تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
إنه الصيف يا سادة، ثقيل بشدة حرارته بعد أن أصبح التغير المناخي يجلب طقسًا أكثر تطرّفٍ في كل موسم جديد.
إن موجات الحر تشكل خطرا متزايدا على صحة الإنسان والحيوان والطبيعة وأصبحت أكثر تواترًا وشدةً وأطول مدةً، وستستمر على هذا النحو في جميع السيناريوهات المناخية المحتملة وفقًا للدوائر العلمية المعنية بالمناخ والطقس، منها خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي.
وقد سبق أن أشارت "كوبرنيكوس" إلى أن عام 2023 كان العام الأكثر سخونة على الإطلاق خلال الفترة الممتدة من عام 1850 حتى 2023، حيث اقتربت درجات الحرارة من الارتفاع الحرج بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، وتوقعت استمرار هذا الارتفاع أيضا خلال الصيف الحالي والأعوام المقبلة. وحذرت من وقوع أضرار لا يمكن إصلاحها على كوكب الأرض.
للأسف التحذيرات متكررة ومن جهات عديدة لكن لا حياة لمن تنادي، وقادة الكوكب هم أنفسهم مدمرو الكوكب، بينما تستمر هذه التحديات المناخية في فرض ضغوط بشكل متزايد على السكان والاقتصاد والطبيعة ناهيك عن الصحة، حيث ظهور أمراض مرتبطة بتغيرات الطقس مثل الحساسية والفيروسات والفطريات والحمى، إضافة إلى عودة محتملة لأمراض حسبناها قد انقرضت.
الأمر جدي وأصبح في منتهى الخطورة وقد تتجاوز أيام الحرارة الشديدة 60 يومًا صيفيًا وتكون خلالها الأجواء مهددة لصحة الإنسان؛ وهذا يعني ارتفاعًا محتملًا في حالات المرضى ودخول المستشفيات، نتيجة الجفاف أو ضربة الشمس، خاصة بين كبار السن والأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة، ما لم يتم اتخاذ تدابير كافية للحماية. ولعل مرضى القلب والضغط والأوعية الدموية والجهاز التنفسي هم الأكثر عرضة لمخاطر شدة الحرارة ولمسنا ذلك واقعيًا خلال موسم حج 2024.
كل هذه الحالات غير الاعتيادية تحتاج إلى مزيد من الإحاطات الإعلامية مزودة بنصائح الخبراء والأطباء، وما يمكن أن نتوقعه في المستقبل من تبني سياسات للتكيف المناخي وفقًا للتوجيهات العلمية، خاصة وأننا لسنا مستعدين بعدُ للتعامل مع هذه التحديات، ونحتاج على وجه السرعة للتعرف على أفضل الممارسات من جميع أنحاء العالم لرفع مستوى الوعي بين كافة شرائح المجتمع وصناع القرار بكيفية التصدي لتغير المناخ ودعم الجهود لوضع أفضل التدابير للتخفيف من الآثار الناجمة عن الاحتباس الحراري، وتحسين جودة الحياة في ظل هذه الظروف التي تحتاج أن نواجهها ونتأقلمَ معها بحرص ووعي بأبعاد القضية.
وقد لاحظ كل من غطى مؤتمرات المناخ السابقة، خاصة الأخيريْن في شرم الشيخ والإمارات، كيف كان الصراع محتدًا بين الدول النامية والمنظمات البيئية من جهة والدول الكبرى من جهة أخرى والتي تتقاعس وتتلكأ عن تخصيص تمويلات لصندوق مجابهة الأضرار.
ورغم كون معظم الدول الكبرى لديها سياسات خاصة بها للتكيف واستراتيجيات صحية وطنية لمواجهة تأثيرات الحرارة على مجتمعاتها، إلا أن الدول النامية والفقيرة، ومعظمها ضحايا لعدة عقود جراء صناعات الدول الكبرى والانبعاثات الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، لم تستفد حتى الآن من الدعم المطلوب للتكيف المناخي.
ولا حلول الآن إلا المزيد من الضغط الدولي على هذه الدول الكبرى حتى تفي بوعودها تجاه الكرة الأرضية التي عانت طويلا من استغلالها وتدميرها ومن طرف الدول الكبرى قبل غيرها؛ وهي بذلك إذا استجابت وتدخلت فسوف تنقذ شعوبها قبل الشعوب الأخرى التي لا يقام لها حساب يذكر!
وحتى يتحقق ذلك، مطلوب الآن جهد إضافي من غرف الرصد المبكّر المحلية حتى تعطي توجيهات مسبقة ليتم اتخاذ الإجراءات الوقائية والحد من الأضرار والخسائر.
وفي مجال الزراعة التي تؤمّنُ غذاء الناس فهناك حاجة ماسة للتكيف، ويمكن للمزارعين الحد من الآثار الضارة الناجمة عن المخاطر المتعلقة بدرجات الحرارة والجفاف من خلال تكييف أصناف المحاصيل وتغيير مواعيد الزراعة وتغيير أنماط الري. وبدون مزيد من التكيف، من المتوقع أن تنخفض المحاصيل وعائداتها على الفلاح في المستقبل، الذي يعد أضعف حلقة في هذه الكوارث.
أما وقد أصبحت شدة الحرارة أمرًا ليس بشاذٍّ وجزءا من اتجاه طويل المدى، فإن علينا كدولة ومجتمع أن نستعد أكثر فأكثر وأن يكون هذا الملف على قائمة أولوياتنا خلال السنوات العشر المقبلة، وأن نعتمد على ذاتنا في ظل التمويل الدولي الشحيح. ولا أدري هل نحن في مستوى هذه التحديات الجسيمة، وسط تراكم الملفات الساخنة بسبب الصراع المحتدم في المنطقة؛ فأينما نولي وجوهنا هناك خطر داهم يهدد الحياة ويغلق أبواب الأمل!
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الصيف ضيف ثقيل التغير المناخي موجات الحر الدول الکبرى
إقرأ أيضاً:
من الأسد إلى الجولاني.. إرث ثقيل وأزمات تعصف بالمشهد السوري
قال الكاتب والباحث السياسي راجان مينون إن انهيار نظام الأسد يمثل لحظة محورية في التاريخ السوري، فبعد حكم دام أكثر من 5 عقود، تفككت أسرة الأسد في غضون 10 أيام، وانتهى البعث، وبرز اسم أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، كزعيم فعلي جديد لسوريا.
الفوضى في سوريا قد تخلف عواقب بعيدة المدى منها عودة الإرهاب
وفي حين أن هذا الانتصار كان بعيد الاحتمال بالنسبة للجولاني، فإنه يؤذن أيضاً بتحديات هائلة حيث يطالب السوريون بالعدالة والحكم الرشيد والتعافي الاقتصادي.
التحديات الفوريةوأضاف الكاتب في مقاله بموقع "أنهيرد" البريطاني": "يرث الجولاني أمة ممزقة ذات تاريخ طويل من القمع في ظل حكم الأسد. وكسب الشرعية يتطلب منه أن يقطع الصلة مع الماضي من خلال تفكيك جهاز الأمن القمعي للأسد ومقاضاة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ومحاسبة ميليشيات الشبيحة سيئة السمعة على فظائعها، وإصلاح القوانين السورية وبناء قضاء موثوق لتحقيق العدالة.
أسماء الأسد تبدأ معركة قانونية للانفصال عن بشار - موقع 24بدأت أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري السابق بشار الأسد معركة قانونية بمساندة من والدتها للانفصال عن زوجها والرحيل عن موسكو إلى المملكة المتحدة، التي تحمل جنسيتها، بسبب الاستياء الذي تشعر به، والحاجة إلى متابعة دقيقة مع أطباء متميزين لعلاجها من سرطان الدم.ومن الأمور الملحة تبديد مخاوف المجتمع السوري المتعدد الثقافات، وسيواجه الاعتدال السياسي الذي أعلنه الجولاني أجواء التشكيك، حيث يشتبه الكثيرون في أنه يمارس تحولاً تكتيكياً وليس تحولاً حقيقياً. وسيكون إثبات التزامه بالتسامح والشمول ضرورياً للاستقرار السياسي.
إحياء الاقتصاد السوري المدمروأشار الكاتب إلى أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عاماً مذهلة، حيث انخفض نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي من 3000 دولار في عام 2011 إلى 421 دولاراً في عام 2021، وهو انخفاض بنسبة 86٪. بلغ حجم التضخم 93٪ في عام 2023، ويجتاح الفقر الآن 69٪ من السكان.
كما خلفت الحرب أكثر من 13 مليون سوري نازح داخلياً أو كلاجئين في الخارج، مما زاد من تعقيد التعافي الاقتصادي.
ودعا رئيس الوزراء المؤقت محمد البشير اللاجئين إلى العودة والمساعدة في إعادة بناء البلاد، لكن هذا يتطلب موارد كبيرة لإعادة التوطين.
الأمم المتحدة تطلب الإذن لبدء تحقيق حول "فظائع" في سوريا - موقع 24أعلن رئيس محققي الأمم المتحدة بشأن سوريا، الذين يعملون على جمع أدلة عن الفظائع المرتكبة في البلاد، الأحد، في دمشق، أنّه طلب الإذن من السلطات الجديدة لبدء عمل ميداني.ويجب توفير السكن والغذاء والخدمات الأساسية لإعادة دمج السكان النازحين. ومع ذلك، مع انهيار الاقتصاد السوري والإيرادات المحدودة من الضرائب، فإن تلبية هذه الاحتياجات ستكون مهمة شاقة،بحسب الكاتب.
النفط والحكم الذاتي الكردييمكن أن تلعب احتياطيات النفط السورية، التي أنتجت ذات يوم 387000 برميل يومياً، دوراً في التعافي. ومع ذلك، فإن غالبية هذه الموارد تقع في الشمال الشرقي، الذي تسيطر عليه الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد لشمال وشرق سوريا، بقيادة مظلوم عبدي من قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من القوات الأمريكية.
Syria lost its sovereignty, and foreign investors will likely take over the economy and influence Damascus's future domestic and foreign policies. @Judgenap pic.twitter.com/nJ6z1UItAX
— Kevork Almassian???????????????? (@KevorkAlmassian) December 17, 2024واقترح الجولاني تسوية سياسية جديدة تمنح الحكم الذاتي الإقليمي، مما يشير إلى استعداده لتقاسم عائدات النفط مع الأكراد.
وأعرب عبدي بدوره عن انفتاحه على التعاون، مؤكداً على الوحدة تحت راية سوريا ما بعد الأسد.
ومع ذلك، يواجه هذا الاتفاق المحتمل عقبة رئيسية هي تركيا.
النفوذ والمقاومة المتزايدة لتركياوقال الكاتب إن تركيا تنظر إلى "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) باعتبارها امتداداً "لحزب العمال الكردستاني"، وهي الجماعة التي تعتبرها منظمة إرهابية. وقد غزا أردوغان مراراً وتكراراً المناطق التي يسكنها الأكراد، مما أدى إلى تهجير المجتمعات المحلية وتعزيز نفوذ تركيا.
الشرع يلتقي وزير الخارجية التركي في دمشق - موقع 24التقى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، اليوم الأحد، في دمشق قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، وفق ما أعلنت وزارته.وقد يؤدي موقف أردوغان إلى إحباط أي اتفاق بين الجولاني وعبدي. وقد يتفاقم الوضع إذا سحبت الولايات المتحدة قواتها من سوريا. وقد يجد الجولاني نفسه بعد ذلك منحازاً إلى الأكراد ضد المطالب التركية المتزايدة، وهو ما قد يزيد من تعقيد استقرار سوريا الهش.
التوترات مع إسرائيلومع تقدم قوات الجولاني في سوريا وسقوط الأسد، زادت إسرائيل من أنشطتها في سوريا، واحتلت أجزاء من المنطقة منزوعة السلاح التي تحرسها الأمم المتحدة خارج مرتفعات الجولان وشنت مئات الغارات الجوية ضد الأصول العسكرية للأسد.
ودعا الجولاني إلى انسحاب إسرائيلي وانتقد الهجمات باعتبارها تصعيداً غير مبرر.
ومع ذلك، فهو يدرك ضعف سوريا الحالي ويعطي الأولوية لإعادة الإعمار الاقتصادي والدبلوماسية على المواجهة.
The mass distribution of weapons by terrorists among the population and youth in Damascus could lead Syria to a fate worse than Libya. Over time, it will become clear that mercenaries cannot bring peace and security to the country.
The future of Syria can already be guessed from… pic.twitter.com/TB5xgjNqec
وأدت الضربات الإسرائيلية إلى تدمير ما يصل إلى 80% من القدرات العسكرية السورية، مما أدى إلى الحد من موارد هيئة تحرير الشام للحكم والدفاع الوطني.
وقد ناشد الجولاني رفع العقوبات الغربية، بحجة أنها تضر بالسوريين العاديين وليس نخبة الأسد. ومع ذلك، يظل الغرب حذراً، ويشترط تخفيف العقوبات على ممارسات هيئة تحرير الشام في الحكم وجهودها لمكافحة الإرهاب.
الدور الروسي والإيرانيوأوضح الكاتب أن روسيا وإيران، الحليفتان الأكثر ثباتاً للأسد، عانتا من انتكاسات كبيرة لكنهما تظلان من الجهات الفاعلة الرئيسية في سوريا ما بعد الأسد.
سقط الأسد واختفت فصائل المعارضة..سكان جنوب سوريا في مواجهة التوغل الإسرائيلي - موقع 24في قرية بمحافظة القنيطرة في جنوب سوريا، يواجه السكان قوات إسرائيلية استغلت التغيير السياسي والميداني في دمشق للتوغل في المنطقة العازلة ومواقع مجاورة، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة.ويبدو أن روسيا تركز على الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية، مثل الحفاظ على قاعدتها الجوية في حميميم وقاعدتها البحرية في طرطوس. ويشير هذا النهج البراغماتي إلى أن موسكو قد تتجنب الإجراءات التي قد تزعزع استقرار الحكومة الجديدة.
وعلى النقيض من ذلك، فقدت إيران نفوذاً كبيراً مع سقوط الأسد. كما ضعف حليفها حزب الله، وخسر طرق إمداد حيوية من إيران. ومع ذلك، قد تسعى إيران إلى استعادة موطئ قدمها من خلال دعم جماعات المعارضة إذا تعثرت هيئة تحرير الشام في الحكم.
مخاطر التدخل الأجنبيوقال الكاتب إن الأهمية الاستراتيجية لسوريا تضمن لها بقاءها كساحة معركة للقوى الخارجية. فالولايات المتحدة وتركيا وروسيا وإيران وإسرائيل كلها لديها مصالح متنافسة، وقد يؤدي تدخلها إلى تفاقم عدم الاستقرار في سوريا. والتدخل الأجنبي، وخاصة تسليح الوكلاء المحليين، يهدد بإعادة إشعال الصراع وتقويض جهود هيئة تحرير الشام في الحكم.
مع تغير ميزان القوى في سوريا.. الجماعات الكردية في موقف دفاعي - موقع 24تقف الفصائل الكردية الرئيسية في سوريا في موقف دفاعي بينما تسعى للحفاظ على مكاسب سياسية حققتها خلال الحرب على مدى 13 عاماً، وذلك مع حشد جماعات معادية مدعومة من تركيا ضدها في شمال سوريا وسيطرة جماعة صديقة لأنقرة على دمشق.وأوضح الكاتب أن الفوضى في سوريا قد تخلف عواقب بعيدة المدى منها عودة الإرهاب، أو زيادة الإتجار بالمخدرات، أو موجة أخرى من اللاجئين إلى البلدان المجاورة وخارجها.
ومع ذلك، لا يقدم التاريخ سوى القليل من الأمل في أن يعطي اللاعبون الخارجيون الأولوية لاستقرار سوريا على أجنداتهم الخاصة.