محمد مغربي يكتب: ثورة اصطناعية لذوي الهمم (2)
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
في الجزء الأول من هذا المقال، استعرضنا كيف مرّ ذوي الهمم بمراحل مختلفة عبر التاريخ، بداية من اعتبارهم عبء على أي دولة ويجب التخلّص منهم، ووصولًا إلى تحديد أيام عالمية للاحتفاء بهم، وتخصيص خطط بعينها من أجل دمجهم في المجتمع وتيسير حياتهم اليومية، ولم يكن هناك أكبر من الذكاء الاصطناعي الذي أحدث ثورة حقيقية باختراعات ونماذج سهّلت الكثير على هؤلاء في مهامهم اليومية، بل وساعدتهم أن يحلموا أكثر دون التفكير في أي عائق قد يعيقهم.
وفي الجزء الثاني، نستكمل تلك الثورة، لنعرف كيف أثر الـ AI في حياة أصحاب الاحتياجات الخاصة، وكما وفّر لأصحاب الإعاقات البصرية والسمعية الكثير من الأدوات التي تسّهل عليهم حياتهم، فاليوم نوضح كيف ساعد أصحاب ذوي الإعاقة الحركية، وذلك من خلال الروبوتات التي باتت بإمكانها فعل الكثير من الروتين اليومي لأي إنسان مثل الطهي والتنظيف وما إلى ذلك، ما يعني أن ذوي الهمم لم يعدوا في حاجة أن يعانوا كثيرًا لإنجاز تلك الأمور الصغيرة.
الروبوتات لم تتوقف عند هذا الحد فقط، بل بات هناك أنواع قادرة على إرشاد أصحاب الإعاقة البصرية على التنقل في البيئات المختلفة دون الاصطدام بأي شيء أو الحاجة إلى شخص يتحمل عناء اصطحابهم إلى أي مكان.
ومن الروبوتات إلى الأطراف الصناعية، يستكمل الذكاء الاصطناعي ثورته، إذ تمكّن الـ AI من تطوير الأطراف الصناعية باستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد ما وفّر تحكم أفضل وحركة أكثر طبيعية بجانب تجارب تدريبية أكثر فعالية للمستخدمين من خلال الواقع الافتراضي والمعزز "VR" و"AR".
ولأننا في عالم الهاتف المحمول والتكنولوجيا الرقمية، ولا يمكن الاستغناء عنهما، دخل الذكاء الاصطناعي هذا القطاع أيضًا من أجل دمج أفضل لذوي الهمم، فباتت هناك تطبيقات المساعدة مثل ترجمة لغة الإشارة وتطبيقات التنقل للمكفوفين، بجانب تطبيقات التعلّم الإلكتروني المخصصة لهم، وتطبيقات التواصل بالفيديو، وهي تطبيقات شهدت مبادرات كثيرة مثل مبادرة "التكنولوجيا للجميع" التي اطلقتها الأمم المتحدة لضمان حصول جميع الأشخاص على إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا والاستفادة منها، بل وبات هناك جوائز مثل جائزة "التكنولوجيا من أجل الخير" من قِبل مؤسسة "بيل وميليندا غيتس" لتكريم المشروعات التي تساهم في تحسين حياة ذوي الهمم من خلال استخدام التكنولوجيا.
نتيجة هذا الدعم والمبادرات، ظهرت الابتكارات الواحد تلو الآخر، لوحة مفاتيح وشاشة بطريقة برايل لخدمة نحو 40 مليون شخص مصاب بالعمي وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية، ناهيك عن 217 مليون مصابون بضعف شديد في البصر، مساعد صوت مثل "SIRI" و "ALEXA " و"Amazon ECHO لإنجاز ما يريده صاحب الهمّة دون أن يتحمّل حركات بدنية مُرهقة، بل وظهرت انظمة مثل HOME KIT من Apple وgoogle home للتحكّم في التدفئة والتبريد والإضاءة والموسيقى من خلال ضغطة زر.
القائمة تشمل ايضا سماعات طبية حديثة إذ من المتوقع وفقا لمنظمة الصحة العالمية أن يصل عدد من يعانون من ضعف السمع بحلول عام 2050 إلى ما يقارب من مليار شخص حول العالم، بجانب تطبيقات للاتصال المرئي وتحسينها وهذا يساعد أيضًا ضعاف السمع أو فاقديه من التحدث فيديو عبر SKYP أو Apple"s facetime بلغة الإشارة او قراءة الشفاه.
أما آخر صيحات ثورة الذكاء الاصطناعي، هو تحقيق حلم غالِ لذوي الإعاقة الذين يشاهدون مباريات كرة القدم ويتمنّون مثل الجميع أن يمارسوها بل ويحترفون في الأندية، ومن يعلم ألا يحق لهم أن يحلم أن يكون واحد منهم "محمد صلاح جديد"، حلم كان لا يتخطى الأحلام لكن الذكاء الاصطناعي دخل هذا المضمار بل وعمل على دمجهم من خلال تطبيقات مبتكره تساهم في خلق فرص متساوية للجميع بغض النظر عن قدراتهم.
هذا ليس مجرد حديث، بل إن أندية مثل توتنهام هوتسيبر، بدأت بالفعل من خلال تقديم برامج تساعد الأطفال المكفوفين على تعلّم ممارسة كرة القدم باستخدام التقنيات الاصطناعية، ما دفع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم نفسه أن يشجع على ذلك ويقدم الدعم المالي والتقني للأندية التي تُبادر بتطبيق هذه التقنيات.
أما من الناحية الفنية، فإن تطبيقات الذكاء الاصطناعي متعددة، فمثلا تساعد الكفيف على سماع تحركات الكرة كما تساعد الصٌم على فهم تعليمات المدرب، كذلك تساهم في تقديم خطط تدريبية مخصصة تساعدهم على تطوير مهاراتهم وتحسين ادائهم، كما يُمكن أن تدمجهم أكثر من خلال تقديم وظائف لهم في مجال التحليل أو التدريب أو الإدارة.
وأخيرًا، هذا فقط ما تحقق في أولى مراحل ثورة الذكاء الاصطناعي لذوي الهمم، وفي ظل عالم لا يتوقف عن التغيير فإن القادم يؤكد أنه أفضل لتلك الفئة بالتحديد.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: ذوو الهمم الذكاء الاصطناعى الذکاء الاصطناعی ذوی الهمم من خلال
إقرأ أيضاً:
اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي" في ندوة بمكتبة الإسكندرية
شهدت مكتبة الإسكندرية اليوم ندوةً بعنوان: "اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي"، نظمها مركز ومتحف المخطوطات التابع لقطاع التواصل الثقافي بالتعاون مع كلية التربية بجامعة الإسكندرية، ويأتي ذلك في إطار الاحتفال السنوي باليوم العالمي للغة العربية.
وافتتح الندوة الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية في حضور عدد من أساتذة اللغة العربية وعلومها والمتخصصين في برمجيات الحاسوب، وخلال الندوة وناقش عدد من الموضوعات منها، "استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير اللغة العربية، والذكاء الاصطناعي والتحولات في تعلم اللغات، والبلاغة الرقمية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي وتعليم العربية، وهندسة اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي، وبناء النماذج العربية اللغوية الكبيرة".
وأكد "زايد" علي أهمية تلك الفعالية التي تتواكب مع ظروف العصر، وقال إن عنوان الندوة يعتبر إختيار موفق لأننا في زمن "الذكاء الاصطناعي" مما يجعل مصير الإنسان ووجوده في موقف تحدي فهذا العنوان يأتي تماشيًا مع متطلبات العصر الرقمي وأدواته التي تتسم بكثير من النمو المتسارع.
وتابع: إن مكتبة الإسكندرية تشهد طفرة تكنولوجية لتقديم خدماتها المختلفة من أجل نشر الوعي الثقافي والعلمي مستخدمة التكنولوجيا الحديثة لنشر المعلومات العلمية والثقافية في جميع الربوع المصرية والإقليمية والغربية، كما أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يعد حاليًا أحد أهم الأولويات في جدول أعمال السياسات العامة لمعظم البلدان على المستويين الوطني والدولي.
وأشار "زايد" أنه على الرغم من كون اللغة العربية أكثر اللغات انتشارًا، إلا أن نسبة مجمل المستخدمين لها لا تتخطي 3% على الشبكة العنكبوتية، مما أدي إلى حدوث فجوة رقمية تسعى المؤسسات الثقافية والعلمية للوصول لاكتشاف سبل لسدها مردفًا إن قضية ربط اللغة العربية بالذكاء الاصطناعي تعتبر من التحديات الأساسية التي ناقشها الكثير من خبراء اللغة، وأن هناك اهتمام في الوطن العربي بالذكاء الاصطناعي من جانب مؤسسات كثيرة تحت مسمي "حوسبة اللغة، إدخال اللغة إلى المنظومة الإلكترونية وضرورة ادخال اللغة إلى عالم الابتكار".
وأضاف "زايد" أن أدوات الذكاء الاصطناعي تفيد في تعليم اللغات بشكل عام واللغة العربية بشكل خاص من خلال برامج تعليمية، وإنه من المتوقع أن يقوم الذكاء الاصطناعي في دعم مهارات القراءة والكتابة وخاصًا للأطفال من خلال برامج تحلل الأخطاء الإملائية والنحوية. بالإضافة إلى أنه يمكن أن يساعد في حفظ التراث الثقافي العربي من خلال فهرسة النصوص التاريخية كما يؤثر في المجالات القانونية والتعليمية من خلال الترجمة وإنشاء المحتوي.
وأفاد "زايد" بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبحت عاملًا محوريًا في تطوير وتعزيز اللغة العربية سواء عن طريق تحسين أساليب الترجمة أو بفضل الأنظمة القائمة على الفهم اللغوي والتي تدعم معالجة النصوص العربية، كما تحدث عن التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي في فهم اللغة العربية بسبب تعقيداتها النحوية والصرفية وتعدد لهجاتها والتي تشكل حافزًا للبحث العلمي من أجل التطوير واختتم: "يجب الحذر في التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي بسبب عدم دقة بعض البيانات لأنها تكون أحيانًا موجهة لأغراض سياسية أو دينية'.