ويشكل نقطة ارتياح للمقاومة، مضيفا أنه في حال فشل جيش نظامي في تحويل إنجازاته التكتيكية إلى مكاسب إستراتيجية أمام تنظيمات مسلحة فإن هذه الإنجازات مهددة بالتبدد وتحولها لهزيمة إستراتيجية.

وبشأن أوضاع الأسرى الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، قال مصطفى إن النقاش غائب داخل إسرائيل حول الانتهاكات المروعة بحق الأسرى الفلسطينيين داخل السجون، مؤكدا أن ما يجري يمكن وصفه بـ"نزع أنسنة الإنسان الفلسطيني".

وحول توقعاته للمشهد السياسي في إسرائيل، يرى مصطفى أن المعارضة لن تستطيع إسقاط حكومة نتنياهو ولا مستقبل لأي تمرد داخل حزب الليكود، متوقعا أن يقدم نتنياهو على حل الكنيست وتقديم الانتخابات لمصلحته لأنه يمتلك قدرة كبيرة على المناورة السياسية.

من جانبه، وصف زياد إسرائيل بأنها مجتمع مرضي سادي، وتصريحات قادتها لا تخاطب أي منطق أو إنسانية في ظل ممارسة أبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي بحق المعتقلين.

في الجهة المقابلة، يؤكد الباحث في الشأن الإستراتيجي أن أبرز ميزات المقاومة الفلسطينية قدرتها على التكيف وإعادة صفوفها بشكل خارق وفق معطيات الميدان ومسار القتال، "لذلك أي حرب استنزاف فإن الخسارة مؤكدة للجيش النظامي"، لكنه توقع في الوقت نفسه استمرار انغلاق الأفق السياسي بسبب تعنت نتنياهو، مؤكدا أن لا صفقة تبادل تلوح.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قرار الإفراج داخل إسرائیل الإفراج عن أبو سلمیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

حضور عربي غير مسبوق في مجمع الكرادلة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تتجه الأنظار عالميًا نحو الدولة الصغيرة المستقلة الواقعة في قلب العاصمة الإيطالية روما، حيث تستعد الكنيسة الكاثوليكية لانتخاب خليفة جديد للبابا فرنسيس، الذي توفي عن عمر يناهز 88 عامًا. وبهذا تدخل الكنيسة مرحلة “الكرسي الشاغر”، وهي فترة مؤقتة يتم فيها تسيير شؤون الفاتيكان من قبل الكاردينال الأمريكي الإيرلندي كيفن فاريل بصفته “الكاميرلنغو”.


 

تستمر هذه المرحلة عادة ما بين 15 و20 يومًا، وخلالها تُعقد اجتماعات داخلية تحت إشراف لجنة مكونة من أربعة كرادلة لمعالجة الأمور الطارئة، بينما يجتمع مجمع الكرادلة خلف أبواب مغلقة في كنيسة سيستينا. يمنع خلال هذه الفترة استخدام أي وسائل اتصال حديثة لضمان سرية العملية بالكامل.


 

وبينما ينتظر الملايين حول العالم لحظة تصاعد الدخان الأبيض، الذي يشير إلى نجاح انتخاب البابا الجديد، برزت أسماء عربية بين المرشحين، وهو ما قد يشكل سابقة تاريخية ويؤسس لحقبة جديدة في قيادة الكنيسة الكاثوليكية.


 

حضور عربي غير مسبوق في مجمع الكرادلة


 

لطالما كانت قيادة الفاتيكان محصورة في الأسماء الأوروبية، باستثناء حالات نادرة، أبرزها البابا القادم من الأرجنتين. لكن التوجه نحو الانفتاح الثقافي والديني الذي اتسم به عهد البابا الراحل قد يكون فرصة لإعادة النظر في تلك الأعراف غير المكتوبة.


 

ويأتي بروز الكرادلة العرب في هذا المجمع ليعكس حضورًا لافتًا لدور الكنائس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لا سيما في مجالات الحوار الديني ومواجهة التحديات السياسية والاجتماعية. ومن أبرز الأسماء المطروحة:

الكاردينال لويس رفائيل ساكو (العراق - 75 عامًا)
بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، ويُعرف بمواقفه الثابتة في الدفاع عن المسيحيين العراقيين وتعزيز التعايش الديني. يمتلك شبكة علاقات قوية داخل الفاتيكان وخبرة دبلوماسية طويلة تعزز فرصه.

 

الكاردينال جان-بول فاسكو (الجزائر - 63 عامًا)
رئيس أساقفة الجزائر، برز بدعواته المتكررة لتعميق الحوار الإسلامي المسيحي في المنطقة المغاربية وأوروبا، وله مكانة مرموقة داخل الكنيسة

الكاردينال ستيفن أوميو مارتن مُلّا (جنوب السودان - 61 عامًا)
رغم انتمائه الجغرافي الإفريقي، فإن قربه من العالم العربي وخدمته الطويلة في المنطقة أكسبته أهمية رمزية خاصة.

الكاردينال  دومينيك جوزيف ماثيو (إيران - 61 عامًا)
فرنسي الجنسية، لكن تجربته الطويلة في إيران جعلته من أبرز وجوه الحوار بين الأديان، ما يمنحه بعدًا عالميًا وثقافيًا فريدًا.

 

وإلى جانب المرشحين الفاعلين، هناك شخصيات عربية بارزة تجاوزت السن القانوني للانتخاب (80 عامًا)، إلا أن لها تأثيرًا روحيًا ومعنويًا كبيرًا، مثل: بشارة بطرس الراعي (لبنان - 85 عامًا)
بطريرك الموارنة وصوت مؤثر في قضايا المنطقة، خاصة لبنان و غابرييل زوبير واكو (السودان - 84 عامًا) أول كاردينال سوداني، يُعد رمزًا لصمود الكنيسة في وجه الأزمات.
 

الترشيحات تثير اهتمامًا سياسيًا

حظي ترشيح الكاردينال ساكو تحديدًا باهتمام واسع في الأوساط السياسية، خاصة في العراق، حيث عبّر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن دعمه له باعتباره ممثلًا عن العراق في لحظة تاريخية، وأشاد بدوره في تعزيز الوحدة والدفاع عن الأقليات.
 

كيف يُنتخب البابا؟
 

يشارك في المجمع الانتخابي 135 كاردينالًا ممن تقل أعمارهم عن 80 عامًا، ويقيمون داخل بيت القديسة مرتا بالفاتيكان. تُفتتح المراسم بقداس صباحي، ثم يُنقل الكرادلة إلى كنيسة سيستينا، حيث تُغلق الأبواب وتُعزل الأجواء عن العالم الخارجي.

 

تُجرى أربع جولات تصويت يوميًا، ويشترط حصول المرشح على ثلثي الأصوات للفوز. وعند كل جولة، يتم حرق أوراق الاقتراع؛ إذا كان الدخان أسود فهذا يعني فشل التصويت، أما الأبيض فيعلن اختيار البابا الجديد.

 

وبعد انتخابه، يُسأل المرشح عما إذا كان يقبل المهمة والاسم الذي سيُعرف به، ليُعلن بعد ذلك للعالم بعبارة: “لدينا بابا”، ويُطل على الجماهير من شرفة كاتدرائية القديس بطرس ليمنحهم البركة الأولى.
 

بابا عربي.. احتمال يفتح أبواب التاريخ


 

رغم هيمنة الأسماء الأوروبية والأميركية اللاتينية، فإن ترشيح أسماء عربية قوية يحمل دلالات رمزية لتحول عميق داخل الكنيسة الكاثوليكية، ما قد يفتح الباب مستقبلًا أمام انتخاب بابا من خارج الإطار التقليدي، وربما من قلب الشرق الأوسط.

مقالات مشابهة

  • حضور عربي غير مسبوق في مجمع الكرادلة
  • بحضور النائب مصطفى بكري.. محافظ الأقصر يضع حجر أساس مجمع مصر العليا التعليمي
  • محللان: غالانت متواطئ في الكذب وأدرك أن نتنياهو يشكل خطرا على إسرائيل
  • مدير جامعة بحري يدشّن استئناف العمل الإداري رسمياً بمقر الجامعة بالكدرو
  • الغارديان تثير جدلا واسعا بعد وصفها السيسي بـالرئيس المؤقت (شاهد)
  • المعارضة الإسرائيلية: نتنياهو خطر على أمن البلاد ويجب أن يرحل
  • صور توثق جرائم مقاتل بصفوف الأسد تشعل جدلا واسعا بعد إطلاق سراحه
  • نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين: الانقسام داخل حكومة نتنياهو يهدد استقرار إسرائيل
  • رئيس الشاباك في مواجهة نتنياهو .. خلاف خطير داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية
  • عودة الرهائن ليست الهدف الأهم.. سموتريش يثير جدلا في إسرائيل بتصريح حول غزة