تقارير شركتي التدقيق KPMG و Oliver Wyman: ميزانية مصرف لبنان تخفيالخسائر
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
كتبت" الاخبار": ما ورد في تقريرَي KPMG وOliver Wyman اللتين كلّفتهما حكومة الرئيس حسان دياب بالتدقيق في ميزانية مصرف لبنان في منتصف عام 2020، يوثّق ممارسات وسلوك مصرف لبنان في «تزوير» وضعيته المالية التي جرى التدقيق فيها حتى آذار 2021. فرغم أن غالبية بنود الميزانية لم تُحتسب وفقاً لمعايير المحاسبة الدولية، إلا أن بعضها الآخر كان مطابقاً لهذه المعايير، أي أنه كان يعتمد معايير مزدوجة وانتقائية قبل الأزمة وبعدها، ما أتاح له إخفاء الحجم الهائل من الخسائر، ولا سيما الخسائر بالعملة الأجنبية.
من أصل 16 بنداً على جانب الأصول في ميزانية مصرف لبنان، سجّل KPMG، ثمانية اختلافات أساسية عن معايير المحاسبة الدولية. الاختلافات الثلاثة تتعلق بتسجيل القيود بقيمها الاسمية وليس بقيمها الفعلية. وهذا يشمل، سندات الخزينة بالليرة وبالعملة الأجنبية (يوروبوندز)، والأصول المدعومة وخطوط الائتمان، والقروض والتسهيلات والاستثمارات. رغم ذلك، سُجّلت قيود أخرى مثل النقد، والذهب، وسكّ العملة، وعقود إعادة الشراء وشهادات الإيداع، بالقيمة الفعلية. هذه المعايير المزدوجة تنطبق أيضاً على جانب الالتزامات في الميزانية، إذ سُجّلت مثلاً ودائع القطاع العام بالكلفة الفعلية بينما سُجّلت ودائع المصارف بالقيمة الاسمية. وكذلك بالنسبة إلى استثمارات مصرف لبنان المسجّلة بالقيمة الاسمية.
في الواقع، لم يشر التقرير إلى أن محاسبة المصارف المركزية مماثلة لمحاسبة سائر المؤسسات المالية بل أقرّ بأن معايير المحاسبة الدولية ليست مصمّمة قياساً على نشاطات المصارف المركزية، إلا أنه تطرّق بوضوح إلى ازدواجية المعايير في ميزانية واحدة، وهو أمر كافٍ لإثارة الشكوك في عملية تسجيل الأرقام والهدف منها، وخصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بميزانية مصرف لبنان المسؤول عن السياسة النقدية والمصرفية. ففي النتيجة، تبيّن أن بعض العمليات المتعلقة بالسياسة النقدية تضمّنت فوائد إضافية بمصلحة الطرف المقابل بنحو 3% و4%، وبالتالي فإن استحقاقات بعض هذه العمليات، ولا سيما المسجّلة في بند «ودائع المصارف والمؤسسات المالية»، تنطوي على أثر كبير بالنسبة إلى وضعية مصرف لبنان المالية.
في الخلاصة، يشير التقرير إلى أن «غالبية البنود التي لا تتعلق بالسياسة النقدية سُجّلت بالقيمة الفعلية» خلافاً للبنود الأخرى التي سُجّلت بالقيمة الاسمية. وهنا تبدأ نتائج ازدواجية المعايير بالظهور. فبحسب المعيار المحاسبي الرقم 21: «عندما تظهر أسعار صرف متعدّدة، يُستخدم سعر الصرف في تاريخ تحديد القيمة القابلة للتحقّق. السعر المستخدم عادة هو سعر الإقفال». ويضيف التقرير: «في 31 كانون الأول 2018، كانت قيمة الأصول الصافية بالعملة الأجنبية لمصرف لبنان سالبة بقيمة 15.43 مليار دولار، وهناك جدل مع الحكومة اللبنانية حول قيمة استحقاقات ديون مترتّبة عليها لمصلحة المصرف بقيمة 13.5 مليار دولار (مصرف لبنان سجّل هذا الأمر ديناً على الحكومة بالدولار ومع تعديل سعر الصرف إلى 15 ألف ليرة مقابل الدولار سجّل ديناً إضافياً على الحكومة بالعملة الأجنبية)، وما إذا كانت تستحق بالليرة أو بالدولار (وهو ما يمكن أن تنتج منه زيادة في الأصول السالبة). وقد أُبلغنا أنه منذ ذلك الوقت ازدادت القيم السلبية للأصول بالعملة الأجنبية. ويعني سعر الصرف الجديد للعملة الأجنبية انعكاساً أكبر على الوضعية المالية».
ويرجّح تقرير Oliver Wyman أن يكون مصرف لبنان بحاجة إلى إعادة رسملة، إذ إن سياسة تثبيت العملة التي نفّذها كبّدته خسائر، وأصبحت أصوله سلبية بحسب معايير المحاسبة التقليدية «وستكون هذه الخسائر أكبر مع انحراف سعر الصرف عن مسار التثبيت أكثر». أيضاً تبيّن لمعدّي التقرير أن مصرف لبنان انحرف عن المعايير المحاسبة الدولية من أجل «التعامل مع الوضع الصعب»، وهو ما دفع مصرف لبنان إلى «تجنّب إعادة الرسملة نظراً إلى العجز المالي المستمرّ للحكومة، وارتفاع نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي، وقلق مصرف لبنان بشأن التعقيدات السياسية لإعادة الرسملة المحتملة». ورغم وجود معايير موحّدة للمصارف المركزية حول العالم، إلا أنه في الممارسات التي تتبناها البنوك المركزية البارزة مثل البنك المركزي الأوروبي (ECB)، وبنك إنكلترا (BoE)، أو الولايات المتحدة (الولايات المتحدة) نظام الاحتياطي الفيدرالي (Fed)، ليس من غير المألوف إلا يتم الاعتراف بالخسائر المؤقتة. لذا، فإن الفرق في سعر الصرف المعتمد رسمياً، وسعر الصرف الفعلي في السوق أو سعر السوق المستقبلي «يضعف بشكل دائم من قدرة دائني مصرف لبنان على الوفاء بالتزاماتهم المتعلقة بالعملات الأجنبية مع الأطراف المقابلة الأخرى. وصافي وضعية مصرف لبنان بالعملات الأجنبية هو سلبي ولا سيما عند مقارنة الأصول والالتزامات بالقيمة الاسمية، وأي انخفاض إضافي في قيمة الأصول، سيجعل ذلك أسوأ». ومصرف لبنان راكم الخسائر في بند الأصول الأخرى، أي تعامل معها باعتبارها «مؤجّلة، حتى لا تؤثّر على أصوله، وبالتالي تجنّب إعادة الرسملة القسرية». لذا، فإن ميزانية مصرف لبنان الحالية (حتى نهاية آذار 2021) «لا تعكس المركز المالي الفعلي لمصرف لبنان».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بالعملة الأجنبیة سعر الصرف
إقرأ أيضاً:
ما هي الرسائل السياسية التي تحملها زيارة الرئيس اللبناني إلى السعودية اليوم؟
يزور رئيس الجمهورية جوزف عون اليوم المملكة العربية السعودية في أول زيارة خارجية له، لذلك تحمل معاني الزيارة رمزية محددة حيث تنطلق صفحة جديدة من العلاقات اللبنانية-السعودية، منهية مرحلة من الجفاء السعودي تجاه لبنان لأسباب باتت معروفة.
واستبق الرئيس عون الزيارة بتصريحات لافتة حيث أعلن عن ضرورة توطيد العلاقات العربية الداخلية وعدم إيذاء أية دولة لأي من أشقائها العرب.
والأكثر من ذلك أن الرئيس عون عبّر بلغة لبنان الجديد والذي تريد الدول العربية ودول العالم سماع اللغة الجديدة للمسؤولين اللبنانيين ليس فقط تجاههم. بل أيضاً في ما خص الوضع اللبناني الداخلي وسيادة لبنان الفعلية على كامل الأراضي وبسط سلطة الدولة وتنفيذ القرارات الدولية والقيام بالإصلاحات اللازمة ومحاربة الفساد. مشيراً إلى أن قرار السلم والحرب هو في يد الدولة.
ثم في عدم استعداد لبنان لأن يتحمل النزاعات الخارجية على أرضه. كما أن اللغة الجديدة تتحدث عن دور الجيش اللبناني في حماية لبنان واللبنانيين، وفي وضع حد للسلاح غير الشرعي، تحت عنوان حصرية السلاح في يد الدولة وحدها.
المملكة والدول العربية، والمجتمع الدولي يريدون تنفيذاً فعلياً للمقومات التي يبنى عليها لبنان الجديد بعد انتخاب الرئيس في التاسع من كانون الثاني الماضي.
وتؤكد مصادر قصر بعبدا ل”صوت بيروت انترناشونال”، أن الرئيس عون سيعبر عن شكره للمملكة للدور الذي قامت به في لبنان ولمساعدته على انجاز استحقاقاته الدستورية وتقديره لوقوف السعودية الدائم إلى جانب لبنان والشعب اللبناني.
وأشارت المصادر، أن الزيارة ستبلور صفحة جديدة من عودة لبنان إلى أشقائه العرب، لا سيما إلى السعودية، وعودته إلى الحضن العربي، على أن تستكمل تفاصيل متعلقة بالاتفاقيات الثنائية وتوقيعها بعد شهر رمضان المبارك. وبالتالي، لن يكون هناك وفداً وزارياً يرافق الرئيس في الزيارة لتوقيع اتفاقيات. إنما الزيارة تحمل في طياتها رسالة شكر وتقدير واستعادة لهذه العلاقات التاريخية، وإعادة فتح القنوات على كافة المستويات.
إذاً، اللغة الجديدة للمسؤولين اللبنانيين لم تكن لتحصل لولا التغييرات الزلزالية التي أدت إلى انهيار المنظومة الإيرانية-السورية. وفي ظل ذلك شاركت دول الخليج الولايات المتحدة وفرنسا في صياغة الوضع اللبناني والذي يؤمل حسب المصادر باستكماله بتطبيق القرارات الدولية، وإصلاح الدولة والقضاء على الفساد. كلها على سبيل الشروط لمساعدة لبنان. مع أن إسرائيل حالياً باستمرارها بالخروقات تلعب دوراً سلبياً بالنسبة إلى انطلاقة العهد. وهناك انتظار لردة الفعل السعودية على الزيارة، وللمواقف التي ستطلقها خلالها.
وينتقل الرئيس عون إلى القاهرة للمشاركة في القمة العربية الاستثنائية لمناقشة الوضع الفلسطيني. وسيعبر عن الثوابت اللبنانية وعن الإجماع العربي حول ذلك.
موقف لبنان ملتزم مع العرب ومع جامعة الدول العربية، أي حل القضية الفلسطينية وفق مبدأ الدولتين، وعلى أساس المبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت العربية في العام 2002.
وأوضحت المصادر، أن اتصالات عربية رفيعة المستوى تجرى لحصول موقف موحد يخرج عن القمة